انشقاقات تلقي بظلالها على مهلة بارزاني لاختيار رئيس للبرلمان العراقي

النقاشات مستمرة داخل البيت السنّي الممزق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مستقبلاً الزعيم الكردي مسعود بارزاني في بغداد يوم 3 يوليو الحالي (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي - أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مستقبلاً الزعيم الكردي مسعود بارزاني في بغداد يوم 3 يوليو الحالي (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي - أ.ف.ب)
TT

انشقاقات تلقي بظلالها على مهلة بارزاني لاختيار رئيس للبرلمان العراقي

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مستقبلاً الزعيم الكردي مسعود بارزاني في بغداد يوم 3 يوليو الحالي (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي - أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مستقبلاً الزعيم الكردي مسعود بارزاني في بغداد يوم 3 يوليو الحالي (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي - أ.ف.ب)

تنتهي العطلة التشريعية للبرلمان العراقي الأربعاء المقبل، في وقت لا تظهر فيه حتى الآن أي مؤشرات على اتفاق سياسي لانتخاب رئيس جديد للبرلمان، بعد أكثر من 8 أشهر على شغور هذا المنصب المخصص للعرب السنّة، طبقاً للتوزيع المحاصصاتي لمناصب الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان).

في غضون ذلك، تستمر النقاشات داخل الغرف المغلقة في البيت السنّي الممزق، من دون تسرّب معلومات بخصوص ما جرى الاتفاق عليه خلال زيارة رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني إلى بغداد من أجل التوصل إلى صيغة للتوافق بين الفريقين المتنافسين على المنصب؛ وهما حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان المقال السابق، وحزب «السيادة» بزعامة خميس الخنجر. وتفيد معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من قيادي سنّي بارز؛ فضّل عدم الكشف عن اسمه، بأن «البيت السني، ورغم الخلافات المعروفة بين مختلف أطرافه والتي حالت دون التوصل إلى اتفاق لانتخاب رئيس جديد للبرلمان، منح بالإجماع الزعيم الكردي مسعود بارزاني صلاحية التوصل إلى توافق مع الأطراف السنية» حول المنصب، مبيّناً أن «المهلة التي مُنحت لإتمام هذا التوافق، والذي يجريه الآن في بغداد فريق عمل تابع لبارزاني وبإشرافه المباشر، هي أسبوع من أجل الاتفاق بين هذه الأطراف على صيغة معقولة ومنطقية يمكن عرضها على بقية الشركاء، خصوصاً في البيت الشيعي».

وأضاف أن «قوى (الإطار التنسيقي) الشيعي كانت قد طلبت من مسعود بارزاني لدى لقائهم به في البيت الشيعي، أن يتولى هو مع السنّة حسم عملية اختيار مرشح واحد متفق عليه أو الدخول إلى جلسة البرلمان التي سوف تخصص لذلك بنفس المرشحين، على أن يمضي من يأتي بالأغلبية من عدد الأصوات».

واستبعد القيادي السنّي حصول أي مرشح من المرشحين السنّة الثلاثة الباقين في دائرة التنافس (سالم العيساوي ومحمود المشهداني وطلال الزوبعي) على الأغلبية المطلوبة خلال الجولة الأولى؛ وهي 166 صوتاً. لكنه أضاف أنه «يتوجب في حال عدم حصول أي مرشح على الأغلبية المطلوبة لكي يصبح رئيساً للبرلمان أن يتنازل الحاصل الثاني على أعلى الأصوات لصالح الأول لكي يمضي في الجولة الثانية بسهولة». ورداً على سؤال عمّا إذا كان هناك مرشح تسوية بين الثلاثة، وهو، كما قيل، النائب طلال الزوبعي، أجاب القيادي السني بأن «التنافس يبقى محصوراً بين الكتلتين السنيتين الكبريين، وهما (تقدم) بزعامة الحلبوسي ومرشحه محمود المشهداني، و(السيادة) بزعامة الخنجر ومرشحه سالم العيساوي الذي حاز في الجلسة التي عقدت الشهر الماضي قبيل بدء العطلة التشريعية 158 صوتاً بحيث كانت تفصله عن الفوز 8 أصوات فقط».

أزمة الانشقاقات

ورغم الجهود التي يبذلها مسعود بارزاني، الذي يتوجب عليه التوصل إلى تفاهم في غضون أسبوع مع مختلف الأطراف لكي يتنسى للقوى السياسية إبلاغ رئاسة البرلمان بتحديد جلسة لانتخاب الرئيس، فإن المشكلة التي تواجه هذه الجهود هي الانشقاقات التي حدثت في حزب «تقدم». فهذا الحزب كان يعدّ نفسه صاحب الأغلبية السنية التي يحق لها الاحتفاظ بمنصب رئيس البرلمان بعد إقالة رئيسه محمد الحلبوسي بقرار من «المحكمة الاتحادية العليا» العام الماضي. ومع أن قراراً لـ«الهيئة القضائية التمييزية العليا» أتاح للحلبوسي إمكانية الطعن على قرار «الاتحادية» بعد أن عدت «الهيئة القضائية التمييزية العليا» بعض قرارات «الاتحادية» باطلة، لكنه رفض تقديم طعن للعودة إلى المنصب، مع استمراره في تحشيد جمهوره للانتخابات المقبلة. لكن المفاجأة التي لم تكن متوقعة أنه بعد بدء الفصل التشريعي أعلن 8 نواب انشقاقهم عن حزب الحلبوسي، مما أفقده الأغلبية داخل البيت السني.

وفي حين شكّل النواب المنشقون بقيادة زياد الجنابي كتلة جديدة اسمها «المبادرة»، فإن انشقاقات أخرى حدثت في كتل سنية أخرى. وفي الوقت ذاته، عاد إلى حزب «تقدم» نائبان ممن انشقوا عنه. وبالتالي؛ فإن مسألة الأغلبية والأقلية في البيت السني لم تُحسم بعد، رغم الجهود التي يبذلها الفريق الخاص المكلف من قبل بارزاني في بغداد.


مقالات ذات صلة

سجال بين الحلبوسي وكردستان على مدافع أميركية لـ«البيشمركة»

المشرق العربي محمد الحلبوسي مترئساً إحدى جلسات البرلمان العراقي (رويترز)

سجال بين الحلبوسي وكردستان على مدافع أميركية لـ«البيشمركة»

أعاد رئيس البرلمان السابق وحزب «تقدم» محمد الحلبوسي، التذكير بموقفه الرافض لتسليح قوات «البيشمركة» الكردية بمدافع قصيرة المدى.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي عراقيون يحتجون في بغداد ضد قانون يسمح بتزويج القاصرات في 6 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

العراق: رفض سني لربط العفو العام بتعديل قانون الأحوال الشخصية

عقد البرلمان العراقي جلسة الاثنين وسط محاولات للمساومة بين تمرير مشروع قانون الأحوال الشخصية ومشروع قانون العفو العام.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)

معارضة واسعة لتشريع قد يحجب المعلومات عن العراقيين

تبدي منظمات حقوقية غير حكومية، محلية ودولية، قلقاً بالغاً من إقرار البرلمان العراقي مشروع قانون «حق الحصول على المعلومة»، بعد قراءته مرتين حتى أغسطس (آب) الماضي

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي 
«الإطار التنسيقي» حذر من «الانهيار» بعد أزمتَي «سرقة القرن» و«التنصت» (إكس)

المالكي يضغط لإقالة السوداني بعد اعترافات «قضية التنصت»

علمت «الشرق الأوسط» تفاصيل مجريات اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» العراقي عُقد في 26 أغسطس (آب) الماضي، وتضمن عرض محضر قضائي عن «شبكة التنصت»، انتهى بطرح نوري.

المشرق العربي مقتدى الصدر يخطب في النجف يوم 19 أكتوبر 2023 (رويترز)

هل يربح الصدر من أزمتي «التنصت» و«سرقة القرن»؟

رجح مراقبون أن يكون زعيم التيار الصدري «أكبر رابح» من الأزمات السياسية التي تعصف بالحكومة والتحالف الشيعي الحاكم في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)

امرأة عرضت الصفقة على «حزب الله»... صحيفة تكشف تفاصيل جديدة في انفجار «البيجر»

مقاتلو «حزب الله» يحملون أحد نعوش رفاقهم الأربعة الذين قُتلوا يوم الثلاثاء بعد انفجار أجهزة «البيجر» الخاصة بهم في الضاحية الجنوبية لبيروت بلبنان يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 (أ.ب)
مقاتلو «حزب الله» يحملون أحد نعوش رفاقهم الأربعة الذين قُتلوا يوم الثلاثاء بعد انفجار أجهزة «البيجر» الخاصة بهم في الضاحية الجنوبية لبيروت بلبنان يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 (أ.ب)
TT

امرأة عرضت الصفقة على «حزب الله»... صحيفة تكشف تفاصيل جديدة في انفجار «البيجر»

مقاتلو «حزب الله» يحملون أحد نعوش رفاقهم الأربعة الذين قُتلوا يوم الثلاثاء بعد انفجار أجهزة «البيجر» الخاصة بهم في الضاحية الجنوبية لبيروت بلبنان يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 (أ.ب)
مقاتلو «حزب الله» يحملون أحد نعوش رفاقهم الأربعة الذين قُتلوا يوم الثلاثاء بعد انفجار أجهزة «البيجر» الخاصة بهم في الضاحية الجنوبية لبيروت بلبنان يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 (أ.ب)

كشف تقرير صحافي عن أن عملية تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية «البيجر» في بيروت، هي واحدة من أكثر عمليات الاختراق نجاحاً وإبداعاً التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في التاريخ الحديث.

وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بأن عملية تفجير «البيجر» هي نتيجة خطة استمرّت لسنوات، بدأت في مقر الموساد في تل أبيب، وشاركت فيها في نهاية المطاف مجموعة من العملاء في بلدان متعددة.

وقد قُتل أو أُصيب ما يصل إلى 3 آلاف ضابط وعضو في «حزب الله»، إلى جانب عدد غير معروف من المدنيين، عندما قامت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) بتفجير الأجهزة عن بُعد في 17 سبتمبر (أيلول).

وأفاد تقرير الصحيفة، استناداً لمسؤولين أمنيين وسياسيين ودبلوماسيين مطلعين على الأحداث، بأن هجوم «البيجر» لم يدمر صفوف قيادة «حزب الله» فحسب، بل شجّع إسرائيل أيضاً على استهداف وقتل الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله.

وذكرت الصحيفة :«عملية (البيجر) ينظر لها، بوصفها عملاً من أعمال التجسس لا مثيل له، ولكن التفاصيل الرئيسية للعملية - بما في ذلك كيفية التخطيط لها وتنفيذها، والجدل الذي أثارته داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وبين الحلفاء - لم تخرج إلى النور إلا الآن».

ووفقاً للصحيفة، فإن قادة «حزب الله» أُعجبوا بأجهزة الاتصال «البيجر»، وطلبوا منها نحو 5 آلاف جهاز، وبدأوا في توزيعها على أفراد الحزب من المستوى المتوسط ​​وأفراد الدعم في فبراير (شباط)، والتي أنتجتها شركة «غولد أبولو».

وكان المسؤولون الإسرائيليون يتابعون بقلق متزايد كيف أضاف «حزب الله» أسلحة جديدة إلى ترسانته القادرة بالفعل على ضرب المدن الإسرائيلية بعشرات الآلاف من الصواريخ الموجهة بدقة.

«حصان طروادة»

وأفادت الصحيفة بأنه وسط قلق قادة «حزب الله» من المراقبة الإسرائيلية والقرصنة، فقد كان الحزب يبحث عن شبكات إلكترونية مقاوِمة للاختراق، وتوصّل الموساد إلى حيلة «حصان طروادة» التي دفعت الحزب إلى شراء أجهزة تبدو مثالية، وهي المعدات التي صممها الموساد، وقام بتجميعها في إسرائيل.

وبدأ الموساد في تفعيل الجزء الأول من الخطة، بإدخال أجهزة اتصال لاسلكية مفخخة، إلى لبنان، منذ نحو عقد من الزمان، في عام 2015.

وتحتوي أجهزة الراديو المحمولة ثنائية الاتجاه على حزم بطاريات كبيرة الحجم ومتفجرات غير مرئية، ونظام إرسال يمنح إسرائيل إمكانية الوصول الكامل إلى اتصالات «حزب الله».

وقال مسؤولون للصحيفة إنه على مدى 9 سنوات، اكتفى الإسرائيليون بالتنصت على «حزب الله»، مع الاحتفاظ بخيار تحويل أجهزة الاتصال اللاسلكية إلى قنابل في أزمة مستقبلية. ولكن بعد ذلك جاءت فرصة جديدة ومنتج جدي: جهاز «بيجر» صغير مزود بمتفجرات قوية.

وفي مفارقة لم تتضح إلا بعد أشهر عدة، انتهى الأمر بـ«حزب الله» إلى دفع أموال غير مباشرة للإسرائيليين مقابل القنابل الصغيرة التي من شأنها أن تقتل أو تصيب كثيراً من عناصره.

امرأة عرضت على «حزب الله» الصفقة

ولأن قادة «حزب الله» كانوا على دراية بالتخريب المحتمل، فلم يكن من الممكن أن تأتي أجهزة الاتصال اللاسلكي من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي حليف آخر لإسرائيل. لذلك، في عام 2023، بدأت المجموعة تتلقى طلبات لشراء كميات كبيرة من أجهزة الاتصال اللاسلكي التي تحمل علامة «أبولو» التايوانية، وهي علامة تجارية معروفة، وخط إنتاج يتم توزيعه في جميع أنحاء العالم، ولا توجد للشركة روابط واضحة مع المصالح الإسرائيلية، وقال المسؤولون إن الشركة التايوانية لم تكن على علم بالخطة.

وجاء عرض المبيعات من مسؤول تسويق موثوق به من قبل «حزب الله» وله صلات بـ«أبولو». وكانت المسؤولة التسويقية، وهي امرأة رفض المسؤولون الكشف عن هويتها وجنسيتها، ممثلة مبيعات سابقة في الشرق الأوسط للشركة التايوانية، التي أسست شركتها الخاصة وحصلت على ترخيص لبيع مجموعة من أجهزة «البيجر» التي تحمل العلامة التجارية «أبولو». في وقت ما من عام 2023، عرضت على «حزب الله» صفقة لشراء أحد المنتجات التي تبيعها شركتها: «إيه آر 924» المتين والموثوق به.

وقال مسؤول إسرائيلي مطلع على تفاصيل العملية: «كانت على اتصال بـ(حزب الله)، وشرحت لقادته لماذا كان جهاز النداء الأكبر حجماً والمزود ببطارية أكبر أفضل من النموذج الأصلي»، مضيفاً أن «إحدى نقاط الإقناع الرئيسية كانت أن الجهاز يمكن شحنه بكابل، والبطاريات تدوم لفترة أطول».

وكما اتضح، تمت الاستعانة بمصادر خارجية لإنتاج الأجهزة الفعلية، ولم يكن لدى المسؤولة التسويقية أي علم بالعملية، ولم تكن على علم بأن أجهزة النداء تم تجميعها فعلياً في إسرائيل تحت إشراف الموساد، كما قال المسؤولون.

قنبلة غير مرئية

وقال المسؤولون إن مكون القنبلة تم إخفاؤه بعناية شديدة في إنجاز هندسي، لدرجة أنه كان غير قابل للكشف تقريباً، حتى لو تم تفكيك الجهاز. ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون بأن «حزب الله» فكّك بعض أجهزة «البيجر» وربما قام بفحصها بالأشعة السينية.

وكان من الممكن لإشارة إلكترونية من جهاز الاستخبارات أن تؤدي إلى انفجار آلاف الأجهزة دفعة واحدة. ولكن لضمان أقصى قدر من الضرر، كان من الممكن أيضاً أن يتم إحداث الانفجار من خلال إجراء خاص، من خطوتين، مطلوب للاطلاع على الرسائل الآمنة التي تم تشفيرها.

وقال أحد المسؤولين للصحيفة: «كان عليك الضغط على زرين لقراءة الرسالة، وفي الممارسة العملية، كان هذا يعني استخدام كلتا اليدين، وبالتالي ستضرر أيدي المستخدمين وسيكونون غير قادرين على القتال».

عملية سرية

لم يكن معظم كبار المسؤولين في إسرائيل على علم بهذه التفاصيل حتى 12 سبتمبر. وقال مسؤولون إسرائيليون إن ذلك هو اليوم الذي استدعى فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستشاريه الاستخباراتيين لعقد اجتماع لمناقشة العمل المحتمل ضد «حزب الله».

وفقاً لملخص الاجتماع بعد أسابيع من قبل المسؤولين المطلعين على الحدث، قدم مسؤولو الموساد لمحة أولى عمّا كانت إحدى أكثر عمليات الوكالة سريةً. وبحلول ذلك الوقت، كان الإسرائيليون قد زرعوا أجهزة استدعاء مفخخة في أيدي وجيوب الآلاف من عناصر «حزب الله».

ومع تصاعد الأزمة في جنوب لبنان، كان هناك قلق متزايد من اكتشاف المتفجرات، واحتمال أن تسفر سنوات من التخطيط الدقيق، بسرعة عن لا شيء.

وقال مسؤولون إن نقاشاً حاداً اندلع في مختلف أنحاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول العملية ورد الفعل المحتمل من «حزب الله»، وفي نهاية المطاف، وافق نتنياهو على العملية.

«رسالة مشفرة»

قال المسؤولون إن الموساد كان على علم بمكان وجود حسن نصر الله في لبنان لسنوات، وتتبع تحركاته من كثب. ومع ذلك، امتنع الإسرائيليون عن محاولة اغتياله؛ خوفاً من أن يؤدي الاغتيال إلى حرب شاملة، وربما مع إيران أيضاً.

وأفاد التقرير بأنه في السابع عشر من سبتمبر، رنّت أو ارتجت آلاف أجهزة «البيجر» في وقت واحد، في مختلف أنحاء لبنان وسوريا. وظهرت جملة قصيرة باللغة العربية على الشاشة: «لقد تلقيت رسالة مشفرة».

واتبع عناصر «حزب الله» التعليمات بدقة للتحقق من الرسائل المشفرة، بالضغط على زرين. وفي المنازل والمحلات التجارية، وفي السيارات وعلى الأرصفة، مزقت الانفجارات الأيدي وأطاحت بالأصابع. وبعد أقل من دقيقة، انفجرت آلاف أخرى من أجهزة «البيجر» عن بُعد، بغض النظر عمّا إذا كان المستخدِم قد لمس جهازه أم لا.

وفي اليوم التالي، أي في الثامن عشر من سبتمبر، انفجرت مئات من أجهزة اللاسلكي بالطريقة نفسها، مما أسفر عن مقتل وإصابة المستخدمين والمارة.

كانت هذه أول عملية في سلسلة من الضربات التي استهدفت «حزب الله»، وبينما كان الحزب يترنح، وجهت إسرائيل ضربةً أخرى، فقصفت مقر الجماعة وترساناتها ومراكزها اللوجيستية بقنابل تزن ألفَي رطل.

ووقعت أكبر سلسلة من الضربات الجوية في 27 سبتمبر، بعد 10 أيام من انفجار أجهزة «البيجر»، وقد أمر نتنياهو بالهجوم، الذي استهدف مركز قيادة مدفوناً على عمق كبير في بيروت، في أثناء سفره إلى نيويورك لحضور خطاب في الأمم المتحدة. وفي اليوم التالي، 28 سبتمبر، أكد «حزب الله» مقتل نصر الله.