تفاعل العراق مع فوز الإصلاحي مسعود بزشكيان بالرئاسة الإيرانية، وفي حين هنأه مسؤولون بتوليه المنصب، ودعوا إلى «تعزيز العلاقات»، تحدث خبراء عن تأثير محدود للرئيس الجديد في ظل سيطرة «الحرس الثوري» الإيراني على ملف العراق.
وفاز بزشكيان، السبت، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة، متفوقاً على المتشدد سعيد جليلي، بعدما حصد 16.3 مليون صوت.
برقية من السوداني
هنَّأ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الرئيس الإيراني الجديد بمناسبة انتخابه رئيساً، وعبَّر في برقية عن تمنياته له بالنجاح والتوفيق في مهامه، مؤكداً «عمق العلاقات بين البلدين الجارين الصديقين»، ودعا إلى «مواصلة التنسيق بأعلى المستويات، وفي المجالات كلها، وبما يخدم المصالح المشتركة».
وقال رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، إنه «هنأ إيران بنجاح الانتخابات ورئيسها الجديد مسعود بزشكيان»، وأكد «حرصه على تعزيز العلاقات بين البلدين».
كما كتب رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، على منصة «إكس»: «نتطلع في إقليم كردستان والعراق إلى تطوير علاقات الصداقة القديمة، ومواصلة التعاون المشترك مع إيران على أساس المصالح المشتركة وحسن الجوار».
بدوره، قال رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني إن إيران «جارة مهمة لإقليم كردستان والعراق. ونتطلع إلى تعميق التعاون القائم على علاقات حسن الجوار والاحترام المتبادل».
بزشكيان امتداد لرئيسي
بدوره، قال فرهاد علاء الدين، وهو مستشار السوداني للشؤون الدولية، إن «رئاسة بزشكيان ستكون امتداداً طبيعياً لرئاسة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي».
وأوضح علاء الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق ينظر إلى ثوابت العلاقة بين الدولتين بصرف النظر عن الأشخاص»، وأشار إلى أن «الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي كان على وشك زيارة بغداد قبيل وفاته، وأن بغداد تتطلع الآن أن يكمل الرئيس بزشكيان ما كان يعمل عليه الرئيس رئيسي».
كان المرشد الإيراني، علي خامنئي، قد نصح الرئيس المنتخب بمواصلة نهج الراحل رئيسي بـ«الموارد البشرية الشابة والثورية والمؤمنة».
ومع ذلك، رأى صلاح العرباوي رئيس حركة «وعي»، أن فوز إصلاحي لا يملك كثيراً من السلطات في إيران، بانتظار رئيس أميركي جمهوري له سوابق مرة مع طهران سيعني كثيراً من المتغيرات في المنطقة».
وقال العرباوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «العراق يتأثر بشكل كبير بالتطورات الإقليمية والدولية، وصعود الإصلاحيين والفوز المتوقع لترمب سلاح ذو حدّين».
وأضاف: «قد ينعكس صراع الأجنحة في إيران سلباً على العراق، وقد يكون العكس صحيحاً».
ونوه العرباوي بأن «العراق لا يملك قراره السيادي بشكل كامل، فضلاً عن تأثره بشكل كبير بالتطورات الإيرانية والأميركية، وهو ظرف يلزم السلطات بسياسة عدم الدخول في المحاور لمصلحة الجميع».
صانع القرار ليس بزشكيان
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في «كلية النهرين» ياسين البكري، أن «قرار السياسة الخارجية في إيران يرسم في دوائر عدة، لكن صانعه ومتخذه هو المرشد خامنئي، خصوصاً في القضايا الاستراتيجية».
وقال البكري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ملف العراق موكل بالدرجة الأساس إلى (الحرس الثوري)، ومرتبط بخامنئي أكثر من وزارة الخارجية أو رئيس الجمهورية أياً كان»، وتابع: «من هنا لن يفرق كثيراً إن كان الفائز إصلاحياً أو متشدداً إلا في تفاصيل صغيرة».
من جهته، استبعد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام فيلي، «حدوث متغير مهم حيال العراق بعد فوز الإصلاحي بزشكيان على أساس أن العراق يمثل جزءاً أساسياً من الأمن القومي الإيراني».
وقال فيلي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العراق يمثل الحبل السري لمحور المواجهة مع إسرائيل، ويمثل الرئة الاقتصادية لإيران، ما يعني أن ملف العلاقات الخارجية تتحكم فيه دوائر مختلفة أبرزها مجلس الأمن القومي الإيراني و(الحرس الثوري)، إلى جانب روابط أخرى يديرها جميعاً مكتب المرشد الإيراني».
وتصاعد النفوذ الإيراني في العراق في أعقاب سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وتشكلت في البلاد فصائل مسلحة وقوى سياسية توالي طهران، في إطار ما تسميه إيران «محور المقاومة».