إردوغان يكشف عن قمة محتملة مع بوتين والأسد لتطبيع العلاقات مع دمشق

قال إن هناك من لا يريد لسوريا الوقوف على قدميها وإن تركيا لن تترك لهم الفرصة

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
TT

إردوغان يكشف عن قمة محتملة مع بوتين والأسد لتطبيع العلاقات مع دمشق

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن احتمال عقد قمة ثلاثية تجمعه مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد في أنقرة دون تحديد موعد لها.

وقال الرئيس التركي، في تصريحات لصحافيين أتراك رافقوه، الجمعة، في رحلة عودته من آستانة، حيث شارك في قمة مجموعة «منظمة شنغهاي للتنمية»: «من الممكن أن نقوم بتقديم دعوة لكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس السوري بشار الأسد لعقد لقاء مشترك». وأضاف إردوغان: «إذا زار الرئيس بوتين تركيا من الممكن أن تبدأ مرحلة جديدة مختلفة».

والتقى إردوغان وبوتين، الأربعاء، على هامش أعمال قمة شنغهاي، وجرى بحث الملف السوري في ظل التحركات الروسية الأخيرة لاستئناف محادثات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، والتي جاءت وسط سعي أنقرة لمنع إجراء انتخابات محلية في 7 مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشمال شرقي سوريا.

وبدا أن تركيا تسعى لضمان موقف مساند من جانب موسكو ودمشق لمنع إجراء الانتخابات التي تأجلت من 11 يونيو (حزيران) إلى أغسطس (آب) المقبل، لا سيما أنها لا تعول إطلاقاً على الموقف الأميركي الداعم لـ«قسد»، ورؤية واشنطن لـ«وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تقود «قسد»، على أنها حليف وثيق في الحرب على «داعش»، وتواصل إمدادها بالسلاح والتدريب والدعم العسكري على الرغم من شكاوى تركيا المتعددة.

وسبق أن أكدت مصادر تركية مسؤولة أنها تدرك تماماً أن الولايات المتحدة، وعلى الرغم من معارضتها إجراء الانتخابات «الكردية» في يونيو الماضي، بسبب عدم توافر الظروف الملائمة لإجرائها، لن تتخلى عن إقامة دولة كردية على الحدود الجنوبية لتركيا.

إردوغان التقى بوتين في آستانة على هامش قمة شنغهاي الأربعاء (الرئاسة التركية)

وكان إردوغان صرح عقب لقاء وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الرئيس الروسي في موسكو في 11 يونيو الماضي، بأن موضوع الانتخابات الكردية «المزعومة» في شمال سوريا بحث خلال اللقاء، مضيفاً: «الإدارة السورية لن تسمح، من دون شك، بإجراء هذه الانتخابات، ولن تتسامح مع أي أنشطة انفصالية تهدد وحدة البلاد».

وكرر إردوغان خلال لقائه بوتين في آستانة، دعوته لزيارة تركيا، بعدما تأجلت منذ فبراير (شباط) الماضي رغم إعلان أنقرة مرات عدة عن إتمامها، بينما كان الكرملين يؤكد في كل مرة أنه لا يوجد موعد محدد.

بداية عملية جديدة

وكان إردوغان أعلن، في تصريحات عقب صلاة الجمعة، الأسبوع الماضي، استعداده للقاء الأسد وإعادة العلاقات بين تركيا وسوريا إلى ما كانت عليه في السابق، لافتاً إلى أنه التقى الأسد في الماضي، وكانت هناك لقاءات حتى على المستوى العائلي، وليس لديه مشكلة في لقائه مجدداً.

وجاء ذلك بعد تصريحات الأسد، خلال لقائه المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف في دمشق، التي أكد فيها انفتاح بلاده على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة بين سوريا وتركيا، والمستندة إلى سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى. وقال إردوغان إن كل السنوات التي مرت على الحرب في سوريا أظهرت للجميع بوضوح «ضرورة إنشاء آلية حل دائم». وتابع: «مددنا دائماً يد الصداقة إلى جارتنا سوريا، وسنواصل ذلك بشرف وأمانة، نقف إلى جانب سوريا التي تتعاضد على أساس عقد اجتماعي جديد عادل وشامل... ولم ولن نسمح أبداً بإنشاء كيان إرهابي بسوريا في منطقتنا». ورأى أن «رياح السلام، التي ستهب على سوريا، ومناخ السلام الذي سيعم جميع أنحاء سوريا، ضروريان أيضاً لعودة ملايين السوريين إلى بلدهم».

عودة الاستقرار لسوريا

وأضاف أنه من الضروري لسوريا، التي دمرت بنيتها التحتية وشعبها، في ظل حالة من الفوضى، أن تقف على قدميها وتضع حداً لعدم الاستقرار. إن الهدوء الأخير على الأرض يمكن أن يفتح الباب أمام السلام من خلال سياسات ذكية وتوجهات موجهة نحو الحلول».

الرئيس السوري بشار الأسد (رويترز)

كان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، قال في تصريحات أعقبت لقاءه بوتين في موسكو، إن الإنجاز الرئيسي الذي حققته تركيا وروسيا، هو وقف الصراع بين الحكومة والمعارضة في سوريا، وعلى حكومة الأسد أن تستغل هذه الفترة في العمل على إقرار السلام والاستقرار وتحقيق تضامن حقيقي في البلاد.

وفسر ذلك على أنه دعوة تركية جديدة للمصالحة بين الحكومة والمعارضة في سوريا، أثارت غضباً لدى سكان مناطق سيطرة القوات التركية والجيش الوطني السوري الموالي لها في شمال سوريا، وعبروا عن غضبهم باحتجاجات على الوجود التركي.

كما أثارت الخطوة التركية - الروسية المشتركة لفتح معبر «أبو الزندين» التي تربط بين مناطق سيطرة الحكومة السورية والمعارضة في مدينة الباب الواقعة ضمن منطقة «درع الفرات» الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل الجيش الوطني، الشهر الماضي، بعدما ظلت مغلقة منذ عام 2019، قلقاً واحتجاجات لدى السكان الرافضين لأي وجود أو تحرك روسي في المنطقة.

مخاوف من التطبيع

ويتخوف سكان المناطق، كما بعض فصائل الجيش الوطني السوري، من أن تتخلى عنهم تركيا في ظل سعيها للتطبيع مع الأسد، وهو ما دفع إردوغان إلى توجيه رسالة طمأنة إليهم، في تصريحات عقب اجتماع الحكومة التركية، الثلاثاء، قال فيها: «نحن مهتمون بتنمية القاسم المشترك بدلاً من تعميق الخلافات، نعتقد أنه من المفيد في السياسة الخارجية بسط اليد؛ لذلك لا نمتنع عن اللقاء مع أي كان، نحن في حاجة إلى أن نجتمع من أجل هذا، كما كان الحال في الماضي، وعند القيام بذلك، سنضع في الحسبان مصالح تركيا في المقام الأول، كما أؤكد أن تركيا لن تضحي بأي شخص وثق بها أو لجأ إليها أو عمل معها... تركيا ليست ولن تكون دولة تتخلى عن أصدقائها وسط الطريق».

مكافحة الإرهاب

وأضاف إردوغان أننا مستمرون في عملياتنا لمكافحة الإرهاب في شمال سوريا وشمال العراق أيضاً، وقد ننفذ عملية في أشهر الصيف في نطاق الحرب ضد الإرهاب، لكن ذلك سيتحدد حسب مسار الأحداث في المنطقة، ومن الخطأ أن نقول سنتخذ مثل هذه الخطوة قبل أن تنضج التطورات وتصل إلى نقطة معينة.

وتابع: « كما هو الحال حالياً في شمال سوريا، يتم أيضاً تنفيذ ضربات ضد (حزب العمال الكردستاني) في شمال العراق من وقت لآخر، وتم القضاء على 13 من عناصره في ضربة جوية، الأربعاء، بمعنى آخر، نحن لا نتسامح مع الإرهاب لأن لدينا علاقات جيدة هناك، نحن نتخذ هذه الخطوات في أي وقت، سواء في العراق أو سوريا، نتخذ وننفذ قرارات فورية حسب حجم التهديد، ونواصل التوضيح لمحاورينا أن الإرهاب مشكلة كبيرة تعيق السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة». ولفت إلى أن تركيا لم تسمح لأي تنظيم إرهابي بترسيخ نفسه في المنطقة، ولا تسمح بذلك ولن تسمح به أبداً.

أحداث قيصري وشمال سوريا

وتطرق إردوغان إلى أعمال العنف التي استهدف اللاجئين السوريين في تركيا، بعد حادث تحرش شاب سوري بطفلة من أقاربه في ولاية قيصري في وسط تركيا، وما تزامن معها من احتجاجات ضد تركيا في شمال سوريا، رداً على سؤال عما إذا كان التطبيع بين تركيا وسوريا يزعج بعض الدول. وقال: «الأمر لا يتعلق بانزعاج الدول، بل بمنظمات مثل (حزب العمال الكردستاني) و(حزب الاتحاد الديمقراطي) و(وحدات حماية الشعب الكردية) و(داعش)، اتضح أنهم لا يريدون مثل هذا الاجتماع (اللقاء مع الأسد)، ولا يريدون أن تنهض سوريا أو تقف على قدميها مرة أخرى».

وأشار إردوغان إلى أن هناك العديد من الهياكل في شمال سوريا، من بينها من يريد تحسين علاقاته مع تركيا بسرعة، قائلاً: «في الواقع، وبعد بدء الأحداث في الشمال السوري، تدخل رئيس وزراء الحكومة السورية المؤقتة، عبد الرحمن مصطفى، وسرعان ما حوّل هذه التطورات السلبية إلى تطورات إيجابية، وفي الداخل التركي، مع تدخل قواتنا الأمنية في حادثة قيصري، هدأت الأجواء وتلقينا نتائج إيجابية في كل مكان في أسرع وقت ممكن».

وأضاف إردوغان: «وحتى لو نشأت مثل هذه المواقف لفترة قصيرة، فلن نسمح لها بالاستمرار، وهناك في الجانب السوري من لن يسمح بمثل هذا الوضع، ومن يهدفون إلى خلق حركات عنصرية وتعطيل أجواء التآخي يحاولون تنفيذ التعليمات التي يتلقونها من الدوائر السوداء، نعرف جيداً كيف نعطل هذه الألعاب، ولن يتم السماح بالانتهاكات أو ترك الفرصة لأولئك الذين يخططون للفوضى بسبب حادثة حقيرة».


مقالات ذات صلة

«معركة حلب» تستدعي مخاوف «أشباح الموصل»

المشرق العربي «معركة حلب» تستدعي مخاوف «أشباح الموصل»

«معركة حلب» تستدعي مخاوف «أشباح الموصل»

باغت التَّقدمُ السريع لفصائل سورية مسلحة نحو مدينة حلب، أمس (الجمعة)، أطرافاً إقليمية ودولية، وأعاد التذكير بأشباحَ سقوط مدينة الموصل العراقية قبل عشر سنوات.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)

إردوغان: سنحافظ على أمن حدودنا... والهجرة قضية حساسة «للعالم أجمع»

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجمعة، إن بلاده سوف تحافظ على أمن حدودها، وستتخذ تدابير إضافية لتحصينها.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يسعى لرئاسة تركيا مجدداً في 2028 (الرئاسة التركية)

إردوغان يسعى لولاية رئاسية جديدة عبر مبادرة حليفه للحوار مع أوجلان

وسط الجدل المتصاعد في تركيا حول القضية الكردية وعقد لقاءات مع زعيم حزب العمال الكردستاني، كشف كبير مستشاري الرئيس رجب طيب إردوغان عن خطة لترشحه للرئاسة مجدداً

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

اشتباكات سورية جديدة تُهدّد خرائط النفوذ القديمة

سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات سورية جديدة تُهدّد خرائط النفوذ القديمة

سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)

غيّرت التحركات العسكرية حول حلب لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات خرائط السيطرة ومناطق النفوذ في شمال غربي سوريا، وحرّكت حدود التماس بين جهات سورية محلية متصارعة، وقوات إقليمية ودولية منتشرة في تلك البقعة الجغرافية.

وتشي سخونة العمليات العسكرية بأن الهجوم قد يتمدد إلى كامل الشمال السوري، وينذر بإشعال جبهة شمال شرقي البلاد الخاضعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

وكانت روسيا وتركيا، اتفقتا في مارس (آذار) 2020 على تفاهمات تكرّس خفض التصعيد ووقف إطلاق النار شمال غربي سوريا، بعد سنوات من دعم موسكو للقوات الحكومية السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، ومساندة أنقرة لفصائل مسلحة معارضة.

دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب 29 نوفمبر (أ.ب)

الخبير العسكري والمحلّل السياسي عبد الناصر العايد قال لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة حلب وحدودها الإدارية خارج دائرة الهجوم، حتى الآن، سيما مركز المدينة نظراً لتشابك وتعقد الحسابات الدولية وخضوعها لتفاهمات روسية - تركية أعقبت الاتفاقية الموقّعة عام 2020.

وتوقع العايد أن يصبح «التركيز بالدرجة الأولى على إخراج الميليشيات الإيرانية من المنطقة، وأن تستمر المعارك بشكل أعنف في قادم الأيام لتشتعل مناطق جغرافية تمتد بين ريف إدلب الشرقي والجنوبي، إلى جانب ريف حلب الغربي والشمالي».

حسابات إقليمية

وتخضع مدينة إدلب ومحيطها ومناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة لـ«هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة معارضة أقل نفوذاً، ويسري منذ 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته روسيا الداعمة لدمشق؛ وتركيا التي تدعم الفصائل المسلحة المعارضة بعد هجوم واسع شنّته القوات النظامية بدعم روسي واستعادت آنذاك مناطق شاسعة من قبضة تلك الفصائل.

ويرجع الخبير العسكري عبد الناصر العايد، وهو ضابط سوري سابق منشق يقيم في فرنسا، تقدم الفصائل المسلحة ووصولهم نحو مدخل حلب الغربي، إلى: «شدة الهجوم وزخم التحشيد الذي أُعد له منذ أشهر»، مشيراً إلى أن «المعارك ستتركز في تخوم حلب الغربية والجنوبية، ومناطق شرق إدلب وصولاً إلى معرة النعمان».

وباتت الطريق الدولية السريعة (إم 5) التي تربط مدينتي حلب شمالاً بالعاصمة دمشق خارجة عن الخدمة؛ معيدة للأذهان مشهد توقفها كلياً لسنوات بعد اندلاع الحرب السورية لتجدد العمليات العسكرية خلال الأيام الماضية على طرفي الطريق.

وما يزيد من ضبابية معارك الشمال السوري غياب الدعم الروسي للقوات النظامية وإحجامها عن الهجمات الجوية، كسابق تدخلاتها لصالح الحكومة السورية، ويعزو العايد موقف موسكو إلى عدم رغبتها في دعم الميليشيات الإيرانية المقاتلة هناك، ليقول: «لأن حلب بالكامل خرجت عن السيطرة الروسية ولم يبقَ لها أي تأثير فعلي، علماً أن الروس شاركوا بقوة برياً وجوياً لاستعادة شطر حلب الشرقية من قبضة الفصائل المعارضة منتصف 2016»، ويعتقد أن «عدم مشاركة روسيا، حتى الآن، بمعركة حلب مردّه: (بمثابة عقوبة مضاعفة للميليشيات الإيرانية، ويبدو هنالك أبعاد متعلقة بملفات استراتيجية خارج سوريا)»، على حد تعبير المحلل العسكري العايد.

تبادل لإطلاق النار في محيط حلب بين الجيش السوري وفصائل المعارضة المسلحة (أ.ف.ب)

مقايضة تركية - روسية

وبحسب مقاطع فيديو وصور نشرها نشطاء محليون على منصات التواصل الاجتماعي، وصلت الهجمات لمدخل مدينة حلب الغربي بالقرب من حي الحمدانية العريق، كما أصبحوا على بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء وهما بلدتان شيعيتان تتمتع جماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران بحضور عسكري وأمني قوي هناك، إلى جانب قربهما من بلدة تل رفعت الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة أميركياً؛ ما ينذر بتوسع وتمدّد المعارك القتالية نحو كامل الريف الشمالي لمحافظة حلب ثاني أكبر المدن السورية.

بدوره؛ يرى براء صبري، وهو باحث مساهم في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن قوات «قسد»، شريكة واشنطن في حربها ضد التنظيمات الإرهابية، تخشى من حصول تركيا على مقايضة عسكرية من روسيا على الأرض «تشمل بلدة تل رفعت مقابل الضغط على (هيئة تحرير الشام) وفصائل (رد العدوان) للتوقف وضبط إيقاع الهجوم».

وتابع صبري حديثه قائلاً: «على الرغم من أن الهجوم السريع على قوات دمشق (القوات الحكومية) والخسائر الكبيرة هناك توحي بتسجيل نصر لصالح المعارضة و(هيئة تحرير الشام)، لكن من غير المتوقع تغطية مدينة حلب ولن يُسمح بسقوطها، لا من قِبل الروس أولاً، ولا من قِبل الإيرانيين و(حزب الله) المنهكين في صراعهما مع إسرائيل ثانياً».

وتشير المعطيات الميدانية لمعركة حلب إلى أن الحدود التي ستشعلها المرحلة المقبلة لن تكون كما سابق عهدها، بعد اتفاق سوتشي 2020، بين الرئيس التركي إردوغان والروسي بوتين، ومنذ 4 سنوات لم تتغير حدود السيطرة بين الجهات السورية المتحاربة والجهات الدولية الفاعلة، بما فيها فصائل المعارضة في شمال سوريا التي تدعمها تركيا، وقوات «قسد» التي يقودها الأكراد في الشمال الشرقي من البلاد.

مسلحون يستولون يوم 29 نوفمبر على دبابة للجيش السوري بالقرب من الطريق الدولية M5 (أ.ف.ب)

الإيرانيون لا يملكون الكثير

وعن الموقف الإيراني ودور جماعة «حزب الله» اللبنانية في حين وصلت العمليات العسكرية إلى بلدتي النبل والزهراء، أوضح صبري أن الإيرانيين: «لا يملكون الكثير ليقوموا به للدفاع عن المنطقة لأن الطيران الإسرائيلي يترصدهم، لكن المتوقع أن يتحول (حزب الله) مجموعة مستميتة عندما يصل الخطر إلى نبل والزهراء وهما معقل الشيعة السوريين هناك».

وحذَّر هذا الباحث من انزلاق المعركة إلى طابع مذهبي، منوهاً بأن الهدنة في لبنان التي دخلت حيز التنفيذ: «ستمكن (حزب الله) من لملمة صفوفه والتحرك أكثر بدعم إيراني، وسيحول الحزب ما يسميه انتصاراً في لبنان إلى حافز لإظهار وجوده من جديد في سوريا».

وقد تكون الهجمات العسكرية لـ«تحرير الشام» محاولةً لإعادة تموضع جغرافي في مساحة واسعة في أرياف حلب وحماة وإدلب غربي سوريا، غير أن الباحث براء صبري شدد بأن الروس ستكون لهم الكلمة الفصل، وقال: «بالنسبة للروس سقوط حلب بمثابة النكبة لانتصاراتهم المدوية التي حققوها خلال الأسبوعين الماضيين في خط الدونباس بأوكرانيا، وداخل روسيا نفسها في منطقة كورسك».

وذكر صبري في ختام حديثه بأن حلب أكبر من قدرات المعارضة المسلحة و«هيئة تحرير الشام»، «وأكبر من استطاعة تركيا نفسها، وإذا أخذنا بأن الهجوم خرج عن تخطيطها أو سُمح له بالمرور دون اعتراض؛ فسيقابله تشدد تركي إذا تسبب بسقوط حلب التي ستُغضّب الروس كثيراً».