ما إن غادر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني العاصمة العراقية مساء الخميس، حتى هاجم فصيل شيعي موالٍ لإيران اجتماعاته في بغداد، التي شملت أبرز قادة «الإطار التنسيقي»، وقال إن زيارته «تترجم دوراً أميركياً».
وعلى مدار يومين، عقد بارزاني لقاءات مع مسؤولين حكوميين وزعامات سياسية، وأظهرت عشرات البيانات الصحافية إجماعاً على أن الزعيم الكردي حسم إلى حد ما ملفات عالقة بين بغداد وأربيل.
وقال بارزاني إن «الهدف من الزيارة تعزيز الجهود التي بذلها رئيس الوزراء وأدت إلى انفراجة حقيقية بين الحكومة الاتحادية والإقليم».
نهاية صفحة خلافات
وقالت مصادر سياسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن حصيلة اللقاءات التي أجراها بارزاني في بغداد أنهت صفحة خلافات عميقة بين الطرفين، إلا أنها أشارت إلى أن «الحديث عن حلول دائمة يعتمد على التزامات متبادلة».
بدوره، قال نائب رئيس البرلمان، شاخوان عبد الله، إن زيارة بارزاني إلى العاصمة بغداد، «أسست مرحلة جديدة، وجاءت بهدف تفعيل الاتفاقيات وتعزيز التعاون وتوحيد الرؤى بين أطراف العملية السياسية». لكن منصات محلية تداولت معلومات بأن بارزاني ناقش مع قادة «الإطار التنسيقي» مخاطر «التورط بالتصعيد القائم في المنطقة، ربطاً بالحرب المحتملة في لبنان»، في إشارة إلى دور الفصائل الشيعية فيها.
وكان كفاح محمود، وهو مستشار إعلامي لبارزاني، قد أبلغ «الشرق الأوسط» بأن رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني بحث «تداعيات الانخراط في التوتر المتصاعد في الشرق الأوسط».
ونسب صحافيون عراقيون إلى «مصادر سياسية» أن بارزاني «بحث مع قادة الأحزاب الشيعية تحذيرات جدية بشأن عقوبات أميركية في حال لم تسيطر بغداد على نشاط محتمل للفصائل في المنطقة».
وسارع بنكين ريكاني، وزير الإعمار في حكومة السوداني والقيادي في حزب بارزاني، إلى نفي هذه التسريبات، وسخر منها في منشور على منصة «إكس»، كتب فيه: «أهنئكم على خيالكم الواسع (...) كل ما قيل لم يحدث قَطّ». إلا أن السياسي السني البارز، مشعان الجبوري، قال في تصريحات بثتها محطة تلفزيون محلية، إن بارزاني لم يحمل رسائل أميركية، لكنه عبر عن مخاوفه الشخصية من اتساع دائرة الصراع، وحث على إبعاد العراق عنها، وتابع: «ما قاله بارزاني يستند إلى استنتاجه كزعيم سياسي».
الكتائب تهاجم بارزاني
ومع ذلك، هاجم الناطق العسكري باسم «كتائب حزب الله»، أبو علي العسكري، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، وقال في بيان نشرته منصات الفصيل، إن «زيارة بارزاني إلى بغداد تنبئ بالشر، وتترجم الدور الأميركي في المشهد السياسي للعراق، ولم يأتِ إلا (...) لاستنزاف موارد العراق بطرق مستحدثة».
ومع لهجة الكتائب الحادة، كان من اللافت أن يحضر لاستقبال بارزاني في بغداد قادة فصائل مسلحة، مثل الأمين العام لـ«كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي، وأمين «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي.
وأضاف العسكري: «نجد أن الشروع بالضغط على المصالح الأميركية - بالخصوص بعض المنظمات المتسترة بالغطاء المدني، وحقيقة أمرها أنها مقرات تجسسية - يحدد في أي معسكر يجب أن نكون».
وخلافاً لموقف الكتائب، قال السفير الإيراني لدى العراق محمد كاظم آل صادق، الذي التقى بارزاني في بغداد، إن «علاقات إيران مع إقليم كردستان قديمة ومتجذرة وآخذة للتزايد».
وأضاف صادق: «الأمن والتجارة ركيزتان تمهدان للتنمية الإقليمية والأولوية الرئيسية في العلاقات القائمة بين الجانبين».
من جهتها، قالت حركة «حقوق» الشيعية، إن الاهتمام بالزيارة لم يكن يتناسب مع المواقف السلبية للحزب الديمقراطي مع الدولة.
وأضاف بيان للحركة: «نلاحظ عدم انسجام الحزب مع التوجهات السياسية العامة في البلاد، خصوصاً القضايا السيادية، من بينها غلق القواعد العسكرية الأجنبية، وإخراج القوات الأميركية و(الناتو)، علاوة على منح القوات التركية ضوءاً أخضر للتوغل بنحو يثير المشاعر الوطنية، بالإضافة للتجاوزات الحاصلة على الأراضي والمراكز الإدارية ما بعد الخط الأزرق، والتابعة لمحافظات نينوى وكركوك وديالى».
وكان بارزاني أبلغ ممثلي سفارات ثماني دول عربية، بـ«ضرورة الوضع في الحسبان تحقيق مصلحة العراق والمنطقة فيما يتعلق بمسألة بقاء قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية المناهض لتنظيم (داعش) من عدمه في البلاد».