أكدت مصادر عراقية أن حكومة محمد شياع السوداني تلعب دوراً وسيطاً بين تركيا وسوريا، تمهيداً لعقد لقاء للتطبيع بينهما في بغداد، دون أن تحدد موعده.
وفي 30 يونيو (حزيران) الماضي، نقلت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من دوائر القرار في دمشق، أن «اجتماعاً سورياً - تركياً مرتقباً ستشهده العاصمة العراقية بغداد»، وأنه «سيكون خطوة في عملية تفاوض طويلة قد تفضي إلى تفاهمات سياسية وميدانية».
واتصلت «الشرق الأوسط» بمسؤولين في الخارجية العراقية، للتساؤل عمّا إذا كان هناك موعد محدد لهذا الاجتماع، ولم تشأ التعليق.
وقال مسؤول في مكتب رئيس الحكومة العراقية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن بغداد تعمل على إنجاح وساطتها لترطيب الأجواء بين دمشق وأنقرة، وأن تبدأ مرحلة استقرار جديدة في المنطقة».
وتابع المسؤول: «الوساطة ليست مفاجئة (...) لقد أعلن عنها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مطلع الشهر الماضي، والحكومة لم تتوقف عن العمل الدبلوماسي الذي يخدم التهدئة والمصالحة في المنطقة، خصوصاً مع بلدان لدينا معها حدود ومصالح مشتركة».
وكان السوداني تحدث لقناة «خبر تورك» المؤيدة لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، في 1 يونيو (حزيران)، بأن بغداد «ترعى أجواء إيجابية بين البلدين»، وأنه أجرى اتصالات مع الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب إردوغان.
وفي المقابلة، قال السوداني أيضاً، إن «مصادر التهديدات الأمنية التي تواجهها بلاده تنبع من المناطق السورية التي لا تسيطر عليها الحكومة السورية».
لقاء ثنائي في بغداد
وقال المسؤول العراقي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحكومة تبذل بالفعل جهوداً للتطبيع بين البلدين تتضمن عقد لقاءات ثنائية تحتضنها بغداد».
ورغم أن وسائل الإعلام السورية تتحدث عن موعد وشيك، هذا الأسبوع، لعقد الاجتماع، فإن المسؤول العراقي رفض تحديد موعد نهائي، واكتفى بالقول: «نقوم بما يلزم، وبقية التفاصيل تلزم نقاشات مستفيضة مع الأطراف المعنية».
وكانت صحيفة «الوطن» السورية أشارت إلى أن «الجانب التركي طلب من موسكو وبغداد الجلوس على طاولة حوار ثنائية مع الجانب السوري، من دون طرف ثالث وبعيداً عن الإعلام؛ للبحث في كل التفاصيل التي من المفترض أن تعيد العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها».
ورأت الصحيفة في تحقق انعقاد الاجتماع السوري - التركي في بغداد «اختباراً لفاعلية دور العراقيين في الملف السوري، وخطوة باتجاه نقل مفاوضات اللجنة الدستورية إليها بدل جنيف».
وقالت مصادر سياسية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن دخول بغداد على خط الوساطة بين تركيا وسوريا يعني بالضرورة أن إيران منحت ضوءاً أخضر لذلك، لا سيما أن ملف مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا ومسألة حزب العمال الكردستاني على قدر كبير من الحساسية السياسية والميدانية بالنسبة لطهران».
من جانبه، قال فرهاد علاء الدين، أحد كبار مستشاري السوداني للشؤون الدولية: «إن العراق يمتاز بعلاقات متينة بدول الجوار ويسعى دوماً لتقارب وجهات النظر وحل الخلافات السياسية».
وأضاف علاء الدين، لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق سوف يستمر بهذا الدور الريادي والمحوري من أجل دعم الاستقرار والازدهار وتجنب توسعة الخلافات في المنطقة».
«العمال الكردستاني» وحرائق بغداد
في سياق آخر، رصدت الأجهزة الأمنية العراقية ما قالت إنه «ضلوع لحزب العمال الكردستاني في حرائق شهدتها مدن أربيل ودهوك وكركوك خلال الأشهر الماضية»، إلى جانب تورطه في تفجيرات بمناطق تجارية مزدحمة في بغداد، مثل «مدينة الصدر» و«الشورجة».
وتحمّل أنقرة بغداد مسؤولية عدم القدرة على وضع حد لأنشطة هذا الحزب، لكن مراقبين يرون أن الحكومة العراقية تواجه أزمة مركبة مع نشاط هذا الحزب بسبب علاقاته المتداخلة بقوى شيعية لديها أجنحة مسلحة، لا سيما في بلدة «سنجار» شمال العراق.
وغالباً ما يتهم حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة بافل طالباني بالتعاون مع «العمال الكردستاني»، وأخيراً وجهت إليه اتهامات من أطراف سياسية كردية بأنه «وراء الحرائق».
ونفى المتحدث باسم حزب الاتحاد، سعدي بيرة، تلك الاتهامات، وقال: «إنها تأتي في إطار محاولات لتشويه سمعة الحزب وخلق توترات في الإقليم».
وأشار بيرة إلى أن «الحزب الديمقراطي الكردستاني يسعى من خلال هذه الاتهامات إلى افتعال أزمة بهدف تجنب الانتخابات المقبلة لبرلمان الإقليم».
وعدّ بيرة أن «هذا التصعيد يأتي نتيجة خوف الحزب الديمقراطي من فقدان السيطرة السياسية في الإقليم»، محذراً من أن «اتهامات وزارة داخلية الإقليم قد تؤدي إلى انزلاق الأوضاع نحو حرب داخلية في كردستان».