تأكيد عراقي لاجتماع سوري - تركي في بغداد... ولا موعد للتطبيع

مسؤول حكومي: نبذل جهوداً للمصالحة... والمشاورات تحسم التفاصيل الأخيرة

السوداني مستقبلاً إردوغان في بغداد أبريل 2024 (أ.ف.ب)
السوداني مستقبلاً إردوغان في بغداد أبريل 2024 (أ.ف.ب)
TT

تأكيد عراقي لاجتماع سوري - تركي في بغداد... ولا موعد للتطبيع

السوداني مستقبلاً إردوغان في بغداد أبريل 2024 (أ.ف.ب)
السوداني مستقبلاً إردوغان في بغداد أبريل 2024 (أ.ف.ب)

أكدت مصادر عراقية أن حكومة محمد شياع السوداني تلعب دوراً وسيطاً بين تركيا وسوريا، تمهيداً لعقد لقاء للتطبيع بينهما في بغداد، دون أن تحدد موعده.

وفي 30 يونيو (حزيران) الماضي، نقلت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من دوائر القرار في دمشق، أن «اجتماعاً سورياً - تركياً مرتقباً ستشهده العاصمة العراقية بغداد»، وأنه «سيكون خطوة في عملية تفاوض طويلة قد تفضي إلى تفاهمات سياسية وميدانية».

واتصلت «الشرق الأوسط» بمسؤولين في الخارجية العراقية، للتساؤل عمّا إذا كان هناك موعد محدد لهذا الاجتماع، ولم تشأ التعليق.

وقال مسؤول في مكتب رئيس الحكومة العراقية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن بغداد تعمل على إنجاح وساطتها لترطيب الأجواء بين دمشق وأنقرة، وأن تبدأ مرحلة استقرار جديدة في المنطقة».

وتابع المسؤول: «الوساطة ليست مفاجئة (...) لقد أعلن عنها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مطلع الشهر الماضي، والحكومة لم تتوقف عن العمل الدبلوماسي الذي يخدم التهدئة والمصالحة في المنطقة، خصوصاً مع بلدان لدينا معها حدود ومصالح مشتركة».

وكان السوداني تحدث لقناة «خبر تورك» المؤيدة لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، في 1 يونيو (حزيران)، بأن بغداد «ترعى أجواء إيجابية بين البلدين»، وأنه أجرى اتصالات مع الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب إردوغان.

وفي المقابلة، قال السوداني أيضاً، إن «مصادر التهديدات الأمنية التي تواجهها بلاده تنبع من المناطق السورية التي لا تسيطر عليها الحكومة السورية».

لقاء إردوغان والأسد أكتوبر 2010 في القصر الرئاسي بدمشق (أرشيفية - أ.ب)

لقاء ثنائي في بغداد

وقال المسؤول العراقي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحكومة تبذل بالفعل جهوداً للتطبيع بين البلدين تتضمن عقد لقاءات ثنائية تحتضنها بغداد».

ورغم أن وسائل الإعلام السورية تتحدث عن موعد وشيك، هذا الأسبوع، لعقد الاجتماع، فإن المسؤول العراقي رفض تحديد موعد نهائي، واكتفى بالقول: «نقوم بما يلزم، وبقية التفاصيل تلزم نقاشات مستفيضة مع الأطراف المعنية».

وكانت صحيفة «الوطن» السورية أشارت إلى أن «الجانب التركي طلب من موسكو وبغداد الجلوس على طاولة حوار ثنائية مع الجانب السوري، من دون طرف ثالث وبعيداً عن الإعلام؛ للبحث في كل التفاصيل التي من المفترض أن تعيد العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها».

ورأت الصحيفة في تحقق انعقاد الاجتماع السوري - التركي في بغداد «اختباراً لفاعلية دور العراقيين في الملف السوري، وخطوة باتجاه نقل مفاوضات اللجنة الدستورية إليها بدل جنيف».

وقالت مصادر سياسية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن دخول بغداد على خط الوساطة بين تركيا وسوريا يعني بالضرورة أن إيران منحت ضوءاً أخضر لذلك، لا سيما أن ملف مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا ومسألة حزب العمال الكردستاني على قدر كبير من الحساسية السياسية والميدانية بالنسبة لطهران».

من جانبه، قال فرهاد علاء الدين، أحد كبار مستشاري السوداني للشؤون الدولية: «إن العراق يمتاز بعلاقات متينة بدول الجوار ويسعى دوماً لتقارب وجهات النظر وحل الخلافات السياسية».

وأضاف علاء الدين، لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق سوف يستمر بهذا الدور الريادي والمحوري من أجل دعم الاستقرار والازدهار وتجنب توسعة الخلافات في المنطقة».

الداخلية العراقية قالت إنها اعتقلت 3 من عناصر حزب العمال الكردستاني (واع)

«العمال الكردستاني» وحرائق بغداد

في سياق آخر، رصدت الأجهزة الأمنية العراقية ما قالت إنه «ضلوع لحزب العمال الكردستاني في حرائق شهدتها مدن أربيل ودهوك وكركوك خلال الأشهر الماضية»، إلى جانب تورطه في تفجيرات بمناطق تجارية مزدحمة في بغداد، مثل «مدينة الصدر» و«الشورجة».

وتحمّل أنقرة بغداد مسؤولية عدم القدرة على وضع حد لأنشطة هذا الحزب، لكن مراقبين يرون أن الحكومة العراقية تواجه أزمة مركبة مع نشاط هذا الحزب بسبب علاقاته المتداخلة بقوى شيعية لديها أجنحة مسلحة، لا سيما في بلدة «سنجار» شمال العراق.

وغالباً ما يتهم حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة بافل طالباني بالتعاون مع «العمال الكردستاني»، وأخيراً وجهت إليه اتهامات من أطراف سياسية كردية بأنه «وراء الحرائق».

ونفى المتحدث باسم حزب الاتحاد، سعدي بيرة، تلك الاتهامات، وقال: «إنها تأتي في إطار محاولات لتشويه سمعة الحزب وخلق توترات في الإقليم».

وأشار بيرة إلى أن «الحزب الديمقراطي الكردستاني يسعى من خلال هذه الاتهامات إلى افتعال أزمة بهدف تجنب الانتخابات المقبلة لبرلمان الإقليم».

وعدّ بيرة أن «هذا التصعيد يأتي نتيجة خوف الحزب الديمقراطي من فقدان السيطرة السياسية في الإقليم»، محذراً من أن «اتهامات وزارة داخلية الإقليم قد تؤدي إلى انزلاق الأوضاع نحو حرب داخلية في كردستان».


مقالات ذات صلة

باحثون يرجّحون مشاركة شعب الأنجلوسكسون في حروب بشمال سوريا

يوميات الشرق صورة أرشيفية لاكتشاف سابق عن عظام هيكل عظمي بشري اكتشفت بمقبرة أنجلوسكسونية لم تكن معروفة من قبل في نورفولك... الصورة في مكاتب متحف لندن للآثار بنورثامبتون وسط إنجلترا يوم 16 نوفمبر 2016 (رويترز)

باحثون يرجّحون مشاركة شعب الأنجلوسكسون في حروب بشمال سوريا

اقترح باحثون أن رجالاً من شعوب الأنجلوسكسون في القرن السادس الميلادي ربما سافروا من بريطانيا إلى شرق البحر المتوسط ​​وشمال سوريا للقتال في الحروب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بارزاني حثّ القوى السنيّة العراقية على حسم الخلاف حول مرشح رئيس البرلمان (إكس)

بارزاني يختم زيارة بغداد بـ«تصفير» حزمة خلافات

اختتم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني زيارته للعاصمة العراقية، في حين قالت مصادر إن حصيلة الاجتماعات أفضت إلى «تصفير» حزمة ملفات بين بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جانب من سد الموصل في شمال العراق (رويترز)

إضراب في سد الموصل يهدد أعمال الحقن بالتوقف

ساد القلق منشأة سد الموصل، أكبر خزان مائي في العراق، بعدما أضرب عمال عن العمل، وتوقفت عمليات تحشية السد بالإسمنت.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي 
السوداني وبارزاني بحثا أمس ملفات تخص العلاقة بين بغداد وأربيل (إعلام حكومي)

بارزاني في بغداد وحديث عن «تسوية حاسمة» لملفات خلافية

خصَّت الحكومة العراقية و«الإطار التنسيقي»، رئيسَ الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، باستقبالٍ استثنائي، لدى زيارته العاصمة بغداد أمس (الأربعاء).

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي بغداد تُبدي اهتماماً كبيراً بزيارة بارزاني وتصفه بـ«الثقل السياسي» (إعلام حكومي)

بارزاني في بغداد لـ«تسوية حاسمة» بعد «استقبال استثنائي»

خصَّت الحكومة العراقية وأحزاب الإطار التنسيقي رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، باستقبال استثنائي، كما أظهرت بيانات وصور بثتها مواقع رسمية.

فاضل النشمي (بغداد)

مبادرة إسرائيلية يمينية بين الحكومة والمعارضة على رفض الدولة الفلسطينية

بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)
بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)
TT

مبادرة إسرائيلية يمينية بين الحكومة والمعارضة على رفض الدولة الفلسطينية

بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)
بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)

في إحدى المرات النادرة، تعاونت أوساط في الجناح اليميني للمعارضة الإسرائيلية مع الائتلاف اليميني الحاكم، في مبادرة لتمرير مشروع قرار في الكنيست (البرلمان) يعارض بشدة فكرة قيام دولة فلسطينية، ويعدها خطراً وجودياً.

وقد جاءت هذه المبادرة من رئيس حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو»، المعارض، أفيغدور ليبرمان، ومعه زئيف الكين (وهو أيضاً مهاجر روسي) من «حزب أمل يميني»، بقيادة غدعون ساعر، وانضم إليهما من الائتلاف الحكومي كل من النائب يولي أدلشتاين، رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، وهو من «حزب الليكود»، والنائب سمحا روتمان، من «كتلة الصهيونية الدينية»، التي يرأسها بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير.

وقد نجحوا في جمع تواقيع 61 عضو كنيست (من مجموع 120)، واختاروا هذا التوقيت عشية سفر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، واحتمال لقائه الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض. ووفق رأيهم، فإنهم يتوقعون أن يتعرض نتنياهو للضغط حتى يوافق على إقامة دولة فلسطينية في إطار صفقة سلام شاملة تستند إلى مبادرة السلام العربية.

ناشطون يمينيون إسرائيليون قرب شاحنات مساعدات جرى إتلافها عند معبر ترقوميا (أ.ف.ب)

خطر وجودي

وجاء في العريضة: «الكنيست الإسرائيلي يعارض بشكل حاسم إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن. فإن دولة كهذه ستشكل خطراً وجودياً على دولة إسرائيل، وتخلد الصراع وتزعزع الاستقرار، ولن تكون تلك سوى مسألة وقت حتى تسيطر على هذه الدولة حركة (حماس) وتحوّلها إلى قاعدة للإرهاب الإسلامي المتطرف بتشجيع من إيران». ووفق المنظمين فإنهم يواصلون جمع التواقيع، لكنهم أعلنوا عن هذه الخطوة من الآن حتى يلزموا رئيس الكنيست بجلب الموضوع إلى المداولات قبل أن تبدأ عطلة الصيف الطويلة، التي تبدأ منتصف الشهر الحالي وتنتهي بعد شهرين.

وكان الكنيست قد اتخذ قراراً مماثلاً فقط في 21 فبراير (شباط) الماضي، وصوّت إلى جانبه 99 نائباً. وفي حينه جاء القرار بمبادرة من نتنياهو شخصياً، رداً على التصريحات الرسمية التي صدرت في عدة عواصم في العالم عن دراسة إمكانية الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وجعل هذا الاعتراف خطوة أولى في اتفاقية سلام شامل بين الدول العربية وإسرائيل، تتضمن إقامة دولة فلسطينية.

وقال نتنياهو، في كلمته، يومها، إنه أراد أن يوجه رسالة إلى المجتمع الدولي بأنه، بعد قرار الحكومة، يوجد إجماع في الكنيست يعكس إجماعاً في إسرائيل كلها ضد اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية. وقال: «إسرائيل ترفض إملاءات دولية بخصوص تسوية دائمة مع الفلسطينيين. وتسوية مثل هذه يجري تحقيقها بمفاوضات مباشرة بين الجانبين فقط لا غير، ومن دون شروط مسبقة. إسرائيل ستستمر في معارضة اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية. واعتراف مثل هذا، في أعقاب مجزرة 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سيمنح جائزة هائلة للإرهاب، جائزة غير مسبوقة، وسيمنع أي تسوية مستقبلية للسلام»، وفق زعمه.

نواب عرب في «الكنيست» يشاركون في اعتصام احتجاجي على العنف في المجتمع العربي أمام مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي 31 مايو (أرشيفية - غيتي)

النواب العرب

وبعد نقاش في الجلسة، صوّت 99 من نواب الائتلاف والمعارضة مع تصريح نتنياهو، باستثناء النواب العرب الذين عارضوه، ونواب حزب «العمل» الذين تغيبوا بشكل متعمد، عادّين الجلسة بمثابة «سيرك» ومسرحية ساخرة. وقد طلب نتنياهو حق الكلام بعد التصويت، ليقول إن هذه نتيجة تاريخية، إذ لم يسبق أن أيّد النواب في إسرائيل أي قرار تقريباً بهذه النسبة العالية.

ولكن أهداف القرار اليوم تختلف، فهو موجه ليس فقط ضد فكرة الدولة الفلسطينية والسلام الشامل، بل أيضاً ضد الإدارة الأميركية والرئيس بايدن. والتعاون بين الائتلاف والمعارضة لافت وهو أيضاً له هدف. ففي الائتلاف، يسعى روتمان إلى البروز داخل حزبه وحركته السياسية، بصفته قائداً مبادراً، ويريد أدلشتاين، أن يحسن وضعه في الليكود، بعدما دخل في صدام مع نتنياهو حول إصراره على تمرير قانون تجنيد الشباب الحريدي، فهو يؤيد التفاهم مع المعارضة، ويرفض تمرير قانون يروق لليمين وحده.

وأما المعارضة فإن ليبرمان والكين يريدان البرهنة للجمهور اليميني على أنهما يمينيان أصليان، ويطوقان نتنياهو من اليمين. المشكلة أن المعارضة، المفترض أن تحارب الحكومة على سياستها المتطرفة، توقع بنفسها فريسة لأيدي نتنياهو، وتخدم أهدافه حتى في مواجهة السياسة الأميركية.