«تعويم» و«تخفيف أحمال» و«تحريك أسعار»… مصطلحات «الأزمة» تُفجر السخرية في مصر

تداعيات تخفيف أحمال الكهرباء أثَّرت في حياة المصريين (الشرق الأوسط)
تداعيات تخفيف أحمال الكهرباء أثَّرت في حياة المصريين (الشرق الأوسط)
TT

«تعويم» و«تخفيف أحمال» و«تحريك أسعار»… مصطلحات «الأزمة» تُفجر السخرية في مصر

تداعيات تخفيف أحمال الكهرباء أثَّرت في حياة المصريين (الشرق الأوسط)
تداعيات تخفيف أحمال الكهرباء أثَّرت في حياة المصريين (الشرق الأوسط)

«أقسى همومنا يفجّر السخرية»؛ كلمات الشاعر المصري سيد حجاب، في «تتر» المسلسل الشهير «ليالي الحلمية»، تحولت إلى واقع مصري معيش حالياً، في ظل معاناة «انقطاع الكهرباء»، وتحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة.

وحوَّل متابعون على منصات التواصل الاجتماعي مصطلحات مرتبطة بتلك الأزمات، تستخدمها الحكومة في وصف سياساتها وقراراتها، مثل «تخفيف الأحمال»، «التعويم»، و«تحريك أسعار»، إلى مصطلحات تُنسج حولها تعليقات ساخرة.

ونالت مصطلحات مرتبطة بانقطاع الكهرباء مثل «تخفيف الأحمال» و«ترشيد الاستهلاك» وغيرها، النصيب الأكبر من التندر على «السوشيال ميديا»، فتحول قطع الكهرباء خلال حفلات الزفاف من «تخفيف أحمال» إلى «تخفيف أفراح».

ومنذ أشهر تطبِّق الحكومة المصرية خطة لـ«تخفيف استهلاك الكهرباء»، بقطع التيار لساعتين يومياً على الأقل في معظم المحافظات، لكنها بلغت من 3 إلى 6 ساعات خلال الأسبوعين الماضيين، بسبب موجة الحر ونقص إمدادات الوقود.

وتداول مستخدمو التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بشكل فكاهي مقاطع فيديو من حفلات زفاف مختلفة، تحولت بهجتها إلى ظلام، بفعل امتداد الانقطاعات إلى القاعات والأندية التي تُعقد داخلها.

وترى الدكتورة سهير عثمان، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن سخرية المصريين في الأزمات «هي طريقة للخروج من الحالة التي هم فيها، فعند العجز عن حل مشكلة بشكل حقيقي، أو عدم وضوح الأمل، يلجأون إلى السخرية». وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هي حالة لديهم منذ قديم الأزل».

«تحريك الأسعار= الغلاء، تغيير خطة التخفيف= زيادة ساعات قطع الكهرباء»، معادلة ساخرة يلفت إليها أحد الحسابات على منصة «إكس»، (تويتر سابقاً)، في تفاعله مع قرار رفع ساعات تخفيف الأحمال إلى 3 ساعات يومياً، منذ الأسبوع الماضي.

وتقول مصر إن خطة «تخفيف الأحمال»، «توفر 35 مليون دولار شهرياً (الدولار يساوي 48.26 جنيه في البنوك المصرية)»، حسب إفادة سابقة لوزارة الكهرباء المصرية.

«التخفيف» التقطه حساب آخر ولكن هذه المرة للتعليق على مأساة فقدان الأشخاص حياتهم ثمناً لانقطاع الكهرباء وتأثر المصاعد والمستشفيات بها، حيث وصف الأمر بـ«تخفيف سُكان».

الدكتورة إنشاد عز الدين، أستاذ علم الاجتماع في مصر، توضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الشكل من أشكال السخرية يأتي ردَّ فعل من جانب المصريين للتعبير عمّا يعانون منه من كبت، فالسخرية أحد أشكال التعبير عن المشكلات ونقدها بشكل غير مباشر، وهو أمر صحي لكونهم قادرين على التعبير، وما دام ليس فيه إساءة لأي طرف فكل مواطن له ظروف مجتمعية مختلفة عن الآخر، لذا يحاول أن يعبّر عنها وفق أولوياته واهتماماته.

مع حالة الغلاء التي أرهقت جيوب المصريين منذ مطلع العام الحالي، تندَّر رواد «السوشيال ميديا» فيما بينهم على تواصل تسمية المسؤولين لحالة الغلاء بـ«تحريك الأسعار».

ومن وحي البرنامج الإذاعي الشهير «قُلْ ولا تَقُلْ»، عبر أثير الإذاعة المصرية، الهادف إلى نشر وتعليم اللغة العربية، جاءت تعليقات رواد آخرون متهكمون بنفس أسلوب البرنامج: «قُلْ تحريك أسعار ولا تقل رفع أسعار، قُلْ تخفيف أحمال ولا تقل قطع كهرباء».

بينما تساءل أحد الحسابات متهكماً: «لا تقل غلاء الأسعار ولكن قُلْ تحريك الأسعار... وهيَّ الأسعار كانت واقفة ولّا قاعدة ولّا نايمة؟».

وترى أستاذة الإعلام أن «الحالة الحالية في التهكم على المصطلحات التي تروّجها الحكومة، تحمل عمقاً في معناها، فالتهكم اعتراض تام من جانب المصريين على استخدام الحكومة هذه المصطلحات للهروب من حل المشكلة الأصلية، فهو تلاعب مقصود ومدروس وممنهج».

وتضيف: «هذا التفاعل يعكس وعي المصريين بضخامة المشكلات، وأنهم يفهمون جيداً أنها لن تنتهي بين يوم وليلة، وبالتالي نجد أن السخرية والتندر هو باب خلفي للتعايش مع المشكلات القائمة، ونوع من التعايش ببساطة معها».

ويعد مصطلح «تعويم الجنيه»، أو تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأميركي، أحد المصطلحات التي دائماً ما يتم التندر عليها، حيث يحاول المستخدمون ربطها بمصطلح «الغرق»، كنوع من التهكم على حال «الجنيه» في ظل تفعيل القرار.

كان البنك المركزي المصري قد قرر في 6 مارس (آذار) الماضي، السماح لسعر صرف الجنيه بالتحرك وفقاً لآليات السوق.

هنا، تُبين أستاذة الإعلام أن «التعويم» من أكثر المصطلحات الدارجة التي استخدمها المصريون في التندر، حيث تفاعل معه مختلف المستويات التعليمية، وكان الأقرب لفكرهم فخرج كثير من النكات حوله، فتم ربطه بمصطلحات الغطس والغرق وغيره.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع للحكومة (مجلس الوزراء)

مصر تجدّد تحذيرها من «حرب إقليمية شاملة» تعصف بالمنطقة

جددت مصر التحذير من مخاطر اندلاع «حرب إقليمية شاملة»، فيما طمأن رئيس الحكومة الداخل بأن بلاده تعمل على «تأمين مخزون استراتيجي من الاحتياجات الأساسية للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني بمصر لمناقشة ترتيبات مناقشات منظومة الدعم الحكومي (الحوار الوطني)

مصر: التحول لـ«الدعم النقدي» توجُّه حكومي ينتظر إقرار «الحوار الوطني»

تترقّب الحكومة المصرية مناقشات «الحوار الوطني» لمنظومة الدعم الحكومي المقدَّم للمواطنين، أملاً في الحصول على توافُق الآراء من المتخصصين والسياسيين والاقتصاديين.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، خلال الأيام المقبلة، مناقشة قضية الدعم الحكومي المقدم للمواطنين، في ضوء قرار الحكومة بإعادة هيكلته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا أبراج كهرباء ضغط عالٍ في مصر (رويترز)

مصر تلاحق «الكهرباء المسروقة» بمناطق فقيرة ومترفة

تنتشر طرق سرقة الكهرباء في مصر منذ سنوات، حتى إنها شهدت تطوراً في الأسلوب، ما استدعى حملة حكومية واسعة لمواجهتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش اللبناني يحذر من محاولات إسرائيلية «للتجسس وتجنيد عملاء»

جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)
جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)
TT

الجيش اللبناني يحذر من محاولات إسرائيلية «للتجسس وتجنيد عملاء»

جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)
جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)

حذّر الجيش اللبناني، السبت، مما سمَّاه «محتوى إعلامياً مشبوهاً» اتهم إسرائيل بنشره بغرض «التجسس» أو «تجنيد» أشخاص، بعد نحو أسبوعين من بدء حملة القصف الإسرائيلي المكثفة في مناطق لبنانية مختلفة.

وقال الجيش اللبناني، في بيان على منصة «إكس»: «يعمد العدو إلى نشر محتوى إعلامي على بعض منصات التواصل الاجتماعي، مثل مقاطع الفيديو والروابط والتطبيقات لاستدراج المواطنين إلى مواقع مخصصة للتجسس وجمع المعلومات أو تجنيد العملاء».

وحذّر مواطنيه من محتوى قال إنّه يشكل «خطراً أمنياً على الوطن والمجتمع وسط مخططات العدو الإسرائيلي المستمرة ضد لبنان»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ومنذ 23 سبتمبر (أيلول)، تشن إسرائيل غارات جوية مدمرة بشكل رئيسي على جنوب لبنان، وشرقه، وضاحية بيروت الجنوبية، حيث المعقل الأساسي لـ«حزب الله»، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1100 شخص، وتشريد أكثر من 1.2 مليون شخص.

والأسبوع الماضي، قتلت إسرائيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، في غارات جوية استهدفت منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية.

والشهر الماضي، حث «حزب الله» اللبنانيين على التخلص من منشورات ألقتها إسرائيل في شرق البلاد، محذراً من مسح الرمز التعريفي (الباركود) الذي قال إنه قد يعرض البيانات الشخصية للسكان للخطر.