اضطر مئات الفلسطينيين إلى النزوح من جديد من بلدة خان يونس في قطاع غزة التي استهدفتها غارات إسرائيلية صباح الثلاثاء، بعد أمر الإخلاء الذي أصدره الجيش الإسرائيلي.
قتل ثمانية أشخاص جراء القصف الإسرائيلي في خان يونس ورفح، فيما نُقل أكثر من ثلاثين جريحاً إلى مستشفى ناصر في خان يونس، على ما ذكر مسعفون في الهلال الأحمر الفلسطيني ومصدر طبي في المنشأة الصحية.
وأفاد صحافي في وكالة «الصحافة الفرنسية» وشهود بوقوع عدة غارات إسرائيلية صباح الثلاثاء استهدفت خان يونس ومحيطها.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الغارات استهدفت مواقع في المنطقة التي أُطلق منها 20 صاروخاً على بلدات جنوب إسرائيل أمس (الاثنين).
وأكد الجيش أن الغارات استهدفت مستودع أسلحة، وشقة يستخدمها «عناصر إرهابية»، وبنية تحتية أخرى.
وكان الجيش قد أمر الاثنين من جديد بإخلاء أحياء عدة في محافظتي خان يونس ورفح في جنوب قطاع غزة حيث سبق أن نزح مئات آلاف الفلسطينيين هرباً من المعارك منذ عدة أسابيع.
وروى شهود أن كثيرين فروا من هذين القطاعين وأن نازحين، بينهم أطفال ومسنون، ناموا في العراء على الأرض.
وأظهرت صور لوكالة «الصحافة الفرنسية» عائلات نازحة في خان يونس، تسير عبر الأنقاض أو مكدسة على عربات.
أمر إخلاء
وأقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد أمام حكومة الحرب بأن الجيش يخوض «معركة صعبة» في القطاع الفلسطيني، بعد تسعة أشهر من اندلاع الحرب إثر هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي شنته حركة «حماس» في إسرائيل.
بعدما أطلق هجوماً برياً في شمال غزة في 27 أكتوبر، تقدّم الجيش الإسرائيلي تدريجياً نحو الجنوب حيث أصدر في كل مرة أوامر للسكان بإخلاء المناطق التي يستهدفها.
وفي 7 مايو (أيار)، شن الجيش الإسرائيلي عملية برية في رفح المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر وُصفت بأنها المرحلة الأخيرة من الحرب ضد «حماس» ما دفع مليون فلسطيني إلى الفرار، وفقاً للأمم المتحدة.
لكن في الأسابيع الأخيرة، اشتد القتال مجدداً في العديد من المناطق التي كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن السيطرة عليها وخاصة في الشمال، بينما يتواصل الهجوم في رفح.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إنه صدرت الاثنين أوامر إخلاء جديدة في مناطق القرارة وبني سهيلا وبلدات أخرى في محافظتي خان يونس ورفح.
قبل ساعات أعلنت سرايا القدس، الجناح المسلّح لحركة الجهاد الإسلامي، مسؤوليتها عن «قصف» مواقع إسرائيلية «في غلاف قطاع غزة برشقات صاروخية مركّزة».
من جهته، تحدّث الجيش الإسرائيلي عن «صد نحو عشرين مقذوفاً أطلقت من خان يونس». وأضاف أنه «تم اعتراض عدد منها وسقط بعضها في جنوب إسرائيل»، دون سقوط ضحايا. وأشار إلى أن الجيش رد بالمدفعية على مصدر النيران.
- اشتباك مباشر
شمالاً يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته التي بدأها في 27 يونيو (حزيران) في حي الشجاعية في مدينة غزة.
وقال الجيش إن طائراته نفذت غارات جوية قتل فيها نحو عشرين مقاتلاً، مشيراً إلى أن قواته أردت عدداً آخر خلال المعارك.
وشاهد مراسل لوكالة «الصحافة الفرنسية» مروحيات إسرائيلية تقصف الشجاعية. بينما أكدت حركة «حماس» خوض قتال في الشجاعية وفي رفح.
والإثنين أعلن الجيش مقتل جندي في جنوب غزة، ما يرفع إلى 317 حصيلة قتلاه منذ 27 أكتوبر.
وأكد نتنياهو الأحد أمام حكومة الحرب «قواتنا تعمل في رفح والشجاعية (في مدينة غزة) وكل أنحاء قطاع غزة... إنها معركة صعبة نخوضها على الأرض أحياناً عبر الاشتباك المباشر، وكذلك تحت الأرض».
- اتهامات بـ«التعذيب»
الاثنين، أكد مصدر طبي في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع الإفراج عن عشرات الأسرى الفلسطينيين، بينهم مدير مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة محمد أبو سلمية.
وفي أول تصريح له عقب الإفراج عنه، أكد أبو سلمية في مستشفى ناصر أن «الأسرى يتعرضون لكل أنواع التعذيب... الكثير من الأسرى توفوا في مراكز التحقيق».
وقال أبو سلمية إنه لم توجه له أي تهمة خلال اعتقاله.
وقال جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك) إنه قرر الإفراج عن هؤلاء المعتقلين بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي لتقليل الاكتظاظ. وأضاف أنه يعارض إطلاق سراح من شاركوا في هجمات على مدنيين إسرائيليين ومن تقرر إطلاق سراحهم «أقل خطراً».
لكن نتنياهو قال إنه أمر بالتحقيق في عملية الإفراج وتزويده بالنتائج الثلاثاء، وأضاف في بيان أن «الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء خطأ فادح وفشل أخلاقي. مكان هذا الرجل الذي قتل واحتجز تحت مسؤوليته مختطفونا في السجن».
اندلعت الحرب بعد هجوم غير مسبوق لـ«حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر، أسفر عن مقتل 1195 شخصاً معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة لوكالة «الصحافة الفرنسية» تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة ما زال 116 منهم في غزة، بينهم 42 يقول الجيش إنّهم لقوا حتفهم.
وتردّ إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرّية أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ عن 37900 شخص في قطاع غزة، بحسب آخر حصيلة لوزارة الصحّة التابعة لـ«حماس».
وتسببت الحرب في نزوح جماعي وكارثة إنسانية في قطاع غزة وسط شح في المياه والغذاء حيث يعاني آلاف الأطفال من سوء التغذية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وأعربت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة مراراً عن قلقها بشأن الأزمة الإنسانية الخطيرة وخطر المجاعة الذي جلبته الحرب والحصار الإسرائيلي لسكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.