طهران تحذّر من «حرب إبادة»... وإسرائيل لا ترغب بها لكنها تستعد لها

السعودية تكرر الدعوة للتقيد بقرار منع السفر إلى لبنان

طفل يلعب فوق أنقاض منزل عائلته المدمر في جنوب لبنان جراء القصف الإسرائيلي (أ.ب)
طفل يلعب فوق أنقاض منزل عائلته المدمر في جنوب لبنان جراء القصف الإسرائيلي (أ.ب)
TT

طهران تحذّر من «حرب إبادة»... وإسرائيل لا ترغب بها لكنها تستعد لها

طفل يلعب فوق أنقاض منزل عائلته المدمر في جنوب لبنان جراء القصف الإسرائيلي (أ.ب)
طفل يلعب فوق أنقاض منزل عائلته المدمر في جنوب لبنان جراء القصف الإسرائيلي (أ.ب)

تجددت التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران على خلفية توسيع الحرب في جنوب لبنان. وحذّرت طهران، تل أبيب، من «حرب إبادة» في حال شنّها هجوماً على «حزب الله»، بعد ساعات على إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن الدولة العبرية لا ترغب في خوض حرب ضد «حزب الله» إلا أن الجيش الإسرائيلي مستعد لحرب، فيما كررت المملكة العربية السعودية دعوتها لمواطنيها عدم السفر إلى لبنان.

وقالت السفارة السعودية، في بيان، إنها «تتابع عن كثب تطورات الأحداث الجارية جنوب لبنان، وتؤكد على دعوتها السابقة لكافة المواطنين السعوديين إلى التقيد بقرار منع السفر إلى لبنان».

وحذّرت إيران، السبت، إسرائيل، من «حرب إبادة» بـ«مشاركة كاملة لمحور المقاومة» الذي يضم طهران وحلفاءها الإقليميين في حال شنت الدولة العبرية هجوماً «واسع النطاق» على «حزب الله» في لبنان.

وذكرت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة على منصة «إكس» أن إيران تعدُّ «دعاية الكيان الصهيوني حول عزمه مهاجمة لبنان حرباً نفسيةً»، لكنها أضافت أنه «في حال شن هجوم عسكري واسع النطاق، فسوف تليه حرب إبادة».

وشددت على أن «جميع الخيارات ستكون مطروحة، بما في ذلك المشاركة الكاملة لمحور المقاومة».

وقبل ساعات، كانت قد نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن وزير الدفاع قوله يوم الجمعة خلال زيارة للقوات قرب الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان «نحن نعمل على حل سياسي، هذا هو الخيار الأفضل دائماً... لا نبحث عن حرب لكننا مستعدون لها». وأضاف: «إذا اختار (حزب الله) الحرب، نحن نعلم ما نفعله... إذا اختاروا السلام، فسنرد الرد المناسب».

وتصاعدت حدة القتال بشكل كبير في الآونة الأخيرة على جبهة الجنوب بين «حزب الله» وإسرائيل، ودعت العديد من الدول، الأسبوع الماضي، مواطنيها إلى مغادرة لبنان، حيث هناك مخاوف من أن تتصاعد حرب مفتوحة محتملة بين إسرائيل و«حزب الله» وتتحول إلى صراع إقليمي قد يشمل أيضاً إيران والولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

كاظم الساهر في بيروت: تكامُل التألُّق

يوميات الشرق صوتٌ يتيح التحليق والإبحار والتدفُّق (الشرق الأوسط)

كاظم الساهر في بيروت: تكامُل التألُّق

يتحوّل كاظم إلى «كظّومة» في صرخات الأحبّة، وتنفلش على الملامح محبّة الجمهور اللبناني لفنان من الصنف المُقدَّر. وهي محبّةٌ كبرى تُكثّفها المهابة والاحترام.

فاطمة عبد الله (بيروت)
المشرق العربي المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» في بيروت (أ.ف.ب)

أزمة كهرباء لبنان تتجدد والعتمة تتهدد موسم الاصطياف

عادت أزمة الكهرباء في لبنان لتطلّ مجدداً على أبواب موسم الاصطياف، جرّاء الفساد المستحكم في هذا القطاع وامتناع مصرف لبنان المركزي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد من موقع استهدفه القصف الإسرائيلي في قرية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تقصف أهدافاً لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

ذكر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن طائرات ومقاتلات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي هاجمت خلال الليلة الماضية عدة أهداف تابعة لـ«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي خلال تشييع القيادي في «حزب الله» نعمة ناصر الذي اغتالته إسرائيل باستهداف سيارته يوم الأربعاء (د.ب.أ)

استراتيجية «حزب الله» الانتقامية: تصعيد مدروس بخسائر محدودة

تراجعت المواجهات على جبهة الجنوب بشكل ملحوظ، الجمعة، بعد يوم تصعيدي غير مسبوق، إثر اغتيال القيادي في «حزب الله» نعمة ناصر.

كارولين عاكوم (بيروت )
المشرق العربي اللقاء الذي جمع نصر الله بوفد من حركة «حماس» في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)

لقاء بين نصرالله ونائب رئيس «حماس»: تنسيق ميداني وسياسي

عقد الأمين العام لـ«حزب الله» لقاءً مع وفد من «حماس»، حيث كان بحث في التطورات الأمنية والسياسية في فلسطين عموماً وغزّة خصوصاً وأوضاع جبهات الإسناد.

يوسف دياب (بيروت)

هل كان جنوب لبنان فعلاً جبهة «دعم وإسناد» لغزة؟

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

هل كان جنوب لبنان فعلاً جبهة «دعم وإسناد» لغزة؟

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (إ.ب.أ)

في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قرر «حزب الله»، منفرداً، الانخراط في الحرب التي اشتعلت في غزة، على خلفية عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها حركة «حماس». ومنذ ذلك الوقت، أعلن الحزب جبهة جنوب لبنان جبهة «دعم وإسناد» لغزة، ما أدى إلى دمار عدد كبير من القرى والبلدات اللبنانية الحدودية وسقوط مئات القتلى والجرحى من عناصر الحزب ومن المدنيين اللبنانيين، فيما تخطت كلفة الحرب على لبنان حتى الساعة ملياري دولار، بحسب الأمم المتحدة.

وبدأ «الإسناد والدعم» من قبل الحزب بقصف مناطق يعدّها لبنان الرسمي محتلة (مزارع شبعا)، قبل أن تتداعى قواعد الاشتباك بين الطرفين، مع تكثيف إسرائيل ضرباتها التي أدت إلى مقتل عدد كبير من عناصر الحزب مع انطلاقة الحرب، ثم تصاعدت حدة المواجهات وبلغت أوجها مؤخراً مع التهديدات الإسرائيلية اليومية بتوسعة الحرب على لبنان، لإجبار «حزب الله» على سحب عناصره إلى منطقة شمالي الليطاني.

وفي إطلالته منتصف مايو (أيار) الماضي، أكد أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله أن «الجبهة اللبنانية مستمرة في مساندة غزة، وهذا أمر حاسم ونهائي»، وتحدث عن 100 ألف جندي إسرائيلي ينتشرون على الحدود منذ 5 أشهر، متسائلاً: «إذا كانت جبهتنا غير مفيدة، فلماذا يبقونهم هنا؟» وقبل أيام، شدد الشيخ نعيم قاسم، نائب أمين عام «حزب الله» على أن «السبيل الوحيد المؤكد لوقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية هو الوقف الكامل لإطلاق النار في غزة».

وبعد تيقنه من أن الجبهة اللبنانية لم تؤد فعلاً الغرض منها لجهة منع إسرائيل من التمادي في الحرب على غزة، خرج الحزب قبل فترة ليتحدث عن هدف جديد للحرب، ألا وهو القيام بعمل استباقي يمنع تل أبيب من التوجه إلى لبنان بعد الانتهاء من الحرب في القطاع، من خلال تثبيت توازن ردع.

دعم لم يؤد للتخفيف عن غزة

ويرى رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن «فتح الجبهة الجنوبية اللبنانية موقف مبدئي وسياسي اتخذه (حزب الله) الذي يقول إنه لم يكن يقصف مستوطنات مع انطلاقة الحرب، إنما قصف أراضي لبنانية محتلة هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لكن إسرائيل، في العاشر من أكتوبر، تعمدت قتل 3 عناصر من الحزب، ومنذ ذلك الوقت بدأت المواجهات تتصاعد».

وعما إذا كان الإسناد والدعم الذي أعلنه الحزب تُرجم ميدانياً وأدى إلى تخفيف حدة الحرب على غزة، يقول جابر لـ«الشرق الأوسط»: «الجواب حتماً سلبي، فالعدوان الإسرائيلي مستمر على القطاع منذ 9 أشهر، ويملك الجيش الإسرائيلي من العديد والعتاد أكثر بكثير مما استخدمه حتى اليوم. فحتى لو تم فرز آلاف الجنود إلى جبهة الشمال، فهذا لم يكن عاملاً مؤثراً لجهة تخفيف الضغط العسكري على القطاع».

جبهة «رفع عتب»

ويوافق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتور هلال خشان، على ما قاله العميد جابر، من أن فتح الجبهة لم يؤدِّ الهدف المعلن، لافتاً إلى أن «إيران و(حزب الله) اعتقدا أن جولة القتال قد تستمر أسابيع، وبحد أقصى شهراً، ولو كانا يعلمان أن الحرب ستبقى 9 أشهر لما تورطا فيها».

ويلفت خشان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن فتح الجبهة كان لـ«رفع العتب، وتطبيقاً لما يُسمى وحدة الساحات والمسارات»، مشيراً إلى أن «الحزب بات عالقاً في هذه الحرب، خاصة أن تل أبيب تحقق أهدافها حتى من دون توسعة الحرب، من خلال إقامتها منطقة عازلة بقوة الأمر الواقع، بعدما تحولت المنطقة الممتدة بعمق 6 كم داخل الحدود اللبنانية منطقة مدمرة وخالية».

قرار غير مسؤول

وترى بريجيت خير، الدبلوماسية السابقة في الأمم المتحدة، أن «قرار (حزب الله)، الميليشيا اللبنانية التي تتبع لدولة خارجية، منفرداً، فتح جبهة مساندة على حساب الجنوب اللبناني والدولة والاقتصاد اللبناني دون الرجوع للبرلمان أو الحكومة، رغم أن الشعب اللبناني في غالبيته العظمى يعارض فتح الجبهة، وهو قرار وعمل غير مسؤولَين، تماماً كما حصل في عام 2006، حين استدعى خطف جنديين إسرائيليين حرباً إسرائيلية مدمرة».

وتشدد خير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «دعم غزة ممكن أن يكون كدعم الأردن ومصر، وفي المحافل الدبلوماسية، وليس بأرواحنا واقتصادنا ومصالح ومنازل اللبنانيين»، لافتة إلى أن هدف فتح الجبهة ومواصلة القتال في جنوب لبنان هو «لتحسين شروط إيران التفاوضية وحصة طهران في المنطقة».