مصر وأوروبا لتوسيع «الشراكة الاستراتيجية» عبر جذب الاستثمارات

السيسي ورئيسة المفوضية يفتتحان مؤتمراً موسعاً في القاهرة السبت

السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان خلال زيارة للقاهرة في مارس الماضي (الرئاسة المصرية)
السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان خلال زيارة للقاهرة في مارس الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر وأوروبا لتوسيع «الشراكة الاستراتيجية» عبر جذب الاستثمارات

السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان خلال زيارة للقاهرة في مارس الماضي (الرئاسة المصرية)
السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان خلال زيارة للقاهرة في مارس الماضي (الرئاسة المصرية)

في إطار تعزيز «الشراكة الاستراتيجية» بين مصر والاتحاد الأوروبي، تستضيف القاهرة، السبت، مؤتمر «الاستثمار المصري - الأوروبي المشترك»، بمشاركة رسمية واسعة ومؤسسات وشركات القطاع الخاص من الجانبين.

يفتتح أعمال المؤتمر، الذي يقام تحت عنوان «إطلاق العنان للإمكانات المصرية في عالم سريع التغير»، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حسب إفادة مصرية رسمية، الجمعة.

وعدّ دبلوماسيون واقتصاديون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، المؤتمر «إحدى ثمار اتفاق الشراكة الاستراتيجية الموقع بين الجانبين في مارس (آذار) الماضي»، وأشاروا إلى أنه يستهدف «وضع حلول لعقبات تواجه المستثمرين الأوروبيين بمصر».

وفي مارس الماضي، وقّع الرئيس المصري ورئيسة المفوضية الأوروبية، إعلاناً يقضي برفع مستوى العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبي إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، في حضور رؤساء حكومات قبرص واليونان وإيطاليا والنمسا، وتضمن الاتفاق العمل في 6 مجالات هي «العلاقات السياسية والاستقرار الاقتصادي والاستثمار والتجارة والهجرة والأمن».

وأعلن الجانب الأوروبي وقتها عن «حزمة دعم مالي لمصر في مجالات التجارة والاستثمار تقارب 8 مليارات يورو يجري توزيعها على مدار السنوات المقبلة».

وتتنوع مناقشات مؤتمر السبت الذي تمتد أعماله يومين لتشمل قطاعات اقتصادية مختلفة، ووفقاً لبيان الحكومة المصرية، فإن البرنامج يتضمن جلسات عن «إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة المصرية لخلق بيئة استثمار جاذبة للقطاع الخاص»، وأخرى عن «إجراءات تحويل مصر لمركز لتوطين الشركات الأجنبية»، مع مناقشة «أهمية برامج التعاون بين مصر وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، ودورها في دعم القطاع الخاص».

وتشمل مناقشات المؤتمر جلسات عن «جهود تهيئة بيئة العمل لتكون مركزاً للتصنيع»، خصوصاً ما يتعلق بتوفُّر الخدمات اللوجيستية، إلى جانب مناقشة «فرص تصنيع السيارات، وتعزيز الصناعات الدوائية في مصر»، وأيضاً «فرص الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين في مصر»، إلى جانب مناقشة سبل «الحصول على تمويل لدعم الاستثمار، وتعزيز عمل رواد الأعمال والصناعات التكنولوجية والأمن المائي والغذائي».

ويرى الأمين العام لوحدة الشراكة المصرية الأوروبية السابق، السفير جمال بيومي، أن «مؤتمر الاستثمار يأتي بوصفه إحدى ثمار اتفاق الشراكة بين الجانبين»، مشيراً إلى أنه يستهدف ضخ استثمارات لرفع معدلات النمو في مصر، وبحث الاستفادة من إمكانات المناطق الصناعية التي توفرها مصر، ومنها المنطقة الاقتصادية في قناة السويس.

وأوضح بيومي لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤتمر مَعنيّ بالاستماع لمشكلات يواجهها المستثمرون الأوروبيون لضخ مزيد من الاستثمارات»، ورأى أن «هناك بيئة مناسبة لتطوير التعاون الاقتصادي بين مصر وأوروبا، خصوصاً أن الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري ومستثمر أجنبي مع مصر».

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي نحو 31.2 مليار دولار خلال عام 2023، حسب بيان لجهاز الإحصاء المصري في مارس الماضي.

ووفق بيانات بعثة الاتحاد الأوروبي لدى مصر، «تضاعفت التجارة الثنائية في السلع 3 مرات»، لتصل لنحو 25 في المائة من إجمالي حجم التبادل التجاري المصري، كما سجلت الاستثمارات الأوروبية نحو 38.8 مليار يورو لتمثل نسبة 39 في المائة من الاستثمار الأجنبي المباشر، لتكون مصر ثاني أكبر متلقٍّ للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ورأى الدبلوماسي المصري السابق أن الجانب الأوروبي يستثمر في أكثر القطاعات حيوية للدولة المصرية، مشيراً إلى «الاستثمارات الألمانية في محطات توليد كهرباء، والاستثمارات الفرنسية في مجال الأنفاق والاتصالات، والاستثمارات الإيطالية في مجال الطاقة والغاز».

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المصري مدحت نافع، لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤتمر «يسهم في ضخ حصيلة دولار جديدة للحكومة المصرية، عبر الاستثمارات الأوروبية»، عاداً «الاستثمار أفضل من القروض من الجهات المانحة دولياً، في ظل وضعية الدين العام المصري حالياً».

وأشار الخبير المصري إلى أن «المؤتمر يركز على القطاعات ذات الأولوية للاستثمار في مصر، خصوصاً الإنتاج بشقيه الزراعي والصناعي»، وكذلك الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، بوصفها من «أولويات الحكومة المصرية حالياً، في ظل مشكلة إمدادات الطاقة في البلاد»، متوقعاً منح الحكومة «بعض الامتيازات للاستثمار في تلك المجالات».

وشهد مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي تسجيل نحو 632 من أفراد وشركات أوروبية ومؤسسات عالمية، إلى جانب 647 من الأفراد والشركات والجهات الحكومية المصرية، حسب بيانات مجلس الوزراء المصري.


مقالات ذات صلة

مصر: وصلة رقص في ساحة مسجد «محمد علي» الأثري تفجر انتقادات

يوميات الشرق ساحة مسجد محمد علي بالقلعة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: وصلة رقص في ساحة مسجد «محمد علي» الأثري تفجر انتقادات

فجرت وصلة رقص بساحة مسجد «محمد علي» الأثري بقلعة صلاح الدين (شرق القاهرة)، على هامش عقد قران ابنة مذيعة شهيرة، انتقادات عبر «السوشيال ميديا».

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا صورة من فيديو نشرته وزارة الداخلية المصرية لواقعة محاولة خطف طفل في مدينة طنطا بمحافظة الغربية (إكس)

محاولة خطف طفل تثير الجدل في مصر (فيديو)

أثار مقطع فيديو لسيدة تحاول اختطاف طفل الجدل في مصر.

يسرا سلامة (القاهرة)
شمال افريقيا استقبلت المفوضية أعداداً متزايدة من اللاجئين السودانيين في مصر (مفوضية شؤون اللاجئين)

أجانب في مصر يستنفرون لـ«توفيق أوضاعهم» مع انتهاء مُهلة حكومية

تنتهي، الأحد، مُهلة حدّدتها الحكومة المصرية لجميع الأجانب المقيمين على الأراضي المصرية لتسجيل أسمائهم، وتوفيق أوضاعهم لدى وزارة الداخلية.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مروحية للجيش المصري تحلّق فوق مظاهرة تأييد للسيسي في ميدان التحرير بالقاهرة عام 2014 (إ.ب.أ)

ذكرى «30 يونيو» في مصر... علاقات خارجية متوازنة تتوّج بمصالحة مع تركيا

عقبات كثيرة واجهت السياسة الخارجية المصرية على مدار 11 عاماً منذ انتفاضة «30 يونيو» 2013، بين تجميد عضويتها في الاتحاد الأفريقي، ووقف مساعدات وانتقادات إقليمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماع سابق مع مدبولي (الرئاسة المصرية)

مصر تستعد لإعلان تشكيل الحكومة الجديدة خلال أيام

حالة من الترقب يعيشها المصريون، في انتظار إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، التي كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الوزراء الحالي الدكتور مصطفى مدبولي، بتشكيلها.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

مخاوف كردية من تقارب تركيا مع سوريا

رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

مخاوف كردية من تقارب تركيا مع سوريا

رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

اعتبرت «الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا»، أي مصالحة بين أنقرة ودمشق «مؤامرة كبيرة ضد الشعب السوري ومصلحة السوريين»، وذكرت في بيان نُشر على موقعها الرسمي مساء السبت – الأحد، أن «أي اتفاق مع الدولة التركية يكرّس التقسيم وهو تآمر على وحدة سوريا وشعبها».

وجاء بيان «الإدارة الذاتية» رداً على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن أنقرة مستعدة لتطبيع العلاقات مع دمشق، بعد أيام من تصريحات مماثلة من الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت رفض «حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري إحدى أبرز الجهات السياسية التي تدير «الإدارة الذاتية»، كل اتفاق لا يلبي تطلعات السوريين في الوصول لحقوقه المشروعة، بينما اعتبرت القيادية الكردية إلهام أحمد أي اتفاق مع تركيا على حساب السوريين «خيانة بحق سوريا وشعبها».

ويتوجس أكراد سوريا من التقارب بين تركيا والنظام السوري، بعد سنوات من العداء والقطيعة قد تهدد مكاسب «الإدارة الذاتية»، واحتمال شن أنقرة عملية عسكرية جديدة ضد مناطق نفوذ الإدارة شمال شرقي سوريا.

آسيا عبد الله الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري (الشرق الأوسط)

وتقول آسيا عبد الله، الرئيسة المشتركة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، وهو الحزب الرئيس الذي يقود «الإدارة الذاتية» شمال شرقي سوريا، منذ تأسيسها عام 2014، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «جميع الاتفاقيات التي تحدث خارج مصالح شعبنا وتعارض ثورتنا، سنناضل ضدها ولن ندعم أي اتفاق لا يخدم مصلحة شعبنا».

وأشارت المسؤولة الكردية إلى أن أي اتفاق لا يشمل تحرير الشمال السوري «مرفوض من قبلنا، هدفنا تحرير أراضينا المحتلة وإعادة المهجرين لديارهم، وغير ذلك، ستخدم تلك الاتفاقيات أجندات أخرى غير ما يسعى إليه الشعب السوري، وستكون ضد إرادة وتطلعات السوريين»، منوهة بأن مخططات تقسيمية تستهدف وحدة سوريا بمساعٍ إقليمية تريد تثبيتها؛ في إشارة إلى الدور التركي في شمال سوريا.

وأوضحت: «من حقنا الشرعي الوقوف ضد كل هذه المؤامرات التي تستهدف وحدة شعبنا، والحل يبدأ بإنهاء المحتل التركي للمناطق السورية، بدءاً من عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكل المناطق الأخرى»، على حد تعبيرها.

سكان بلدة الدرباسية ينتخبون أعضاء مجالس البلدية في إطار انتخابات تمهيدية في مناطق «الإدارة الذاتية» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)

وطالبت تركيا دمشق مراراً بمنع إجراء الانتخابات المحلية في مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» بعد إعلان الأخيرة تأجيل تنظيم الانتخابات إلى شهر أغسطس (آب) المقبل. وأكدت إلهام أحمد رئيسة دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة، أن الانتخابات جاءت بمطلب شعبي وقرار سيادي من الجهات السياسية العاملة بالمنطقة لسد الفراغات الإدارية، وقالت إن «إجراء الانتخابات كان مطلباً شعبياً، وعملية ترميم للمؤسسات الخدمية وإعادة تأهيل البنية التحتية التي دمرتها الهجمات التركية أمام صمت المجتمع الدولي».

إلهام أحمد رئيسة دائرة العلاقات الخارجية لدى الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

واعتبرت القيادية الكردية «عقد أي تفاهمات مستقبلية بين تركيا والنظام الحاكم سيكون بالضرورة ضد الشعب السوري». وتابعت أن «أي تفاهم مع تركيا، خيانة بحق سوريا وشعبها أياً كان أطرافها والجهات الداعمة لإنجاح هذا التقارب». وشدّدت على أن الإدارة الذاتية هي «الخيار الأمثل لوحدة سوريا وشعبها، وضمانة أساسية لتحقيق التغيير السلمي الديمقراطي، وندعو للالتفاف حولها».

بدوره، يقول جلنك عمر، وهو كاتب وأكاديمي من أكراد سوريا، لـ«الشرق الأوسط»، إن المخاوف الكردية تتمثل أساساً في أن أي تقارب بين دمشق وأنقرة سيكون على حساب مناطقها؛ وفي تغاضي دمشق عن المسعى التركي لشن عملية عسكرية ضد مناطق الإدارة «أو تغاضي الحليفين موسكو وطهران، عن السعي التركي لشن عملية عسكرية جديدة على مناطق الإدارة، وبالتالي قضم واحتلال مناطق إضافية».

وسيفضي هذا التقارب، بحسب عمر، إلى الإبقاء على الحالة الراهنة في شمالي سوريا التي سبق وأن سيطرت عليها تركيا خلال السنوات الماضية، بعد شن ثلاث عمليات عسكرية في جرابلس وعفرين بريف محافظة حلب، ورأس العين بالحسكة، وتل أبيض بالرقة.

قوات أميركية بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا يونيو 2023 (أ.ف.ب)

ويضيف: «أنقرة تشترط على دمشق أن تشترك معها للقضاء على الحالة الموجودة بشمال شرقي البلاد، وهنا أقصد الإدارة وقواتها العسكرية (قسد)»، ويعزو عدم رغبة دمشق للانخراط «لأنها لا تمتلك القدرة على ذلك في ظل الوجود الأميركي من جهة، واستمرار خطر التنظيمات الإرهابية، بالبادية وإدلب من جهة ثانية».

وحذر عمر من أن الخطورة تكمن في قبول دمشق بالوجود التركي، «وتنازل الحكومة عن شرطها بوجوب انسحاب تركي من المناطق التي تحتلها شمال وشمال غربي البلاد، مقابل حصول دمشق على بعض المزايا الاقتصادية لفتح طريق (M4) والمعابر للتجارة، وتحييد كامل لدور تشكيلات المعارضة السياسية والعسكرية المرهونة بالأجندات التركية، وهو ما يتجلى منذ سنوات في مسار آستانا».