أطباء وممرضون أميركيون يروون ما عاينوه من أهوال الحرب في غزة

الطفلة حنان عقل (9 سنوات) نزحت من رفح إلى البريج حيث أصيبت في القصف الإسرائيلي بحروق شديدة وتتلقى العلاج في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح ووالدتها تحمل صورتها قبل الحرب (أ.ف.ب)
الطفلة حنان عقل (9 سنوات) نزحت من رفح إلى البريج حيث أصيبت في القصف الإسرائيلي بحروق شديدة وتتلقى العلاج في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح ووالدتها تحمل صورتها قبل الحرب (أ.ف.ب)
TT

أطباء وممرضون أميركيون يروون ما عاينوه من أهوال الحرب في غزة

الطفلة حنان عقل (9 سنوات) نزحت من رفح إلى البريج حيث أصيبت في القصف الإسرائيلي بحروق شديدة وتتلقى العلاج في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح ووالدتها تحمل صورتها قبل الحرب (أ.ف.ب)
الطفلة حنان عقل (9 سنوات) نزحت من رفح إلى البريج حيث أصيبت في القصف الإسرائيلي بحروق شديدة وتتلقى العلاج في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح ووالدتها تحمل صورتها قبل الحرب (أ.ف.ب)

شهد أطباء وممرّضون أميركيون أهوال الحرب الدائرة في غزة في المستشفيات المعدودة التي ما زالت قيد الخدمة في القطاع حيث ابتعثوا في مهمّات قرّروا إثرها تسليط الضوء على الأزمة الصحية للضغط على بلدهم، الحليف العسكري والدبلوماسي البارز لإسرائيل.

في بعض الأحيان يتمّ التوقّف عن علاج المرضى ويموت هؤلاء من عدوى ناجمة عن نقص معدّات بسيطة مثل القفّازات أو الأقنعة أو الصابون.

واتّخذت أحياناً قرارات مؤلمة، مثل التوقّف عن معالجة صبيّ في السابعة من العمر مصاب بحروق خطرة بسبب نقص الضمّادات ولأنه سيموت أصلاً في جميع الأحوال.

خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، قصد آدم حموي عدداً من البلدان التي مزّقتها حروب أو ضربتها كوارث طبيعية، فشهد مثلاً ما خلّفه حصار سراييفو أو زلزال هايتي.

وفي مقابلة مع وكالة «الصحافة الفرنسية»، أخبر الجرّاح العسكري الذي كان يتعاون مع الجيش الأميركي إثر عودته من مهمّة في المستشفى الأوروبي في غزة الشهر الماضي «لم أرَ مطلقاً هذا العدد من الضحايا المدنيين. وكان مرضانا بغالبيتهم أطفالاً دون الرابعة عشرة من العمر».

طفل فلسطيني مصاب يصل إلى مستشفى الأقصى لتلقي العلاج إثر هجوم إسرائيلي على منزل عائلة نصر في مخيم المغازي وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

وأردف الجرّاح البالغ 54 عاماً وهو من نيوجيرسي «بغضّ النظر عن إقرار وقف لإطلاق النار، لا بدّ من توفّر المساعدة الإنسانية وبكمّيات كافية للاستجابة للطلب».

وأشار «يمكنكم التبرّع بالكثير، لكن لن يجدي ذلك نفعاً إذا لم تُفتح الحدود لإدخال المساعدات».

الشعور بالذنب

وأقرّ حموي بأنه بات كالكثير من زملائه على قناعة بضرورة الضغط من أجل إنهاء الحرب وإلزام إسرائيل بالامتثال للقانون الدولي من خلال السماح بإيصال المزيد من المساعدات إلى القطاع المحاصر.

وتدحض إسرائيل من جانبها اتّهامات المجتمع الدولي لها في هذا الخصوص منذ بداية الحرب التي شنّتها إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس على أراضيها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

أخبرت مونيكا جونستون، وهي ممرّضة عناية مكثّفة من بورتلاند بشمال غربي الولايات المتحدة أنها قدّمت قوائم بالمعدّات التي تشتدّ الحاجة إليها إلى كوادر في البيت الأبيض ومسؤولين منتخبين.

الممرضة مونيكا جونستون تستمع لحديث الجرّاح العسكري آدم حموي فى واشنطن (أ.ف.ب)

وكانت مهمّتها في غزة أوّل مهمّة إنسانية تقوم بها.

وكشفت الممرّضة البالغة 44 عاماً «لا أتابع الأخبار ولا أشارك في أيّ نشاط سياسي». لكنها تلقّت في الخريف الماضي رسالة إلكترونية من جمعية تنشد المساعدة، فشعرت بأنه ينبغي لها أن تقدّم يد العون

وتوجّه إلى غزة فريق من 19 شخصاً بإدارة الجمعية الطبية الفلسطينية الأميركية، حاملاً معه معدّات لم تكفِ، على كثرتها، لمواجهة التحدّيات الميدانية الهائلة، من نقص في الطواقم وشحّ في الأدوية ومنتجات النظافة الصحية الأساسية.

وبدأ صوت مونيكا يرتجف عندما استذكرت الصبيّ الصغير الذي تمّ التوقّف عن معالجة حروقه لإفساح المجال لعلاج مرضى آخرين حظوظهم في الصمود أعلى.

وأخبرت «بعد يومين، راحت الديدان تنخر جراحه، فاستولى عليّ الذنب». ودفن الطفل مع ضمّاداته بعدما أصبح جسده موبوءاً بالكامل.

عائلات كاملة

في أحيان كثيرة بعد القصف، كانت عائلات كاملة بكلّ أفرادها تسكن تحت سقف واحد تصل إلى المستشفى، بحسب ما أخبر عمار غانم وهو طبيب طوارئ في الرابعة والخمسين من العمر من ميشيغان.

ولأيّام عدّة، فُقد أثر صبيّ مرح في الثانية عشرة من العمر غالباً ما كان يرتاد المستشفى لتقديم العون، مثيراً إعجاب الطاقم.

فتاة فلسطينية أصيبت في قصف إسرائيلي على مبنى سكني مملوك لعائلة نصر في مخيم المغازي للاجئين (أ.ب)

وعند عودته، علم منه عمار غانم أن ثلاثين فرداً من عائلته قضوا في القصف وكان عليه المساعدة في البحث عن جثثهم بين الأنقاض.

وقد أثار إطلاق العمليات البرية في رفح عند الحدود الجنوبية مع مصر في مطلع مايو (أيار) الذعر في نفوس الطواقم في المستشفى الذي ما زال مغموراً بالذكريات الأليمة للعملية العسكرية الإسرائيلية المدمّرة في شمال غزة.

فلسطينية تعتني بطفلها المريض في مستشفى ناصر وسط الصراع بين إسرائيل وحماس في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

ويشعر الأطباء والممرّضون الأميركيون منذ عودتهم بشيء من الذنب تجاه المرضى والزملاء العالقين فيما تصفه الأسرة الدولية بـ«جحيم» غزة.

وأخبر آدم حموي «أرتاح بعض الشيء عندما أروي ما عاينته. فهذا بالقدر عينه من الأهمية مما فعلناه هناك».

«الصبيّ الصغير الذي تمّ التوقّف عن معالجة حروقه لإفساح المجال لعلاج مرضى آخرين حظوظهم في الصمود أعلى، وبعد يومين راحت الديدان تنخر جراحه، فاستولى عليّ الذنب، ودفن الطفل مع ضمّاداته بعدما أصبح جسده موبوءاً بالكامل».

الممرضة مونيكا جونستون


مقالات ذات صلة

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس، إنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (دهوك)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».