واشنطن توكل لباريس التواصل مع طهران لمنع التصعيد في جنوب لبنان

مصدر شيعي يؤكد أن إيران لن تترك «حزب الله» وحيداً

تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)
تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)
TT

واشنطن توكل لباريس التواصل مع طهران لمنع التصعيد في جنوب لبنان

تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)
تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)

ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر ما ستؤول إليه معاودة الولايات المتحدة الأميركية تحركها على خطين لمنع مزيد من التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، والإبقاء عليه تحت السيطرة، لقطع الطريق على تفلّت المواجهة العسكرية في جنوب لبنان وتدحرجها نحو توسعة الحرب التي يمكن أن تمتد إلى الإقليم، في ضوء تهديد إيران بالتدخّل، وإعلانها أنها لن تقف مكتوفة اليدين، على حد تأكيد مصدر بارز في الثنائي الشيعي («حزب الله» و«حركة أمل»)، كاشفاً لـ«الشرق الأوسط» أن طهران أحاطتهم علماً بأنها أبلغت واشنطن أنها لن تسمح بالاستفراد بحليفها، أي الحزب، وسيكون لها الرد المناسب في الميدان.

ويتضمن التحرك الأميركي خطين، الأول منهما هو مواصلة واشنطن الضغط المباشر على إسرائيل، الذي احتل حيزاً واسعاً في اللقاءات التي عقدها وزير دفاعها يوآف غالانت في زيارته لواشنطن، التي شملت كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، وأبرزهم نظيره الأميركي لويد أوستن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الطاقة أموس هوكستين، المكلف رسمياً بتهدئة الوضع على الجبهة بين لبنان وإسرائيل.

واشنطن تطلب مساعدة باريس

يأتي تحرك واشنطن بإيفادها هوكستين إلى باريس استكمالاً لتحركها باتجاه تل أبيب، على حد تأكيد مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»، بقوله إن اختيار هوكستين لهذه المهمة ينطلق من أن العاصمة الفرنسية هي الأقدر على التواصل مع طهران، الذي لم ينقطع أبداً، لإشراكها في جهود التهدئة من جهة، وأيضاً مع «حزب الله» من جهة ثانية، من خلال سفيرها في بيروت هيرفيه ماغرو، أو من ينوب عنه، سعياً وراء تهدئة الوضع بخفض منسوب التصعيد لمنع توسعة الحرب.

ولفت المصدر الدبلوماسي الغربي إلى أن واشنطن، بلسان هوكستين، ستوكل إلى باريس مهمة التواصل مع القيادة الإيرانية، لعلها تسهم في خفض منسوب التوتر في جنوب لبنان بحكم تحالفها الاستراتيجي مع «حزب الله»، وقال إنها تولي أهمية لدور باريس للبحث في ما يمكن القيام به في اليوم التالي في حال تم التوصل إلى وقف النار على الجبهة الغزاوية.

طهران مضطرة للتدخل المباشر

ورأى المصدر نفسه أن تعاطي طهران مع المواجهة المشتعلة بين «حزب الله» وإسرائيل في جنوب لبنان لن يكون في مطلق الأحوال نسخة طبق الأصل عن مساندتها حركة «حماس» في تصديها للاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، الذي يقتصر على قيام أذرعها في المنطقة بتشغيل المسيّرات لإرباك إسرائيل، من دون أن يحدث ذلك تبدُّلاً في المسار العام للمواجهة.

وبكلام آخر، فإن طهران ستضطر للتدخل المباشر في حال بادرت إسرائيل إلى توسعة الحرب في جنوب لبنان، في ظل رفعها لسقوف التهديدات، التي يقابلها الحزب بالمثل، وإن كانت لا تحبّذ توسعتها، وهذا ما تبين من خلال ردّها على استهداف تل أبيب قنصليتها في دمشق، الذي بقي محدوداً وتحت السيطرة، ولم يفعل فعله ولم يتسبب بردود فعل، وتحديداً من واشنطن التي كانت أُعلمت مسبقاً بطبيعة ردها من خلال قنوات التفاوض غير المباشر، التي ما زالت مفتوحة من دون أن تتوقف ولو للحظة.

وفي هذا السياق، يقول مصدر سياسي لبناني إن واشنطن، وإن كانت على قناعة بأن عودة التهدئة إلى الجنوب ترتبط أولاً وأخيراً بوقف النار في غزة، تدرك أن الحزب يرهن موقفه من تهدئة الوضع بمضامين الاتفاق في حال حصوله، وما إذا كان سيؤدي إلى وقف إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع، وامتناعها عن مطاردة «حماس»، وعدم التعامل مع وقف النار على أنه مؤقت، خصوصاً أن رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو يؤكد باستمرار أنه لن يوقف النار إلا بعد القضاء على «حماس» والتخلص منها نهائياً.

ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الجبهة الجنوبية بات معلقاً على وقف النار في غزة بلا شروط، وأنه لا خيار أمام إيران سوى التدخل جنوباً في حال أقدمت إسرائيل على توسعة الحرب، وأن طرفي المواجهة، مع أنهما يصران على رفع منسوب استعدادهما للحرب، فإنهما في المقابل يسعيان لاستقدام التدخلات التي تفتح الباب أمام إمكانية إنضاج تسوية تعيد الحرارة للوساطة التي يتولاها هوكستين. ويقول المصدر إن تبادلهما التهديدات لا يعني بالضرورة ارتياحهما لأوضاعهما في الداخل على نحو لا يدعوهما للقلق.

واشنطن والتهديد الإيراني

في الجنوب، الذي يقف على مشارف دخول «حزب الله» في مواجهة شاملة مع إسرائيل، لا يريدها لكنه يستعد لها، يبقى السباق على أشده بين التهدئة وبين توسعة الحرب، وهذا ما يضع إيران أمام ضرورة التدقيق في حساباتها، لأنه لا خيار أمامها سوى الوقوف إلى جانب حليفها.

فهل تنجح الضغوط المتنقلة بين عواصم الدول المعنية في إبعاد شبح الحرب، أم أن الذي كتب قد كتب، ما يضع إيران في الصفوف الأمامية للمواجهة لمنع إسرائيل من إضعاف الحزب الذي كان له دور في حجز مقعد لإيران في عداد الدول ذات الصلة بأزمة الشرق الأوسط، بما لديها من مصالح تسعى لتوفير الحماية لها؟

وإلى أن يتضح مصير المواجهة للتأكد ممّا إذا كانت الغلبة للتهدئة جنوباً، فإن واشنطن ربما تأخذ التهديد الإيراني بعين الاعتبار، لأنها لا تحبذ اشتعال المواجهة التي من شأنها أن تهدد الاستقرار في المنطقة، وهذا ما لا تريده مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، خصوصاً أن محور الممانعة يراهن على تدخل إيران في تصديها لمحاولات إضعاف حليفها «حزب الله»، ما ينعكس سلباً على نفوذها في المنطقة، كون الحزب هو من أمّن لها التموضع سياسياً على مرمى حجر من فلسطين المحتلة.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حمية الملقب بـ«الشبح»؟

صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية
صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية
TT

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حمية الملقب بـ«الشبح»؟

صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية
صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هدف الغارات العنيفة على منطقة البسطة في قلب بيروت فجر اليوم (السبت)، كان طلال حمية القيادي الكبير في «حزب الله».

ونقل إعلام إسرائيلي أن «حزب الله» عيّن طلال حمية رئيساً للعمليات خلفاً لإبراهيم عقيل الذي اغتالته إسرائيل في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وكان برنامج «مكافآت من أجل العدالة» الأميركي رصد مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني.

وقال البرنامج إن طلال حمية يُعد رئيس منظمة الأمن الخارجي التابعة لـ«حزب الله» التي تتبعها خلايا منظمة في جميع أنحاء العالم.

وبحسب البرنامج، تشكل منظمة الأمن الخارجي أحد عناصر «حزب الله» المسؤولة عن تخطيط الهجمات الإرهابية خارج لبنان وتنسيقها وتنفيذها.

مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل معلومات عن طلال حيدر الملقب بـ«الشبح»

وفي 13 سبتمبر 2012، صنَّفت وزارة الخزانة الأميركية حمية بشكل خاص كإرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي «13224» بصيغته المعدلة على خلفية دعم أنشطة «حزب الله» الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وفي مختلف أنحاء العالم.

ونتيجة لهذا التصنيف تم حظر جميع ممتلكات حمية، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأميركية، وتم منع الأميركيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع حمية.

أبو جعفر «الشبح»

يعد طلال حمية المُكنّى بـ«أبو جعفر» والذي يبلغ من العمر نحو 50 عاماً، القائد التنفيذي للوحدة «910»، وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

وهو القائد التنفيذي الحالي للوحدة، ومُلقَّب بـ«الشبح» من قِبل القيادات العسكرية الإسرائيلية لعدم وجود أي أوراق ثبوتية رسمية له في لبنان، ولابتعاده تماماً عن الحياة الاجتماعية والظهور العلني، واتباعه بصرامة الاحتياطات الأمنية المشددة لحظياً.

ويُدير حميّة الوحدة في منصب شغله قيادي «حزب الله» الأشهر عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق عام 2008، كما يحمل عدّة أسماء مستعارة من بينها طلال حسني وعصمت ميزاراني.

طلال حمية خليفة بدر الدين

وقد خلف طلال حمية قائد الوحدة السابق مصطفى بدر الدين، صهر مغنية وخليفته والذي قُتل أيضاً في سوريا عام 2016.

وينحدر طلال حمية من منطقة بعلبك الهرمل، وقد عمل إلى جانب كلٍّ من بدر الدين ومُغنية ووزير الدفاع الإيراني السابق أحمد وحيدي، كما كان وفق معلومات «الموساد» مسؤولاً عن نقل ترسانة «حزب الله» عبر سوريا.

بدأ نشاطه مع «حزب الله» في منتصف الثمانينات، وكانت انطلاقته الأولى كمسؤول أمني في الحزب من برج البراجنة، حيث كان المسؤول عن العديد من العناصر التي أصبحت فيما بعد من أهم القيادات العملياتية في الحزب، كما كان حميّة نائب مغنية في شبكة «الجهاد»، وهي وحدة البعثات الخاصة والهجمات الخارجية في «حزب الله».