«لعنة الجغرافيا»... لبنانيون في القرى الجنوبية يخشون حرباً أخرى مع إسرائيل

دخان أسود يتصاعد من غارة جوية إسرائيلية على مشارف عيتا الشعب وهي قرية حدودية لبنانية مع إسرائيل في جنوب لبنان (أ.ب)
دخان أسود يتصاعد من غارة جوية إسرائيلية على مشارف عيتا الشعب وهي قرية حدودية لبنانية مع إسرائيل في جنوب لبنان (أ.ب)
TT

«لعنة الجغرافيا»... لبنانيون في القرى الجنوبية يخشون حرباً أخرى مع إسرائيل

دخان أسود يتصاعد من غارة جوية إسرائيلية على مشارف عيتا الشعب وهي قرية حدودية لبنانية مع إسرائيل في جنوب لبنان (أ.ب)
دخان أسود يتصاعد من غارة جوية إسرائيلية على مشارف عيتا الشعب وهي قرية حدودية لبنانية مع إسرائيل في جنوب لبنان (أ.ب)

في بلدة مرجعيون في جنوب لبنان، على بعد نحو خمسة أميال شمال الحدود الإسرائيلية، تبدو الساحة الرئيسية مهجورة تقريباً، بحسب تقرير لشبكة «سي إن إن».

يلعب عدد قليل من الرجال البلياردو في المنطقة، ولا يريدون التحدث عن الحروب وشائعات الحرب التي ابتليت بها هذه المدينة ذات الأغلبية المسيحية القريبة من الحدود لعقود من الزمن، وفق الشبكة.

وعلى الجانب الآخر من الساحة، تخرج امرأة في الثلاثينيات من عمرها من محل بقالة ومعها حقيبة صغيرة، وقالت المرأة، واسمها كلود لـ«سي إن إن»: «مرجعيون جميلة جداً، إنها رائعة. لكن القصف يخيفنا».

طوال اليوم، تتردد أصوات النيران الواردة والصادرة في الشوارع.

تصاعدت حدة التوتر بين إسرائيل ولبنان بشكل حاد منذ هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والحملة العسكرية التي أعقبته من جانب إسرائيل في غزة. ويطلق «حزب الله» المدعوم من إيران صواريخ وقذائف هاون وطائرات من دون طيار على إسرائيل، وردت إسرائيل على تلك النيران.

وفر عشرات الآلاف من الأشخاص على جانبي الحدود الجبلية مع تزايد المخاوف بشأن احتمال اندلاع حرب أخرى شاملة.

على الجانب اللبناني، غادر جميع سكان البلدات ذات الأغلبية الشيعية مثل كفر كلا والعديسة وعيتا الشعب وعيترون. وقد أدت الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة والقصف المدفعي إلى تحويل العديد من هذه المجتمعات إلى أنقاض.

تمثال مكسور ملقى في كنيسة القديس جاورجيوس بعد القصف الإسرائيلي على يارون جنوب لبنان (إ.ب.أ)

لعنة الجغرافيا

«أشعر أن هذه المنطقة تعاني من لعنة جغرافية»، على حد تعبير إدوارد آشي من مرجعيون.

وقال: «كان هناك دائماً توتر. التهديدات تأتي من جانبي الحدود. وتتزايد التوترات يوماً بعد يوم. كل شيء يشير إلى شيء ما على وشك الحدوث».

وأضاف: «بعد أكثر من ثمانية أشهر من هذا الوضع، لا يريد الناس سوى الهدوء والسكينة».

جاءت أخته أمل وعائلتها إلى الكنيسة لتلاوة صلاة خاصة بمناسبة مرور 40 يوماً على وفاة والدتها. وأحضرت أرغفة كبيرة من الخبز وأكياس الكعك لمشاركتها مع المصلين، ترتبط أمل ارتباطاً قوياً بمسقط رأسها، بحسب «سي إن إن»، لكنها تتساءل إلى متى ستظل آمنة بينما تتجمع غيوم الحرب في السماء.

وأكدت: «نحن باقون... الجنوب هو الأرض المقدسة. لقد داس المسيح هنا منذ ألفي عام».

توقفت وتنهدت، ثم أضافت: «لكن إذا تصاعدت الأمور إلى الحرب ووصلت إلى هنا كما حدث من قبل، مع بعض القصف بالطبع، مثل غيرها، فسنضطر إلى المغادرة».

«في الحرب الجميع يخسر»

وعلى بعد نصف ساعة، في بلدة حاصبيا ذات الأغلبية الدرزية، يتجول أبو نبيل البالغ من العمر 85 عاماً في الشارع أمام متجره.

رجل ذو ابتسامة لطيفة وشارب أبيض كثيف، ينظر إلى الجانب المشرق من الحياة على حد وصف الشبكة. وقال لـ«سي إن إن»: «يمكننا النوم في منازلنا. نحن نأكل. نشرب. لا يجوع أحد».

أبو نبيل البالغ من العمر 85 عاماً وهو من سكان بلدة حاصبيا (سي إن إن)

منذ ولادته، شهد أبو نبيل حصول لبنان على استقلاله عن فرنسا عام 1943، وازدهر خلال الستينات، واجتاحته الحرب الأهلية، وغزته إسرائيل واحتلته جزئياً لعقود من الزمن، واحتلته سوريا جزئياً لعقود أيضاً.

لقد شهد خروج البلاد من حرب أهلية، وتورطها في حرب مرة أخرى مع إسرائيل في عام 2006 (حرب)، ودمرتها سلسلة من الاغتيالات رفيعة المستوى، وهزتها ثورة قصيرة الأمد في عام 2019، أعقبها انهيار اقتصادي، والآن مرة أخرى، حافة حرب شاملة مع إسرائيل.

وقال: «الحرب مدمرة. في الحرب، الجميع يخسر، حتى الفائز».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية قوات الأمن الإسرائيلية تراقب حفّاراً يزيل أنقاض مبنى مدمر في موقع غارة إيرانية استهدفت حياً سكنياً في منطقة رامات أفيف بتل أبيب (أ.ف.ب) play-circle

الجيش الإسرائيلي: نتحقق من نتائج الضربات الأميركية على منشأة فوردو

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أن لديه «أهدافاً أخرى» داخل إيران، وأنه يعتزم مواصلة ضرباته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية أنظمة صواريخ «سجيل» خلال عرض لـ«الحرس الثوري» يوم 21 سبتمبر 2024 (أ.ب) play-circle

مسؤولون: الضربات الإسرائيلية أضرت بقدرة إيران على شن هجمات كبيرة

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين القول إن الضربات الإسرائيلية الأخيرة أضرت بشدة بقدرة إيران على شن هجمات عنيفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رجل إيراني يقود دراجة نارية أمام لوحة إعلانية تُظهر عدداً من الإيرانيين من بينهم عسكريون ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (الثالث يمين) يؤدون التحية العسكرية ورسالة كُتب عليها: «كلنا جنود إيران» في ساحة «ولي عصر» بطهران (إ.ب.أ) play-circle

«الحرس الثوري»: انتشار القواعد العسكرية الأميركية في بالمنطقة «نقطة ضعف» وليس قوة

قال: «الحرس الثوري» الإيراني إن «على (الغزاة) الآن انتظار ردود ستجعلهم يندمون»، في أعقاب هجوم أميركي على 3 مواقع نووية إيرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي من اليسار إلى اليمين: عوفرا كيدار وجوناثان سامرانو والرقيب الأول شاي ليفينسون (وسائل إعلام إسرائيلية)

الجيش الإسرائيلي يعلن استعادة رفات 3 رهائن محتجزين في غزة

قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه استعاد جثث رهينتين إسرائيليَّيْن وجندي من قطاع غزة في عملية نُفذت، السبت.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش الإسرائيلي يعلن استعادة رفات 3 رهائن محتجزين في غزة

من اليسار إلى اليمين: عوفرا كيدار وجوناثان سامرانو والرقيب الأول شاي ليفينسون (وسائل إعلام إسرائيلية)
من اليسار إلى اليمين: عوفرا كيدار وجوناثان سامرانو والرقيب الأول شاي ليفينسون (وسائل إعلام إسرائيلية)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن استعادة رفات 3 رهائن محتجزين في غزة

من اليسار إلى اليمين: عوفرا كيدار وجوناثان سامرانو والرقيب الأول شاي ليفينسون (وسائل إعلام إسرائيلية)
من اليسار إلى اليمين: عوفرا كيدار وجوناثان سامرانو والرقيب الأول شاي ليفينسون (وسائل إعلام إسرائيلية)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، استعادة رفات 3 رهائن كانوا محتجَزين في قطاع غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وأفاد الجيش الإسرائيلي في بيان: «في عملية خاصة... استعدنا جثامين المختطفين عوفرا كيدار (70 عاماً) وجوناثان سامرانو (21 عاماً) والرقيب أول شاي ليفينسون (19 عاماً) من قطاع غزة».

وبهذا يرتفع عدد جثث الرهائن التي استعادتها إسرائيل هذا الشهر إلى 8، وفق ما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء.

وقُتل الثلاثة جميعاً خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ولا تزال «حماس» تحتجز 50 رهينة، يُعتقد أن أقل من نصفهم على قيد الحياة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وأتى ذلك بُعيد إعلان والد سامرانو أن القوات الإسرائيلية استعادت رفات ابنه الذي قُتل إبان هجوم 2023، ونقلت جثته إلى قطاع غزة. وقال كوبي سامرانو في منشور له على منصة «إنستغرام»: «تم استرداد الرفات بواسطة جنود الجيش الإسرائيلي الشجعان والشاباك (جهاز الأمن العام)». وكانت عوفرا كيدار (71 عاماً) وهي أم لثلاثة، قُتلت في تجمع بئيري قرب الحدود مع غزة قبل أن تنقل جثتها إلى القطاع. كما نقلت جثة ليفينسون الذي كان رقيباً في الجيش، وفق البيان العسكري.

اندلعت الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق نفّذته حركة «حماس»، أسفر عن مقتل 1219 شخصاً معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وتردّ إسرائيل منذ ذلك الوقت بحرب مدمّرة قُتل فيها 55908 فلسطيني في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها «حماس»، وتعد الأمم المتحدة هذه الأرقام موثوقاً بها.

وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان: «حملة إعادة الرهائن مستمرة باستمرار، وهي تجري بالتزامن مع الحملة ضد إيران».