الجنوب السوري يشهد توتراً أمنياً واسعاً

غموض اختفاء وعودة زعيم روحي في السويداء... وتصاعد العنف في درعا

تحرك وفود أهلية من مناطق مختلفة باتجاه مدينة السويداء إلى وسط المدينة الأحد (السويداء 24)
تحرك وفود أهلية من مناطق مختلفة باتجاه مدينة السويداء إلى وسط المدينة الأحد (السويداء 24)
TT

الجنوب السوري يشهد توتراً أمنياً واسعاً

تحرك وفود أهلية من مناطق مختلفة باتجاه مدينة السويداء إلى وسط المدينة الأحد (السويداء 24)
تحرك وفود أهلية من مناطق مختلفة باتجاه مدينة السويداء إلى وسط المدينة الأحد (السويداء 24)

نصبت قوات الأمن السورية، صباح اليوم (الأحد)، حاجزاً جديداً بالقرب من دوار العنقود في مدخل مدينة السويداء الشمالي، مع استقدامها تعزيزات عسكرية، بعد يومين من التصعيد الأمني في محافظة السويداء جنوب سوريا، على خلفية الاختفاء الغامض لأحد الزعماء الروحيين، وكان من المتوقع أن تهدأ الأوضاع نسبياً بعد عودته، مساء السبت، ونقله إلى مشفى العناية في السويداء للتأكد من سلامته الجسدية.

الحاجز الجديد ضم دبابة وعربتين تقل عشرات العناصر الأمنية، قالت المصادر المحلية إن هذه التعزيزات خرجت من فوج «القوات الخاصة 44» على طريق قنوات في ريف السويداء، وتمركزت في مدخل المدينة؛ لتعزيز الحاجز.

ووفقاً للمعلومات حتى كتابة التقرير، لم تتخذ تلك العناصر أي إجراءات واضحة حتى الآن، بما في ذلك عدم توقيف المارة عبر الحاجز.

في الأثناء، نقلت شبكة «السويداء 24» عن مصادر طبية، (الأحد)، أن الزعيم الروحي في محافظة السويداء، الشيخ رائد المتني، «كان بحالة صحية جيدة جسدياً، ولا تبدو عليه آثار ضرب أو تعذيب، لكن حالته النفسية كانت سيئة»، كما لم يكشف الشيخ عن ظروف اختفائه، رغم اللغط الكبير الذي أُثير حوله، وتضارب المعلومات التي شحنت الأجواء إلى درجة عالية من الخطورة.

من جهة أخرى، صرّح مصدر مقرب من الرئاسة الروحية لشبكة «السويداء 24»، بأن الشيخ حكمت الهجري تَواصَل مع قيادة القوات الروسية عبر السفارة الروسية في سوريا، موجهاً رسالة استنكار للتحركات الأمنية والعسكرية الأخيرة في السويداء. وشدّد على أنه لا مبرر لنصب السلطات، حواجز في محافظة السويداء التي تشهد حراكاً سلمياً منذ العام الماضي.

أضاف المصدر للشبكة، أن الشيخ الهجري استفسر من الجانب الروسي إن كانوا موافقين على مثل هذه التحركات، وردّ الجانب الروسي بعدم وجود أي توجيه من روسيا للسلطات السورية بإنشاء الحواجز، وأنهم حريصون على منع أي مواجهة مع المدنيين والمتظاهرين.

صورة متداولة لتعزيزات عسكرية إلى السويداء

وكانت فصائل محلية مسلحة، قد أقدمت فجر السبت، على اختطاف 3 ضباط وعنصر (عميد وعقيد ونقيب ورقيب أول)، من القوات الحكومية، مهددة بتصفيتهم، ما لم يظهر الزعيم الروحي رائد المتني الذي اختفى في أثناء توجهه من بيته في مدينة السويداء إلى قريته.

غير أن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قال إنه بعد ساعات من اختطاف الضباط الثلاثة تم الإفراج عنهم «بتوجيهات مباشرة» من الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري، وذلك «لعدم صلتهم بالقضية». ولفت إلى أن الفصائل أبقت لديها عنصراً برتبة رقيب وشخصاً آخر مدني هو والد سائق يعمل مع فرع أمن الدولة. المرصد وصف الشيخ رائد المتني، بأنه «أحد أبرز وجوه الحراك السلمي المستمر في المدينة منذ أكثر من 10 أشهر».

وكانت عائلة الشيخ المتني قد نشرت بياناً قالت فيه إن الشيخ رائد المتني «خُطف قرب بيته غرب المتحف الوطني بمدينة السويداء، من قبل جهات أمنية عملت خلال الأيام الماضية على محاولة ابتزازه وتلفيق تهم وصور مفبركة له».

وحذّر البيان الذي نشره «مركز إعلام السويداء»، من أن «كل الأفرع الأمنية في ساحة المحافظة هدف لها، ولن نتوانى عن أخذ حقنا». وذلك بالتزامن مع قيام فصيل مسلح باحتجاز 3 ضباط من الجيش، ورقيب من أمن الدولة، وتسليمهم لعائلة المتني، التي بدورها أطلقت سراح ضباط الجيش بعد تدخل الشيخ حكمت الهجري، محتفظة بالرقيب، ووالد سائق في أمن الدولة وفق ما ذكرته شبكة «السويداء 24».

من مظاهرات السويداء الأخيرة (السويداء 24)

وطالب الأهالي في السويداء بكشف ملابسات الحادثة منعاً لتكرارها، لا سيما أن من شأن التوتر الذي أحدثته خلال اليومين الماضيين أن يشعل حرباً في المحافظة، ناهيك عن وجود مساعٍ لتفجير الحراك السلمي، حيث شهدت مدينة السويداء، فجر الجمعة، انفجارات متفرقة، قبيل ساعات على انطلاق الاحتجاج المركزي الذي يقام وسط المدينة كل أسبوع.

وبحسب الشبكات الإخبارية المحلية، جرى إلقاء قنابل في محيط ساحة الاحتجاجات وسط المدينة، ولم تؤدِّ إلى إصابات. بوصفها رسائل ترهيب لفض الاحتجاج، وقبل أسبوعين عثرت لجنة تنظيم الاحتجاج في ساحة «الكرامة»، على قنبلتين معدتين للتفجير عن بُعد، قبيل ساعات على بدء الاحتجاج المركزي.

أرشيفية لعناصر من القوات السورية في محيط ريف درعا الشرقي

وبينما لا يزال الغموض يلف قضية اختفاء وعودة أحد الزعماء الروحيين في محافظة السويداء، جنوب سوريا، لا تزال محافظة درعا المجاورة، تشهد انفلاتاً أمنياً كبيراً تتصاعد فيه حدة العنف والاستهدافات والاغتيالات، بشكل لافت.

وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عن 30 حادثة انفلات أمني في محافظة درعا التي تشهد تطورات مستمرة وانفلاتاً أمنياً كبيراً متمثلاً بتصاعد حدة العنف والاستهدافات والاغتيالات بشكل لافت، لا سيما في الآونة الأخيرة.

وتعد المحافظة التي تخضع لسيطرة القوات الحكومية، منذ المصالحات التي تمت عام 2018 مع الفصائل المعارضة، برعاية روسية، من أكثر المناطق التي تشهد مظاهر مسلحة، فضلاً عن انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات لوجود كبار تجارها ومروجيها فيها، بالإضافة إلى وجود الفصائل المحلية المتصارعة فيما بينها، بحسب المرصد، ويؤدي هذا الانفلات الأمني إلى سقوط ضحايا بين المدنيين والعسكريين بشكل شبه يومي.

حواجز أمنية في داعل بمحافظة درعا (تجمع أحرار حوران)

المصادر المحلية تحدثت عن غياب أمني تام من قبل السلطة وأجهزتها، حيث لا يكاد يمر يوم دون حادثة قتل لمدنيين أو اغتيال عسكريين أو إعدام ميداني، «دون أن تحرك تلك السلطات ساكناً لضبط الأمن والاستقرار»، وفقاً للمرصد.

وشهد الشهر الحالي ازدياداً في حوادث الانفلات الأمني في درعا وريفها، ووثَّق المرصد السوري 30 حادثة فلتان أمني، جرت جميعها بطرق وأساليب مختلفة، تسببت بمقتل 27 شخصاً، يتوزعون على 5 من المدنيين، و10 من قوات النظام والأجهزة الأمنية والمتعاونين معها، و2 من المتهمين بترويج المخدرات، وعنصر من تنظيم «داعش»، و8 من الفصائل المحلية المسلحة، وشخص من المتعاونين مع «حزب الله» اللبناني.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: أكثر من 128 ألف نازح جراء أعمال العنف في جنوب سوريا

المشرق العربي عناصر من قوى الأمن الداخلي السورية خلال وجودهم أمام حاجز على طريق يؤدي لمدينة السويداء (رويترز) play-circle

الأمم المتحدة: أكثر من 128 ألف نازح جراء أعمال العنف في جنوب سوريا

ارتفع عدد النازحين جراء أعمال العنف في جنوب سوريا إلى أكثر من 128 ألف شخص خلال أسبوع، بحسب ما أفادت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي  الرئيس أحمد الشرع يتسلم التقرير النهائي للجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث مارس الماضي بالساحل السوري بعد انتهاء عملها (الإخبارية)

الشرع يتسلم التقرير النهائي للجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري

قالت الرئاسة السورية اليوم الأحد، إن الرئيس أحمد الشرع تسلم التقرير النهائي للجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في الأحداث التي شهدتها منطقة الساحل السوري.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مقاتلون من البدو والقبائل العربية في مدينة السويداء أمس السبت (د.ب.أ) play-circle 00:38

هدوء في السويداء عقب إعلان وقف إطلاق النار

أكدت الحكومة السورية وقف القتال في مدينة السويداء، اليوم، بعد استعادة مجموعات درزية السيطرة على المدينة، وإعادة انتشار القوات الحكومية السورية في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ب)

واشنطن تطالب دمشق بمنع «الإرهابيين» من الوصول إلى جنوب سوريا

طالب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، السبت، الحكومة السورية بمنع وصول «الإرهابيين العنيفين» إلى جنوب البلاد الذي شهد مواجهات دامية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي تصاعد الدخان من بلدة المزرعة نتيجة احتراق المنازل إثر اشتباكات بين قبائل بدوية وفصائل درزية محلية في ريف السويداء (إ.ب.أ)

وزير الطوارئ السوري: تم إسعاف 1747 مصاباً وإجلاء مئات العائلات من السويداء حتى الآن

أفادت «الوكالة العربية السورية للأنباء» اليوم السبت نقلاً عن وزير الطوارئ رياض الصالح قوله إنه تم تجهيز 21 مركز إيواء في درعا، والعمل جار لتجهيز 20 آخرين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الأمن العراقي يحبط مخططات تخريبية لفلول حزب «البعث»

قوة من الجيش العراقي (أرشيفية - إعلام وزارة الدفاع)
قوة من الجيش العراقي (أرشيفية - إعلام وزارة الدفاع)
TT

الأمن العراقي يحبط مخططات تخريبية لفلول حزب «البعث»

قوة من الجيش العراقي (أرشيفية - إعلام وزارة الدفاع)
قوة من الجيش العراقي (أرشيفية - إعلام وزارة الدفاع)

كشف «جهاز الأمن الوطني» في العراق، الأحد، عن «إحباط مخططات تخريبية لفلول حزب (البعث) العربي الاشتراكي المنحل» في 3 محافظات عراقية.

وقالت مديرية العلاقات والإعلام في الجهاز، في بيان صحافي إنه «في إطار الجهود الاستباقية لحماية الأمن الوطني وحفظ السلم المجتمعي تمكن جهاز الأمن الوطني، بعد جهد استخباري متواصل، من كشف وإحباط محاولات بائسة قادتها جيوب هشة وفلول مرتبطة ببقايا النظام البائد، سعت لتأليب الرأي العام، والنيل والتأثير على الأمن والاستقرار».

عنصر أمني في بغداد (أ.ف.ب)

وأوضحت أن «هذه العناصر الضالة لجأت إلى خطابات مزيفة روجت لنظام البعث المحظور كغطاء لتسويق أحلامهم الميتة، والتحريض على الدولة، كما تم رصد الترويج لما يسمى بـ/لواء 66 / يدار من الخارج، لبث أفكار النظام (السابق) عبر الفضاء الإلكتروني».

وأشارت إلى أن «أجهزة الأمن الوطني نفذت عمليات نوعية أسفرت عن ضبط 40 متهماً متورطاً في إدارة وتمويل محتوى طائفي، والسعي لتنفيذ أعمال تخريبية، حيث اعترف بعضهم بتلقي توجيهات ودعم من عناصر هاربة خارج البلاد، وأن هذه الشراذم وأوهامها لن تنجح في زعزعة استقرار البلاد أو إعادة إنتاج الفكر الديكتاتوري».

ولفتت إلى أنه «تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتورطين وفق السياقات الأصولية، مع استمرار الجهد الأمني لملاحقة كل من تسول له

نفسه العبث بأمن الوطن».