لبنان يهدّد باللجوء إلى «الخطة ب» لمعالجة أزمة اللاجئين السوريين

إذا لم تسلّمه «المفوضية» «الداتا» الكاملة

ميقاتي مترئساً اجتماع البحث في معالجة أزمة اللاجئين السوريين (حساب رئاسة الحكومة)
ميقاتي مترئساً اجتماع البحث في معالجة أزمة اللاجئين السوريين (حساب رئاسة الحكومة)
TT

لبنان يهدّد باللجوء إلى «الخطة ب» لمعالجة أزمة اللاجئين السوريين

ميقاتي مترئساً اجتماع البحث في معالجة أزمة اللاجئين السوريين (حساب رئاسة الحكومة)
ميقاتي مترئساً اجتماع البحث في معالجة أزمة اللاجئين السوريين (حساب رئاسة الحكومة)

هدّد مدير عام الأمن العام بالإنابة، اللواء إلياس البيسري، باللجوء إلى ما قال إنها «الخطة ب» للحصول على «داتا» اللاجئين السوريين، إذا لم تسلّمها مفوضية شؤون اللاجئين.

وأتى موقف البيسري إثر لقائه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لبحث موضوع النازحين السوريين، بمشاركة وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا، وممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إيفو فرايسن.

وتم خلال الاجتماع البحث في الخطة التي وضعتها المديرية العامة للأمن العام لمعالجة ملف النازحين السوريين، بما يتوافق مع الأنظمة اللبنانية والقوانين الدولية ومذكرة التفاهم بين المديرية العامة للأمن العام والمكتب الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الموقعة عام 2003.

وقال اللواء إلياس البيسري بعد الاجتماع: «طلبنا مجدداً من المفوضية تزويدنا بـ(الداتا) كاملة تحت طائلة تطبيق (الخطة ب) التي أصبحت جاهزة وتحصيل (الداتا) بأنفسنا».

وتشير المعلومات إلى أن «الخطة ب» تتمثل بقيام السلطات اللبنانية، استناداً إلى الخطة الموضوعة لإعادة اللاجئين، بإعداد «داتا» للاجئين بعيداً عن تلك التي تملكها المفوضية، ليصار بعدها إلى تصنيف اللاجئين وتوزيعهم، لترحيل من يقيم في لبنان بطريقة غير شرعية ومن دون إقامة.

ويأتي تهديد البيسري باللجوء إلى الخطة «ب»، بعدما كان وزير الخارجية قد حدد نهاية شهر مايو (أيار) الماضي، موعداً نهائياً للمفوضية لتسليم «الداتا».

وفي هذا الإطار، تقول مصادر «المفوضية» لـ«الشرق الأوسط» إنها لم ترفض تسليم «الداتا» إلى السلطات اللبنانية، وهي سبق لها أن سلّمت للخارجية ما اتفق عليه في 8 أغسطس (آب) 2023، وهي مستعدة لاستكمال البحث في الطلبات الإضافية التي تطلبها الحكومة اللبنانية.

وتضيف: «يتمثّل نهج (المفوضية) في دعم لبنان مع الحفاظ على الالتزامات الدولية بحماية البيانات، والالتزام بالقوانين الدولية للاجئين»، ومن هنا تؤكد: «التزامها بمواصلة الحوار حول مسألة تبادل البيانات مع الحكومة اللبنانية على أن تُعقد اجتماعات أخرى لمناقشة الطلب المتعلّق ببيانات إضافية في إطار يتّبع المعايير الدولية لحماية البيانات».

مع العلم، بأن الحكومة تطلب الحصول على مزيد من المعلومات حول اللاجئين، وتحديداً حول تاريخ دخولهم إلى لبنان، علماً بأن الأمن العام اللبناني كان طلب من «المفوضية» التوقف عن تسجيل دخول اللاجئين عام 2015، منطلقاً في ذلك بأن الذين دخلوا إلى لبنان في هذا الوقت لم يأتوا لأسباب الحرب، بل لأسباب اقتصادية، وبالتالي سيكونون معرضين للترحيل وفق الإجراءات التي تعمل عليها الدولة اللبنانية.

وترتفع الأصوات في لبنان لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، بعدما تشير التقديرات إلى تجاوز عددهم المليوني شخص، في حين تقول «المفوضية» إن عدد النازحين المسجلين لديها يبلغ نحو 800 ألف نازح. ولا يزال طلب لبنان يلقى رفضاً من المفوضية والمجتمع الدولي، معتبرين أن الأوضاع في سوريا لا تزال غير آمنة لعودتهم.


مقالات ذات صلة

تراجع التهديدات الإسرائيلية للبنان: العودة إلى الواقعية وتعويل على الدبلوماسية

المشرق العربي سيدات يشاركن في تشييع عناصر في «حزب الله» (أ.ف.ب)

تراجع التهديدات الإسرائيلية للبنان: العودة إلى الواقعية وتعويل على الدبلوماسية

بعد أكثر من أسبوع على رفع سقف تهديدات المسؤولين الإسرائيليين يسجّل في الأيام الأخيرة تراجع لافت في مستوى المواقف الإسرائيلية مترافقة مع تبدّل في دينامية المعركة

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي الفسفور الأبيض الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي لإنشاء حاجز من الدخان يظهر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية في شمال إسرائيل (رويترز)

إسرائيل تغتال قائد عمليات القطاع الغربي في «حزب الله»

اغتالت إسرائيل قيادياً في «حزب الله»، هو الثالث منذ بدء الحرب في جنوب لبنان، عبر استهداف سيارته في منطقة الحوش شرق مدينة صور.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد نتيجة مقذوفات أطلقت من جنوب لبنان قرب الحدود الإسرائيلية - اللبنانية (إ.ب.أ)

بعد مقتل مدني بضربة... «حزب الله» يُطلق صواريخ على شمال إسرائيل

أعلن «حزب الله» اللبناني اليوم (الثلاثاء) إطلاق عشرات الصواريخ على شمال إسرائيل «رداً» على مقتل لبناني في غارة جوية إسرائيلية على قرية حدودية جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق تساءل عن دور وزارات الثقافة في حفظ إرث الفنانين (فيسبوك)

صلاح تيزاني لـ«الشرق الأوسط»: نفتقد اهتمام وزارات الثقافة بإرث الفنانين

أسرَعَ «أبو سليم» في إنقاذ إرثه الفني وحفظه في المكان المناسب. فمؤخراً شهد بعض العالم العربي أرشيف عدد من نجوم الفن يُوزَّع على الفقراء أو يُرمى في المهملات.

فيفيان حداد (بيروت)
شؤون إقليمية رجل إطفاء إسرائيلي يعمل على إخماد حرائق أشعلتها صواريخ أطلقها «حزب الله» من جنوب لبنان (رويترز)

إيران ستدعم «حزب الله» عسكرياً إذا شنّت إسرائيل حرباً على لبنان

أعلنت إيران عن استعدادها لدعم «حزب الله» عسكرياً في حال شنّت إسرائيل حرباً واسعة على لبنان، في مقابل تضارب حول موقف الجيش الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تراجع التهديدات الإسرائيلية للبنان: العودة إلى الواقعية وتعويل على الدبلوماسية

سيدات يشاركن في تشييع عناصر في «حزب الله» (أ.ف.ب)
سيدات يشاركن في تشييع عناصر في «حزب الله» (أ.ف.ب)
TT

تراجع التهديدات الإسرائيلية للبنان: العودة إلى الواقعية وتعويل على الدبلوماسية

سيدات يشاركن في تشييع عناصر في «حزب الله» (أ.ف.ب)
سيدات يشاركن في تشييع عناصر في «حزب الله» (أ.ف.ب)

بعد أكثر من أسبوع على رفع سقف تهديدات المسؤولين الإسرائيليين، يسجّل في الأيام الأخيرة تراجع لافت في مستوى المواقف الإسرائيلية مترافقة مع تبدّل في دينامية المعركة التي باتت تتركّز بشكل أساسي على قصف متقطع وعمليات اغتيال تستهدف عناصر وقياديين لـ«حزب الله» بين يوم وآخر، ما يستدعي رداً من «حزب الله»، وكان آخر هذه العمليات اغتيال، الأربعاء، القيادي محمد نعمة ناصر.

ويأتي ذلك في موازاة حماوة الانتخابات الرئاسية في إيران وأميركا، والتحرك الدبلوماسي الدولي الذي كان آخره اجتماع الموفد الأميركي آموس هوكستين مع مسؤولين فرنسيين بينهم الموفد الفرنسي الخاص جان - إيف لودريان لبحث نزع فتيل التصعيد على الحدود اللبنانية، وذلك بعد ساعات على اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، شدّد خلاله على «الضرورة المطلقة لمنع اشتعال» الوضع بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان.

وكانت قد وصلت التهديدات الإسرائيلية إلى درجة التهديد بتدمير لبنان وإعادته إلى العصر الحجري، وقد أحصت «الدولية للمعلومات» 178 تهديداً، بدءاً من 7 أكتوبر (تشرين الأول) إلى منتصف يونيو (حزيران)، أطلقها 6 من كبار المسؤولين الإسرائيليين (نتنياهو، وبني غانتز، وغالانت، وهاليفي، وبن غفير، وسموتريش)، وتراوحت عبارات التهديد من: «سنعيد لبنان إلى العصر الحجري»، و«سنقضي على (حزب الله)» إلى «سنجعل بيروت كغزة».

لكن يسجل في الأيام الأخيرة تراجع كبير في سقف التهديدات، وهي إن صدرت تصدر دائماً مرفقة بالتعويل على الحل السياسي وتأكيد المسؤولين الإسرائيليين بأنهم يفضلون المفاوضات، وهو ما أشار إليه الأربعاء بشكل واضح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بالقول: «نفضل التوصل لاتفاق عبر التفاوض، لكن إذا تطلب الأمر فنحن نعرف كيف نقاتل»، مؤكداً: «سنبلغ حالة الجاهزية التامة لأي تحرك مطلوب في لبنان».

ورأى عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أن «العدو دخل مرحلة التراجع في التصريحات وفي الميدان، وبدأ يتحدث عن عجزه عن إعادة المستوطنين إلى مستوطناتهم إلا بحل سياسي، ولا حل سياسياً إلا بإيقاف الحرب على غزة».

ويربط العميد المتقاعد الخبير العسكري خليل الحلو، بين هذا التراجع والوقائع الميدانية والعسكرية، إضافة إلى السياسية المرتبطة برفض الولايات المتحدة للتصعيد، وما يعرف بـ«تعب الحرب» الذي ينسحب على كل الأطراف المشاركة بها.

ويقول الحلو لـ«الشرق الأوسط»: «الموانع لتوسيع الحرب هي أولاً أميركية، حيث تمارس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ضغوطاً كبيرة لعدم القيام بعمل في لبنان، لا سيما في مرحلة التفاوض مع إيران، ولا تريد الدخول في مواجهة معها». أما المانع الثاني للحرب، فهو، وفق الحلو، التعب الناتج عن الحرب في صفوف القيادات والعسكريين واللوجيستيين في إسرائيل، حيث استهلكت طاقات كل الأطراف، من أميركا إلى إسرائيل وحركة «حماس» و«حزب الله»، وهو ما يجعل الاختلاف بين العسكريين الذين يحتاجون إلى فترة استراحة وبين السياسيين في إسرائيل الذين يرفعون سقف التهديدات.

ويلفت الحلو إلى الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الكونغرس الأميركي في 24 الشهر الحالي، «بحيث لا يمكن أن يقوم بهذه الزيارة، ويكون قد اتخذ قرار توسع الحرب، في حين أن نصف الكونغرس ضدّ هذا القرار». أما السبب الرابع، بحسب الحلو، فهو أن الوقت لم يعد ضاغطاً بالنسبة إلى إسرائيل مع بوادر احتمال فوز دونالد الذي يفضّل نتنياهو خوض الحرب في مرحلة رئاسته، وهو ما من شأنه أن يشكّل فرصة للاستراحة والهدنة بالنسبة إلى جميع الأطراف، وقد يتّخذ بعد فترة قرار العودة إلى الحرب.

بدوره، يعزو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت، عماد سلامة، تراجع التصعيد وارتفاع وتيرة الوساطة للتهدئة على الحدود إلى عوامل أساسية عدة.

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أصبح واضحاً أن جميع الأطراف في مأزق، حيث أدرك الجميع أن الحسم العسكري وتحقيق انتصار كاسح غير ممكن لدى أي من الأطراف، وبالتالي هذا الوضع يحتم على طرفي النزاع، وخاصة الإيراني والإسرائيلي، البحث عن ترتيبات أمنية وضمانات سياسية لمنع الانزلاق إلى حرب واسعة غير مضمونة النتائج، كما أن الفهم المشترك بأن أي تصعيد كبير قد يؤدي إلى عواقب وخيمة وغير محسوبة يشجع الأطراف على البحث عن سبل للتخفيف من حدة الصراع».

أما السبب الثاني، بحسب سلامة، فهو أن «هناك حالة من الترقب بين الطرفين بسبب الانتخابات المبكرة في إيران، مما يجعل الحكومة الإيرانية في موقف حذر تسعى من خلاله إلى تجنب التصعيد الذي قد يؤثر سلباً على نتائج الانتخابات. وبالمثل، الولايات المتحدة، الداعم الأساسي لإسرائيل، تستعد لدخول انتخابات مصيرية، مما يدفع الأطراف إلى تهدئة الوضع ريثما تتضح الخريطة السياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي»، مضيفاً: «الأطراف تفضل عدم المخاطرة في هذه المرحلة الحساسة، انتظاراً لمعرفة التوجهات السياسية القادمة وتأثيراتها المحتملة على النزاع».

من هنا يرى سلامة أن «تلك العوامل مجتمعة تدفع الأطراف المعنية إلى زيادة وتيرة الوساطة والبحث عن حلول دبلوماسية للتهدئة على الحدود اللبنانية، حفاظاً على الاستقرار النسبي، وتجنباً للتصعيد غير المحسوب في ظل ظروف سياسية مضطربة».