الموفد الأميركي يسعى إلى اتفاق «مسبق» لبناني - إسرائيلي

على أن يطبَّق بعد وقف النار في غزة

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الوسيط الأميركي آموس هوكستين (رئاسة البرلمان اللبناني)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الوسيط الأميركي آموس هوكستين (رئاسة البرلمان اللبناني)
TT

الموفد الأميركي يسعى إلى اتفاق «مسبق» لبناني - إسرائيلي

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الوسيط الأميركي آموس هوكستين (رئاسة البرلمان اللبناني)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الوسيط الأميركي آموس هوكستين (رئاسة البرلمان اللبناني)

الحصار المفروض على الأجواء التي سادت المحادثات التي أجراها الوسيط الأميركي آموس هوكستين، مع كبار المسؤولين في الدولة اللبنانية، وعلى رأسهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بالإنابة عن حليفه الاستراتيجي «حزب الله»، لم يحجب الأنظار عن المهمة الطارئة التي استدعت زيارته بيروت، آتياً من تل أبيب، قبل أن يتوجه إليها ثانيةً للقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لإطلاعه على الأفكار التي طرحها في محادثاته اللبنانية. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر لبنانية رفيعة، أن الأفكار لا تتعلق بخفض التوتر على امتداد الجبهة الشمالية الإسرائيلية، وإنما تمحورت حول إمكانية التوصل إلى اتفاق مسبق بين لبنان وإسرائيل، يصار إلى تطبيقه فور التوصل إلى وقف للنار على الجبهة الغزاوية.

مخاوف هوكستين

وعلمت «الشرق الأوسط» أن هوكستين لم يحمل معه إلى بيروت تهديداً إسرائيلياً بمقدار ما أنه بادر إلى رفع سقف مخاوفه من توسعة الحرب في جنوب لبنان، بتحذيره الحازم من أن الوضع على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية في غاية الخطورة، وأن الاحتكام إلى الحل الدبلوماسي من شأنه أن يؤدي إلى خفض منسوب التوتر ونزع فتيل الانفجار الشامل.

فالوسيط الأميركي عرض صورة سياسية قاتمة لتدحرج الوضع في الجنوب نحو الحرب، ما لم يبدأ خفض التوتر تمهيداً للتفاوض حول الإجراءات المؤدية إلى تبريد الأجواء على الجبهة الجنوبية، وهذا ما ينطوي عليه سؤاله حول إمكانية الحد من وتيرة التصعيد العسكري، أقله إلى حين التوصل إلى وقف النار في غزة، على أن يتلازم مع التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل لإبرام اتفاق مسبق يسري مفعوله فور عودة الهدوء إلى غزة.

حقوق لبنان

ورغم أن الوسيط الأميركي يربط بين وقف النار في غزة وانسحابه على جبهة الجنوب اللبناني، وهذا ما أكدته مُساعِدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، بقولها إن الاختراق على الجبهة الغزاوية سيؤدي إلى تهدئة الوضع في جنوب لبنان... فإن هوكستين، كما علمت «الشرق الأوسط»، ركز في تفاوضه مع بري، بالإنابة عن «حزب الله»، على أن تكون العودة بالوضع جنوباً إلى ما كان عليه قبل 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يوم اتخذ «حزب الله» قراره بمساندة حركة «حماس» في غزة، بمثابة القاعدة للالتزام بما نص عليه خط الانسحاب المعروف بالخط الأزرق، بالتلازم مع إيجاد حل للنقاط الحدودية المتداخلة التي سبق للبنان أن تحفّظ عليها وطالب إسرائيل بإخلائها كونها تتبع السيادة اللبنانية.

وفي هذا السياق، قالت المصادر اللبنانية المواكبة للأجواء التي سادت لقاء هوكستين مع بري، إن الأخير لا ينظر إلى الخط الأزرق على أنه خط الانسحاب الشامل الذي يعيد للبنان سيادته على أراضيه كافة، بسيطرته على حدوده المعترف بها دولياً بموجب اتفاقية الهدنة، وأكدت أنه أثار أيضاً مسألة استمرار الخروق الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، جواً وبراً وبحراً.

ورأت المصادر نفسها أن «حزب الله» ليس في وارد الانزلاق نحو توسعة الحرب، وهو يمارس أقصى درجات ضبط النفس، ويضطر إلى الرد في العمق الإسرائيلي في رده على استهداف إسرائيل للعمق اللبناني، وأن الوسيط الأميركي باقتراحه العودة بالوضع في جنوب لبنان إلى ما كان عليه قبل 8 أكتوبر الماضي، يتطلع للتوصل إلى حلٍّ مرحلي، بسحب الحزب سلاحه الثقيل من منطقة جنوب الليطاني لضمان عودة المستوطنين، على أن يتبعه لاحقاً التفاوض لتطبيق القرار الدولي 1701.

مفاوضات لخفض التوتر

لذلك، لم يحمل الوسيط الأميركي إلى تل أبيب أجوبة قاطعة ونهائية من بري، الذي ربطها بحصوله على أجوبة حيال التساؤلات والاستيضاحات التي أبلغه إياها بعد تواصله مع قيادة «حزب الله» بواسطة معاونه السياسي النائب علي حسن خليل، للوقوف على رأيها، كونها المعنية مباشرةً بالتفاوض، رغم أن معظم الذين التقاهم هوكستين تجنّبوا الإشارة إلى ربط التهدئة في الجنوب بوقف النار في غزة، وركّزوا على وقف الاعتداءات والخروق الإسرائيلية، مما يعني أنهم نأوا بأنفسهم عن التدخل، وأوكلوا إلى بري التفاوض على غرار ما فعله «حزب الله»، ظناً من بعضهم أن موقفهم هذا يخفّف من إحراجهم خارجياً، وربما عربياً.

وعليه، فإن اجتماع هوكستين بقائد الجيش العماد جوزف عون، بعدما كان قد التقاه في واشنطن، واجتماعه لاحقاً بمدير المخابرات العميد طوني قهوجي، يأتي في سياق إطلاعه على احتياجات المؤسسة العسكرية ومدى استعدادها، بالتعاون مع القوات الدولية (يونيفيل)، لإعادة الهدوء إلى جنوب الليطاني، رغم أن وحدات الجيش المنتشرة فيه بقيت في نقاط تمركزها ولم تغادرها منذ أن اندلعت المواجهة بين الحزب وإسرائيل، فيما اتسم اجتماعه بكل من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، بطابع تشاوري، ما دام الجميع أوكلوا مهمة التفاوض إلى بري.

وإلى أن يتقرر مصير وقف النار في غزة، فإن هوكستين ركّز مع بري على ضرورة خفض التوتر لضمان بقاء المواجهة بين الحزب وإسرائيل تحت السيطرة، ومنع تفلُّت الوضع نحو توسعة الحرب، مع الإشارة، حسب معلومات «الشرق الأوسط»، إلى أن تطبيق القرار 1701 مؤجَّل إلى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية، على أن يُدرج بنداً أساسياً على جدول أعماله.


مقالات ذات صلة

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون صورة نصر الله في احتفال في الضاحية الجنوبية إثر اغتيال قاسم سليماني (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعلن مقتل نصر الله... ونعيم قاسم للقيادة مؤقتاً

تتجه الأنظار اليوم إلى الشخصية التي ستخلف نصر الله الذي يناديه مناصروه بـ«السيّد» أو «أبو هادي».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله 28 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

أبرز ردود الفعل الدولية على اغتيال حسن نصر الله

نعت حركة «حماس» اليوم (السبت) أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بعد تأكيد الحزب مقتله من جراء ضربة جوية نفذها الجيش الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقائه كلمة في احتفال حزبي في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2015 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري غياب «هالة» نصر الله عن قيادة «حزب الله»: ضربة قوية وتأثير معنوي كبير

لن يكون قبل اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله كما بعده.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي صورة من مطار بيروت (أرشيفية- رويترز)

مطار بيروت تحت الرقابة الإسرائيلية

بات مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت عملياً تحت الرقابة الإسرائيلية، بعد تهديدات جدية باستهدافه في حال نزول طائرات إيرانية فيه.

بولا أسطيح (بيروت)

«نصر الله» ليس الوحيد... آخرون قتلوا في القصف على الضاحية الجنوبية

دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

«نصر الله» ليس الوحيد... آخرون قتلوا في القصف على الضاحية الجنوبية

دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

مثلت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قلب الضاحية الجنوبية لبيروت زلزالاً داخل «حزب الله» اللبناني، خصوصاً بعد تأكيد الأنباء عن مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله بها، إلا أن نصر الله لم يكن القتيل الوحيد في تلك الضربة.

قال هرتسي هاليفي، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن قواته نفذت، الجمعة، ضربة استهدفت مقراً قيادياً لـ«حزب الله» تحت الأرض في بيروت؛ ما أدى إلى مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله، وعدد من كبار القياديين بالتنظيم.

علي كركي

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، السبت، أن مِن بين مَن قضوا في الغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت؛ القيادي في «حزب الله» علي كركي، الذي وصفه بأنه قائد جبهة الجنوب في الحزب.

ونجا كركي من قصف إسرائيلي استهدفه، الاثنين، في الضاحية الجنوبية لبيروت. وقال مصدر أمني لبناني، إن ضربة إسرائيلية، مساء الاثنين، على الضاحية الجنوبية لبيروت استهدفت القيادي الكبير في «حزب الله» اللبناني، علي كركي، قائد الجبهة الجنوبية.

إنفوغراف... استهدافات إسرائيلية لقادة «حزب الله» (الشرق الأوسط)

وأكّد مصدر مقرّب من الحزب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الغارة «استهدفت قائد جبهة الجنوب حالياً في (حزب الله) علي كركي، الذي يُعدّ الرجل الثالث عسكرياً في الحزب، بعد القياديَين فؤاد شكر وإبراهيم عقيل»، اللذَين قُتلا بضربات مماثلة.

من جهته، أعلن «حزب الله»، الاثنين، أن القيادي علي كركي الذي قال مصدر مقرب من الحزب إنه استهدف بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت «بخير»، وانتقل إلى «مكان آمن».

وقال الحزب في بيان بعد ساعات من الغارة، إن «الأخ العزيز المجاهد القائد الحاج علي كركي بخير»، مضيفاً أنه «انتقل إلى مكان آمن».

عباس نيلفروشان

وأكدت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» مقتل نائب قائد عمليات «الحرس الثوري»، الجنرال عباس نيلفروشان، في القصف الذي أسفر عن مقتل أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وكانت صحيفة «كيهان»، المقربة من مكتب المرشد الإيراني، قد نقلت عن مصادر «غير رسمية» أن نيلفروشان قضى في غارة جوية إسرائيلية على معقل «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وسارعت وكالة «دانشجو» التابعة لقوات «الباسيج الطلابي» إلى نشر بروفايل موجز عن حياة القيادي، الذي كشفت عن دوره في سوريا ولبنان، ليكون خليفة الجنرال محمد رضا زاهدي، الذي قضى في ضربة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية، مطلع أبريل (نيسان).

وشغل نيلفروشان (58 عاماً) منصب نائب عمليات القوات البرية في «الحرس الثوري»، وعُيّن نائباً لقائد عمليات تلك القوات، خلفاً لزاهدي في عام 2019، بعدما كان نائباً له.

وينحدر كلاهما من مدينة أصفهان وسط البلاد. ويتولى نيلفروشان منصب نائب غرفة العمليات المشتركة في «الحرس الثوري»، وهذه المرة الأولى التي تكشف وسائل إعلام عن انتقاله إلى لبنان للإشراف على قوات «الحرس الثوري».

زينب نصر الله

أعلنت القناة «12» الإسرائيلية، أمس، أن زينب ابنة حسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله» قتلت في الغارة التي استهدفت مقراً قيادياً تحت الأرض في ضاحية بيروت الجنوبية. إلا أنه لم يصدر أي تأكيد أو نفي لتلك الأنباء من «حزب الله» أو مصادر لبنانية رسمية.

ويقع المقر المستهدف تحت عدة بنايات في قلب الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، ولم يعرف على الفور عدد القتلى والجرحى جراء قصف هذه البنايات بخلاف الذين قضوا في مقر القيادة تحت الأرض.

وذكر وزير الصحة اللبناني، في مؤتمر صحافي، السبت، أن حصيلة القتلى والجرحى في الاستهدافات الإسرائيلية للمناطق المختلفة في لبنان، منذ الجمعة، بلغت 11 قتيلاً، و108 جرحى. ولم يوضح كم منهم سقط في الضربة التي استهدفت الضاحية الجنوبية.

ومنذ الاثنين، كثّفت إسرائيل وتيرة ضرباتها على «حزب الله» بمناطق مختلفة في لبنان، ما استدعى ردوداً من الحزب، في تصعيد غير مسبوق منذ بدء تبادل إطلاق النار بين الطرفين غداة اندلاع الحرب بقطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.