هوكستين في بيروت لخفض التوتر في الجنوب ومنع توسعة الحرب

مع استحالة العودة إلى ما قبل مساندة «حزب الله» لـ«حماس»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي أموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي أموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

هوكستين في بيروت لخفض التوتر في الجنوب ومنع توسعة الحرب

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي أموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي أموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

يترقب الوسط السياسي ما سيحمله الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، من أفكار في زيارته إلى بيروت آتياً من تل أبيب، في مسعاه لترجيح كفة الحل الدبلوماسي، ومنع توسعة الحرب في الجنوب، مع اشتعال المواجهة غير المسبوقة بين «حزب الله» وإسرائيل، والتي تنذر بانفجار الوضع ما لم يجرِ التوصل إلى نزع فتيل التفجير، بينما تتعثر الوساطات حتى الساعة لوقف إطلاق النار في غزة الذي يدرجه «الحزب» شرطاً لتهدئة الوضع جنوباً.

وكان هوكستين قد مهد لجولته هذه بلقاء قائد الجيش العماد جوزف عون في واشنطن، وجرى التداول معه، كما علمت «الشرق الأوسط»، في مجموعة من الأفكار تصب جميعها في خانة خفض منسوب التوتر على امتداد الجبهة بين «حزب الله» وإسرائيل.

ورغم أن «الحزب» ليس طرفاً في المفاوضات التي يتولاها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بالإنابة عنه، وبتسليم من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فإن ما يحمله هوكستين من أفكار، وردود تل أبيب عليها، سيكون موضع تقويم بينهما، ليكون في وسع بري أن يبني على الشيء مقتضاه، بالتنسيق مع «الحزب» وميقاتي في آن معاً.

«حزب الله» مرتاح لـ«توازن الرعب»

لا يبدو أن «حزب الله» سيعيد النظر في مساندته «حماس»، ويتعامل مع التهديدات الإسرائيلية بتوسعة الحرب بأنها تأتي في إطار التهويل، ولا تحمل أي جديد. وكان قد سبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن أطلق هذه التهديدات منذ أن باشر «حزب الله» مساندته «حماس» في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي في اليوم التالي لقيام «حماس» باجتياحها المستوطنات الواقعة في غلاف غزة؛ فـ«الحزب» يبدي ارتياحه، كما تقول مصادره، لسير المواجهة العسكرية، كونها أدت إلى حالة من توازن الرعب، نتيجة استخدامه أسلحة متطورة براً وجواً، وهذا ما يدعو إسرائيل للتحسب لما هو آتٍ إذا ما قررت توسعة الحرب التي سيترتب عليها زعزعة الاستقرار في المنطقة، وهذا ما يدعو الولايات المتحدة الأميركية للتحرك، والضغط على إسرائيل لمنعها من توسيع رقعة المواجهة التي يمكن أن تمتد إلى الإقليم.

لذلك، لا يمكن استباق ما ستؤدي إليه الوساطة الأميركية لإعادة الهدوء إلى الجنوب، وموقف الرئيس بري بالتنسيق مع قيادة «حزب الله»، وإن كانت هناك مصادر نيابية تستغرب عدم قدرة واشنطن على «ترويض» نتنياهو، ودفعه إلى تنعيم موقفه، وتسأل: كيف يمكنها التوفيق بين الضغط عليه ومده بالسلاح والمال؟

هوكستين والمهمة الصعبة

كما تسأل المصادر النيابية: ما البديل في حال لم يكن «الحزب» في وارد العودة بالوضع جنوباً إلى ما كان عليه قبل الثامن من أكتوبر الماضي، أي قبل أن يقرر مساندة «حماس»، علماً بأنه سبق للوسيط الأميركي أن اقترح هذه العودة قبل أن تتوسع المواجهة وتمتد إلى خارج الجنوب؟ وهل يكتفي هوكستين بطرح مجموعة من الأفكار تأتي في سياق خفض منسوب التوتر، على أساس إعادة الاعتبار لقواعد الاشتباك التي تناوب «الحزب» وإسرائيل على خرقها؟ فالوسيط الأميركي يقف حالياً أمام مهمة صعبة، وهو يسعى لخلق أرضية مشتركة لخفض منسوب التوتر، بلجم تمدد تبادل القصف إلى العمقين اللبناني والإسرائيلي، هذا خصوصاً إذا كان يحمل معه رزمة من الإنذارات الإسرائيلية بتوسعة الحرب، ما لم يبادر «الحزب» إلى مراجعة حساباته، والتعاطي معها على أنها جدية، ولا تنطوي على التهويل والابتزاز.

في المقابل، فإن موقف لبنان الرسمي سيواجه إحراجاً في دفاعه عن وجهة نظر «حزب الله» الذي تحمّله واشنطن مسؤولية حيال التصعيد في الجنوب، وتتعامل معه على أنه هو من بادر إلى خرق التهدئة بمساندته «حماس»، وقد يكون الرد اللبناني بأن إسرائيل تواصل خرقها وقف النار، وتمتنع عن تطبيق القرار 1701 الذي يلقى كل التأييد من الحكومة اللبنانية وترفض تعديله، وتدعوها إلى التراجع إلى خط الانسحاب الدولي بإخلاء بعض المواقع العائدة للسيادة اللبنانية والواقعة على طول الخط الأزرق.

توسعة الحرب والتدخل الإيراني

وعليه، فإن السعي لتطبيق القرار 1701 ليس مطروحاً على عجل ما دامت إسرائيل ترفض وقف النار في غزة، وهذا ما تبلّغه الموفد الرئاسي الفرنسي، جان إيف لودريان، من رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد، عندما التقاه خلال جولته على الكتل النيابية سعياً لإخراج انتخاب رئيس الجمهورية من التأزم.

فهل ينجح هوكستين في مهمته؟ أم أن الوضع سيتدحرج نحو توسعة الحرب بإصرار من نتنياهو؟ هذا مع العلم أن مصادر «الحزب» تتعاطى مع تهديدات نتنياهو على أنها من باب التهويل، وتنظر بحذر وقلق إلى الضغوط الأميركية لمنعها من توسعة الحرب، لتحييد المنطقة عن تداعياتها، وما يمكن أن يترتب عليها من زعزعة استقرارها، مع دخول إيران على خط المواجهة؛ فإيران مضطرة للتدخل، ولن تستطيع إدارة ظهرها لتوسعة الحرب بذريعة أنها فوجئت بها، وبالتالي فهي لن تفرّط بحليفها «حزب الله» الذي كان وراء تأمين حضورها على نطاق واسع في «الشرق الأوسط»؛ لأن مجرد التفريط به سيضعفها ويفقدها ورقة أساسية قد تكون آخر أوراقها الضاغطة لتكون طرفاً في التسوية في المنطقة في حال أن الظروف أصبحت ناضجة لتمريرها.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

المشرق العربي فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

أكد «حزب الله» اللبناني، الأحد، مقتل القيادي علي كركي في غارة إسرائيلية استهدفت بعض قياديي الجماعة في لبنان وعلى رأسهم أمينها العام حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، الأحد، إنه ليس لديه خيار سوى الخيار الدبلوماسي، رداً على سؤال بشأن الجهود الدبلوماسية لوقف تصعيد إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله يحملون صوره أثناء تجمعهم في صيدا بعد مقتله في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

بطريرك الموارنة: قتل إسرائيل لنصر الله جرح قلوب الشعب اللبناني

دعا بطريرك الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في البلاد، إلى الدبلوماسية في الصراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
TT

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

أكدت «حزب الله» اللبناني، الأحد، مقتل القيادي علي كركي في الغارة الإسرائيلية التي قتلت أمينه العام حسن نصر الله. وكشف أن كركي كان «المسؤول الميداني المباشر» عن قيادة جبهة الجنوب منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال «حزب الله»، في بيان، إن علي كركي واسمه الحركي «أبو الفضل»، قُتل مع مجموعة من القياديين بالحزب بينهم الأمين العام حسن نصر الله في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مقراً تحت الأرض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت.

وأوضح بيان الحزب أن كركي تولى القيادة العسكرية في جنوب لبنان منذ الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، مشيراً إلى أنه «قاد وشارك في كافة المواجهات» مع إسرائيل، وكان «مسؤولاً بشكل مباشر وميداني عن قيادة جبهة الجنوب بكافة محاورها ووحداتها في جبهة الإسناد منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، السبت، أن مِن بين مَن قضوا في الغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت؛ القيادي في «حزب الله» علي كركي، الذي وصفه بأنه قائد جبهة الجنوب في الحزب.

ونجا كركي من قصف إسرائيلي استهدفه، الاثنين، في الضاحية الجنوبية لبيروت. وقال مصدر أمني لبناني، إن ضربة إسرائيلية، مساء الاثنين، على الضاحية الجنوبية لبيروت استهدفت القيادي الكبير في «حزب الله» اللبناني، علي كركي، قائد الجبهة الجنوبية.

وأضاف بيان «حزب الله»، أن كركي تولى قيادة مقاتلي الحزب في الجنوب منذ الغزو الإسرائيلي عام 1982، و«كان مسؤولاً بشكل مباشر وميداني عن قيادة جبهة الجنوب بكافة محاورها ووحداتها في جبهة الإسناد منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023».

وأعلن الجيش الإسرائيلي وجماعة «حزب الله»، السبت، مقتل حسن نصر الله الأمين العام للحزب في قصف إسرائيلي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة.

ومنذ الاثنين، كثّفت إسرائيل وتيرة ضرباتها على «حزب الله» في مناطق مختلفة في لبنان، ما استدعى ردوداً من الحزب، في تصعيد غير مسبوق منذ بدء تبادل إطلاق النار بين الطرفين غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر الماضي.