هوكستين يسعى لخفض منسوب التوتر لمنع إسرائيل من توسعة الحرب

يقوم بمهمة أميركية طارئة استدعت زيارته لتل أبيب وبيروت

الوسيط الأميركي هوكستين خلال لقاء سابق مع رئيس البرلمان نبيه بري (أ.ف.ب)
الوسيط الأميركي هوكستين خلال لقاء سابق مع رئيس البرلمان نبيه بري (أ.ف.ب)
TT

هوكستين يسعى لخفض منسوب التوتر لمنع إسرائيل من توسعة الحرب

الوسيط الأميركي هوكستين خلال لقاء سابق مع رئيس البرلمان نبيه بري (أ.ف.ب)
الوسيط الأميركي هوكستين خلال لقاء سابق مع رئيس البرلمان نبيه بري (أ.ف.ب)

استدعى ارتفاع منسوب المخاوف من جنوح إسرائيل نحو توسعة الحرب في جنوب لبنان، قيام الوسيط الأميركي أموس هوكستين بزيارة عاجلة لكل من تل أبيب وبيروت في مهمة طارئة بتكليف من الإدارة الأميركية؛ سعياً وراء ضبط إيقاع المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله» والإبقاء عليها تحت السيطرة.

فزيارة الوسيط الأميركي لتل أبيب (الاثنين)، ومنها ينتقل إلى بيروت، لم تكن مدرجة على جدول أعماله، وكانت مرتبطة بوقف إطلاق النار في غزة الذي لا يزال يتعثر، لكنه اضطر للعودة على عجل لأن الجهود الأميركية لمنع إسرائيل من توسعة الحرب لتشمل جنوب لبنان اصطدمت حتى الساعة برفض رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو وأركان حربه التجاوب مع رغبة واشنطن بعدم توسيع المواجهة المشتعلة مع «حزب الله»، رغم أن الإدارة الأميركية تحمّل الحزب مسؤولية مبادرته إلى التصعيد، وهذا ما أكده مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط» بقوله إن لا مبرر لقيامه بتوسيع رقعة المواجهة، مع أنها جاءت من وجهة نظر الحزب في أعقاب اغتيال إسرائيل لواحد من أبرز قادته الميدانيين، طالب سامي العبد الله.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن زيارة هوكستين لبيروت تزامنت مع عودة السفيرة الأميركية لدى لبنان، ليزا جونسون، التي التقت ليل أول من أمس وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، وقيّمت معه الوضع المشتعل في الجنوب، الذي بلغ ذروته في الساعات الأخيرة، وما يمكن القيام به للإبقاء عليه تحت السيطرة ومنعه من أن يتدحرج نحو توسعة الحرب، خصوصاً أن واشنطن لن توفر، كما تقول، الغطاء السياسي لتوسعتها.

وكرر بو حبيب نفيه أن يكون لبنان تلقى إنذارات بوجود نية لدى إسرائيل بتوسعة الحرب، وقال إن التحذيرات تتوالى من دول عدة تنصح بضبط النفس وعدم الانجرار للحرب.

وبات من المؤكد أن رئيسَي المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أُحيطا علماً بمجيء الوسيط الأميركي إلى بيروت قادماً من تل أبيب.

وتنقل المصادر النيابية عن جهات أميركية نافذة، أن نتنياهو لا يأخذ بنصائح البيت الأبيض، ويصر على توسعته للحرب بإطلاقه وأركان حرب التهديدات للبنان التي لم تتوقف منذ أن اتخذ «حزب الله» قراره بمساندة حركة «حماس»، مع أن هذه الجهات تتوقف ملياً أمام المواقف الصادرة عن أركان الدولة من مواقعهم المسؤولة، التي يصرون فيها على إدانتهم للعدوان الإسرائيلي على الجنوب، ويؤكدون التزامهم بتطبيق القرار 1701، ويطلبون من المجتمع الدولي التدخل، من دون أن يأتوا على ذكر «حزب الله» في معرض مقاربتهم للعدوان، وربما لتفاديهم الإحراج أمام الخارج.

وتلفت إلى أن المدخل لتهدئة الوضع جنوباً يبدأ بوقف النار في غزة، وهذا ما تتفهمه واشنطن، وإلا لماذا أوقف هوكستين تشغيل محركاته بين تل أبيب وبيروت لإعادة الاستقرار على امتداد الجبهة الشمالية، انطلاقاً من تطبيق القرار 1701 الذي كان موضع تفاوض بينه وبين بري بالإنابة عن «حزب الله»، وبموافقة ضمنية من ميقاتي، قبل أن يقرر معاودة تحركه استجابة لمهمة طارئة بتكليف من الإدارة الأميركية التي تتعامل بجدية مع التهديدات الإسرائيلية للبنان.

لكن هناك صعوبة في فصل الحرب في غزة عن المواجهة جنوباً، وهذا ما يضع الوسيط الأميركي أمام البحث عن مَخرج لمنع توسعة الحرب، مع أن الخطة التي أعدها الرئيس بايدن كانت موضع تداول بين قيادتَي «حزب الله» و«حماس».

وفي هذا السياق، ذكرت مصادر دبلوماسية وثيقة الصلة بالمفاوضات الجارية على أكثر من صعيد للتوصل إلى وقف للنار في غزة، أن الحزب نصح قيادة «حماس» بوجوب التعاطي بمرونة مع خطة الرئيس الأميركي، وعدم إقفال الباب أمام الاتصالات الجارية لتسويقها بمشاركة مصرية - قطرية.

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن نصيحة الحزب لـ«حماس» تنطلق من أن نتنياهو يرفض الخطة الأميركية، وأن مسؤولين في فريق بايدن أنابوا عنه بإبلاغهم تأييده لها، رغم أنه لا يزال يلوذ بالصمت ولم يصدر عنه حتى الساعة أي موقف يُشتمّ منه تأييده للخطة. وقالت إن الحزب نصح «حماس» بالتريث وعدم التعاطي معها بسلبية ما دام نتنياهو لا يحبّذها.

وبحسب المصادر سألت «حماس» الحزب، ما العمل؟ وكان جوابه بأن القرار أولاً وأخيراً يعود لقيادة الحركة كونها أدرى من غيرها بأوضاعها، والأقدر على اتخاذ الموقف في ضوء ما لديها من معطيات. لذلك يبقى السؤال: هل ينجح الوسيط الأميركي في منع انزلاق الوضع جنوباً نحو الحرب التي يمكن أن تمتد إلى الإقليم، مع أن إيران لا زالت على موقفها بعدم الانجرار إليها؟


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان تطورات لبنان

الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يستقبل نظيره الفرنسي جان نويل بارو في الرياض (واس)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان تطورات لبنان

ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، التطورات على الساحة اللبنانية والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء نزوحهم بعد غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

157 مليون دولار مساعدات أميركية للمتضررين من الصراع في لبنان

قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة سنقدم مساعدات إنسانية جديدة بما يقرب من 157 مليون دولار لدعم السكان المتضررين من الصراع في لبنان والمنطقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية دبابة إسرائيلية قرب الحدود الجنوبية للبنان (أ.ب)

تقرير: القتال المكثّف في لبنان سينتهي خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع

نشرت «القناة 12» الإسرائيلية، الجمعة، تقريراً يفيد بأن مسؤولاً أمنياً إسرائيلياً يرجح أن القتال المكثف في الشمال سينتهي خلال أسبوعين أو 3 أسابيع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

وزير خارجية فرنسا يتوجه إلى الشرق الأوسط ويبدأ زيارته بالسعودية

يتوجه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى السعودية في مستهل جولة تستمر أربعة أيام تنتهي في إسرائيل والضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي نظام القبة الحديدية الدفاعي يتصدى لصواريخ أُطلقت من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: إطلاق أكثر من 180 صاروخاً من لبنان على إسرائيل

قال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 70 صاروخاً أُطلق من لبنان خلال الساعتين الماضيتين، مؤكداً اعتراض العديد منها بواسطة الدفاعات الجوية.


بسبب القصف الإسرائيلي... لبنان يعيش «أشد حملة جوية» خارج غزة خلال العقدين الماضيين

دخان كثيف يتصاعد جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان (د.ب.أ)
دخان كثيف يتصاعد جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

بسبب القصف الإسرائيلي... لبنان يعيش «أشد حملة جوية» خارج غزة خلال العقدين الماضيين

دخان كثيف يتصاعد جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان (د.ب.أ)
دخان كثيف يتصاعد جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان (د.ب.أ)

شنت إسرائيل غارات جوية غير مسبوقة على لبنان في أقل من ثلاثة أسابيع، مما أسفر عن مقتل أكثر من ألف و400 شخص وإصابة ما يقرب من 7 آلاف و500 آخرين، ونزوح أكثر من مليون شخص من منازلهم، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية.

يعتبر القصف، الذي تقول إسرائيل إنه يستهدف معاقل «حزب الله» في البلاد، «أكثر حملةٍ جويةٍ كثافةً» في العالم خارج غزة في العقدين الماضيين، وفقاً لمجموعة مراقبة الصراعات «Airwars».

وقالت إميلي تريب، مديرة المجموعة التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، لشبكة «سي إن إن»، إن الضربات الإسرائيلية تحدث «بمستوى وكثافة لم يكن حلفاء إسرائيل ليقوموا بها ببساطة في السنوات العشرين الماضية». وأشارت إلى الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة ضد «داعش» في عام 2017، حيث تم نشر 500 من الذخيرة في يوم واحد في ذروة معركة الرقة؛ معقل الجماعة الإرهابية آنذاك.

تصاعد الدخان وسط القصف الإسرائيلي المستمر لجنوب لبنان (رويترز)

وعلى مدار يومين، في 24 و25 سبتمبر (أيلول)، قال الجيش الإسرائيلي إنه استخدم ألفين من الذخيرة ونفذ 3 آلاف ضربة في لبنان.

وبالمقارنة، خلال معظم الحرب الأميركية التي استمرت 20 عاماً في أفغانستان، نفذت الولايات المتحدة أقل من 3 آلاف ضربة سنوياً، باستثناء السنة الأولى من الغزو، حيث تم تنفيذ نحو 6 آلاف و500 ضربة، وفقاً لبيانات من «Airwars» حللتها «سي إن إن».

وعن نطاق وحجم الضربات الإسرائيلية على لبنان، قالت تريب: «هذا ليس طبيعياً». وفي حين أن الحملة الجوية الإسرائيلية «غير عادية» للغاية، أشارت تريب إلى أن هجومها على غزة خلال العام الماضي - حيث يُقدر أن ما يقرب من 60 في المائة من المباني تضررت بسبب الضربات الإسرائيلية - جعل مثل هذه الهجمات الجماعية طبيعية.

رجال يركضون بحثاً عن ملجأ بعد غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

وتقول إسرائيل إنها تتخذ خطوات لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مثل إجراء مكالمات هاتفية وإرسال رسائل نصية إلى السكان في المباني المخصصة للهجوم، بهدف إخلائها. وتؤكد جماعات حقوق الإنسان مثل منظمة «العفو الدولية» أن مثل هذه التحذيرات لا تعفي إسرائيل من مسؤولياتها بموجب القانون الإنساني الدولي للحد من الأضرار التي تلحق بالمدنيين.

وقد سبق لشبكة «سي إن إن» أن أوردت تقارير عن استخدام إسرائيل المدمر لقنابل تزن 2000 رطل، والتي يلقي الخبراء باللوم عليها في ارتفاع عدد القتلى في غزة، ويبدو أنها استُخدمت في الغارات الجوية التي قتلت زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في لبنان. وقد أثرت الذخائر الضخمة على البنية التحتية المدنية في غزة، والآن في لبنان.

وقد وجدت فرق «سي إن إن» في بيروت هذا الأسبوع أن العديد من الضربات الإسرائيلية حدثت دون سابق إنذار. كما ترسل إسرائيل أوامر الإخلاء عبر الرسائل النصية في منتصف الليل، عندما يكون معظم الناس نائمين.

ونتيجة لذلك، يستمر عدد القتلى في لبنان في الارتفاع، وقد نزح الآن خُمس السكان.

تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

تبادل «حزب الله» وإسرائيل إطلاق النار بشكل مستمر منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول)، وهو اليوم التالي للهجوم الذي قادته «حماس» على إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز 250 آخرين. وقد صرح «حزب الله»، وهو جماعة مسلحة مدعومة من إيران، بأنه لن يتوقف عن ضرب إسرائيل حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، حيث أسفر القصف الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 41 ألف شخص في العام الماضي، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع.

وبحسب بيانات «ACLED»، وهي منظمة تجمع بيانات عن الصراعات العنيفة، فإن غالبية النيران المتبادلة بين إسرائيل و«حزب الله» منذ بداية الحرب، جاءت من الضربات الإسرائيلية والطائرات من دون طيار والقصف والصواريخ على الأراضي اللبنانية.

مروحية إسرائيلية تطلق صاروخاً باتجاه أهداف في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

شنت إسرائيل ما يقرب من 9 آلاف هجوم على لبنان منذ 8 أكتوبر، في حين شن «حزب الله» 1500 هجوم في نفس الإطار الزمني، وفقاً للبيانات.

وفي 25 سبتمبر (أيلول)، صعّدت إسرائيل حملتها الجوية بسلسلة مكثفة من الضربات عبر مساحات شاسعة من لبنان، مما يمثل اليوم الأكثر دموية منذ حرب إسرائيل و«حزب الله» عام 2006، ونقطة تحول في الصراع الحالي.