في أجواء متوترة ومشحونة، وجهت السويداء بجناحيها السلمي والمسلح رسائل ساخنة إلى السلطات في دمشق خلال الـ24 ساعة الماضية؛ أبرزها دعوة وجهها الزعيم الروحي حكمت الهجري، في بيان له بمناسبة عيد الأضحى السلطات إلى الكف عن العبث والألم والإذلال، مؤكداً في الوقت نفسه التمسك بدعم الحراك السلمي في السويداء، بينما كانت فصائل محلية مسلحة تحتجز عدداً من العسكريين التابعين للقوات الحكومية رداً على اعتقال شابة من السويداء، عملاً بمبدأ «الجزاء من جنس العمل».
واحتفل المحتجون في السويداء جنوب سوريا، الجمعة، بإطلاق سراح شابة من السويداء اعتقلتها السلطات الأمنية في دمشق، الاثنين الماضي. وقالت مصادر محلية إن الشابة ريتا العقباني من سكان مدينة جرمانة جنوب دمشق، وقد تم اعتقالها دون توضيح الأسباب، ولدى وصول أنباء اعتقالها إلى السويداء قامت فصائل محلية مسلحة يوم الأربعاء باحتجاز 15 عسكرياً من القوات الحكومية والأجهزة الأمنية بينهم ضابط برتبة رائد، ليتم إطلاق سراح العقباني، مساء الخميس. وبعد التأكد من وصولها إلى بيت ذويها في جرمانة جنوب العاصمة دمشق، بدأت الفصائل المحلية في السويداء إطلاق سراح المحتجزين من القوات الحكومية.
وواصل المحتجون في محافظة السويداء احتجاجاتهم المستمرة منذ 10 أشهر، وشهدت ظهيرة يوم الجمعة في ساحة «السير ـ الكرامة» تجمعاً مركزياً حاشداً رغم موجة الحر الشديد التي تجتاح البلاد، وبحسب صور ومقاطع فيديو بثتها شبكتا «الراصد» و«السويداء 24» كان العنوان الأبرز للتجمع الذي شارك فيه وفود من مختلف مناطق وبلدات المحافظة «من الشباب وإلى الشباب»، كما تم توزيع الحلويات احتفالاً بإطلاق سراح الشابة ريتا، ورفعت لافتات كتب عليها: «الحرة تنده وصوتها يهز الجبل» وذلك بعد التصعيد الذي شهدته المحافظة من قبل بعض الفصائل، أبرزها لواء الجبل، على خلفية الاعتقال وفشل الوساطات مع السلطات في دمشق لمعرفة الأسباب، ما دفع الفصائل للرد على مبدأ «الجزاء من جنس العمل» حسب موقع «السويداء 24» الذي نقل عن مصدر من لواء الجبل قوله إن «الفصيل احتجز 12 عنصراً من الجيش والأمن، بمؤازرة فصائل أخرى شاركت بعمليات الاحتجاز».
كذلك أكد مصدر من تجمع «أحرار الجبل»، أن الفصيل احتجز ضابطاً برتبة رائد، إضافة إلى مساعد، وعنصر، وجميعهم من الفوج 44 التابع للجيش. وعلى الفور تم إخلاء سبيل العقباني وفي المقابل أفرج تجمع «أحرار الجبل» عن المحتجزين الثلاثة لديه من الجيش، بينما تتواصل الجمعة عملية الإفراج عن بقية المحتجزين لدى «لواء الجبل». وما حصل هو رسالة واضحة للسلطات في دمشق مفادها أن «الاعتقالات التعسفية بصورة عامة على خلفية النشاط المدني والسياسي غير مسموح بها، واعتقال السيدات على وجه الخصوص، خطٌ أحمر».
وتعد هذه المرة الثانية منذ مطلع العام التي تقوم فيها فصائل مسلحة محلية في السويداء باحتجاز عدد من عناصر القوات الحكومية للمقايضة مع السلطات في دمشق، ففي أبريل (نيسان) الماضي احتجزت فصائل محلية عدداً من الضباط والعسكريين بينهم رئيس فرع الهجرة والجوازات في المحافظة، وقائد أحد الأفواج العسكرية، بهدف الضغط على السلطات الأمنية لإطلاق سراح طالب جامعي من أبناء السويداء تم اعتقاله في اللاذقية، حيث يقيم للدارسة، وبعد إتمام الصفقة والإفراج عن الطالب والمحتجزين، دفعت القوات الحكومية بتعزيزات عسكرية وأمنية كبيرة إلى المحافظة والتهديد باقتحام عسكري.
وجدد المحتجون في السويداء يوم الجمعة مطالبهم بالحرية والعدالة والانتقال السياسي، والإفراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين والمغيبين قسرياً، كما أعلن المحتجون عن مقاطعتهم انتخابات مجلس الشعب المقبلة، لعدم شرعيتها.
ومع اقتراب حلول عيد الأضحى الذي تحتفل بها طائفة الموحدين الدروز، أصدر الزعيم الروحي الشيخ حكمت الهجري بياناً مصوراً، هنأ فيه «الشرفاء في كل مكان»، وخصّ بالذكر المغتربين من أبناء المحافظة بقدوم العيد، مؤكداً على التمسك بموقفه الداعم للحراك السلمي في السويداء وقال: «إن إرادة الشعب الحر لا تقهر، ولنا في كل ميدان فرسان... وإن فساد السلطة لن يزيدكم إلا قوة وصلابة ومثابرة، ولا خوف على الأرض والعرض، وحاشا أن نذل تحت أي ظرف كان... إن المعاناة التي يعيشها الشعب أصعب بكثير من كل تهديد ووعيد وضغط وتهويل، وصوت الحق هو الأقوى، وصوت العز هو الأجدى، ولن يصح إلا الصحيح». وأضاف في رسالة إلى السلطات في دمشق: «كفى عبثاً، كفى ألماً، كفى إذلالاً».