عقب طرح أميركي جديد يتعلق بـ«خطة اليوم التالي» في قطاع غزة، أثيرت تساؤلات حول هذه «الخطة»... وهل ستفاقم عُقد الوصول إلى وقف إطلاق النار و«هدنة غزة»؟
وأعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة، الأربعاء، أن واشنطن سوف تقدم في الأسابيع المقبلة «عناصر رئيسية لخطة اليوم التالي، تشمل أفكاراً ملموسة حول كيفية إدارة الحكم والأمن وإعادة الإعمار في قطاع غزة»، دون تفاصيل أكثر. في حين لم يعلق وزير الخارجية القطري، على «خطة اليوم التالي»، لكنْ تمسك بأهمية التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في «أسرع وقت»، معولاً على دور أميركي في هذا الصدد.
وكانت مصر وقطر أكدتا، الثلاثاء، عقب تسلم رد «حماس» بشأن مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن حول «الهدنة»: «استمرار التنسيق حول الخطوات المقبلة». وسط تمسك «حماس» بـ«وقف إطلاق نار دائم وليس مرحلياً كما تطلب إسرائيل». ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، تكررت أحاديث لمسؤولين في إسرائيل وأميركا، وتقارير غربية، عن «استبعاد حماس من الحكم وتفتيت قدراتها العسكرية، والبحث عن بديل إما فلسطيني أو دولي بالقطاع».
وفي مايو (أيار) الماضي، رفض رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، أي اقتراح بإمكانية استبعاد الحركة من الخطط الخاصة بمن سيحكم غزة «في اليوم التالي للحرب»، مؤكداً حينها أن حركته «ستقرر مع كل الفصائل إدارة قطاع غزة بعد الحرب»، وذلك رداً على توعد من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بتفكيك قدراتها. بينما تتمسك قطر ومصر في أكثر من مناسبة، بـ«ضرورة تولي سلطة فلسطينية حكم غزة والضفة الغربية».
أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية وجامعة القاهرة، المتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، رأى أن الخطط المتوفرة حالياً لليوم التالي للحرب «إسرائيلية»، وستعمل واشنطن على تطويرها والبناء عليها. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك نقاطاً مهمة لدى واشنطن حالياً متعلقة ببحث مشاريع الإعمار». لكنه استبعد أن «تُقدم واشنطن على وضع تلك الخطة على طاولة الوسطاء، دون تبني وقف إطلاق نار أولاً، لا سيما أنها (أي الخطة) سيكون لها تأثير سلبي، يفاقم العقبات التي ما زالت تواجه مقترح بايدن لوقف الحرب».
أما المحلل السياسي الأردني، منذر الحوارات، فلم يبد تفاؤله بمستقبل الطرح الأميركي بشأن «خطة اليوم التالي»، معتقداً أنها «سوف تُعقد الأمور أكثر في ظل خلافات أميركية - إسرائيلية بشأن محتواها، وتحفظات واضحة من (حماس) على استبعادها مستقبلاً». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل تحاول طرح خطة تعتمد على تقسيم غزة تقسيماً مُعقداً، وتديرها عائلات فلسطينية بتسليح خفيف، تُسهم في توزيع المساعدات. كما تريد إشرافاً أمنياً على القطاع».
وأضاف الحوارات أنه «بخلاف عُقد وأزمات المفاوضات الحالية، والمتمثلة في المطالبة بضمانات لتنفيذ الهدنة، والذهاب لوقف إطلاق نار دائم وليس مرحلياً، ستضيف (خطة اليوم التالي للحرب) أزمة جديدة أمام الوسطاء، وستعيق مسار التفاوض وتعقده بشكل أكبر».
في المقابل، قال المدير العام لـ«المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، الدكتور خالد عكاشة، لـ«الشرق الأوسط» إنه «متفائل بالحديث عن اليوم التالي للحرب لكونه جاء في ظل مفاوضات هدنة، يُنظر لها بقدر إيجابي أكبر من المرات السابقة، لأن المبادرة طرحت من جانب بايدن».
ورجّح عكاشة أن تكون الخطة المحتملة «خليطاً من الأطروحات التي طرحت من الأطراف والوسطاء كافة منذ انطلاق المحادثات طوال الفترة الماضية، التي شملت حوارات معمقة مع السلطة الفلسطينية». وأضاف: «قد تشمل تلك الأفكار تصوراً بشأن وجود حماس في المستقبل، وربما تشمل إدماج حماس داخل السلطة الفلسطينية»، لافتاً إلى أنه «بعد التجربة المريرة وحجم الخسائر الفادحة خلال الحرب في غزة، أظن أن صوت العقل سيجعل حماس تعمل جانباً لجنب مع الفصائل الفلسطينية كافة».
عكاشة أبدى اعتقاده أن «حماس ليست المكون الفلسطيني الوحيد، ولا يمكن لأي فصيل أن يطلع بمفرده بأعباء اليوم التالي للحرب، وهذه ليست فرضية؛ لكن قناعة عربية ستكون حاضنة لليوم التالي والإعمار وتأهيل القطاع وإيجاد مسار لحل الدولتين».