«المجلس الوطني الكردي» يتهم «حزب الاتحاد الديمقراطي» باعتقال أعضائه... وترهيب مؤيديه

حملة «الاعتقالات» تضع الوساطة الأميركية لتحريك المباحثات الكردية الداخلية على المحك

كرديات يسرن بجانب ملصق انتخابي في القامشلي (أ.ف.ب)
كرديات يسرن بجانب ملصق انتخابي في القامشلي (أ.ف.ب)
TT

«المجلس الوطني الكردي» يتهم «حزب الاتحاد الديمقراطي» باعتقال أعضائه... وترهيب مؤيديه

كرديات يسرن بجانب ملصق انتخابي في القامشلي (أ.ف.ب)
كرديات يسرن بجانب ملصق انتخابي في القامشلي (أ.ف.ب)

حمّلَ «المجلس الوطني الكردي»، «حزب الاتحاد الديمقراطي» مسؤولية اعتقال قياديين بارزين من صفوفه وإعلامية كردية، وقالت الأمانة العامة للمجلس، إن عدد المعتقلين من أعضائه لدى سلطات «الإدارة الذاتية» وصل إلى 11 عضواً بينهم أربعة صحافيين، في خطوة عدّها كثير من المعارضين الأكراد «انتكاسة في مجال الحريات العامة، والتضييق على الإعلاميين والجهات السياسية الكردية المعارضة».

وتأتي حملة الاعتقالات بعد ضغوط أميركية على «الإدارة الذاتية»و«حزب الاتحاد» لتأجيل الانتخابات المحلية المقررة في شهر أغسطس (آب) المقبل، بعد رفض تركيا إجراء انتخابات محلية في 7 كانتونات تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية».

مقاتلون أكراد على طريق في دير الزور (أ.ف.ب)

وذكرت الأمانة العامة لـ«المجلس الكردي» في بيان نشر على موقعها الرسمي في ساعة متأخرة من ليل الاثنين - الثلاثاء، أن «مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي، أقدموا على خطف فواز صالح بنكو، عضو الهيئة القيادية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردستاني، وبيريفان فؤاد حاج إسماعيل، الإعلامية في محلية المجلس»، من منزلهما في بلدة عامودا الواقعة شرق مدينة القامشلي، واقتيادهما إلى جهة مجهولة: «بشكل همجي وتحت تهديد السلاح وسط ترهيبهم لذوي المخطوفين وسكان الحي»، بحسب البيان.

وأشار بيان المجلس إلى تعرض كل من عبد الرحمن محمد شنك وخالد محمد ميرو للاعتقال بداية هذا الأسبوع، واتهمت أجهزة الإدارة و «حزب الاتحاد» «بترهيب أهالي المنطقة والنشطاء السياسيين والصحافيين، في ظل الاستياء الشعبي الواسع من سياسات إدارة حزب الاتحاد وتداعياتها الكارثية على الوضع المعيشي، ودفع من تبقى من السكان إلى الهجرة».

وتعليقاً على الاعتقالات الأخيرة وتصاعد حدة التوتر بين الأحزاب الكردية في سوريا، يقول سليمان أوسو رئيس المجلس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الأفعال «تأتي للتغطية على فشل إدارة حزب الاتحاد على الأصعدة كافة، ومحاولة لقطع الطريق أمام الجهود الأميركية والغربية لاستئناف المفاوضات بين الأحزاب الكردية»، وعدّ اعتقال سيدة كردية «سابقة تصعيدية خطيرة». وأعرب عن إدانته «لهذه الانتهاكات الممنهجة ضد أعضاء المجلس التي وصلت إلى حد اعتقال النساء بشكل همجي، ونعدها سابقة خطيرة تصعيدية، ونحمّل قوات (قسد) وحزب الاتحاد مسؤولية تداعياتها».

سليمان أوسو رئيس «المجلس الوطني الكردي» (الشرق الاوسط)

وتعرض هذا المجلس المعارض لحملة مماثلة في 9 من شهر مايو (أيار) الماضي بعد اعتقال مجموعة من أعضاء فرقة «خناف» الفولكلورية التابعة لـ«حزب يكيتي الكردستاني»، ليفرج عنهم فيما بعد.

كما تعرضت ثلاثة مقرات حزبية للمجلس في محافظة الحسكة نهاية أبريل (نيسان) الماضي للحرق والتدمير. وأدانت السفارة الأميركية بدمشق، حرق مكاتب أحزاب المجلس وقتذاك، ودعت جميع الأطراف «إلى الانخراط في خطاب هادف لتحقيق تطلعات الشعب السوري دون عنف».

ويعد «المجلس الوطني الكردي» أحد قطبي الحركة الكردية السياسية في سوريا، وينضوي في صفوف الائتلاف السوري المعارض، ولديه من يمثله في هيئة التفاوض المعارضة.

ومنذ تأسيس «الإدارة الذاتية» سنة 2014 بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي» وأحزاب عربية وكردية حليفة؛ يرفض هذا التحالف المعارض المشاركة في مؤسسات الإدارة، رغم مساعي ممثلي الخارجية الأميركية ومنسقي دول التحالف الدولي المناهض لتنظيم «داعش» العاملين شمال شرقي البلاد، لحل الخلافات البينية بينهما (المجلس وحزب الاتحاد) غير أنها تعثرت نهاية 2020 دون إحراز أي تقدم يذكر من وقته.

ويرى نافع عبد الله القيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني» أن تصعيد الاعتقالات الأخيرة، يعرقل الجهود الأميركية لتجديد المباحثات الكردية المتعثرة... الحملة الأخيرة «ستؤدي لهجرة من تبقى من الكرد إلى أوروبا والخارج، وستعمق التغيير الديموغرافي للمنطقة بعد هجرة أبنائها الكرد».

وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مع حملة الاعتقالات الأخيرة في مناطق «الإدارة الذاتية»، وكتب الأكاديمي الدكتور فريد سعدون على صفحته بموقع «فيس بوك»: «اعتقلت بيريفان كارس من منزلها في الساعة 11ونصف ليلاً، لنفترض أنها ارتكبت خطيئة، كان ممكن التعامل معها وفق قانون العقد الاجتماعي الذي وضعته الإدارة نفسها، أما أن يتم التعامل مع الناس من خارج القانون، فهذا يستدعي تدخل المحكمة الدستورية، التي أيضاً شكلتها الإدارة لحماية العقد الاجتماعي ومراقبة تنفيذه».

حاجز أمني للأمن الداخلي الكردي (أسايش) في القامشلي (رويترز)

ويرى مراقبون ومتابعون أن الوضع المتأزم المتجدد بين «المجلس الكردي» و «حزب الاتحاد الديمقراطي»، هو نتيجة «تعثر جهود الوساطة الأميركية»، ورفض المجلس المشاركة في صياغة وكتابة العقد الاجتماعي الذي أقرته الإدارة نهاية العام الماضي، وامتناع هذا المجلس عن المشاركة في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في شهر أغسطس (آب) المقبل في مناطق نفوذ قوات «قسد» بعد أن وصفتها بأنها غير شرعية.

بدوره؛ طالب المعارض الكردي أكرم حسين «الإدارة الذاتية» بإطلاق سراح الإعلامية بيريفان، والقيادي فواز بنكو وكل معتقلي المجلس، وكتب: «هذه الاعتقالات هي محل شجب واستنكار لأنها تنتهك حقوق الإنسان، وتؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتدفع سكان المنطقة إلى الهجرة في ظل الأوضاع الاقتصادية والخدمية المتأزمة».


مقالات ذات صلة

ماذا وراء الرسائل الإيجابية لإردوغان والأسد عن عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق؟

المشرق العربي إردوغان أكد الجمعة أنه لا يوجد سبب يمنع عودة العلاقات مع سوريا (الرئاسة التركية)

ماذا وراء الرسائل الإيجابية لإردوغان والأسد عن عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق؟

قال الرئيس رجب طيب إردوغان إنه لا يوجد أي سبب يمنع إقامة علاقات بين تركيا وسوريا، في ردٍّ إيجابي على تصريحات للرئيس بشار الأسد حول الانفتاح على جميع المبادرات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل (من حسابه في «إكس»)

زعيم المعارضة التركية يتحدث عن حراك للتطبيع مع دمشق يشمل لقاء الأسد

يتصاعد الحديث عن احتمالات عودة أنقرة ودمشق لاستئناف مسار تطبيع العلاقات بدفع من روسيا قبل اللقاء المرتقب بين الرئيسين بوتين وإردوغان الشهر المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لاجئون سوريون بينهم شباب عند الحدود اليونانية المقدونية ضمن هجرتهم نحو دول الاتحاد الأوروبي عام 2015  (إ.ب.أ)

دمشق: نحو اعتماد الجيش على المتطوعين وتسريح عشرات الآلاف

اللواء أحمد يوسف سليمان، أعلن، في حوار مطوَّل مع التلفزيون السوري الرسمي، عن 3 تحديات تواجه الجيش لتعويض الفقد في سنوات الحرب وهجرة الشباب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم غارات إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)

مقتل شخصين وإصابة عسكري جراء غارات إسرائيلية على جنوب سوريا

ذكرت وسائل إعلام رسمية سورية في ساعة مبكرة من صباح اليوم (الخميس)، أن إسرائيل شنت «عدواناً جوياً» استهدف عدداً من النقاط في المنطقة الجنوبية بسوريا، مما أدى…

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا رئيس «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير» مازن درويش يتحدث إلى الإعلاميين بعد قرار محكمة الاستئناف في باريس حيال محاكمة الرئيس السوري على جرائم حرب (إ.ب.أ)

القضاء الفرنسي يثبت مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري

صادقت محكمة الاستئناف في باريس على مذكرة التوقيف التي أصدرها قضاة تحقيق بحق الرئيس السوري و3 من نظامه بالمسؤولية عن هجمات كيماوية استهدفت الغوطة الشرقية 2013

ميشال أبونجم (باريس)

الأمم المتحدة: الفلسطينيون في غزة يعيشون ظروفاً «لا تطاق»

نازحون فلسطينيون يجمعون أغراضهم لإخلاء منطقة المواصي جنوب غربي خان يونس (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يجمعون أغراضهم لإخلاء منطقة المواصي جنوب غربي خان يونس (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: الفلسطينيون في غزة يعيشون ظروفاً «لا تطاق»

نازحون فلسطينيون يجمعون أغراضهم لإخلاء منطقة المواصي جنوب غربي خان يونس (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يجمعون أغراضهم لإخلاء منطقة المواصي جنوب غربي خان يونس (أ.ف.ب)

قالت متحدثة باسم الأمم المتحدة، الجمعة، إن المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة أُجبروا على العيش في مبانٍ أو مخيمات دمرها القصف بجوار أكوام ضخمة من القمامة، ونددت بظروف «لا تطاق» في القطاع.

وعرضت لويز ووتريدج من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الظروف المعيشية «القاسية للغاية» في قطاع غزة. وقالت للصحافيين في جنيف عبر تقنية الاتصال المرئي من وسط غزة: «الأمر لا يطاق حقاً».

وعادت ووتريدج، الأربعاء، بعد قضائها 4 أسابيع خارج القطاع، مشيرة إلى أن الوضع في تلك الفترة «تدهور بشكل كبير».

وأضافت: «اليوم، لا بد أن يكون الأسوأ على الإطلاق. ولا أشك في أن الغد سيكون الأسوأ على الإطلاق مرة أخرى».

وبعد نحو 9 أشهر من بدء الحرب بين إسرائيل و«حماس»، قالت ووتريدج إن قطاع غزة «دُمر»، موضحة أنها «صُدمت» لدى عودتها إلى خان يونس جنوب قطاع غزة.

ولفتت النظر إلى أنه مع عدم وجود حمامات (دورات مياه)، «يقضي الناس حاجتهم في أي مكان يمكنهم قضاء حاجتهم فيه».

بؤس

اندلعت الحرب في غزة إثر شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، أسفر عن مقتل 1195 شخصاً، حسب حصيلة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.

شاب فلسطيني يقف وسط الحطام وأمام خيمة في منطقة دير البلح (أ.ف.ب)

واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 116 منهم في غزة، بينهم 42 يقول الجيش إنّهم لقوا حتفهم.

وتردّ إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرّية أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ عن 37765 شخصاً في قطاع غزة، حسب وزارة الصحّة في غزة.

تحدثت ووتريدج عن صعوبة جلب الوقود إلى غزة وتوزيعه بأمان، الأمر الذي يؤثر في القدرة على إيصال المساعدات.

وحذرت من أنه «من دون الوقود، ستتوقف الاستجابة الإنسانية بالفعل». وتحدثت ووتريدج من دار ضيافة حيث لا يمكن الخروج لمهام تفقدية بسبب عدم وجود وقود. وعلى مسافة 150 متراً، وصفت تكدس نحو 100 ألف طن من النفايات مع نصب خيم مؤقتة حولها.

وشددت على أن «السكان يعيشون وسط ذلك»، محذرة من أنه «مع ارتفاع درجات الحرارة، فإن ذلك يزيد بؤس الظروف المعيشية».

وذكَّرت ووتريدج بالوضع قبل الحرب، عندما كانت سيارات جمع النفايات تقوم بمهمتها، وتنقل القمامة إلى مكب مخصص لذلك،

وأشارت إلى أن المناشدات الموجهة إلى السلطات الإسرائيلية للوصول إلى مكبات النفايات تُرفض في كثير من الأحيان.

وتطرقت أيضاً إلى انعدام الأمن الغذائي في القطاع، مشيرة إلى تأثيره الواضح في الفلسطينيين، وأوردت: «عندما أرى زملائي وأصدقائي هنا، لا يمكن التعرف عليهم بشكل واضح، لأنه بعد عدم الحصول على الغذاء فترة طويلة تبدأ التقدم في السن، وتبدو في وضع غير صحي، ويتغير لون بشرتك».

انتظار الموت

شهد، الخميس، عبور مرضى بالسرطان من قطاع غزة المنكوب إلى مصر عبر معبر كرم أبو سالم، في أول عملية إجلاء من غزة منذ إغلاق معبر رفح الحدودي أوائل مايو (أيار) عندما سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني منه.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن هناك 10 آلاف مريض في قطاع غزة بحاجة إلى الإجلاء لتلقي العلاج.

ووفق ووتريدج، فإن أحد زملائها في «الأونروا»، ويدعى عبد الله، بحاجة إلى إجلاء طبي، وهو ينتظر ذلك منذ إصابته في إحدى الغارات، علماً أن ساقيه بُترتا أواخر فبراير (شباط) الماضي.

ومنذ ذلك الوقت، أمضى أسابيع في مستشفى «الشفاء» الذي كان الأكبر في القطاع، عندما كان يحاصره الجيش الإسرائيلي.

وقضى شهرين أيضاً في خيمة طبية ينتظر الإجلاء، و«كان في بعض الأيام ينتظر الموت».

وأوضحت ووتريدج أنها زارته في أواخر أبريل (نيسان) مع زميلة «تبرعت على الفور بدمها له لإبقائه على قيد الحياة». وأضافت: «من غير المقبول أن يعاني الناس كل ذلك، وأن يعاملوا بهذه الطريقة».