حشد «أنصار المرجعية» يدعو «حاكماً عسكرياً» على محافظة عراقية

أمهل السلطات في السماوة حتى الأربعاء المقبل لـ«طرد الفاسدين»

رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مع الياسري خلال لقاء جمعهما في قاطع عسكري بنينوى (فيسبوك)
رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مع الياسري خلال لقاء جمعهما في قاطع عسكري بنينوى (فيسبوك)
TT

حشد «أنصار المرجعية» يدعو «حاكماً عسكرياً» على محافظة عراقية

رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مع الياسري خلال لقاء جمعهما في قاطع عسكري بنينوى (فيسبوك)
رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مع الياسري خلال لقاء جمعهما في قاطع عسكري بنينوى (فيسبوك)

دعا قائد لواء «أنصار المرجعية» في «الحشد الشعبي»، حميد الياسري، إلى موجة احتجاجات واعتصامات جديدة في مدينة السماوة مركز محافظة المثنى (270 كيلومتراً جنوب غرب).

وتمتد المثنى قرب الحدود مع المملكة العربية السعودية، على مساحة كبيرة، لكنها الأقل من حيث عدد السكان (نحو 800 ألف نسمة)، وهي الأكثر فقراً من بين محافظات البلاد، إذ ترتفع نسبة الفقر فيها إلى نحو 50 في المائة من عدد سكانها، طبقاً لإحصاءات رسمية.

وسبق أن كان الياسري أحد معتمدي المرجع الديني الأعلى، علي السيستاني، في منطقة الرميثة في السماوة، قبل أن يلتحق بالقتال ضد «داعش»، بعد فتوى «الجهاد الكفائي» التي أصدرها السيستاني، بعد صعود «داعش» واحتلاله أجزاء من المحافظات عام 2014.

نريد حاكماً عسكرياً

وأكد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن «الياسري ترك عمله معتمداً للمرجعية بعد التحاقه في الحرب لتعذُّر الجمع بين وظيفته معتمداً دينياً وقيادته لفصيل عسكري في حرب (داعش)».

وبينما شدد المصدر على علاقة الياسري «الوثيقة» بمرجعية النجف، لمَّحت مصادر أخرى عن «استقلال» قراراته عنها، خصوصاً المتعلقة بدعوته الأخيرة للاحتجاج.

ودعا الياسري، البرلمان الاتحادي ورئيس الوزراء محمد السوداني، إلى «إرسال» حاكم عسكري نزيه يدير أمور المحافظة لحين البت في مصيرها.

تأتي هذه التطورات بعد أقل من نحو 6 أشهر من تشكيل حكومتها المحلية بعد إعلان نتائج الانتخابات التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذهب منصب المحافظ، وهو رئيس أعلى سلطة تنفيذ بالمحافظ إلى ائتلاف «دولة القانون» الذي يقوده نوري المالكي.

وقال الياسري في بيان أصدره، الجمعة: «دعوتي لوضع حد للفساد في المحافظة وجميع مناطق الوطن لم تكن وليدة اليوم حتى يتهموني بطلب مصلحة، أو مداراة جهة دون أخرى، أمضيت عمري أحارب الفساد والفاسدين، واسألوا كل أبناء الحراك الشعبي في المحافظة وكل العراق، ما دوري معهم»، في إشارة إلى أنه كان أحد الداعمين لحراك أكتوبر (تشرين الأول) 2019. واستمر لأكثر من عام في مناطق وسط وجنوب البلاد، وأدى إلى إزاحة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي من منصبه.

لا أملك سوى بيت صغير

ورداً على المشككين في دعوته للتظاهر والاعتصام، خصوصاً الأحزاب والفصائل، تحدث الياسري بأنه «لا يملك من حطام الدنيا سوى بيت صغير في قرية الفزاعية، ولا يملك حساباً ولا رصيداً ولا أرضاً، ولا يملك سوى أرض زراعية؛ ميراث والده». وقال: «أقسم إن يدي لم تمتد إلى درهم أو دينار من أموال الشعب والوطن».

وتحدث الياسري عن تلقيه «أشكال المساومات والتهديدات والإغراءات» لحمله على عدم المضي قدماً في دعوته للتظاهر والاعتصام، التي عدّ أنها ستكون «ضمن الدستور والقانون، وتحت حماية القوات الأمنية».

وحدد الياسري، الأربعاء المقبل، نهاية للمهلة التي منحها «لطرد الفاسدين» من المناصب، على حد وصفه، وحدد أن يكون الاعتصام أمام مبنى المحافظة ومجلس المحافظة من خلال «بناء الخيم والسرادق وبكل هدوء، وإعلان أن المحافظ ومجلس المحافظة لا يمثلون الجماهير، ويعملون لأحزابهم فقط».

وطالب الياسري بتشكيل لجنة خاصة من رئيس الوزراء للإشراف على «أموال موازنة السماوة ومتابعة مشروعاتها وتخليص الشركات العاملة من العمولة التي تفرضها الأحزاب على الشركات، والتي وصلت إلى 13 في المائة».

حميد الياسري (إعلام حشد العتبات)

عودة اللجان الاقتصادية

وقال الناشط والمحامي عقيل العرد من السماوة، إن «تحرك الياسري الأخير مرتبط بما تناهى لسمعه من عودة لجان الأحزاب الاقتصادية إلى العمل، بعد تشكيل مجلس المحافظ، وتعيين المحافظ الجديد، وقيامها بفرض نسب وإتاوات على المشروعات في المحافظة».

وأضاف العرد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يقوم به الياسري عملية ضغط لإيقاف حالة الهدر والفساد، وإلا فتعيين حاكم عسكري لا أساس له من الدستور».

وكشف عن أن «أطرافاً عديدة اتصلت به من بغداد لثنيه عن حراكه ولتحقيق مطالبه بالإصلاح ومحاربة الفساد، لكنه رفض ذلك وما زال مصراً على موعد الحراك، وهناك دعم واسع له في المحافظ بالنظر لسمعته الجيدة، وعدم ارتباطه بأحزاب السلطة».

ولا يتكهن العرد بإمكانية امتداد الحراك الجديد إلى بقية المحافظات، خصوصاً مع تركيز الياسري على مدينة السماوة، لكنه أكد أن «معظم قوى الحراك الاحتجاجي وشخصياته البارزة تقدم الدعم له وتساند مساعيه الرامية لمحاربة الفساد».

بدوره، قدم رئيس حزب «البيت الوطني» المنبثق عن حراك تشرين حسين الغرابي دعمه لتحرك الياسري، وقال في تدوينة عبر «الفيسبوك» إن «ما يقوم به السيد حميد الياسري من دور وطني لهو شعور بالمسؤولية وواجب وطني مقدس، في وقت تخرس فيه أفواه عديدة ممن يجب أن يتكلموا».

من هو الياسري؟

والياسري قائد فصيل «أنصار الرجعية»، وهو واحد من أربعة مجاميع منها (فرقة الإمام علي، علي الأكبر، العباس القتالية) تابعة للمرجعية والعتبات الدينية فضلت الانفصال عن «الحشد الشعبي» والارتباط بالقائد العام للقوات المسلحة قبل سنوات، بالنظر لعلاقته المتوترة مع الفصائل الموالية لإيران.

وفي عام 2020، وجَّه الياسري انتقادات لاذعة لتلك الفصائل ومعظم الأحزاب النافذة في البلاد، وقال إن «العراق ضحية مؤامرات لطبقة فاسدة لعينة، دينها الكفر، وعقيدتها العهر، وشعارها الفساد، وتفكيرها العيش على سرقات حقوق الناس»، وهو صاحب المقولة الشهيرة: «من يوالي غير وطني لا دين له».


مقالات ذات صلة

السوداني طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»

المشرق العربي السوداني في اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

السوداني طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»

أكد مسؤول حكومي بارز أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أبلغ قادة «الإطار التنسيقي» بتفاصيل شاملة عن «المخاطر المتوقعة على العراق».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي طائرة من سلاح الجو العراقي خلال إحدى المهمات ضد تنظيم «داعش» (أرشيفية - واع)

العراق: المجال الجوي غير مؤمّن بالكامل

أقر العراق بأن مجاله الجوي غير مؤمّن بالكامل، في حين أكد اتخاذ إجراءات لتحسين القدرات الدفاعية بعد التعاقد مع كوريا الجنوبية قبل أشهر لامتلاك منظومة متطورة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني طلب من قادة الجيش العراقي رفع الجهوزية (إعلام حكومي)

«رسالة عسكرية» عن خريطة الأهداف الإسرائيلية في العراق

قالت مصادر موثوقة إن ضباطاً كباراً في الجيش العراقي أبلغوا قادة فصائل بأن الضربة الإسرائيلية باتت أقرب من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الجيش العراقي يُطلق النار على مسلحي «داعش» عام 2017 (رويترز)

العراق: انفجار قنبلة يصيب 4 في كركوك

كشفت مصادر بالشرطة أن أربعة أصيبوا عندما انفجرت قنبلة على جانب أحد الطرق في مدينة كركوك بشمال العراق اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي دراجة تعبر شارعاً ببغداد وقد رفعت فيه أعلام العراق ولبنان وفلسطين (أ.ف.ب)

فصائل عراقية تتوعد بـ«حرب الطاقة» في الخليج العربي

بالتزامن مع تبنّي هجمات بالطيران المُسيّر على أهداف إسرائيلية، توعدت فصائل عراقية بـ«حرب طاقة» في الخليج العربي والمنطقة.

حمزة مصطفى (بغداد)

الأسد لعراقجي: الرد الإيراني على إسرائيل «كان قوياً»

الرئيس السوري بشار الأسد يصافح وزير خارجية إيران عباس عراقجي في دمشق السبت (إ.ب.أ)
الرئيس السوري بشار الأسد يصافح وزير خارجية إيران عباس عراقجي في دمشق السبت (إ.ب.أ)
TT

الأسد لعراقجي: الرد الإيراني على إسرائيل «كان قوياً»

الرئيس السوري بشار الأسد يصافح وزير خارجية إيران عباس عراقجي في دمشق السبت (إ.ب.أ)
الرئيس السوري بشار الأسد يصافح وزير خارجية إيران عباس عراقجي في دمشق السبت (إ.ب.أ)

تزامنت زيارة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى دمشق، اليوم (السبت)، مع استهداف سيارة على طريق «حمص - حماة» بريف حمص الشمالي بالمنطقة الوسطى، وسط أنباء عن اغتيال إسرائيل عضواً بارزاً في «الحرس الثوري» بهجوم على سيارة في حمص.

والتقى الوزير الإيراني عباس عراقجي والوفد المرافق له الرئيس السوري بشار الأسد، ورئيس مجلس الوزراء محمد غازي الجلالي، وسبق ذلك لقاء مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في مبنى الوزارة.

وأفاد بيان رئاسي سوري بتأكيد الرئيس الأسد للوزير الإيراني أن رد طهران على ما قام به الكيان الإسرائيلي من انتهاكات واعتداءات متكررة على شعوب المنطقة وسيادة دولها، «كان رداً قوياً، وأعطى درساً» لإسرائيل أن «محور المقاومة قادر على ردع العدو وإفشال مخططاته». كما شدد الرئيس بشار الأسد على العلاقة الاستراتيجية التي تربط سوريا وإيران، وأهمية تلك العلاقة في مواجهة التحديات. ورأى الأسد أن الحل الوحيد أمام إسرائيل «هو التوقف عن جرائم القتل وسفك دماء الأبرياء وإعادة الحقوق المشروعة إلى أصحابها».

رئيس الوزراء السوري غازي الجلالي مستقبلاً وزير خارجية إيران عباس عراقجي في دمشق السبت (إ.ب.أ)

وحسب البيان السوري بحث الرئيس الأسد مع الوزير عراقجي «سبل وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان»، وأهمية «تقديم الدعم والمساعدة إلى الأشقاء اللبنانيين في ضوء النزوح الكبير الذي تسبّب به العدوان الإسرائيلي».

كما نقل البيان عن عراقجي تأكيده «ضرورة التنسيق مع كل الدول الداعمة لوقف هذا العدوان».

وكان عراقجي، وفور وصوله إلى دمشق وقبل لقائه الأسد، قد صرّح للصحافيين بأن «القضية الأكثر أهمية اليوم هي وقف إطلاق النار، خصوصاً في لبنان وغزة»، لافتاً إلى وجود مبادرات ومشاورات في هذا الصدد.

وكان الوزير الإيراني قد أكد من بيروت، الجمعة، دعم بلاده لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة بشكل «متزامن». وقال: «تحدثت مع السلطات اللبنانية، ونحن على اتصال مع دول أخرى للتوصل إلى وقف لإطلاق النار».

وزير خارجية سوريا بسام الصباغ مع نظيره الإيراني عباس عراقجي في دمشق السبت (أ.ف.ب)

وهذه أول زيارة لعراقجي إلى دمشق منذ توليه منصبه، وتأتي في سياق تصعيد كبير بين إيران والمجموعات التي تدعمها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، شكّلت طهران أحد أبرز داعمي دمشق، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. وأرسلت مستشارين عسكريين ومجموعات موالية لها قاتلت إلى جانب القوات الحكومية. وقال عراقجي: «تعاوننا الثنائي هو محل نقاش واسع للغاية. لدينا علاقات جيدة مع سوريا في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، ومن الطبيعي أن تكون هناك مراجعة لها». أضاف: «نحاول إزالة العقبات القائمة وإيجاد مجالات (تعاون) جديدة، ومواصلة العلاقات بشكل أفضل مما كانت عليه في الماضي». في الأشهر القليلة الماضية، تحدّث محللون سوريون استضافتهم وسائل إعلام محلية عن «اختلاف في وجهات النظر» بين إيران وسوريا حول قضايا عدة، أبرزها محدودية دعم طهران لدمشق في الجانب الاقتصادي وقطاع الطاقة والمحروقات، في خضم أزمة اقتصادية مزمنة تشهدها البلاد. ويطول التباعد في وجهات النظر كذلك، وفق محللين، وجود إيران العسكري، بعد تقارير عن تقليصها قواتها تحت وطأة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقعها وقياديين إيرانيين منذ بدء الحرب بين الدولة العبرية و«حماس» الفلسطينية في غزة.

صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مع خبر استهداف مسيّرة لسيارة في حمص

بالتزامن مع زيارة عراقجي أفادت وسائل الإعلام الرسمية السورية بتصدي الدفاعات الجوية السورية لأهداف معادية في أجواء ريف حمص الغربي، من دون ذكر تفاصيل. في حين أفادت إذاعة «شام إف إم» المحلية بمقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين «جرّاء استهداف سيارة على طريق حماة عند مدخل حمص الشمالي بواسطة طائرة مسيرة»، وقالت مصادر محلية إن السلطات فرضت طوقاً أمنياً في محيط السيارة المستـهدفة قرب جسر مصياف عند مدخل ريف حمص الشمالي.

«المرصد السوري لحقوق الإنسان» قال إن عنصراً بالقوات الحكومية قد قُتل وأُصيب ثلاثة آخرون، بينهم شخص من جنسية سورية، والآخران من جنسية غير السورية أحدهما قيادي، باستهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة كانت قرب كتيبة الإشارة عند منطقة الأمينية الواقعة على أطراف مدينة حمص على طريق «حمص - حماة». وذلك في حين أفادت تقارير إعلامية باغتيال إسرائيل عضواً بارزاً في «الحرس الثوري» الإيراني من خلال استهداف سيارته في حمص وسط سوريا.