سوري بفكر «داعشي» يطلق النار على السفارة الأميركية في بيروت «نصرةً لغزة»

الأمن اللبناني لا يتسرع باتهام التنظيم بسبب «اختلاف في الأدبيات»

صحافيون ومصورون ينتظرون على الطريق المؤدية إلى السفارة الأمريكية في عوكر إثر إطلاق النار باتجاهها (إ.ب.أ)
صحافيون ومصورون ينتظرون على الطريق المؤدية إلى السفارة الأمريكية في عوكر إثر إطلاق النار باتجاهها (إ.ب.أ)
TT

سوري بفكر «داعشي» يطلق النار على السفارة الأميركية في بيروت «نصرةً لغزة»

صحافيون ومصورون ينتظرون على الطريق المؤدية إلى السفارة الأمريكية في عوكر إثر إطلاق النار باتجاهها (إ.ب.أ)
صحافيون ومصورون ينتظرون على الطريق المؤدية إلى السفارة الأمريكية في عوكر إثر إطلاق النار باتجاهها (إ.ب.أ)

تعرّضت السفارة الأميركية في بيروت لإطلاق نار صباح الأربعاء من قِبل شخص يحمل الجنسية السورية، صرخ خلال الهجوم بأنه يقوم بذلك «نصرةً لغزة»، في حين أفادت معلومات أمنية بأن خلية متشددة مؤلّفة من لبنانيين اثنين وعدد من السوريين تقف خلف الاعتداء.

الجيش اللبناني ينتشر بالقرب من السفارة الأمريكية في بيروت بعد إطلاق النار باتجاهها (أ.ف.ب)

ورغم أن المهاجم قدم نفسه على أنه ينتمي إلى تنظيم «داعش»، فإنه استعمل أدبيات مختلفة عن أدبيات التنظيم، خصوصاً أنه كتب اسم التنظيم بالإنجليزية «isis»، كما كتب على سلاحه وثيابه عبارات مثال «إن ينصركم الله فلا غالب لكم» و«الدولة الإسلامية» كما كان لافتاً كتابته عبارة «الذئاب المنفردة».

ورفض مصدر أمني رفيع المستوى التسرع باتهام التنظيم عملانياً بتدبير الهجوم، لكنه جزم لـ«الشرق الأوسط» بأن بصمات فكر «داعش» المتطرف موجودة في تفاصيل الهجوم وتحضيراته.

الصليب الأحمر اللبناني في محيط السفارة الأميركية إثر وقوع الحادثة (رويترز)

وسٌجّل إطلاق نار متبادل بين مطلق النار وعناصر الجيش اللبناني؛ ما أدى إلى إصابته ونقله إلى المستشفى، حيث تتم معالجته، وحالته مستقرة وغير خطرة. وأعلن الجيش اللبناني في بيان له عن «تعرض السفارة الأميركية في لبنان في منطقة عوكر إلى إطلاق نار من قِبل شخص يحمل الجنسية السورية»، مشيراً إلى أن «عناصر الجيش المنتشرين في المنطقة ردّوا على مصادر النيران؛ ما أسفر عن إصابة مطلق النار، وتم توقيفه ونقله إلى أحد المستشفيات للمعالجة».

من جهتها، أعلنت السفارة الأميركية عن تسجيل إطلاق نار «بالقرب من مدخل» مجمّع السفارة المحصن. وأضافت في منشور على موقع «إكس» أنه «بفضل ردة الفعل السريعة» لقوات الأمن اللبنانية وفريق أمن السفارة، «فإن طاقمنا بأمان».

وفي بيان آخر، قالت السفارة، إن التحقيقات جارية والاتصالات مستمرة مع السلطات اللبنانية بشأن أي جديد، وقد أوصت مواطنيها بتجنب السفر إلى حدود لبنان مع إسرائيل وسوريا ومخيمات اللاجئين وتجنب المظاهرات وأي تجمعات.

وأعلنت أنها ستبقي أبوابها مغلقة لبقية اليوم، على أن تعاود العمل الخميس.

وعلى أثر الحادثة انتشر الجيش اللبناني في محيط السفارة وقطع الطرق المؤدية إليها، وقال مصدر قضائي إن قوات الأمن بصدد البحث عن أي شركاء محتملين لمطلق النار، وتقوم بتمشيط المناطق الحرجية في محيط السفارة.

وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن مطلق النار الذي يدعى قيس الخراج، قال عند التحقيق معه إنه قام بذلك نصرةً لغزة، مشيرة إلى توقيف عدد من الأشخاص للتحقيق معهم في المنطقة التي يعيش فيها في بلدة الصويري في البقاع الغربي، بينهم شقيقه.

ولفتت المصادر إلى أن مديرية أمن الدولة في البقاع تمكّنت في عملية خاطفة ونوعية من توقيف شقيق مطلق النار في مجدل عنجر، وقد تم تسليمه إلى مخابرات الجيش، مشيرة إلى أنه تم العثور معه على مادة من «البودرة» تستخدم في صناعة العبوات المتفجرة اليدوية. وأوقف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والد المهاجم، وتم تسليم الاثنين إلى استخبارات الجيش التي تتولى التحقيق.

وأفادت معلومات أمنية «الشرق الأوسط» بأن «خلف الاعتداء على السفارة الأميركية خلية أمنية متشددة مؤلفة من لبنانيين اثنين وعدد من السوريين، وقد تم توقيف أحد اللبنانيين وأصبح بعهدة الأجهزة الأمنية، بينما لاذ الآخر بالفرار إلى جهة مجهولة وهو مطلوب للعدالة وينتمي إلى تنظيم (القاعدة)».

وفي إطار الملاحقات التي قام بها الجيش، أشارت المصادر إلى «أن قوة من الجيش اللبناني قامت بمداهمة بلدة الصويري لملاحقة ومتابعة الخلايا المتورطة، وقد عملت على مداهمة منزل إمام جامع البلدة، السوري الجنسية الشيخ عبد المالك موفق جحا، الذي كان يتابع معاملات خاصة في مجدل عنجر، فتم إبلاغ مفتي البقاع الشيخ علي الغزاوي بالأمر، فعمل على تسليمه إلى مخابرات الجيش وقد تم نقله إلى أحد المراكز العسكرية للتحقيق»، وتلفت المصادر، إلى أن جحا كان يجتمع بمنفذ عملية السفارة في مسجد الصويري الذي يؤم فيه المصلين، وقد بدأت التحقيقات مع عدد من تلامذة الشيخ الذي ترجّح المعلومات أن لديه ميولاً متشددة.

ولاقت حادثة إطلاق النار استنكاراً في لبنان، وأكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنه تبلغ من مسؤولين أمنيين بأن «الوضع مستتب وأن التحقيقات الكثيفة بوشرت لجلاء ملابسات الحادث وتوقيف جميع المتورطين»، وفق ما أفاد بيان صادر عن مكتبه، موضحاً أنّ السفيرة الأميركية ليزا جونسون خارج البلاد.

كذلك، أدان وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب، في بيان، الاعتداء معلناً أنه أجرى اتصالات هاتفية عدة لمتابعة الحادثة والوقوف على تفاصيلها مع الأطراف المعنية. وأكد «التزام لبنان حماية مقار البعثات الديبلوماسية العاملة في بيروت وفقاً لالتزاماتنا واتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية».

وهذه الحادثة هي الثانية من نوعها، خلال أشهر قليلة، حيث كان قد فتح رجل النار في سبتمبر (أيلول) الماضي، على السفارة الأميركية، لكن الهجوم حينها لم يسفر عن وقوع ضحايا. وأعلنت السلطات اللبنانية توقيفه وقالت إنه عامل توصيل أراد «الانتقام» لتعرضه للإهانة من قِبل أحد عناصر الأمن.

وتزامن الحادث وقتها مع الذكرى التاسعة والثلاثين لتفجير بسيارة مفخخة استهدف مبنى تابعاً للسفارة في عوكر عام 1984، أدى إلى مقتل 11 شخصاً وإصابة العشرات، وحمّلت واشنطن «حزب الله» اللبناني، المدعوم من إيران، مسؤوليته.

وانتقلت السفارة إلى هذه البلدة عام 1984 بعد تعرّض مبناها السابق في منطقة عين المريسة في غرب بيروت لتفجير انتحاري ضخم بشاحنة مفخخة في 18 أبريل (نيسان) 1983 أدى إلى مقتل 63 شخصاً. وتبنّت الهجوم منظمة تطلق على نفسها اسم «الجهاد الإسلامي»، أكدت واشنطن أنها مرتبطة بـ«حزب الله».

مقرّ السفارة الأميركية في عوكر (أ.ب)


مقالات ذات صلة

مقتل رجل أعمال سوري بغارة إسرائيلية عند الحدود اللبنانية

المشرق العربي صورة نشرها «المرصد السوري» للسيارة المستهدفة

مقتل رجل أعمال سوري بغارة إسرائيلية عند الحدود اللبنانية

قُتل شخصان في غارة إسرائيلية استهدفت سيارتهما مساء الاثنين على الحدود اللبنانية - السورية، وفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لا تزال الكتل النيابية في البرلمان اللبناني عاجزة بتوازناتها الحالية عن انتخاب رئيس للجمهورية (أرشيفية - رويترز)

تحذيرات من تصفية لبنان سياسياً بتمدد الشغور في إدارات الدولة

يطرح انسداد الأفق لانتخاب رئيس للجمهورية، مع سقوط المبادرات تباعاً، أكثر من سؤال مع تعذر التوصل إلى هدنة في غزة يفترض أن تنسحب على الجنوب.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي حذرت «اليونيسف» عام 2021 من ازدياد العنف والاستغلال الجسدي أو العاطفي أو الجنسي ضد الأطفال والشباب في لبنان (أرشيفية)

الأشغال الشاقة 68 عاماً للبناني اغتصب أطفاله الثلاثة

قضت محكمة لبنانية بالسجن 68 عاماً على رجلٍ أقدم على اغتصاب أطفاله الثلاثة وممارسة العنف عليهم وتعريض حياتهم للخطر.

يوسف دياب
المشرق العربي الدخان يتصاعد من بلدة كفركلا في جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي أول من أمس (أ.ف.ب)

قتيلان في جنوب لبنان بغارة لمسيّرة إسرائيلية

تواصلت المواجهات في جنوب لبنان حيث سقط قتيلان في قصف إسرائيلي، في وقت عدّ فيه «حزب الله» أن خيار الحرب الواسعة تراجع وأصبح احتمالاً ضعيفاً ومستبعداً

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (غيتي)

قلق من الشغور في قيادة الجيش... وتلميح لتمديد ثانٍ لولاية جوزف عون

المجلس النيابي اللبناني قد يجد نفسه مضطراً للتمديد مرة جديدة لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)

الحسّان يخلف بلاسخارت في «مهمة تصريف أعمال يونامي» لدى العراق

مجلس الأمن يصوّت على قرار بشأن تجديد تفويض بعثة «يونامي» لدى العراق في مايو الماضي (الأمم المتحدة)
مجلس الأمن يصوّت على قرار بشأن تجديد تفويض بعثة «يونامي» لدى العراق في مايو الماضي (الأمم المتحدة)
TT

الحسّان يخلف بلاسخارت في «مهمة تصريف أعمال يونامي» لدى العراق

مجلس الأمن يصوّت على قرار بشأن تجديد تفويض بعثة «يونامي» لدى العراق في مايو الماضي (الأمم المتحدة)
مجلس الأمن يصوّت على قرار بشأن تجديد تفويض بعثة «يونامي» لدى العراق في مايو الماضي (الأمم المتحدة)

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان مقتضب (الاثنين)، تعيين محمد الحسّان من سلطنة عُمان ممثلاً خاصاً جديداً له في العراق، ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، بديلاً لجينين بلاسخارت.

ويأتي تعيين ممثل جديد لعمل البعثة الدولية في وقت أنهى فيه مجلس الأمن الدولي عمل «يونامي» نهاية العام المقبل، بناءً على طلب تقدم به إلى الأمم المتحدة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال شهر مايو (أيار) الماضي.

وكان السوداني برّر طلب حكومته إنهاء عمل بعثة «يونامي» في البلاد بأنه «يأتي بناءً على ما يشهده العراق من استقرار سياسي وأمني» خلال استقباله المبعوثة الأممية السابقة جينين بلاسخارت، التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية المختلفة في العراق مع بدء المطالب بإنهاء عمل البعثة الأممية، الذي ترافق مع مطالب إنهاء عمل التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش»، الذي تقوده منذ عام 2014 الولايات المتحدة.

وبعد طلب العراق، أعلن مجلس الأمن الدولي موافقته على إنهاء عمل البعثة الدولية نهاية عام 2025، في حين مدّد عملها إلى نهاية العام المقبل، وهو تمديد دوري كل عام.

وفي حين جاء التصويت على إنهاء عمل البعثة بالإجماع، فإن التمديد كان لفترة نهائية أمدها 19 شهراً «تتوقف بعدها البعثة عن جميع الأعمال والعمليات المنوطة بها باستثناء ما يتبقى من أنشطة تصفية البعثة» طبقاً لنص قرار مجلس الأمن الدولي، مما يعني أن مهمة المبعوث الجديد الذي خلف بلاسخارت هو تسيير أعمال البعثة ضمن «خطة لنقل المهام والتصفية تكتمل بحلول نهاية العام الحالي، بما يشمل تحديد تاريخ تنتهي فيه أنشطة التصفية في العراق».

وكان مجلس الأمن قد دعا حكومة العراق إلى التعاون مع الأمم المتحدة تعاوناً تاماً خلال عملية نقل مهام البعثة وخفضها التدريجي وتصفيتها، وأثنى على الجهود التي تبذلها الحكومة لتسوية القضايا الداخلية في البلاد، وإحراز تقدّم نحو تحقيق المنجزات المحدّدة في برنامج عملها.

من جهته، أكد رئيس الوزراء العراقي «استمرار الحكومة العراقية في التعاون مع الوكالات الدولية التابعة للمنظمة الأممية، بما يتفق مع البرنامج الحكومي ومستهدفاته التنموية وعلى جميع المجالات، خصوصاً مع التقدّم المُحرَز في مجالات الإصلاح الاقتصادي، وإعمار البنى التحتية، وتنامي قدرات قواتنا المسلحة بمختلف أنواعها».

رسالة بلاسخارت العاطفية

ورغم احتجاج بعض الأطراف السياسية على مواقفها، لا سيما منذ مظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وما تلاها، فإن جينين بلاسخارت التي تسلّمت مهامها في شهر يناير (كانون الثاني) 2018، حرصت على أن تودع العراقيين برسالة عاطفية.

وقالت بلاسخارت إنه «مع اقتراب فترة عملي في العراق ممثلةً خاصةً للأمين العام للأمم المتحدة، أود أن أعرب عن امتناني وتقديري العميق للعراقيين كافة، خصوصاً أولئك الذين التقيتهم وعملت معهم». وبينما اختتمت رسالتها العاطفية بعبارة «عاش العراق»، فقد ذكرت أنها كانت موضع ترحيب من قبل العراقيين في «مدنهم ومنازلهم، ودعونا لمشاركتهم في وجبة أو فعالية، ولم يفوتوا فرصة لإبراز ثقافة العراق الغنية وجماله الهائل».

وبيّنت أن فترة عملها في العراق «تركت داخلي أثراً لا يُمحى. وبالطبع، لا يمكنني المبالغة في الإعراب عن امتناننا للأجهزة المختلفة بالحكومة العراقية، التي سهّلت عملنا، من خلال الجهود الدؤوبة، وحمت موظفي الأمم المتحدة وعملياتها».

ورغم موافقة القوى السياسية العراقية ممثلة بـ«ائتلاف إدارة الدولة»، الداعم للحكومة، على طلب إنهاء مهمة «يونامي» في العراق، لكن أصواتاً كثيرة كانت قد حذّرت، لا سيما في الأوساط السُّنِّية والكردية، من التسرُّع في إنهاء مهمة التحالف الدولي و«يونامي»؛ نتيجة الخلاف بشأن طبيعة الاستقرار السياسي في البلاد.