الرئاسة الفلسطينية لخامنئي: إيران تضحي بدماء شعبنا

بعد تصريحات قال فيها إن «حرب غزة كانت ضرورية»

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في قمة البحرين الشهر الماضي (الشرق الأوسط)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في قمة البحرين الشهر الماضي (الشرق الأوسط)
TT

الرئاسة الفلسطينية لخامنئي: إيران تضحي بدماء شعبنا

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في قمة البحرين الشهر الماضي (الشرق الأوسط)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في قمة البحرين الشهر الماضي (الشرق الأوسط)

هاجمت الرئاسة الفلسطينية بشدة تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي، بشأن عملية «طوفان الأقصى» والحرب في قطاع غزة. وقالت إن «إيران تضحي بالدم الفلسطيني»، وإن «من يدفع ثمن الحرب الإسرائيلية واستمرارها الشعب الفلسطيني، وهو أول المتأثرين بهذه الحرب».

وبعدما استعرضت الرئاسة الفلسطينية تصريحات خامنئي، التي قال فيها إن «هذه الحرب خلطت الأوراق في لحظة حساسة كان العدوّ يسعى فيها لتطبيق مخطّط السيطرة على المنطقة، وكانت ضرورية للمنطقة، وأن على الجميع ألا يعقدوا آمالهم على اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة (...)»، رأت رام الله في بيان، الاثنين، أن تلك التصريحات «تعلن بوضوح أن هدفها هو التضحية بالدم الفلسطيني وبآلاف الأطفال والنساء والشيوخ».

وذكّرت الرئاسة بأن الحرب أسفرت منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن «ارتقاء أكثر من 36 ألف شهيد، ونحو 83 ألف جريح، وتدمير البنية التحتية من مستشفيات ومدارس ومساجد وكنائس، وتشريد آلاف المواطنين، وإبادة مئات العائلات».

وكان خامنئي قال أمام آلاف من أنصاره في طهران، الاثنين، بمناسبة الذكرى الـ35 لوفاة المرشد الإيراني الأول (الخميني)، إن «الهجوم (أي طوفان الأقصى) أحبط مخططات أميركية في المنطقة». ورأى أنه وضع إسرائيل «على مسار لن ينتهي إلا إلى الدمار والزوال».

لكن في المقابل قالت الرئاسة الفلسطينية إن «تدمير الأرض الفلسطينية لن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإن الشعب الفلسطيني يقاتل ويكافح منذ مائة عام، وهو ليس بحاجة إلى حروب لا تخدم طموحاته بالحرية والاستقلال، والحفاظ على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية».

وقالت الرئاسة الفلسطينية «إن ما نريده هو إنهاء الاحتلال، وتجسيد دولتنا الفلسطينية المستقلة بعاصمتها في القدس الشرقية، وليس سياسات لا تخدم الأهداف الوطنية الفلسطينية الممثلة بتحرير القدس ومقدساتها، وتُدمر الشعب الفلسطيني وتهجره من الأرض التي ناضل من أجل الحفاظ على هويتها جيلاً بعد جيل».

وتطرقت الرئاسة الفلسطينية كذلك إلى الخلافات مع واشنطن، وقالت «إننا في مواجهة مستمرة وحدنا مع الاحتلال، ومع الإدارات الأميركية المتعاقبة التي تستعمل الفيتو باستمرار لمنع حصولنا على حقوقنا المشروعة، وتحاول أن تُخرج القدس من المعادلة، وتقدم السلاح والمال للحفاظ على الاحتلال، ومنع رفع العلم الفلسطيني على القدس والمقدسات».

وتتجنب السلطة الفلسطينية عادة الدخول في مواجهة كلامية مع إيران رغم العلاقات السيئة إلى حد كبير بين الجانبين ووجود قطيعة بينهما، لكن بين الحين والآخر توجه رام الله هجوماً نحو طهران، باعتبارها «مسؤولة عن الانقسام الفلسطيني» وتدعمه عبر مساندة بعض الفصائل الفلسطينية.

المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل قائد «حماس» إسماعيل هنية ووفداً من الحركة (وكالة إرنا)

وخلال الحرب الحالية، هاجمت السلطة الفلسطينية وحركة فتح، إيران، مرتين، الأولى عدّت أن الحرب التي أطلقتها «حماس» في غزة «تخدم أجندة إيرانية وليست وطنية»، والثانية متهمة إياها بـ«إحداث الفوضى والفلتان والعبث في الساحة الداخلية الفلسطينية، بطريقة لا يستفيد منها سوى الاحتلال الإسرائيلي».

وتقدّم إيران التي لا تعترف بإسرائيل، نفسها كأحد الداعمين الرئيسيين لحركة «حماس» التي أصبحت خلال السنوات القليلة الماضية إحدى المجموعات المنضوية تحت ما يسمى بـ«محور المقاومة» الذي يجمع حلفاء طهران في الشرق الأوسط، لكنها نفت علاقتها بهجوم السابع من أكتوبر، باعتباره فعلاً فلسطينياً خالصاً.

وخلال الحرب الحالية، أعلنت إيران دعمها لـ«حماس» لكنها لم تنخرط في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، ودخلت في تصعيد أطلقت خلاله صواريخ على الدولة العبرية رداً على اغتيال أحد قادة الحرس الثوري في سوريا، وهو تصعيد لم يتطور إلى مواجهة.

وزار رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية طهران 3 مرات منذ بداية الحرب، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، ومارس (آذار) الماضي، وأخيراً الشهر الماضي خلال جنازة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والتقى في زياراته الثلاث بخامنئي، ومسؤولين آخرين.


مقالات ذات صلة

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

المشرق العربي اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

تحاول الحكومة الإيرانية استعادة بعض نفوذها مع القادة الجدد في سوريا، حيث تواجه طهران صدمة فقدان سلطتها المفاجئ في دمشق عقب انهيار نظام بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شؤون إقليمية المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي (أرشيفية - وكالة مهر الإيرانية)

إيران تدين مقتل موظف بسفارتها في دمشق

أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مقتل سيد داوود بيطرف، الموظف المحلي في سفارة إيران بدمشق.

شؤون إقليمية العلمان الإيراني والأميركي (رويترز)

«الخارجية الإيرانية» تحتج على اعتقال أميركا اثنين من مواطنيها

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن طهران استدعت السفير السويسري لديها، الذي يمثل المصالح الأميركية في البلاد، ودبلوماسياً إيطالياً كبيراً على خلفية اعتقال إيرانيَّين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الضباب الدخاني يغطي أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)

10 قتلى في حادث حافلة بإيران

لقي عشرة أشخاص على الأقلّ مصرعهم اليوم (السبت) إثر سقوط حافلة ركاب في واد بمقاطعة لرستان غربي إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
TT

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)

يضرب البرد القارس الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو مليونَي شخص، الذين نزحوا؛ بسبب الحرب الإسرائيلية، في حين توفيت رضيعة من البرد، وفق وسائل إعلام فلسطينية.

وتوفيت، أول من أمس (الجمعة)، الرضيعة عائشة عدنان سفيان القصاص (20 يوماً)؛ نتيجة البرد الشديد داخل خيمة في منطقة مواصي خان يونس، حسبما ذكرت وسائل إعلام فلسطينية.

ويكافح كثير من الفلسطينيين منذ 14 شهراً لحماية أنفسهم من الرياح والبرد والأمطار، وسط برد قارس يضرب القطاع. كما أن هناك نقصاً في البطانيات والملابس الدافئة، وقليلاً من الخشب لإشعال النار، كما أن الخيام والأقمشة المشمعة التي تعيش فيها الأسر أصبحت مهترئة بشكل متزايد بعد أشهر من الاستخدام المكثف، وفقاً لعمال الإغاثة والسكان.

وتقول شادية عياده، التي نزحت من مدينة رفح إلى منطقة المواصي الساحلية، إنه ليس لديها سوى بطانية واحدة وزجاجة ماء ساخن لحماية أطفالها الـ8 من الارتعاش داخل خيمتهم الهشّة. وتتابع لوكالة «أسوشييتد برس»: «نشعر بالخوف في كل مرة نعلم فيها من توقعات الطقس أن الأيام الممطرة والعاصفة مقبلة؛ لأن خيامنا ترتفع مع الرياح. نخشى أن يؤدي الطقس العاصف القوي إلى تدمير خيامنا ذات يوم بينما نحن داخلها».

رضا أبو زرادة التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها وسط أحفادها في خيمتها بخان يونس (أ.ب)

مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً، تخشى أيادا أن يمرض أطفالها الذين يفتقرون للملابس الدافئة. وقالت إن أطفالها عندما فروا من منزلهم لم يكن لديهم سوى ملابس الصيف. وقد اضطروا إلى اقتراض بعض الملابس من الأقارب والأصدقاء للتدفئة.

مخاوف من انتشار أمراض الشتاء

وتحذِّر الأمم المتحدة من أن الناس الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة قد لا يصمدون في الشتاء. وقالت الأمم المتحدة، في تحديث يوم الثلاثاء، إن ما لا يقل عن 945 ألف شخص يحتاجون إلى إمدادات الشتاء، التي أصبحت باهظة الثمن في غزة. كما تخشى الأمم المتحدة من أن تتفشى الأمراض المعدية، التي انتشرت في الشتاء الماضي، مرة أخرى وسط ارتفاع سوء التغذية.

وفي هذا الصدد، قالت لويز واتريدغ المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الوكالة كانت تخطط طوال العام لفصل الشتاء في غزة، لكن المساعدات التي تمكَّنت من إدخالها إلى القطاع «ليست كافية حتى للناس». وزَّعت «الأونروا» 6 آلاف خيمة على مدى الأسابيع الأربعة الماضية في شمال غزة، لكنها لم تتمكَّن من نقلها إلى أجزاء أخرى من القطاع، بما في ذلك المناطق التي شهدت اشتداد المعارك.

أحد أحفاد رضا أبو زرادة يجلس على التراب مرتدياً جوارب ممزقة خلال اللعب بالقرب من خيمتهم بخان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

وتابعت واتريدغ أن نحو 22 ألف خيمة عالقة في الأردن، و600 ألف بطانية و33 شاحنة محملة بالمراتب كانت راكدة في مصر منذ الصيف؛ لأن الوكالة ليست لديها موافقة إسرائيلية أو طريق آمن لإحضارها إلى غزة، ولأنها اضطرت إلى إعطاء الأولوية للمساعدات الغذائية التي تشتد الحاجة إليها. وقالت إن كثيراً من الفرش والبطانيات تعرضت للتدمير منذ ذلك الحين؛ بسبب الطقس والقوارض.

وقالت ديون وونغ، نائبة مدير برامج المنظمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن «لجنة الإنقاذ الدولية تكافح من أجل جلب ملابس الشتاء للأطفال؛ لأن هناك كثيراً من الموافقات التي يتعيَّن الحصول عليها من السلطات المختصة». وقالت وونغ: «إن قدرة الفلسطينيين على الاستعداد للشتاء محدودة للغاية في الأساس».

أحفاد رضا أبو زرادة يتدفأون على نيران من الورق الكرتون في خيمة في خان يونس (أ.ب)

وقالت وكالة تابعة للحكومة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق شحنات المساعدات إلى غزة، في بيان، إن إسرائيل عملت لأشهر مع المنظمات الدولية لإعداد غزة للشتاء، بما في ذلك تسهيل شحن المدافئ والملابس الدافئة والخيام والبطانيات إلى القطاع، وفق «أسوشييتد برس».

قُتل أكثر من 45 ألف فلسطيني في الحرب في غزة، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. كما أن أكثر من نصف القتلى من النساء والأطفال. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه قتل أكثر من 17 ألف مسلح، دون تقديم أدلة. ويقول المفاوضون إن إسرائيل و«حماس» تتجهان نحو اتفاق وقف إطلاق النار، الذي سيشمل زيادة المساعدات إلى المنطقة.

في الوقت الحالي، فإن الملابس الشتوية المعروضة للبيع في أسواق غزة باهظة الثمن بالنسبة لمعظم الناس، كما قال السكان وعمال الإغاثة.

«أخاف أن أستيقظ من النوم»

قالت رضا أبو زرادة، (50 عاماً)، التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها، إن البالغين ينامون مع الأطفال بين أذرعهم لإبقائهم دافئين داخل خيمتهم، وتابعت: «تمشي الفئران علينا في الليل لأننا لا نملك أبواباً والخيام ممزقة. البطانيات لا تدفئنا. نشعر بالصقيع يخرج من الأرض. نستيقظ متجمدين في الصباح». قالت: «أخاف أن أستيقظ ذات يوم لأجد أحد الأطفال متجمداً حتى الموت».

رضا أبو زرادة التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها وسط أحفادها في خيمتها بخان يونس (أ.ب)

في ليلة الخميس، حاربت آلام الركبة التي تفاقمت بسبب الطقس البارد لقلي الكوسة على نار مصنوعة من قصاصات الورق والكرتون خارج خيمتهم. كانت تأمل أن تدفئ الوجبةُ الصغيرةُ الأطفالَ قبل النوم.

وفي السياق، يخشى عمر شبيت، النازح من مدينة غزة والذي يقيم مع أطفاله الـ3، أن يؤدي إشعال النار خارج خيمته إلى جعل عائلته هدفاً للطائرات الحربية الإسرائيلية. وقال: «ندخل خيامنا بعد غروب الشمس ولا نخرج لأن الجو بارد جداً وتزداد البرودة بحلول منتصف الليل. ابنتي البالغة من العمر 7 سنوات تكاد تبكي في الليل بسبب البرد».