خطر المسيّرات الانتحارية شمال سوريا يهدد بنزوح المزارعين

منذ شهر فبراير تزايد استخدام المسيّرات المصنعة محلياً

على الرغم من حجمها الصغير تُسبب الطائرة الانتحارية دماراً واسعاً وتقتل مدنيين وعسكريين (الشرق الأوسط)
على الرغم من حجمها الصغير تُسبب الطائرة الانتحارية دماراً واسعاً وتقتل مدنيين وعسكريين (الشرق الأوسط)
TT

خطر المسيّرات الانتحارية شمال سوريا يهدد بنزوح المزارعين

على الرغم من حجمها الصغير تُسبب الطائرة الانتحارية دماراً واسعاً وتقتل مدنيين وعسكريين (الشرق الأوسط)
على الرغم من حجمها الصغير تُسبب الطائرة الانتحارية دماراً واسعاً وتقتل مدنيين وعسكريين (الشرق الأوسط)

تفرض المسيّرات الانتحارية في شمال غربي سوريا خياراً صعباً على المدنيين المزارعين تحديداً، إما النزوح من مناطق التماس مع قوات النظام السوري شمالاً إلى المخيمات؛ طلباً للسلامة والأمان، وإما البقاء تحت خطر العمل في الأراضي الزراعية، وكسب لقمة العيش.

في أبريل (نيسان) الماضي، كان حسين القرقوري يعمل بأرضه الزراعية قرب بيته في بلدة قسطون في ريف حماة الشمالي، عندما سمع صوتاً غريباً آتياً من السماء، «عرفت أنها طائرة مسيّرة، لكنني لم أعرف أنها مذخرة»، قال المزارع الخمسيني لـ«الشرق الأوسط»، واصفاً الآلة التي حامت حول منزله وأرضه ببطء قبل أن تسرع مصطدمة بسيارته.

ينظر حسين لصورة حطام سيارته على هاتفه المحمول (الشرق الأوسط)

لم يصب حسين وأفراد عائلته في حينها، إذ لم يكونوا ضمن المركبة، واستطاعوا الاحتماء باللحظات الأخيرة، لكن السيارة تحطمت بالكامل، بفعل الانفجار، «لا أهداف عسكرية في البلدة» قال المزارع: «استهداف سيارتي كان الأول في هذه المنطقة».

الهجوم الذي أثار الرعب في قلب حسين، حسب وصفه، لم يكن الأول الذي نجا منه مع عائلته خلال السنوات الماضية، إذ يحمل منزله الصغير تشققات وآثار ترميم واضحة لما أحدثته القذائف المدفعية من أضرار، إلا أن هذا الهجوم كان له الأثر الأكبر على شعوره بالخوف على عائلته، والتفكير الجديّ بالنزوح إلى المخيمات، وترك مصدر رزقه الوحيد خلال فترة الحصاد.

«القذيفة أقل إثارة للخوف»، قال حسين، واصفاً عشوائية الاستهداف بالقذائف، والفرص التي يوفرها الحظ للنجاة: «المسيرة تلحق بالهدف وتتابعه، إلى أن تصيبه، لا مجال للهرب منها».

شهدت سنوات الحرب السورية استخدام مئات أنواع الأسلحة والذخائر، ولكن منذ شهر فبراير (شباط) الماضي، تزايد استخدام المسيّرات المُصنعة محلياً، وهي عبارة عن جسد طائرة بسيطة محملة بكاميرا أمامية، وجهاز لإرسال الفيديو، وجهاز لاستقبال أوامر التحكم، وعبوة متفجرة تحمل حشوات «RPG» معدة للانفجار عند الاصطدام، أو مادة «TNT» مع قطع حديدية تُشكل الشظايا.

«المرصد السوري لحقوق الإنسان» وثّق خلال شهر أبريل (نيسان) 66 هجوماً بالطائرات المسيّرة الانتحارية أطلقتها قوات النظام على مناطق شمال غربي سوريا، مسببة مقتل وإصابة مقاتلين من الفصائل المعارضة، مع إصابة 5 مدنيين، بينهم طفلان.

7- الراصد الميداني «أبو أمين» - (الشرق الأوسط)

«أبو أمين»، الذي يعمل بالرصد الميداني والعسكري في منطقة إدلب، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن استخدام المسيّرات يعود إلى الشهر الثامن من عام 2023، في مناطق ريف إدلب الجنوبي، وريف حلب الغربي، وكان من أهدافها آليات زراعية ودرّاجات نارية للمدنيين، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى وأضرار مادية بالغة.

على الرغم من حجمها الصغير تُسبب الطائرة الانتحارية دماراً واسعاً وتقتل مدنيين وعسكريين (الشرق الأوسط)

بتقدير «أبو أمين»، لا تتجاوز تكلفة الطائرة المسيّرة سوى 250 دولاراً، ما يجعلها أقل تكلفة من الذخائر المدفعية والصواريخ، كما أنها أثبتت فاعليتها بإصابة محققة للأهداف، وتمكنها من التوغل مسافة تصل إلى 8 كيلومترات، حسب سعة البطارية المستخدمة فيها.

الفصائل العسكرية في المنطقة حازت بعضاً من المسيّرات، وحسبما صرح قائد في غرفة عمليات «الفتح المبين»، التي تجمع عدداً من الفصائل المعارضة المحاربة لقوات النظام، فإن «التدابير اللازمة» تم اتخاذها للتعامل مع تلك الطائرات.

متداولة على المواقع لمسيّرة في شمال سوريا

وقال القائد العسكري لـ«الشرق الأوسط» إن «العمل جارٍ على تطوير سلاح مناسب للتعامل مع الطائرات المسيّرة، وتعميمه على جميع المناطق»، نافياً أن يكون للطائرات المسيّرة أثر مهم على الواقع العسكري في المنطقة التي يستمر فيها «خفض التصعيد» منذ مارس (آذار) عام 2020، على الرغم من الخروقات وحملات القصف المتكررة التي لم تؤدِّ لبدء معارك مباشرة بين قوات النظام والمعارضة.

نزوح المزارعين

انخفضت أعداد المدنيين، الذين اختاروا البقاء في مناطقهم القريبة على خطوط التماس للعمل وتأمين الرزق، بعد بدء استخدام المسيّرات الانتحارية، حسبما لاحظ الراصد الميداني «أبو أمين»، الذي قال إن حالة من «الرعب» خيّمت على السكان، بعد تكرار الاستهدافات ووفاة عدد من الأشخاص.

بإمكان بعض الاحتياطات أن تقلل من فرص الاستهداف للمدنيين، يقول «أبو أمين»، الذي نبّه إلى أن المراصد العسكرية تعمم بشكل مباشر عند دخول المسيرات للمنطقة، وحينها يكون تمويه الآليات الزراعية مفيداً، وكذلك الابتعاد عنها عند سماع صوت الطائرة، والاتجاه نحو الأماكن المنخفضة التي تقلّ بها القدرة على التحكم بالمسيّرة عن بُعد.

وأضاف الراصد أن على المدنيين الابتعاد عن الآليات بمجرد استهدافها، لأن قوات النظام تعتمد على «مبدأ السرب»، أي تكرار الاستهداف بطائرة أو اثنتين أو 3 طائرات.

المزارع حسين يشير إلى مكان استهداف المسيرة الانتحارية لسيارته (الشرق الأوسط)

وبالنسبة للمزارع حسين، لم تكن خسارة السيارة مقصورة على ثمنها، الذي كان يقدر بنحو 4500 دولار، وإنما خسارة وسيلة النقل الآمنة في حال اضطرار العائلة للنزوح السريع من المنطقة، كما فعلوا مراراً من قبل. «لم نعد نعرف ما الذي علينا فعله»، قال حسين: «نريد أن نزرع ونحصد ونعتني بأراضينا التي نقتات منها، إلى أين علينا الذهاب».

وكانت إحصاءات «الأمم المتحدة»، بخصوص الأوضاع الاقتصادية في شمال غربي سوريا، في تدهور مستمر، إذ مع غلاء الأسعار وانخفاض قيمة العملة التركية التي يعتمد عليها سكان المنطقة، تقلّ فرص العمل، وترتفع نسب الفقر والحاجة للمساعدات الإنسانية.

لكن الاستجابة الإنسانية «تعاني نقص التمويل بشكل مثير للقلق»، إذ ذكر تقرير الأوضاع، المنشور من قبل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع لـ«الأمم المتحدة»، في 16 من مايو (أيار) الماضي، أن المنظمات الإنسانية لم تحصل سوى على 6 في المائة من التمويل المطلوب لعام 2024 (227 مليون دولار من أصل 4.07 مليار دولار).

المخيمات السورية في إدلب لا يمكنها حماية النازحين من الكوارث المناخية (رويترز)

خلال 5 سنوات، ارتفع عدد النازحين داخلياً في شمال غربي سوريا بنسبة 90 في المائة، من 1.8 مليون منتصف عام 2019 إلى 3.4 مليون شخص عام 2024. ويفتقر 80 في المائة من النازحين داخلياً لمصدر دخل مستقر، ويعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

وبالنسبة لسكان مناطق التماس، التي تواجه خطر المسيرات الانتحارية، لا يعدّ قرار الرحيل سهلاً، «لا نريد انتظار سلة الإغاثة»، قال حسين مبرراً بقاءه في قريته، إلا أن خطر الاستهداف من جديد يدفعه للتفكير الجدي بالنزوح: «لن أغامر بأولادي ونفسي لأحصل على الرزق، الله يعوض الرزق، الرزق بيد الله».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مُسيرة صغيرة خلال أحد التدريبات (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي إن التكتل يساوره «قلق بالغ» إزاء تقرير ذكر أن روسيا تطوِّر برنامج طائرات مُسيرة هجومية بدعم من الصين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي من موقع هجومين بسيارتين مفخختين في دوار العباسية في حمص بسوريا في 29 أبريل 2014 في هذا المنشور الذي أصدرته وكالة الأنباء السورية الوطنية «سانا» (رويترز)

مقتل شخص في استهداف سيارة بمسيّرة إسرائيلية في جنوب سوريا

قُتل شخص وأصيب آخر في استهداف سيارة على طريق مطار دمشق الدولي في جنوب سوريا، صباح اليوم (الجمعة)، باستهداف بمسيّرة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا جندي أوكراني يقف بالقرب من أجزاء من طائرة مسيرة في موقع تعرّض لهجوم روسي بكييف (رويترز)

كييف: سقوط شظايا طائرة مسيرة على مبنى حكومي

أعلن فيتالي كليتشكو رئيس بلدية كييف أن شظايا طائرة مسيرة سقطت على مبنى بلدية في منطقة أوبولون شمال وسط المدينة في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جندي أوكراني يحمل جزءاً من طائرة بدون طيار روسية أُسقطت بالقرب من كييف (رويترز)

إصابة شخص في هجوم بمسيّرات روسية على أوكرانيا

كشفت القوات الجوية الأوكرانية، في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، اليوم، إنها أسقطت 24 من أصل 26 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا في هجوم على أربع مناطق الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم صورة لموقع مبنى متضرر في أعقاب هجوم مزعوم بطائرة مسيّرة أوكرانية في رامينسكوي خارج موسكو 10 سبتمبر 2024 (أ.ب)

روسيا تعلن تدمير 20 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال الليل

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الجمعة)، اعتراض وتدمير 20 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال الليل فوق 6 مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

سوريا كانت «كعب أخيل»... كيف اخترقت إسرائيل «حزب الله»؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

سوريا كانت «كعب أخيل»... كيف اخترقت إسرائيل «حزب الله»؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لثلاثة من رفاقهم قُتلوا في سوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

كشف مسؤولون سابقون وحاليون في الاستخبارات الإسرائيلية، أن انخراط «حزب الله» في الحرب الأهلية السورية إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، كان بمثابة «كعب أخيل» الذي سمح لتل أبيب بتحقيق طفرة في اختراق الحزب، بعدما ظلت بنيته السرية عصية على الاختراق لعقود.

فبعد أقل من عقدين على فشلها ثلاث مرات في اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، خلال حرب عام 2006، تمكنت إسرائيل من تحديد موقعه بدقة يوم الجمعة الماضي، وقتله مع نحو 20 من أبرز قادة الحزب، بعد أسابيع من الاغتيالات والتصفيات والهجمات غير التقليدية.

ما تغير، بحسب المسؤولين الحاليين والسابقين الذين تحدثوا في تقرير لصحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، هو «عمق ونوعية المعلومات الاستخباراتية التي تمكنت إسرائيل من الاعتماد عليها في الشهرين الماضيين»، بدءاً باغتيال القائد العسكري للحزب فؤاد شكر نهاية يوليو (تموز) الماضي.

«صورة استخباراتية كثيفة»

هذا التغير النوعي استند، بحسب هؤلاء، إلى «الصورة الاستخباراتية الكثيفة» التي أتاحها نشر «حزب الله» عناصره في سوريا في 2012 للمساعدة في إخماد الاحتجاجات، وهو ما شكل انكشافاً أظهر «من كان مسؤولاً عن عمليات الحزب، ومن كان يحصل على ترقية، ومن كان فاسداً، ومن عاد للتو من رحلة غير مفسرة».

أرشيفية لتدريبات ميليشيات إيران في سوريا بينها مقاتلون لـ«حزب الله» اللبناني (المرصد السوري)

ولمواكبة الحرب الممتدة في سوريا، اضطر «حزب الله» إلى توسيع قاعدة تجنيد العناصر، ما جعله «أكثر عرضة للجواسيس الإسرائيليين الذين ينشرون عملاء أو يبحثون عن منشقين محتملين». وأوضحت رندا سليم، مديرة البرامج في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن «التوسع في سوريا أضعف آليات الرقابة الداخلية، وفتح الباب للتسلل على مستوى كبير».

«نافورة من البيانات»

وإضافة إلى فرص الاختراق، وفرت الحرب في سوريا لجواسيس إسرائيل وخوارزمياتهم «نافورة من البيانات»، معظمها متاح للجمهور، مثل «ملصقات الشهداء» التي استخدمها «حزب الله» بانتظام لنعي قتلاه في سوريا، وهي كانت مليئة بمعلومات صغيرة، بما في ذلك البلدة التي ينتمي إليها المقاتل، والمكان الذي قُتل فيه، ودائرة أصدقائه الذين نشروا الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي. كانت الجنازات أكثر كشفاً، إذ أخرجت أحياناً كبار القادة من الظل، ولو لفترة وجيزة.

ونقل التقرير عن سياسي لبناني سابق رفيع المستوى قوله إن اختراق «حزب الله» من قبل المخابرات الإسرائيلية أو الأميركية كان «ثمن دعمهم للأسد». وأوضح: «كان عليهم الكشف عن أنفسهم في سوريا، واضطرت الجماعة السرية فجأة إلى البقاء على اتصال وتبادل المعلومات مع جهاز الاستخبارات السوري بكل فساده، أو مع أجهزة الاستخبارات الروسية التي كانت تخضع لمراقبة منتظمة من قبل الأميركيين».

مثلت «ملصقات الشهداء» التي كان الحزب يوزعها لقتلاه في سوريا وصور تشييعهم مصدراً مهماً للمعلومات

تحول الحزب من كونه «منضبطاً للغاية ومتشدداً إلى السماح بدخول عدد أكبر بكثير من الناس»، كما يقول يزيد صايغ، وهو زميل بارز في مركز كارنيغي للشرق الأوسط. «كان الرضا عن الذات والغطرسة مصحوبين بتحول في العضوية بداية الضعف».

حصار بتقنيات التجسس

بموازاة هذه الطفرة في جمع المعلومات من أقمار التجسس والمسيّرات المتطورة وقدرات القرصنة الإلكترونية التي تحول الهواتف المحمولة إلى أجهزة تنصت، أنشأت إسرائيل «الوحدة 9900» التي تكتب خوارزميات تغربل كميات هائلة من الصور المرئية للعثور على أدنى تغيرات، على أمل تحديد فتحة تهوية فوق نفق أو الإضافة المفاجئة لتعزيزات خرسانية، مما يشير إلى وجود مخبأ.

وشرح التقرير أنه «بمجرد تحديد هوية أحد عناصر (حزب الله)، يتم إدخال أنماط تحركاته اليومية في قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات، يتم سحبها من أجهزة يمكن أن تشمل الهاتف المحمول لزوجته، أو عداد المسافات في سيارته الذكية، أو موقعه».

القيادي البارز في «حزب الله» هاشم صفي الدين خلال مشاركته في تشييع قيادي من الحزب قُتل في إدلب بسوريا (أ.ف.ب)

وهذه العمليات يمكن التعرف عليها من مصادر مختلفة مثل مسيّرة تحلق في السماء، أو من خلال بث كاميرا مراقبة مخترقة يمر بها، وحتى من خلال صوته المسجل على ميكروفون جهاز التحكم عن بعد في التلفزيون الحديث، وفقاً للعديد من المسؤولين الإسرائيليين.

يشرح أحد هؤلاء المسؤولين أن «أي انقطاع عن هذا الروتين يصبح بمثابة تنبيه لضابط الاستخبارات لفحصه، وهي التقنية التي سمحت لإسرائيل بتحديد القادة متوسطي المستوى لفرق مكافحة الدبابات المكونة من اثنين أو ثلاثة مقاتلين والتي ضايقت الجيش الإسرائيلي عبر الحدود. وفي مرحلة ما، راقبت إسرائيل جداول القادة الأفراد لمعرفة ما إذا كان قد تم استدعاؤهم فجأة تحسباً لهجوم».

تحديد مكان نصر الله

خلال الشهور الماضية، نجحت الاستخبارات الإسرائيلية تقريباً في إتقان تقنية سمحت لها، على الأقل بشكل متقطع، بتحديد مكان نصر الله الذي كان يعيش تحت الأرض في شبكة من الأنفاق والمخابئ.

وفي الأيام التي أعقبت السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أقلعت الطائرات الحربية الإسرائيلية حاملة تعليمات بقصف موقع لنصر الله كان قد تم تحديده من قبل مديرية الاستخبارات الإسرائيلية «أمان». ثم ألغيت الغارة بعد أن طالب البيت الأبيض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بذلك، وفقاً لأحد المسؤولين الإسرائيليين.

موقع اغتيال نصر الله بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

لكن يبدو أن هذا الاعتراض لم يتكرر يوم الجمعة الماضي حين حددت الاستخبارات الإسرائيلية مكان نصر الله مرة أخرى متوجهاً إلى «مخبأ القيادة والسيطرة»، على ما يبدو لحضور اجتماع ضم العديد من كبار قادة الحزب وقيادي كبير من «الحرس الثوري»، ونفذت ضربتها الصادمة.