«دمار يفوق الوصف»... الفلسطينيون يعودون إلى «أرض محروقة» في جباليا

فلسطينيون يحملون بعض ممتلكاتهم التي جرى إنقاذها في أثناء مغادرتهم مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة بعد عودتهم (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون بعض ممتلكاتهم التي جرى إنقاذها في أثناء مغادرتهم مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة بعد عودتهم (أ.ف.ب)
TT

«دمار يفوق الوصف»... الفلسطينيون يعودون إلى «أرض محروقة» في جباليا

فلسطينيون يحملون بعض ممتلكاتهم التي جرى إنقاذها في أثناء مغادرتهم مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة بعد عودتهم (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون بعض ممتلكاتهم التي جرى إنقاذها في أثناء مغادرتهم مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة بعد عودتهم (أ.ف.ب)

كان السكان الذين عادوا إلى بلدة جباليا بشمال قطاع غزة يوم الجمعة، يتوقعون أن يجدوا دماراً شاملاً، رغم ذلك فهم ما زالوا مصدومين من حجم الدمار الذي رأوه بعد ثلاثة أسابيع من الهجوم الإسرائيلي على المنطقة الحضرية كثيفة السكان.

وقال محمد عويس، الذي عاد مع عائلته إلى منزلهم في جباليا، الجمعة، لصحيفة «نيويورك تايمز»، إنه عاد إلى جباليا ليجد أن «الدمار لا يوصَف»، وأضاف: «عقولنا غير قادرة على استيعاب ما نراه».

دمار لا يوصَف

وتحدث عن أنه وعائلته ساروا على طول الطرق المدمرة لمدة ساعة تقريباً في ظل الحر، ورأوا أنه لا يمكن لأي مركبة أن تتنقل في الشوارع التي أغلقتها أكوام الأنقاض من المنازل والمتاجر التي دمَّرها الجيش الإسرائيلي.

وعن شوارع جباليا، أكد أنه «حتى سيارات الإسعاف لا تستطيع المرور عبرها لنقل الجرحى والشهداء».

والجمعة، أنهت القوات الإسرائيلية عملياتها في منطقة جباليا شمال قطاع غزة، بعد قتال عنيف استمر أياماً شنَّت خلاله أكثر من 200 غارة جوية، بينما استمرت في التوغل في رفح بجنوب القطاع، مستهدفةً ما تقول إنه آخر معقل كبير لمقاتلي حركة «حماس».

ما تبقى من مدرسة تديرها الأمم المتحدة في مخيم جباليا للاجئين (أ.ف.ب)

وأعلن الجيش الإسرائيلي انسحابه من جباليا بعد انتشال جثث 7 رهائن، مما أسفر عن مقتل مئات المقاتلين وتدمير عدة أميال من شبكة الأنفاق تحت الأرض.

وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية التي التقطتها شركة «بلانيت لابز» في أواخر مايو (أيار) حجم الدمار في إحدى المناطق الجنوبية من البلدة والمنطقة القريبة من السوق.

وكان بعض المباني قد دُمر قبل الهجوم الإسرائيلي الأخير على المنطقة، وفقاً للصور التي التُقطت في أبريل (نيسان)، ولكن بحلول أواخر شهر مايو (أيار)، بدا أن مزيداً من المباني في تلك المناطق قد سُوِّيت بالأرض ودُمِّر جميع المباني تقريباً، وفق الصحيفة.

جباليا قبل الحرب وبعدها (نيويورك تايمز)

وعويس وعائلته هم من بين السكان القلائل الذين لا يزال لديهم مكان للعودة إليه. وتعرض منزلهم لأضرار جزئية فقط. وأشارت الصحيفة الى أنهم بدأوا يوم الجمعة، في تنظيف أجزاء من الجدران المنهارة والخشب والزجاج المكسور والأثاث المدمَّر حتى يصبح منزلهم صالحاً للسكن مرة أخرى. لكن المتجر العائلي الذي اضطر إلى إغلاقه في ديسمبر (كانون الأول) نتيجة الحصار الإسرائيلي على غزة، دُمر بالكامل، وفقاً له. وأضاف: «الأنقاض في كل مكان».

لا مقومات حياة

وقال حسام شباط، وهو صحافي في غزة لـ«نيويورك تايمز»، إن «السكان عادوا والدموع في عيونهم». وأضاف: «كل ما نراه هو مجرد ركام ودمار وحطام، ومزيد من المجازر».

وأشار الى أن «السكان عادوا ليروا ما لا يمكن لأحد أن يتخيله، تدمير المؤسسات والبنية التحتية والملاجئ التي آوت آلاف النازحين».

لا يمكن لسيارات الإسعاف المرور في جباليا بسبب الركام (رويترز)

ويشار إلى جباليا بأنها مخيم بسبب إنشاء المنطقة قبل أكثر من 70 عاماً من اللاجئين الفلسطينيين الذين طُردوا أو أُجبروا على الفرار من منازلهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة إسرائيل حالياً، خلال فترة إعلان قيام دولة إسرائيل.

ولم يُسمح لهؤلاء بالعودة إلى ديارهم حتى الآن، وأصبحت جباليا منطقة يعيش فيها مجتمع كامل من اللاجئين وأحفادهم، وفق «نيويورك تايمز».

وفي مقطع فيديو سجله شباط يوم الخميس، تظهر آثار جباليا من حوله. وخلفه، في هيكل مبنى مكون من 4 طوابق، كانت النيران لا تزال مشتعلة في الحطام.

امرأة فلسطينية تُسبّح في أثناء جلوسها وسط أنقاض مبنى بمخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة بعد عودتها لفترة وجيزة مع أشخاص سعوا لتفقد منازلهم (أ.ف.ب)

وقال: «لا يمكننا وصف ذلك بالكلمات لقد دمَّر جيش الاحتلال عمداً كل مقومات الحياة».

لا تصلح للسكن

وأوضح النازح الفلسطيني هشام سالم لـ«وكالة أنباء العالم العربي» وهو من سكان جباليا، أن المخيم أصبح عنواناً للدمار بعدما كان ينبض بالحياة قبل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.

وقال: «يقومون بإبادة مظاهر الحياة في مخيم جباليا، المطلوب الآن وقف المجازر في رفح وفي جباليا، بقية جباليا لم يخرج منها الناس، الدمار الذي حدث هنا أشبه بزلزال نزل على هذه المنطقة التي كانت يوماً تنبض بالحياة».

وأكد فارس عفانة مدير الإسعاف والطوارئ في شمال قطاع غزة، أن الدمار الكبير الذي نال مباني المخيم ومنازل الناس أحاله إلى مكان لا يصلح للسكن.

وقال عفانة: «مخيم جباليا أصبح غير صالح للسكن نهائياً بسبب الدمار الهائل الذي طال أيضاً مناطق النزوح وقد جرى حرقها برمّتها وتدميرها عن آخرها».

امرأة فلسطينية يظهر عليها الحزن تجلس فوق أنقاض منزلها في جباليا (رويترز)

وأضاف: «منذ الصباح يتوافد المواطنون إلى مخيم جباليا، حيث انسحبت قوات الاحتلال بشكل جزئي من هذه المناطق، ما حدث هنا في مخيم جباليا هو عبارة عن زلزال، لا شيء صالحاً للسكن».

جثث متحللة

وأثناء سيرهم، مر عمال الإنقاذ وهم يحملون الجرحى وجثث القتلى على نقالات. وبحسب عويس، تم العثور على بعض الجثث في الشوارع، بينما تم انتشال جثث أخرى من تحت الأنقاض، وكانت قد بدأت في التحلل، وفق «نيويورك تايمز».

امرأة فلسطينية تقف فوق الدمار وتتفقد الأضرار بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من جباليا (رويترز)

وأشار عفانة الى أنه «حتى هذه اللحظة طواقمنا تعمل وتبحث عن الشهداء والمصابين، ولكن للأسف الشديد حتى هذه اللحظة لم نتمكن من انتشال أو العثور على مصابين... فقط جثث الشهداء المتحللة بشكل كامل».

وأضاف: «هناك جثامين شهداء تم انتشالها مضى عليها أسبوع أو أسبوعان وهي متحللة بشكل كامل وقد نهشتها الكلاب الضالة، للأسف الشديد مناظر بشعة جداً».

انتشال أكثر من 70 جثة

وأمس، أعلنت وسائل إعلام فلسطينية، الجمعة، انتشال جثث أكثر من 70 قتيلاً من جباليا وبيت لاهيا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من المنطقة.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن الجيش الإسرائيلي «عاث تخريباً وتدميراً في مخيم جباليا على مدى 20 يوماً، مستخدماً سياسة الأرض المحروقة، مما تسبب في قتل وجرح المئات ونزوح قسري لنحو 200 ألف مواطن، وتدمير مربعات سكنية كاملة، وحرق وقصف المنشآت العامة والخدمية، وبدا المشهد كأن المنطقة تعرضت لزلزال مدمر».

يعود الفلسطينيون إلى منازلهم بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من منطقة جباليا في شمال قطاع غزة ليجدوها أرضاً محروقة (د.ب.أ)

وأضاف المركز في بيان أن «فرق الإسعاف والدفاع المدني انتشلت عشرات الشهداء طيلة فترة الاجتياح وبعد الانسحاب، وتواصل البحث حالياً عن عشرات المفقودين بين ركام المنازل ومراكز الإيواء والمدارس والمستشفيات التي لم تسلم من القصف والتدمير، وحتى عيادات ومقرات ومراكز وكالة الغوث الدولية لم تسلم هي الأخرى من آلة التخريب».

وتابع البيان أن الجيش الإسرائيلي «دمَّر البنى التحتية والمقومات الاقتصادية كالأسواق والمحال التجارية، وحتى قبور الأموات لم تسلم، حيث قامت آلياته بتجريف المقابر، ليظهر بذلك مشهد جديد من مشاهد جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني للشهر الثامن».


مقالات ذات صلة

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

المشرق العربي مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

ذكرت قناة «تلفزيون الجديد»، اليوم الجمعة، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان. ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى عن القصف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية (من اليمين) رونين بار مدير «الشاباك» ويسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلية وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وهرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش (حساب كاتس عبر منصة «إكس»)

تقرير: نتنياهو يريد تغيير رئيس أركان الجيش خلال 60 يوماً

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يريدان تقديم رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي استقالته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أواني معدنية انتظاراً لتلقي الطعام من خان يونس (إ.ب.أ) play-circle 01:35

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (الجمعة)، من تراجع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي عنصر من «حزب الله» يزيح الستار عن راجمة صواريخ «غراد» (لقطة من فيديو نشره «حزب الله»)

الجيش الإسرائيلي: قصفنا راجمة صواريخ لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، عن قصف راجمة صاروخية متحركة تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون جثة رجل قتل في غارة إسرائيلية على بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

أكثر من 50 قتيلاً ومفقوداً في «مجزرة» للجيش الإسرائيلي في بيت لاهيا

أفادت إذاعة «الأقصى» الفلسطينية، اليوم الجمعة، بسقوط أكثر من 50 قتيلاً ومفقوداً في «مجزرة» جديدة للجيش الإسرائيلي في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
TT

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

قال المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا، الجمعة، إن هناك تقارير عن عمليات نزوح واسعة من مناطق في ريف حلب الغربي ومناطق داخل المدينة مع إعلان فصائل مسلحة دخولها مدينة حلب.

وأضاف المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا أن بعض العائلات نزحت من حلب وإدلب إلى أماكن إيواء جماعية في حماة.

وأشار المكتب إلى أنه تم إغلاق مطار حلب الدولي، وتعليق جميع الرحلات، مضيفاً أن «الوضع الأمني في حلب يتدهور بشكل سريع».

وسيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة أخرى على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، في إطار هجوم واسع تشنّه في شمال سوريا دخلت خلاله مدينة حلب.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أهمية سراقب (شمال غربي) أنها تمنع أي مجال للنظام من التقدم إلى حلب، وتقع على عقدة استراتيجية تربط حلب باللاذقية (غرب) وبدمشق».

دخلت مجموعات مسلحة بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا، الجمعة، مدينة حلب في شمال سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد قصفها في سياق هجوم مباغت وسريع بدأته قبل يومين على القوات الحكومية، هو الأعنف منذ سنوات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لكبرى مدن الشمال السوري.

وأضاف أنّها سيطرت على خمسة أحياء في ثانية كبرى مدن البلاد، مشيراً إلى أنّ الجيش السوري «لم يبدِ مقاومة كبيرة».

وهي المرة الأولى التي تدخل فيها فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعاد الجيش السوري السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.

وأفاد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حلب بوقوع اشتباكات بين الفصائل، والقوات السورية ومجموعات مساندة لها.

كذلك، قال شاهدا عيان من المدينة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا مسلحين في منطقتهما، وسط حالة من الهلع.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 277 شخصاً، وفقاً للمرصد، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 28 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم الجيش في المعركة.

وبدأ الهجوم خلال مرحلة حرجة تمر بها منطقة الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب الجيش النظامي في سوريا.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل سيطرت على أكثر من خمسين بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد السوري، في أكبر تقدّم منذ سنوات تحرزه المجموعات المسلحة السورية.

وكان المرصد أفاد، الخميس، بأنّ مقاتلي «هيئة تحرير الشام» وحلفاءهم تمكّنوا من قطع الطريق الذي يصل بين حلب ودمشق.

وتعرّض سكن جامعي في مدينة حلب الجمعة للقصف، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، بحسب وكالة «سانا» الرسمية.

وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر (51 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورمايات مدفعية وأحياناً أصوات طائرات»، مضيفاً: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا».

وقال ناصر حمدو البالغ (36 عاماً) من غرب حلب، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتابع الأخبار على مدار الساعة، وقطع الطريق يثير قلقنا اقتصادياً لأننا نخشى ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان بعض المواد».

ووصلت تعزيزات من الجيش إلى حلب، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري.

وقبل إعلان المرصد دخول «هيئة تحرير الشام» إلى المدينة، أشار المصدر الأمني إلى «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب». وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل ولن تتعرض لأي تهديد».

وتابع: «لم تُقطع الطرق باتجاه حلب، هناك طرق بديلة أطول بقليل»، متعهداً بأن «تفتح كل الطرق قريباً».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، وفق المرصد السوري، أدّت إلى مقتل شخص.

بدوره، أعلن الجيش الروسي، الجمعة، أن قواته الجوية تقصف فصائل «متطرفة».

عناصر تتبع فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

ونقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا قوله إن «القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين»، موضحاً أنها «قضت» على 200 مسلح خلال الـ24 ساعة الماضية.

ودعت تركيا، الجمعة، إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة في شمال غربي البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، عبر منصة «إكس»، إنّ الاشتباكات الأخيرة «أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية».

أطراف دولية

يعد القتال الناجم عن هذا الهجوم، الأعنف منذ سنوات في سوريا، التي تشهد منذ عام 2011 نزاعاً دامياً عقب احتجاجات شعبية أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودفع الملايين إلى النزوح، وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.

وفي عام 2015، تدخلت روسيا إلى جانب الجيش السوري، وتمكنت من قلب المشهد لصالح حليفها، بعدما خسر معظم مساحة البلاد.

وخلال شهرين من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، كثّفت الدولة العبرية ضرباتها للفصائل الموالية لإيران في سوريا.

وقدمت هذه الفصائل، وأبرزها «حزب الله»، دعماً مباشراً للقوات السورية خلال الأعوام الماضية، ما أتاح لها استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد.

والجمعة، عدّ المتحدّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الوضع في حلب «انتهاك لسيادة سوريا». وأعرب عن دعم بلاده «للحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

في إدلب، عدّ رئيس «حكومة الإنقاذ» التي تدير مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» محمد البشير، الخميس، أن سبب العملية العسكرية هو حشد النظام «في الفترة السابقة على خطوط التماس وقصفه مناطق آمنة، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الآمنين».

وتسيطر «هيئة تحرير الشام» مع فصائل مسلحة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة، وأعقب هجوماً واسعاً شنّته القوات السورية بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.

وشاهد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، مقاتلين من فصائل عدة في مدينة الأتارب يتقدمون إلى مشارف مدينة حلب، في ظل انسحاب الجيش ودخول دبابات وآليات تابعة للفصائل المعارضة.

وقال مقاتل ملثّم، لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا مُهجَّر منذ خمس سنوات، والآن أشارك في المعارك، وإن شاء الله سنعيد أرضنا وبلدنا اللذين أخذهما النظام، وندعو إخوتنا الشباب الجالسين في منازلهم للانضمام إلينا كي نعيد البلد».