أميركا تلمح لإمكانية رفع العقوبات عن سوريا بشرط إحراز تقدم نحو تسوية الصراع

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ب)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ب)
TT

أميركا تلمح لإمكانية رفع العقوبات عن سوريا بشرط إحراز تقدم نحو تسوية الصراع

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ب)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ب)

قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، الخميس، إن بلادها مستعدة لبحث رفع العقوبات عن سوريا في حالة إحراز تقدم نحو تسوية الصراع.

وأضافت غرينفيلد في جلسة لمجلس الأمن حول سوريا: «حان الوقت كي يعمل النظام السوري بحسن نية مع المعارضة للتوصل لاتفاق حول المسار السياسي والعودة إلى اللجنة الدستورية». وحذرت من أن من سّمتهم «وكلاء وشركاء إيران» يسعون فقط لزعزعة الاستقرار في سوريا.

وخلال الجلسة قدم الممثل الأممي في سوريا غير بيدرسون إحاطة حول الوضع في البلاد، حذر فيها من أن «غياب عملية سياسية شاملة سيفاقم معاناة المدنيين السوريين، وقد يؤدي إلى تصعيد كبير واضطراب في المنطقة».

وقال بيدرسون في كلمته: «نحن بحاجة ماسة لوقف التصعيد على جميع جبهات الصراع السوري، ورسالتي الرئيسية اليوم هي أنه لا يمكن إدارة أو احتواء الصراعات العميقة والمعقدة إلى الأبد، ويجب أن يكون هناك أفق سياسي لحلها».

وأضاف: «السوريون أنفسهم هم من يدقون ناقوس الخطر بشأن مخاطر هذا الانقسام المترسخ وغياب عملية سياسية حقيقية».

وتابع بيدرسون: «لا يمكن لأي جهة فاعلة أن تحل الأزمة بمفردها، ولا تستطيع أي من الأطر الدبلوماسية القائمة القيام بذلك أيضاً، فالدبلوماسية الدولية البناءة بمساهمة الجميع هي السبيل الوحيد».

وأشار إلى أن حل الأزمة في سوريا «صعب، لكنه ليس مستحيلاً، وهو ضروري للغاية»، وأضاف: «ندائي للجميع هو: المشاركة والعمل معنا في هذا الطريق للمضي قدماً».

وحذر بيدرسون من أن الشعب السوري «لا يزال يرزح تحت عبء أزمة ممتدة وعميقة، تزداد وطأة بمرور الوقت، مع غياب مسار سياسي واضح لتنفيذ القرار 2254، مما يهدد باستمرار الانقسام واليأس لفترة طويلة»، وأن «كافة أنواع الاتجاهات السلبية تتفاقم في غياب عملية سياسية شاملة، مما يشكل مخاطر رهيبة على السوريين والمجتمع الدولي».

وتابع المبعوث الأممي: «إذا استمرت هذه التفاعلات، فسنشهد حتماً المزيد من معاناة المدنيين. كما يمكن أن ينجم عن ذلك تصعيد كبير والمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة بأسرها».

ومضى يقول: «نحتاج إلى بذل جهود ملموسة لوقف التصعيد على جميع مسارح الصراع السوري، ومن البديهي أيضاً أن تكون جهود تخفيف التصعيد الإقليمية بدءاً بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، مطلباً أساسياً».

وعبر بيدرسون عن أهمية الحفاظ على وصول المساعدات الإنسانية في سوريا، وقال إن ذلك «أمر بالغ الأهمية»، سواء عبر الحدود أو عبر الخطوط.

وتطرق بيدرسون لأزمة اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة، ووصفها «بالمحنة الرهيبة»، وقال إنها «تحتاج إلى حل عاجل أكثر من أي وقت مضى».

وجدد بيدرسون موقف الأمم المتحدة حول اللاجئين السوريين، وقال إنه «واضح وثابت، وتحدده معايير الحماية الدولية ومخاوف اللاجئين».

وقال بيدرسون إن اللجوء إلى «صيغ مصطنعة مثل تحديد مناطق معينة في سوريا وتصنيفها على أنها آمنة للعودة» لن يعالج المشكلة.

وأشار بيدرسون إلى أن هناك العديد من «الأفكار المحددة والملموسة المطروحة على الطاولة بشأن تدابير بناء الثقة»، من أجل عودة اللاجئين، وقال إنها جاهزة للنقاش.

وتطرق بيدرسون للجنة الدستورية السورية، وقال إن استئناف عملها «من شأنه أن يعيد الأطراف السورية إلى الطاولة نفسها لمعالجة العديد من القضايا الأساسية التي تحرك هذا الصراع».

وقدم المنسق الأممي للإغاثة مارتن غريفيث أيضاً إحاطة خلال جلسة مجلس الأمن حول سوريا، قال خلالها إن الاستجابة الإنسانية في سوريا منذ بداية 2024 لا تتعدى 9 في المائة، لافتاً إلى أن هذا هو أدنى مستوى لتمويل الخطة.

وأشار غريفيث إلى أن الاستجابة الإنسانية في سوريا «ضرورية لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة، رغم أنها ليست حلاً للأزمة».


مقالات ذات صلة

هل يكسر موقف الأسد إلحاح إردوغان على لقائه ويحطم دوافعه للتطبيع؟

المشرق العربي لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق خلال مايو 2008 (أ.ب)

هل يكسر موقف الأسد إلحاح إردوغان على لقائه ويحطم دوافعه للتطبيع؟

روسيا تريد دفع تركيا إلى انفتاح سريع على الأسد من دون حديث عن ضمانات، عبر إيجاد صيغ أخرى للقضاء على مخاوف تركيا من قيام «دولة كردية» على حدودها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نساء وأطفال ورجل عجوز ضمن موجة النازحين السوريين الأخيرة إلى الأراضي اللبنانية (الشرق الأوسط)

تردُّد الوزراء يعوق تفعيل لجنة التنسيق اللبناني - السوري في ملف النازحين

رغم مرور نحو شهرين على توصية البرلمان بتفعيل عمل اللجنة الوزارية لوضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، لم تفعّل حتى الساعة هذه اللجنة أو تشكَّل لجنة جديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
أوروبا تتهم النيابة العام الاتحادية المشتبه بهما بالانتماء لتنظيم «داعش» وارتكاب جرائم حرب (متداولة)

تحريك دعوى قضائية ضد سوريين اثنين بتهمة الانتماء لتنظيمين «إرهابيين» في ألمانيا

من المنتظر أن يمثل قريباً أمام المحكمة الإقليمية العليا في مدينة ميونيخ جنوب ألمانيا رجلان سوريان يشتبه في انتمائهما لتنظيمي «لواء جند الرحمن» و«داعش».

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)
المشرق العربي مدخل دير الزور (مواقع التواصل)

قتلى وجرحى في اشتباكات عشائرية بريف دير الزور الغربي

أفاد «مركز دير الزور الإعلامي»، باقتحام مهنا الفياض شيخ قبيلة «البوسرايا» مركز المحافظة بالسلاح الثقيل «بسبب الانتخابات».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صورة نشرها «المرصد السوري» للسيارة المستهدفة

مقتل رجل أعمال سوري بغارة إسرائيلية عند الحدود اللبنانية

قُتل شخصان في غارة إسرائيلية استهدفت سيارتهما مساء الاثنين على الحدود اللبنانية - السورية، وفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الانسحاب من محور فيلادلفيا وعودة الغزيين إلى الشمال يفجران خلافات إسرائيلية إضافية

لا أحد يعرف الضيف سوى عائلته ومجموعة قليلة من أفراد «حماس» (مواقع التواصل)
لا أحد يعرف الضيف سوى عائلته ومجموعة قليلة من أفراد «حماس» (مواقع التواصل)
TT

الانسحاب من محور فيلادلفيا وعودة الغزيين إلى الشمال يفجران خلافات إسرائيلية إضافية

لا أحد يعرف الضيف سوى عائلته ومجموعة قليلة من أفراد «حماس» (مواقع التواصل)
لا أحد يعرف الضيف سوى عائلته ومجموعة قليلة من أفراد «حماس» (مواقع التواصل)

زاد حزب «الصهيونية الدينية» الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهدده بحل الحكومة إذا وافق على الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم في قطاع غزة.

وقالت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك من «معبر كرم أبو سالم» على حدود قطاع غزة الثلاثاء: «قلنا بوضوح: إذا انسحب الجيش من طريقي نتساريم (الذي يقسم قطاع غزة إلى قسمين) وفيلادلفيا (الحدودي)، فسوف نقوم بتفكيك الحكومة». وأضافت: «رئيس الوزراء يعرف ذلك جيداً».

وجاءت تحذيرات ستروك في وقت اندلعت، خلافات بين نتنياهو وفريق التفاوض حول بقاء الجيش في محور فيلادلفيا، ومسألة عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله.

وزيرة الاستيطان أوريت ستروك ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش في الكنيست (أرشيفية: غيتي)

وأكد نتنياهو، في مقابلة مع «القناة 14» الإسرائيلية، عزمه إبقاء الجيش في محور فيلادلفيا، مخالفاً بذلك موقف وزير الدفاع يوآف غالانت، وفريق التفاوض الإسرائيلي. وقال: «إسرائيل ستبقى في محور فيلادلفيا، وهذا له مزايا سياسية وأمنية».

وأضاف في رد على رأي غالانت وفريق التفاوض: «مسموح للجميع بالتعبير عن رأيه، كما يُسمح لرئيس الوزراء بالتعبير عن رأيه، وفي النهاية سنتخذ القرار (بشأن بقاء الجيش في محور فيلادلفيا من عدمه) حسب رأي الأغلبية في الكابنيت، وأنا متأكد من أن الأغلبية تؤيد موقفي لأنه الموقف الصحيح».

ورفض نتنياهو القول بأن طريقة التي يعمل بها «تهدد صفقة التبادل». وقال متحدثاً عن محاولة اغتيال رئيس الجناح العسكري لحركة «حماس»، محمد الضيف: «الصفقة ليست في خطر، ومحاولة الاغتيال تدفعها، هناك مؤشرات مثيرة للاهتمام، لكنني لا أريد أن أقول أي شيء على الإطلاق». وأضاف: «كلما زدنا الضغوط سنحصل على اتفاق يمكن من خلاله إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المختطفين في المرحلة الأولى».

نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (رويترز)

وتمسك نتنياهو بالبقاء في فيلادلفيا جاء على الرغم من أن الاقتراح الإسرائيلي للصفقة، الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن قبل نحو شهر، ينص على الانسحاب من «معبر نتساريم» في اليوم 22 من وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى، والانسحاب الكامل من قطاع غزة بأكمله في المرحلة الثانية.

ويبدو أن ذلك، كان سبب تهديدات ستروك لنتنياهو، خصوصاً بعد معلومات أن فريق التفاوض يضغط من أجل الانسحاب من فيلادلفيا فعلا.

وقالت قناة «كان 11»، إن ثمة خلافات واسعة في الرأي بين نتنياهو وفريق التفاوض فيما يتعلق بموضوع محور فيلادلفيا، وذلك في ظل إصرار نتنياهو على عدم الانسحاب من المحور وترك قوات الجيش هناك، وعدم السماح بعودة سكان غزة بحرية إلى شمال القطاع.

وأوضح فريق التفاوض لنتنياهو، في لقاء عقد الأحد أن «هناك تقدماً مهماً مع الوسطاء، لكن من دون حل للقضيتين (فيلادلفيا وعودة السكان)، فإن (حماس) لن توافق على صفقة المخطوفين أبداً». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى أن فريق التفاوض وجه انتقادات لاذعة لنتنياهو. وعزز ذلك وجود اتهامات متصاعدة له بمحاولة تخريب الصفقة.

وهاجم رئيس حزب «الوحدة الوطنية» بيني غانتس، نتنياهو مجددا الثلاثاء، وقال إن أفعاله «لا تخدم الصفقة». وأضاف: «أفعال نتنياهو تهدف في تقديري إلى عدم دفع الصفقة إلى الأمام. إنه يخضع الكثير من القضايا لاعتباراته الشخصية».

وقبل غانتس، طلب غالانت من عائلات محتجزين في غزة، لقاء نتنياهو والضغط عليه قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة.

وفعلا التقى نتنياهو بعائلات مراقبات في الجيش سقطن يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، ولم يلتق عائلات مراقبات خطفن إلى غزة، ما خلف غضباً لدى الجهتين، أهالي القتلى لأنه لم يلتزم بفتح تحقيق بما جرى، وأهالي المحتجزات لأنه لم يلتق بهم.

ورداً على ذلك، قررت عوائل الأسيرات نشر مقطع فيديو عُرض عليها من قِبل الجيش و«الشاباك» حول اختطاف المجندات، مطالبة نتنياهو بالعمل فوراً على إتمام صفقة قبل توجهه إلى واشنطن الأسبوع المقبل.

سيارات تابعة للأمم المتحدة بمحور فيلادلفيا المعروف أيضاً باسم محور صلاح الدين على الحدود بين غزة ومصر (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفي مظاهرات واسعة كانت جرت السبت، تجمع آلاف الإسرائيليين خارج مكتب نتنياهو، وطالبوه بالتوقف عن تخريب الصفقة، وكان شعارهم: «كفّ عن التخريب»، فيما سار آخرون إلى مقر حزب «الليكود» في تل أبيب للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة.

وعلى الرغم من أن أي طرف سواء إسرائيل أو «حماس»، لم يعلن أن الاتصالات توقفت، لكنها بحسب صحيفة «هآرتس»، تضررت على الأقل.

وقالت مصادر سياسية، إنه على الرغم من أن «حماس» أعلنت بالفعل أنها لن تجمّد المحادثات، لكن التقدم نحو الأمام تأخر، وليس كما كان يفترض.

والمخاوف من تأثير محاولة اغتيال الضيف على المفاوضات، عبر عنها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي أعرب أمام وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس «مجلس الأمن القومي» تساحي هنغبي، عن «قلق بلاده العميق» من الخسائر الكبيرة في الأرواح التي أوقعتها غارات السبت في غزة،

ولم يتوجه رئيس جهاز «الموساد» ديفيد برنياع إلى قطر الأحد، كما كان متفقاً عليه لاستكمال المفاوضات بشأن الصفقة، لكن التقديرات في إسرائيل ترجح أن زيارته ستتم في نهاية الأمر.

من مظاهرة لعائلات الأسرى في الطريق إلى الكنيست (إ.ب.أ)

ويقدر الإسرائيليون أن «حماس» لن تتراجع عن الصفقة، ويقولون إن رد فعلها الضعيف على محاولة اغتيال الضيف يثبت ذلك. وثمة اعتقاد بأن الضغط العسكري أتى ثماره، وعزز ذلك اعتقاد أميركي بأن زعيم حركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار، يتعرض لضغوط متزايدة من قادته العسكريين الميدانيين لقبول اقتراح وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.

وقال رئيس «سي آي إيه» ويليام بيرنز في جلسة مغلقة السبت الماضي، حسب مصدر كان حاضراً أثناء الجلسة لشبكة «سي إن إن» الأميركية إن «السنوار لا يخشى موته، لكنه يواجه ضغوطاً وسط اتهامات له بالتسبب بالمعاناة الهائلة التي يعيشها أهالي قطاع غزة». وأضاف: «الضغط الذي يواجهه السنوار، لإنهاء الحرب، هو التقدم الذي تم إحرازه في الأسبوعين الماضيين».