قنبلتان تستهدفان علامتين أجنبيتين بالعراق... وإدانة أميركية

السلطات أكدت عدم وقوع أضرار بشرية أو مادية

عناصر من قوات الأمن العراقي في أحد موقعي تفجير الخميس (الداخلية العراقية)
عناصر من قوات الأمن العراقي في أحد موقعي تفجير الخميس (الداخلية العراقية)
TT

قنبلتان تستهدفان علامتين أجنبيتين بالعراق... وإدانة أميركية

عناصر من قوات الأمن العراقي في أحد موقعي تفجير الخميس (الداخلية العراقية)
عناصر من قوات الأمن العراقي في أحد موقعي تفجير الخميس (الداخلية العراقية)

للمرة الثانية في غضون أقل من أسبوع تعرضت مصالح ومؤسسات تحمل علامات تجارية أميركية وأجنبية في العراق للاستهداف، وأفادت «خلية الإعلام الأمني»، الخميس، بأن «قنبلة صوتية انفجرت أمام شركة (كاتربيلر) في منطقة الجادرية فجراً، أعقبها انفجار قنبلة صوتية أخرى بعد بضع دقائق أمام مقر معهد (كمبردج) في شارع فلسطين وسط منطقة سكنية ببغداد دون حصول أضرار بشرية أو مادية».

وأضاف البيان العراقي أن «هكذا أفعال تحاول يائسة أن تسيء إلى سمعة العراق والتوجه الملموس للإعمار وخدمة المواطنين، وكذلك إلى مكانة وتضحيات قواتنا الأمنية».

وشدد على أن «القطاعات الأمنية بمختلف عناوينها وأجهزتها الاستخبارية ستلاحق وستصل إلى كل من يعبث بالأمن والسلم المجتمعي ويتجاوز على القانون والممتلكات العامة والخاصة».

وجاء التفجيران الأحدث بعد أيام من استهداف مطاعم تحمل علامات تجارية أميركية، وأعلنت وزارة الداخلية أنها تمكنت من تتبع واعتقال المسلحين الذين استهدفوا مطعماً يحمل علامة «ليز جلي هاوس» الأميركية، لكنها لم تفصح بعد عن نتائج التحقيق وسط مخاوف من وقوف أطراف سياسية مناوئة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني وراء الهجمات.

وبعد ساعات من انفجاري الخميس، قالت السفيرة الأميركية لدى العراق، ألينا رومانوسكي، في منشور عبر منصة «إكس»: «ندين الهجمات العنيفة الأخيرة ضد الشركات الأميركية والدولية، ونحث الحكومة العراقية على إجراء تحقيق شامل، وتقديم المسؤولين عن الهجمات إلى العدالة، ومنع أي هجمات مستقبلية».

ورأت السفيرة أن الهجمات تعرض «حياة العراقيين وممتلكاتهم للخطر، ويمكن أن تُضعف قدرة العراق على جذب الاستثمارات الأجنبية». وزادت: «لا نزال ملتزمين بالشراكة الأميركية - العراقية الشاملة لبناء الفرص الاقتصادية والازدهار لجميع العراقيين».

ويستبعد خبراء وسياسيون عراقيون أن تكون هناك علاقة بين الاستهدافات التي تبدو منسقة ودعوة زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر مؤخراً إلى طرد السفيرة الأميركية من بغداد، ارتباطاً بموقف بلادها الداعم لإسرائيل في حربها ضد قطاع غزة الفلسطيني، وكذلك يعتقد مراقبون أن الهجمات تسعى إلى «التأثير على سمعة العراق لا سيما في مجال الاستثمار».

ويقول الأكاديمي العراقي وأستاذ الرأي العام في «جامعة أهل البيت» في كربلاء الدكتور غالب الدعمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يوجد ربط بين استهداف بعض المصالح الأجنبية، ودعوة زعيم التيار الصدري؛ لأن الصدر ربطها بالمسار السلمي، وشدد على ذلك».

ويعتقد الدعمي أن «المطلوب من القوات الأمنية والجهات الرسمية العراقية تحقيق الردع في مثل هذه الأمور عن طريق القبض على الجناة وتقديمهم إلى العدالة». وأضح: «هذه الأفعال هي بلا أدنى شك خارجة عن القانون وتستهدف مصالح عراقية خالصة، وليس لها علاقة مباشرة بالولايات المتحدة الأميركية».

بدوره، قال النائب السابق في البرلمان العراقي حيدر الملا في تدوينة له على موقع «إكس»، إن «الاستثمارات الأجنبية في العراق تتعرض إلى هجمة منظمة ومدروسة ودنيئة»، وعدّ أن «الهدف منها تقويض الاقتصاد وتدميره، وإيقاف عجلة الإنجاز في حكومة السوداني وإرباكها، بعد أن تم وضع حجر الأساس للاستقرار السياسي والاقتصادي، والعمل على خلق بيئة جاذبة للاستثمار».

الشرطة العراقية تحرس فرعاً لمطعم يحمل علامة أميركية في بغداد تعرض لهجوم الاثنين الماضي (رويترز)

وعلى النهج نفسه، جاء رأي الخبير الأمني، سرمد البياتي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مثل هذه الأعمال أياً كان حجمها ونوعها ففي النهاية هي أعمال تعرقل كل أشكال الاستثمار في البلاد ما دامت تستهدف المصالح ورؤوس الأموال الأجنبية، لا سيما أن هناك حركة بناء واضحة واستقراراً سياسياً وأمنياً، مع خطط واعدة لجذب الاستثمارات، طبقاً لما تخطط له الحكومة الحالية».

وأضاف البياتي أن «هذه الأعمال سوف تترك تأثيراً واضحاً في الواقع، وهو الهدف الذي على ما يبدو يعمل عليه من يقف وراء مثل هذه الأعمال». وأشار إلى أن «استهداف الوكالات التجارية والمصالح الأجنبية محاولة لخلط الأوراق، وطالما أن هناك بدائل لمن يعتبر أن بعض هذه العلامات والوكالات مؤيدة لإسرائيل، فيمكنه مقاطعة بضائعها».

وفيما أكد القيادي في «ائتلاف دولة القانون» سعد المطلبي أن استهداف الشركات الأميركية بات «قضية معقدة»، فإنه عبر عن اعتقاده بأن «باطن الأمر قد يشير إلى جهات تعمل على الإساءة للاقتصاد العراقي».

ومع ذلك، فقد رأى أن «هذه العمليات ليس فيها أي إحراج لحكومة السوداني، وهي تحصل في كل دول العالم الآن، وإسرائيل هي المسؤولة عن هذا الموضوع بسبب ما ترتكبه من مجازر في فلسطين، خاصة أن الحكومة العراقية لا تستطيع أن تحمي كل شركة أميركية في بغداد وغيرها»، وفق تقييمه.


مقالات ذات صلة

السوداني «فخور» بالحريات في العراق رغم اتهامات أممية

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأحد خلال احتفالية «عيد الصحافة» (الحكومة العراقية)

السوداني «فخور» بالحريات في العراق رغم اتهامات أممية

عبّر رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني عن فخره بعدم وجود معتقلين أو سجناء رأي، وذلك رغم تقرير «شديد التشاؤم» أصدره «مجلس حقوق الإنسان» الأممي بشأن العراق.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض (يمين) ورئيس مجلس القضاء فائق زيدان (أ.ف.ب)

«الإطار التنسيقي» غاضب من قانون أميركي يستهدف رئيس القضاء

يثير مشروع قانون مطروح على أجندة «الكونغرس» الأميركي، من شأنه معاقبة مسؤولين في الدولة العراقية بتهمة «الولاء» إلى إيران؛ غضب «الإطار التنسيقي».

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية صورة لـ«مسجد النوري» في البلدة القديمة بمدينة الموصل شمال العراق في 9 يوليو 2022 (أ.ف.ب)

العثور على 5 عبوات ناسفة من مخلفات «داعش» داخل «مسجد النوري» في الموصل

أعلنت منظمة «اليونيسكو» العثور على خمس عبوات خبأها تنظيم «داعش» قبل سبع سنوات داخل جدار «مسجد النوري»، في الموصل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)

العراق: ليلة عاصفة في مقر «الحشد الشعبي»

أفيد بأن هيئة «الحشد الشعبي» في العراق تراجعت عن إقالة مسؤول جهازها الأمني المعروف بـ«أبو زينب اللامي» بعد أن حاصرها مسلحو «كتائب حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي 
صورة نشرتها منصات مقربة من الحشد الشعبي يظهر فيها «أبو زينب اللامي» إلى يسار الفياض

«تغييرات» تهز قيادة «الحشد» في العراق

أفيد في العاصمة العراقية بغداد، أمس، بأن تغييرات هزت قيادة هيئة «الحشد الشعبي»، إثر قرار اتخذته الهيئة بإزاحة رئيس جهازها الأمني، أبو زينب اللامي، من منصبه.

فاضل النشمي (بغداد)

السوداني «فخور» بالحريات في العراق رغم اتهامات أممية

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأحد خلال احتفالية «عيد الصحافة» (الحكومة العراقية)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأحد خلال احتفالية «عيد الصحافة» (الحكومة العراقية)
TT

السوداني «فخور» بالحريات في العراق رغم اتهامات أممية

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأحد خلال احتفالية «عيد الصحافة» (الحكومة العراقية)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأحد خلال احتفالية «عيد الصحافة» (الحكومة العراقية)

عبّر رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، خلال كلمة ألقاها، الأحد، في الذكرى 155 لـ«عيد الصحافة العراقية» عن فخره بعدم وجود معتقلين أو سجناء رأي من الصحافيين، وذلك غداة تقرير «شديد التشاؤم» أصدره مؤخراً «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة بشأن العراق.

وقال السوداني في كلمته: «إن للصحافة دوراً في الدفاع عن العراق الجديد، وفضح الإرهاب»، مضيفاً: «أن الحكومة عملت على توفير بيئة آمنة تكفل للصحافيين تأدية دورهم من دون مضايقات أو تعسف، ونفخر اليوم بعدم وجود معتقل أو سجين رأي صحافي».

وفي مقابل الفخر الحكومي، تُتهم حكومة السوداني، وهي الثامنة في تسلسل الحكومات بعد عام 2008، بأنها «الأكثر تضييقاً» على حرية الصحافة، إذ دشّن السوداني عهده بإقامة دعوى قضائية ضد الأكاديمي والمحلل السياسي محمد نعناع، الذي هاجمه في أحد البرامج السياسية واتهمه بعدم قدرته على إدارة البلاد، فأودع نعناع السجن وأفرج عنه بكفالة في مارس (آذار) 2023، ليجري اعتقاله مرة ثانية في يناير (كانون الثاني) 2024 من قبل مسلحين يرتدون زياً مدنياً، لكن محامي السوداني، أعلن بعدها أن رئيس الوزراء «صفح عن نعناع». وإلى جانب ذلك تتهم حكومة السوداني بالتضييق على الصحافيين ومنع المعلقين والمحللين المعارضين لها من الخروج في القنوات الفضائية الرسمية والخاصة من خلال عقوبات تفرضها هيئة الإعلام والاتصالات الرسمية على القنوات التي تسمح بظهورهم.

وإلى جانب الاتهامات للسلطات العراقية بتقييد الحريات الصحافية، جاء التقرير الذي أصدره المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الخميس الماضي، ليرسم صورة قاتمة عن أوضاع حقوق الإنسان العامة في البلاد في عهد حكومة السوداني، التي تهيمن عليها قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية.

وعبّر المفوض السامي الأممي في تقريره عن قلقة الشديد «إزاء العدد الكبير من عمليات الإعدام التي جرى الإبلاغ عنها علناً منذ عام 2016، والتي بلغ مجموعها ما يقرب من 400». وقال: «إن عمليات الإعدام المنهجية التي تنفذها الحكومة العراقية ضد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بناءً على اعترافات مشوبة بالتعذيب، وبموجب قانون غامض لمكافحة الإرهاب، ترقى إلى مستوى الحرمان التعسفي من الحياة بموجب القانون الدولي، وقد ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية»، وفق التقرير.

عراقيون خلال إحدى المظاهرات (أرشيفية)

وأضاف: «لا يقتصر الأمر على تعرض السجناء المحكوم عليهم بالإعدام لألم ومعاناة نفسية شديدة بسبب عدم توافر معلومات حول تاريخ تنفيذ الإعدام فحسب، بل يقال أيضاً إنهم يتعرضون للتعذيب، ويعانون أشكالاً أخرى من سوء المعاملة في سجن الناصرية سيئ السمعة»، في إشارة إلى السجن الذي كان قد وُضع فيه معظم أركان نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وتوفي معظمهم هناك.

بدورها، قالت الحكومة العراقية، الجمعة، رداً على بيان المفوض السامي، إن رئيس الوزراء شكَّل لجنة مؤلفة من وزير العدل، ومستشار رئيس الوزراء لحقوق الإنسان ورئيس دائرة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية، وممثل عن رئاسة الجمهورية، وممثل عن الادّعاء العام، وممثل عن لجنة حقوق الإنسان النيابية بصفة مراقب، تتولى إعداد الردّ الرسمي الموثّق للحكومة.

وذكرت الحكومة في بيان «أنها انتهجت مسار تنفيذ مبادئ حقوق الإنسان، وتبنّي المعايير الإنسانية في إمضاء العدالة وتنفيذ الأحكام وفقاً للقانون المستنِد إلى العدالة الإلهية، وما أقره مجتمعنا عبر مؤسساته التشريعية الدستورية، ومضينا في هذا المبدأ، رغم سعة الجرائم التي ارتكبها الإرهاب بحقّ أبناء شعبنا، ورغم الهجمات الوحشية التي حصدت أرواح مئات الآلاف من الأبرياء».

لكن العضو السابق في «مفوضية حقوق الإنسان»، على البياتي، أعرب في تدوينة عبر منصة «إكس»، الجمعة، عن أسفه لبيان الحكومة العراقية، ورأى أنه «نوع من رد الفعل السريع والعاطفي أكثر من كونه رداً مهنياً».

ويعتقد البياتي أن خطورة التقرير الأممي تكمن في أنه يشير إلى «استخدام سياسي لملف الإعدام وضد مكون معين، وهم السنة». كما أن التقرير، وفق البياتي، «يوجه التهمة (في حال غياب الرد التحقيقي المؤسساتي) إلى المسؤولين بشكل مباشر بمسؤوليتهم عن جرائم قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وهنا قد تستهدف التهمة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير العدل».