القلق يساور النازحين السوريين ويدفعهم إلى مغادرة مخيماتهم

بعضهم فككوا خيامهم وعادوا إلى بلادهم

النازحون السوريون يتجمعون عند معبر نقطة وادي حميد في عرسال (المركزية)
النازحون السوريون يتجمعون عند معبر نقطة وادي حميد في عرسال (المركزية)
TT

القلق يساور النازحين السوريين ويدفعهم إلى مغادرة مخيماتهم

النازحون السوريون يتجمعون عند معبر نقطة وادي حميد في عرسال (المركزية)
النازحون السوريون يتجمعون عند معبر نقطة وادي حميد في عرسال (المركزية)

حالة من القلق يعيشها النازح السوري كريم في مخيم النزوح السوري في بلدة الطيبة البقاعية في شرق لبنان، دفعته يوم الثلاثاء إلى تفكيك ألواح الطاقة الشمسية عن سطح خيمته، ونقل معها ما تيسر من أمتعة، هي عبارة عن جهاز تلفزيون وبراد وغسالة وبطارية لتخزين الطاقة، ليودعهما في بناء قريب من المخيم، غربي الطريق الدولي، تمهيداً لمغادرة لبنان باتجاه إحدى قرى ريف حلب.

وكريم ليس سوى واحد من عشرات السوريين الذين يعيشون القلق في مخيمات النزوح السوري في قرى قضاء بعلبك في شرق لبنان، مثل قرى الطيبة وبريتال وحِزّين والحمودية وإيعات ومجدلون وطليا، وقام جزء منهم بترحيل عائلاتهم، وهم ينتظرون بيع خيامهم، فارغة أو بأثاثها.

يقول كريم: «يوم الثلاثاء الماضي، قمت بترحيل ستة من أفراد أسرتي، على أمل اللحاق بهم في وقت قريب حين أفرغ من بيع خيمتي وحاجياتي المعروضة للبيع، والسفر إلى حلب».

ويقول سوريون في البقاع لـ«الشرق الأوسط» إن هناك العشرات ممن رحلوا مخلفين وراءهم خياماً فارغة، بعد أن باعوا محتوياتها ورحلوا إلى الرقة، وذلك إثر الحملات الأمنية والتصعيد الرسمي والإجراءات الحكومية ضد النازحين السوريين. وتتراوح أسعار كل خيمة معروضة للبيع، بين 500 و700 دولار أميركي، بما تحتويه من أثاث وأدوات كهربائية ومنزلية وطاقة شمسية، بسبب ارتفاع تكلفة النقل والرسوم الجمركية على الحدود فيما لو أراد إدخال محتويات الخيمة إلى سوريا.

وحذا حذو كريم وعائلته ما بين ثلاثين وأربعين عائلة من مخيمات الطيبة الثلاثة المتلاصقة، من أصل 150 خيمة، أما الباقون فما زالوا ينتظرون مصيرهم. في المخيم نفسه أربع خيام مهجورة، فارغة من محتوياتها بالكامل، أصبحت ملعباً للأطفال المتسربين من المدارس بسبب عدم تمكن عائلاتهم من تأمين بدلات نقل إلى مدرسة دورس الرسمية المختلطة في دوام بعد الظهر.

صعوبات اقتصادية ومساعدات خجولة

تقول أم خليل، التي يعمل زوجها وكيلاً لإحدى الورش، إن زوجها رحل مع أفراد أسرتها إلى الرقة: «بسبب الوضع الاقتصادي الصعب والملاحقات والمضايقات التي نتعرض لها على الطرقات، والتكلفة المرتفعة لتسوية أوضاعنا لدى الأمن العام، والتي تفوق بمستنداتها ورسومها 20 مليون ليرة لبنانية، بما يوازي 223 دولاراً أميركياً، ناهيك عن الوضع الاقتصادي الصعب والمساعدات الخجولة والمقننة من الأمم المتحدة، التي تقتصر على بطاقات التغذية أو مساعدات مادية لا تتعدى المائة وعشرة دولارات للعائلة، مهما كان عدد أفرادها».

أم خليل تنتظر اللحاق بزوجها إلى الرقة بعد مغادرته مخيم الطيبة في بعلبك (الشرق الأوسط)

عناد، نازح سوري آخر من أحد مخيمات الطيبة، قام بترحيل عائلته إلى الرقة الأسبوع الماضي، ويعيش منفرداً في خيمة قريبٍ له، إلى أن تتاح له فرصة بيع خيمته التي قضى فيها 12 سنة، وتحتوي براداً وغسالة وثلاثة ألواح طاقة شمسية وبطاريتين وشاشة تلفزيون، وهي معروضة للبيع بـ700 دولار، ليلتحق بعائلته هو الآخر في إحدى قرى محافظة الرقة الواقعة تحت سلطة المعارضة.

في المقابل، على الخط الموازي غربي الطريق الدولي، ينتظر ثلاثة شبان يعملون في إحدى المؤسسات، تقاضي رواتبهم كي يعودوا من حيث أتوا منذ أربعة أشهر باتجاه الجنوب السوري، إلى درعا التي تقع تحت سيطرة النظام.

ويقول النازح السوري محمد المرعي، الذي يتهيأ للرحيل إلى الرقة إن «الوضع المعيشي في لبنان أصبح لا يطاق. فأجرة العامل الزراعي لخمس ساعات عمل يومياً في قطاف الكرز وجمع ورق العنب وقطاف الفول والبازيلا، هو 200 ألف ليرة لبنانية (2.2 دولار)، بينما سعر قفازات العمل 70 ألف ليرة (0.75 دولار)، ولم يعد باستطاعتنا دفع مبلغ 13 مليون ليرة (145 دولاراً) رسوم سنوية للأمن العام، ناهيك عن رسوم مستندات البلدية والمختار والطوابع وكتاب العدل. لقد أصبحت الرسوم مرهقة لا تطاق، وليس بمقدورنا تأمينها حتى لو اشتغلنا بأكثر من عمل».

أطفال بلا مدارس

وأصبح مئات الأطفال مشردين في أزقة المخيمات، من دون مدارس في دوام بعد الظهر. ويعيد محمد المرعي هذه المشكلة إلى «تخلف الأمم المتحدة عن دفع بدلات النقل إلى المدارس الرسمية التي وُعِدنا بتأمينها مطلع العام». ويضيف: «المحظيون ممن دفعت لهم بدلات النقل عن أولادهم قلة قليلة، من أصل 150 عائلة وُعِدت بتأمين بدلات النقل، لكن ذلك لم يحصل، وصاحب الباص يطالبني بدفع 400 دولار بدلات نقل غير متوفرة لدي. واليوم، ها هم أبنائي الأربعة تسربوا من المدرسة، ويلعبون بين الخيام الفارغة وفي أزقة المخيم، كسائر الأطفال والأولاد».

أما جوهر خليل، البالغة من العمر 36 عاماً، والتي تعيش مع أطفالها الأربعة في خيمة والدتها بعد أن غادر زوجها الثلاثاء الماضي إلى الرقة بهدف ترتيب وضعه هناك على أمل أن تلتحق به زوجته وأطفالهما، فتشكو من الوضع الاقتصادي وتدني أجرة العامل الزراعي.

وقال عبد الحفيظ تيسير (35 عاماً)، قبل مغادرته الاثنين إلى درعا، إن المخيم يفرغ يوماً بعد يوم من سكانه، وهم يعرضون خيامهم للبيع بما احتوت، مضيفاً أن قرار الرحيل «ناتج عن الضغوطات والملاحقات الأمنية».

وقد وجه رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر جان الفخري، إنذارات إلى 180 خيمة، تنتهي في 20/5/2024، لأنها بنيت من دون موافقة الاتحاد والبلديات، إلا أنه عاد ومدد المهلة حتى الأول من يونيو (حزيران). لكن رغم التمديد، قام بعض النازحين بتفكيك خيامهم وغادروا إلى سوريا خشية توقيفهم وترحيلهم بشكل قسري، عملاً بقوانين الإقامة، فيما نقل آخرون خيامهم إلى بلدة إيعات، شرقي دير الأحمر.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه السابق يوآف غالانت، على خلفية جرائم حرب في غزة، يسود قلقٌ في إسرائيلَ من إمكان أن تشمل الملاحقات أيضاً قادة جيشها.

وإذا كان المتهمان الأساسيان بجرائم غزة هما نتنياهو وغالانت، فإنه يوجد منفذون أيضاً هم قادة الجيش الكبار والصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين.

ولم يشهد سكان غزة، أمس، ما يدعوهم للأمل في أن يؤديَ أمرا اعتقال نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات جديدة.