محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بوقف هجوم رفح

اليمين المتطرف يطالب نتنياهو بعدم الانصياع والاستمرار في الحرب

قضاة محكمة العدل الدولية خلال الجلسة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
قضاة محكمة العدل الدولية خلال الجلسة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
TT

محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بوقف هجوم رفح

قضاة محكمة العدل الدولية خلال الجلسة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
قضاة محكمة العدل الدولية خلال الجلسة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

أمر قضاة محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة إسرائيل، الجمعة، بوقف هجومها العسكري على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة في حكم طارئ يمثل علامة فارقة، بحسب وصف وكالة «رويترز». جاء في إطار قضية مرفوعة من جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.

وقال رئيس المحكمة نواف سلام في أثناء النطق بالحكم إن الوضع في قطاع غزة واصل التدهور منذ أن أمرت المحكمة إسرائيل، في وقت سابق، باتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة. وأضاف أن الشروط أصبحت مستوفاة لاتخاذ إجراءات طارئة جديدة.

وتابع سلام: «على دولة إسرائيل... أن توقف فوراً هجومها العسكري وأي عمل آخر في مدينة رفح قد يفرض على المجتمع الفلسطيني في غزة ظروفاً معيشية يمكن أن تؤدي إلى الإضرار المادي بها على نحو كلي أو جزئي».

وأيدت المحكمة طلب جنوب أفريقيا بأن تأمر إسرائيل بوقف هجومها على رفح بعد أسبوع من تقديم الطلب في إطار قضية تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية.

كما أمرت المحكمة إسرائيل بفتح معبر رفح بين مصر وغزة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وقالت إنه يتعين على إسرائيل السماح بوصول المحققين إلى القطاع المحاصر، وتقديم تقرير عن التقدم المحرز في غضون شهر واحد.

وفد جنوب أفريقيا يحضر جلسة محكمة العدل الدولية اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

وأقرت المحكمة أمرها بموافقة لجنة من 15 قاضياً من جميع أنحاء العالم بأغلبية 13 صوتاً مقابل صوتين، ولم يعارضه سوى قاضيين من أوغندا وإسرائيل نفسها.

وأعلنت المحكمة قرارها بعد أسبوع من تقديم طلب من جنوب أفريقيا، وذلك في إطار قضية تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية.

ومحكمة العدل الدولية هي أعلى سلطة تابعة للأمم المتحدة مختصة بالنظر في النزاعات بين الدول. والأحكام الصادرة عنها باتة وملزمة، لكن سبق تجاهلها في الماضي. ولا تتمتع المحكمة بصلاحيات تنفيذية.

وأشارت «رويترز» إلى تلويح مجموعة صغيرة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين خارج المحكمة بالأعلام على أنغام موسيقى الراب، داعين إلى تحرير فلسطين.

ورفضت إسرائيل مراراً اتهامات الإبادة الجماعية، ووصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة. وقالت أمام المحكمة إن العمليات في غزة دفاع عن النفس، وتستهدف حركة «حماس» التي نظمت هجوماً على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، الخميس: «لا توجد قوة على وجه الأرض بإمكانها أن تمنع إسرائيل من حماية مواطنيها وملاحقة (حماس) في غزة».

طاقم الدفاع عن إسرائيل يستمع لحكم المحكمة في لاهاي اليوم (أ.ف.ب)

وفي ردود الفعل، توجه جميع وزراء اليمين المتطرف، بمن في ذلك وزراء حزب «الليكود»، بطلب إلى رئيس حكومتهم، بنيامين نتنياهو، بطلب عدم الانصياع لقرار محكمة العدل الدولية، والاستمرار في العمليات الحربية في رفح وبقية مناطق قطاع غزة.

وجاء ذلك في أعقاب قرار نتنياهو دعوة وزرائه المقربين ومجموعة من الخبراء في القانون الدولي والعلاقات الخارجية، إلى جلسة مشاورات طارئة للتداول في سبل الرد الإسرائيلي على قرار المحكمة، وهل ينبغي التجاوب مع القرار ووقف الحرب على رفح أو التغاضي عن القرار ومواصلة الحرب أو القول «نعم، ولكن»، ووضع شروطاً مثل: «مستعدون لوقف العمليات إذا أوقفت (حماس عملياتها)، ونزعت سلاحها، وأطلقت سراح المخطوفين».

وبحسب تسريبات للإعلام، قال مصدر سياسي مقرب من الحكومة إن جهود نتنياهو تنصب حالياً على الاتصالات مع الإدارة الأميركية كي تعلن سلفاً أنها ستستخدم حق النفض (الفيتو)، في مجلس الأمن الدولي في حال التوجه إليه لاتخاذ قرار يجبر إسرائيل على تنفيذ قرار المحكمة. وأكد المصدر أن إسرائيل لا تستطيع قبول أمر المحكمة، والمفترض أن الولايات المتحدة تؤيدها في ذلك. وأضاف: «الإدارة الأميركية مارست ضغوطاً علينا ألا ندخل رفح قبل ضمان أمن السكان المدنيين، وتجاوبنا معها، وأوقفت معارضتها للعملية. لذلك فإنها في خندق واحد معنا».

وقال مصدر قضائي رفيع إن نتنياهو يواجه وضعاً عصيباً؛ فالقرار في لاهاي جاء بعد أن طرح طلب بإصدار أوامر اعتقال له ولوزير دفاعه في محكمة لاهاي الأخرى (المحكمة الجنائية). فهل يريد أن يدفع ثمناً شخصياً مضاعفاً، فقط في سبيل إرضاء وزرائه من اليمين المتطرف؟

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة في خان يونس (إ.ب.أ)

وقد حذر وزير القضاء الأسبق، دان مريدور، الحكومة من قرار متسرع برفض قرار المحكمة. وقال: «ليس من الحكمة أن نواصل الموقف المتعجرف الذي يرفض كل شيء، ويبنى على المفهوم الغبي بأننا قادرون على عمل كل شيء ونحمّل الولايات المتحدة وزر سياستنا». وأضاف: «علينا أن نعترف. في 7 أكتوبر ألحقت بنا (حماس) ضرراً بالغاً. وجهت لنا ضربة شديدة. لكن حكومة نتنياهو قامت في 8 أكتوبر بتوجيه ضربة ألحقت بإسرائيل أضراراً أبلغ وأخطر ألف مرة. نحن ننزف الآن دماً، في ساحة الحرب في غزة وفي الشمال، وننزف دماً في الساحة السياسية والمجتمع الدولي. ولدينا حكومة تحسب أنها ذاهبة لانتصار. وهذا كذب. لكن بالمقابل، لدينا فرصة تاريخية. أكبر حليف لنا يطرح أمامنا خطة استراتيجية إقليمية شاملة تحدث انقلاباً في وضعنا بشكل جذري. وقف الحرب وصفقة تبادل وفتح آفاق سياسية لسلام شامل مع السعودية وبقية الدول العربية مع تسوية للصراع مع الفلسطينيين، ذات ضمانات أمنية متماسكة لإسرائيل».

وسارع وزير المالية الإسرائيلي المتشدد بتسلئيل سموتريتش إلى الرد بأن إسرائيل لن تقبل حكم محكمة العدل بوقف هجوم رفح. وقال سموتريتش، زعيم أحد الأحزاب الدينية القومية في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الائتلافية، إن مطالبة إسرائيل بوقف الحرب على حركة «حماس» بمثابة مطالبتها بأن تقرر الاختفاء من الوجود. وأضاف في بيان: «الإسرائيليون لن يوافقوا على ذلك».

حقائق

13

​ أقرت المحكمة أمرها بموافقة لجنة من 15 قاضياً من جميع أنحاء العالم بأغلبية 13 صوتاً مقابل صوتين، ولم يعارضه سوى قاضيين من أوغندا وإسرائيل نفسها


مقالات ذات صلة

أول تقرير أممي يتهم إسرائيل و«حماس» بارتكاب جرائم حرب

المشرق العربي فلسطيني يحمل المياه بين المباني المدمرة في خان يونس (أ.ف.ب)

أول تقرير أممي يتهم إسرائيل و«حماس» بارتكاب جرائم حرب

اتهمت لجنة أممية كلاً من إسرائيل و«حماس» وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة بارتكاب جرائم حرب، مؤكدة أن سلوك القوات الإسرائيلية يشمل أيضاً جرائم ضد الإنسانية.

علي بردى (واشنطن)
أوروبا وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس (د.ب.أ)

إسبانيا ستنضم لقضية الإبادة الجماعية أمام «العدل الدولية» ضد إسرائيل

قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس اليوم إن إسبانيا ستنضم لدعوى الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل من قبل جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
شؤون إقليمية علم فلسطيني في خيمة الاحتجاج في جامعة تافتس بولاية ماساتشوستس أول مايو (أ.ف.ب)

60 % من اليهود الأميركيين يؤيدون قيام دولة فلسطينية

دراسة إسرائيلية تكشف عن ازدياد دعم يهود أميركا لإدارة بايدن، وسيصوّتون له مع دولة فلسطينية، ويعتقدون بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق سكان غزة.

المشرق العربي حالة من الفزع بين أطفال النازحين في رفح بعد القصف الإسرائيلي (رويترز)

قيادي في «حماس»: إسرائيل لن تستعيد أسراها إلا وفق شروطنا التي قدمناها للوسطاء

قال القيادي في «حماس» أسامة حمدان اليوم (الاثنين) إن إسرائيل لن تستعيد أسراها إلا وفق شروط الحركة التي قدمتها للوسطاء في مصر وقطر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في أعقاب قصف إسرائيلي على رفح (أ.ف.ب)

إسرائيل تقصف رفح رغم أمر محكمة العدل الدولية بوقف العمليات العسكرية

قصف الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، قطاع غزة بما في ذلك رفح، غداة صدور أمر عن محكمة العدل الدولية لإسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في المحافظة الجنوبية «فوراً».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«مسد» يدعم احتجاجات السوريين ضد القوات التركية

أرشيفية لاجتماعات «مجلس سوريا الديمقراطية» في الرقة أغسطس الماضي (الشرق الأوسط)
أرشيفية لاجتماعات «مجلس سوريا الديمقراطية» في الرقة أغسطس الماضي (الشرق الأوسط)
TT

«مسد» يدعم احتجاجات السوريين ضد القوات التركية

أرشيفية لاجتماعات «مجلس سوريا الديمقراطية» في الرقة أغسطس الماضي (الشرق الأوسط)
أرشيفية لاجتماعات «مجلس سوريا الديمقراطية» في الرقة أغسطس الماضي (الشرق الأوسط)

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» تأييده للحراك السوري في شمال سوريا ضد القوات التركية، بعد تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية المناهضة لها، الاثنين.

وقال في بيان، نُشر صباح الثلاثاء: «إن تلاقي شعارات المنتفضين في السويداء وإدلب ومناطق النفوذ التركي بأرياف حلب شمالاً، على أهداف وشعارات واحدة، تأكيد من السوريين أن ثورتهم ثورة كرامة وحرية، نابعة من شعورهم بوحدة مصيرهم ووحدة أهدافهم».

وجاء بيان «المجلس» بعد يوم من اندلاع احتجاجات شعبية، شارك فيها آلاف ضد القوات التركية المتمركزة في مناطق عملياتها العسكرية بأرياف حلب، على خلفية هجمات واعتداءات على ممتلكات اللاجئين السوريين في ولاية قيصري التركية، واستمرار عمليات الترحيل بحق اللاجئين، وأفادت مصادر محلية ومنظمات حقوقية بسقوط 4 قتلى، وإصابة آخرين، إثر اشتباكات عنيفة بين محتجّين سوريين والقوات التركية.

وقالت رئيسة «المجلس»، ليلى قره مان، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الاحتجاجات في شمال البلاد رسالة رافضة لمحاولات الحكومة التركية إعادة العلاقات مع دمشق، فالاحتجاجات الأخيرة بالشمال السوري وفي دول اللجوء، دليل قاطع على أن مصيرنا يجب أن يكون من صنع أيدينا، وقوتنا في وحدتنا».

وأشارت إلى أن تلك الاحتجاجات جاءت بعد أيام من إعلان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، استعداد بلاده لتطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، وأن الاحتجاجات جاءت رداً على محاولات أنقرة «إعادة العلاقات مع دمشق على حساب مصالح وطموح الشعب السوري وتضحياته، واستخدامها بعض السوريين وقوداً لمشاريعها وأجنداتها»، على حد تعبيرها.

ولفتت إلى أنهم يقفون مع هذه الاحتجاجات، قائلة: «نؤكد تأييدنا لكل انتفاضة يقوم بها السوريون في وجه الظلم والقهر والعنصرية».

يذكر أن تحالف مجلس «مسد» يضم أحزاباً وجهات سياسية تعمل في مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية»، شمال شرقي سوريا، وتُعدّ الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من تحالف دولي مناهض لتنظيم «داعش» تقوده الولايات المتحدة الأميركية.

أرشيفية لاجتماعات «مجلس سوريا الديمقراطية» في الرقة أغسطس الماضي (الشرق الأوسط)

وأبدى «المجلس»، عبر بيانه، استعداده للحوار، ولقاء كل الأطراف السورية الوطنية لعقد مؤتمر وطني شامل، ورسم خريطة طريق، وإنهاء الحرب الدائرة منذ 13 عاماً، وأكّد «المجلس» أن الحوار هو السبيل والمسار الوحيد لفرض رؤية الشعب السوري على الساحة الدولية، كمرتكز لأي مشروع وطني يتبنى الحلول السياسية.

وأوضحت رئيسة «المجلس»، ليلى قره مان، أنهم منفتحون للتواصل مع جميع القوى الوطنية في مناطق النفوذ التركي، «من أجل التكاتف وإنهاء الاحتلال التركي هناك، وتحقيق التحول الديمقراطي».

وذكرت أن التهديدات التركية، ومعاداتها لمكونات شمال شرقي سوريا ومشروعهم الوطني، «باتت المعرقل الأبرز للحلول الوطنية السورية، ونرحّب بكل جهة وقوة سياسية تبحث عن الاستقلال، وتريد كسر قيود التبعية»، ودعت كل السوريين وأحزابهم السياسية إلى عقد مؤتمر وطني جامع يضع أُسس الخلاص والتحرّر لكل سوريا.

وشدّدت ليلى قره مان على أن الصراع السوري أودى بحياة كثير من الأرواح، وشرّد الملايين داخل وخارج البلاد منذ 13 عاماً، لتضيف: «بسبب تعنّت النظام الحاكم المستبد، وارتهان بعض قوى المعارضة السورية للخارج، مع تنامي قوى الإرهاب التي قسّمت ودمّرت بلدنا الحبيب، وافتقار كل الأطراف الدولية للحلول الحقيقية، وإقصاء القوى المعارضة الحقيقية».

ودعت كل القوى السياسية السورية لتكون على قدر المسؤولية في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها جميع السوريين، وختمت حديثها وقالت: «نؤكد أن الحوار الوطني هو السبيل لتجاوز مأساتنا، وفرض رؤية الشعب السوري على الساحة الدولية كمرتكز لأي مشروع يستهدف الحل».