السرقات والامتحانات تحرم السوريين من الاتصالات وتعرّضهم للخطر

حريق في ريف حمص يلتهم 700 هكتار من الأراضي الزراعية لتأخر وصول الإطفاء

فرقة تابعة لشركة الكهرباء السورية تصلح أحد الأعطال (شركة الكهرباء السورية)
فرقة تابعة لشركة الكهرباء السورية تصلح أحد الأعطال (شركة الكهرباء السورية)
TT

السرقات والامتحانات تحرم السوريين من الاتصالات وتعرّضهم للخطر

فرقة تابعة لشركة الكهرباء السورية تصلح أحد الأعطال (شركة الكهرباء السورية)
فرقة تابعة لشركة الكهرباء السورية تصلح أحد الأعطال (شركة الكهرباء السورية)

بينما كانت رقعة النيران تتوسع ملتهمة المحاصيل الزراعية في قرى عدة بريف محافظة حمص الشرقي (وسط سوريا) فشل الأهالي في الاتصال بفرق الإطفاء لعدم وجود اتصالات. وقالت مصادر محلية في حمص لـ«الشرق الأوسط» إن الحريق الذي نشب في ريف حمص الشرقي مساء الأربعاء استمر ثماني ساعات، وقد جاهد الأهالي لمنع امتداده إلا أن شدة الرياح وتأخر وصول فرق الإطفاء، لعدم وجود اتصالات، ساهم في اتساع رقعة الحريق وخسارة مساحة كبيرة من محصول الشعير مع حلول موعد الحصاد.

وشهدت قرى وبلدات أبو جريص وعنق الهوى والشنداخية، من ناحية جب الجراح مساء الأربعاء، اشتعال مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية.

سورية تساعد في إخماد حريق في أحد الحقول بحمص (صفحة حمص الإعلامية)

وأفادت وسائل إعلام محلية بتضرر أكثر من 700 هكتار، معظمها مزروع بالشعير في منطقة جب الجراح بريف حمص الشرقي. ونقلت صحيفة «الثورة» السورية الرسمية عن مصدر في شرطة ناحية جب الجراخ قوله إن «الحريق اندلع في الأراضي الممتدة بين قرى أبو جريص وعنق الهوى والشنداخية»، وأن «عناصر الإطفاء بالتعاون مع الأهالي أخمدوه».

ولفتت المصادر المحلية في ريف حمص إلى المفارقة في إعلان محافظة حمص عن «جاهزية كاملة لحماية موسم الحصاد من الحرائق» بينما الاتصالات مقطوعة في مناطق واسعة من ريف المحافظة، ناهيك بقطع تزامن موسم الحصاد مع فترة قطع وزارة الاتصالات للاتصالات في عموم البلاد أثناء سير العملية الامتحانية للشهادتين الإعدادية والثانوية.

وخلال السنوات القليلة الماضية، اعتاد أهالي المناطق البعيدة عن مراكز المدن على انقطاع الاتصالات الهاتفية الأرضية والجوال وشبكة الإنترنت بالتوازي مع انقطاع الكهرباء لساعات الطويلة وحتى لأيام؛ لعدم توفر مواد الطاقة اللازمة لتشغيل أبراج البث، ناهيك بتفشي ظاهرة سرقة كابلات خطوط شبكتي الكهرباء والهاتف، وتأخر الجهات المعنية في تركيب بدلاً منها لعدم توفر الميزانية اللازمة.

سيدة من ريف حمص أكدت أن الكهرباء انقطعت في حيها لمدة أسبوع ومعها شبكة الاتصالات، وحين طلب الأهالي من عمال الطوارئ إصلاح العطل، كانت الإجابة أن ليس لديهم بنزين لتحريك سيارة الطوارئ إلى الموقع، إلى أن تبرع أحد الأهالي بجلبهم بسيارته الخاصة، وعندما تبين أن العطل بسبب سرقة الكابلات: «خيّروا الأهالي بين شراء كابلات من حسابهم أو الانتظار ريثما تتوفر ميزانية لشراء كابلات بديلة، وغالباً ستكون من الألمنيوم التي تكثر أعطالها».

فنيون يعملون على توسعة خطوط تغذية قرب العاصمة دمشق (شركة الكهرباء السورية)

ورغم تذمر السوريين من قطع الاتصالات أثناء الامتحانات باعتباره إجراءً لا جدوى منه في ظل انتشار الفساد وقدرة المتنفذين من الطلاب على شراء الأسئلة أو الغش بأساليب مبتكرة، فإن الحكومة لا تزال مصرّة على هذا الإجراء، بغض النظر عن تعطيل الحياة العملية، وأعلنت الشركة السورية للاتصالات قبل يومين جدول قطع شبكة الاتصالات الجوالة والإنترنت خلال امتحانات شهادتي الثانوية بكل فروعها والتعليم الأساسي بكل فروعه للدورة الأولى لعام 2024. وبحسب الجدول، يبدأ قطع الاتصالات في أيام تقديم المواد الامتحانية من الساعة الثامنة وحتى التاسعة والنصف صباحاً كحد أقصى والإنترنت من الساعة السادسة وحتى الحادية عشرة صباحاً كحد أقصى، وذلك حسب المادة الامتحانية المقدمة، ويشار إلى أن هذا الإجراء يتم استجابةً لطلب وزارة التربية من أجل «تحقيق العدالة والنزاهة في سير العملية الامتحانية» بحسب بيان وزارة الاتصالات.

المدير العام للشركة السورية للاتصالات، سيف الدين الحسن، كشف في تصريحات لصحيفة «الوطن» المحلية، عن أنّه منذ مطلع عام 2024 وحتى الشهر الحالي بلغت «أطوال الكابلات المسلحة وغير المسلحة المسروقة في عموم البلاد 23996 متراً بتكلفة تقريبية 6.9 مليار ليرة سورية». أما الكابلات المعلقة فبلغت أطوال المسروق منها 50253 متراً بتكلفة تقريبية 3.2 مليار ليرة». لتبلغ قيمة سرقات الكابلات خلال خمسة أشهر نحو عشرة مليارات، في حين بلغت العام الماضي 24 ملياراً؛ ما يعني خروج مناطق واسعة من خدمتي الكهرباء والاتصالات.

ومع أن ظاهرة التعدي على خطوط شبكتي الكهرباء والاتصالات ليست جديدة في سوريا، إلا أنها ازدهرت كثيراً خلال فترة الحرب، ووصل نشاط العصابات، التي تمتهن هذا النوع من السرقات، إلى المدن السورية بعد أن كانت تنشط في المناطق النائية. وبحسب المصادر، تستغل تلك العصابات الفترات الطويلة لانقطاع الكهرباء لتمارس نشاطها، الذي بات يُعرف في سوريا باسم «التنحيس» أي سحب الأسلاك النحاسية وصهرها وبيعها بالكيلو، وتتحرك تلك الجماعات بسيارات نقل ومعها معدات خاصة لتقوم بنشاطها في الظلام، وغالباً هؤلاء يسرقون الكابلات في المناطق النائية أو في الريف وعلى مسافات تمتد لعشرات الكيلومترات. في المناطق المأهولة فينخرط فيها مجموعات من نباشي القمامة الذين لديهم خبرة بالأحياء وفترات انقطاع الكهرباء أو توقف الحركة فيها.

فني يعمل على إصلاح محطة للتغذية الكهربائية (شركة الكهرباء السورية)

وتعدّ سرقة الخطوط الكهربائية والهاتفية جناية سرقة مال عام، ويعاقب عليها القانون السوري بالسجن من عام إلى 15 عاماً، ومع تفاقم ظاهرة سرقة الكابلات تناقش الحكومة مشروع قانون يشدد العقوبات على التعديات على خطوط الشبكات الكهربائية والهاتفية بما يتناسب وحجم الضرر الناجم عن هذه السرقات.

ويستغرب زياد، وهو مهندس معماري (42 عاماً) حساب الحكومة حجم الضرر الذي يلحقه التعدي على الخطوط الكهربائية والهاتفية، وقطع الاتصالات، وتجاهل حجم الضرر الذي يلحقه قطع الاتصالات خلال الامتحانات. ويقول: «العام الماضي فاجأت زوجتي آلام ولادة مبكرة؛ ما استدعى نقلها إلى الإسعاف، لنمضي ساعات عصيبة في المشفى بينما نحاول الاتصال بطبيبها أو أي طبيب يجري لها العملية» ويستهجن «عدم إيجاد الحكومة حلاً آخر لضمان نزاهة وعدالة الامتحانات غير تعطيل مصالح الناس وتعريض حياتهم للخطر».


مقالات ذات صلة

روسيا تستنكر قتل نصر الله وتحذر من «عواقب وخيمة»

أوروبا متظاهرون يحملون صور حسن نصر الله الأمين العام لـ«حزب الله» بطهران في 28 سبتمبر (أيلول) 2024 (إ.ب.أ)

روسيا تستنكر قتل نصر الله وتحذر من «عواقب وخيمة»

طالبت الخارجية الروسية إسرائيل بأن توقف الأعمال القتالية على الفور مستنكرة قتل زعيم «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي رجل وسيدة هربا من القصف الإسرائيلي على جنوب بيروت (رويترز)

الأمم المتحدة: أكثر من 50 ألف شخص فروا من لبنان إلى سوريا

قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إن أكثر من 50 ألف شخص فروا إلى سوريا وسط تصاعد الغارات الجوية الإسرائيلية على لبنان.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي جنود يقفون بجوار دبابات الجيش الإسرائيلي في شمال البلاد (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على «قائد شبكة حماس» في جنوب سوريا

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (السبت) القضاء على قائد شبكة «حماس» في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي لبنانيون وسوريون فارُّون من الحرب بلبنان ينتظرون في معبر جديدة يابوس الحدودي لدخول الأراضي السورية الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)

النزوح اللبناني زاد جراح السوريين

استياء وسط السوريين من أن جهود الحكومة السورية تركز على تقديم الاستجابة السريعة للوافدين للبنانيين الفارين من الحرب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود إسرائيليون في هضبة الجولان المحتلة (أ.ف.ب)

سوريا: مقتل 5 عسكريين جراء قصف إسرائيلي قرب الحدود مع لبنان

قُتل 5 عسكريين سوريين (الجمعة) جراء قصف إسرائيلي استهدف موقعاً عسكرياً في ريف دمشق قرب الحدود مع لبنان، وفق ما نقل الإعلام الرسمي عن مصدر عسكري.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مَن «الناجي الوحيد» مِن القيادة العسكرية العليا لـ«حزب الله»؟

TT

مَن «الناجي الوحيد» مِن القيادة العسكرية العليا لـ«حزب الله»؟

الصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي لسلسلة القيادة العسكرية لـ«حزب الله» بعد اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله
الصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي لسلسلة القيادة العسكرية لـ«حزب الله» بعد اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أنه قام بتصفية قيادة «حزب الله» العسكرية، في ضربة غير مسبوقة للجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.

ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، شجرة لسلسلة القيادة العسكرية لـ«حزب الله» بعد اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، الجمعة، وقد حمل كل من فيها علامة «تم القضاء عليه»، باستثناء فرد واحد هو أبو علي رضا «قائد وحدة بدر» التابعة لجبهة الجنوب.

فمن هو أبو علي رضا؟

يُلقب بـ«الحاج أبو حسين»، ويتولى قيادة وحدة «بدر» أحد أبرز التشكيلات العسكرية في «حزب الله»، وأشارت تقارير إسرائيلية إلى توليه قيادة وحدة «الرضوان» النخبوية، خلفاً لإبراهيم عقيل الذي اغتالته إسرائيل يوم 20 سبتمبر (أيلول) الحالي.

لا يُعرف عنه الكثير، وتشير التقارير إلى أنه يبلغ من العمر 60 عاماً، وينحدر من بلدة باريش في قضاء صور جنوب لبنان.

حسب التقارير، نجا أبو علي رضا في تسعينات القرن الماضي من محاولة اغتيال مع إبراهيم عقيل، وتدرج في مناصب عسكرية متعددة ضمن هيكلية «حزب الله»، ليصبح من أبرز ضباط العمليات في محور الجنوب.

يُصنف ضمن الجيل الثالث من قيادات الحزب، وتلقى تدريبات عسكرية متقدمة في إيران. قليل الخروج للعلن، وعندما يظهر يكون متستراً أو مغطى الوجه ليشرح مهام أو أهدافاً أو معلومات عسكرية تخص الحزب.