لبنان يتحرّى إجراءات استرداد أعضاء عصابة الـ«تيكتوكرز» من الخارج

السويد رفضت تسليم لبنان أحد المطلوبين

تطبيق «تيك توك» (أ.ب)
تطبيق «تيك توك» (أ.ب)
TT

لبنان يتحرّى إجراءات استرداد أعضاء عصابة الـ«تيكتوكرز» من الخارج

تطبيق «تيك توك» (أ.ب)
تطبيق «تيك توك» (أ.ب)

لا تزال فضيحة عصابة الـ«تيكتوكرز» المتهمة باغتصاب عشرات الأطفال واستخدامهم في عمليات تبييض الأموال وترويج المخدرات، تتفاعل في لبنان وتتصدّر الاهتمام الأمني والقضائي، وباتت الملفّ الأول على طاولة قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، الذي يبدأ خلال الساعات المقبلة استجواب 13 موقوفاً في القضية، إلا أن العقبة الكبرى تكمن في فرار عدد من رؤوس هذه العصابة ومموليها إلى الخارج.

ومع إصرار القضاء اللبناني على ضرورة «استعادة الفارين إلى لبنان لمحاكمتهم، ثمة أزمة قد تؤدي إلى تأخير الملاحقات، تتمثّل في غياب الاتفاقيات القضائية بين لبنان والدول التي لجأ إليها كبار العصابة، مثل السويد التي يقيم فيها بول المعوشي، وسويسرا التي يقيم فيها حسن سنجر، ودولة الإمارات العربية المتحدة التي يقيم فيها المشتبه به في القضية بيتر نفاع».

السويد ترفض تسليم أحد المتهمين في عصابة الـ«تيكتوكرز» إلى القضاء اللبناني (المركزية)

رفض سويدي

وتلقى لبنان إشارة أوّلية سلبية بهذا الخصوص؛ إذ كشف مصدر قضائي بارز لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «دولة السويد ردّت على المذكرة اللبنانية التي طلبت منها توقيف اللبناني بول المعوشي الملقب بـ(jay)، والذي يعتقد المحققون أنه الممول الأساسي للشبكة».

وقال المصدر إن السويد «أبلغت لبنان رفضها تسليم هذا الشخص؛ لكونه يحمل الجنسية السويدية»، لافتاً إلى أن «هذا الردّ ينم عن عدم رغبة في التعاون، لكنّ ذلك ليس نهاية المطاف». وأكد المصدر أن القضاء «سيرسل كتاباً إلى السلطات السويدية، يطلب فيه استجواب هذا الشخص حول الاتهامات الموجهة إليه، وتسليم مضمون هذا الاستجواب».

ويبدو أن المعوشي مطمئن إلى الحماية التي يتمتّع بها في السويد، حيث أعلن في مقابلة مع صحيفة سويدية أنه «يقيم حالياً في منزل والدته في ضواحي ستوكهولم، ونفى الجرائم المسندة إليه من قبل القضاء اللبناني، واتهامه بـ«تمويل الشبكة أو التجارة بالأفلام التي تصوّر عمليات اغتصاب الأطفال»، لكنه أقرّ بأنه «يعرف عدداً من أعضاء الشبكة الموقوفين، وأنه كان يخصّهم بهدايا من دون مقابل، وأنه كان يقدّم لهم مساعدات ماليّة، ما اضطره إلى الحصول على قرض بقيمة 100 ألف دولار لتوزيعه هدايا».

مرقص: غياب الاتفاقيات لا يمنع التعاون

لكن غياب الاتفاقيات القضائية ليس شرطاً مسبقاً للتعاون بين الدول فيما يخصّ الجرائم المنظمة أو العابرة للحدود، وفق تقدير رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية، المحامي الدكتور بول مرقص، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «التعاون القضائي الدولي في مجال الاسترداد والتسليم لا يشترط وجود اتفاقيات قضائية، إلا أن الاتفاقيات من شأنها تسهيل التعاون وتنظيمه».

المحامي بول مرقص رئيس مؤسسة «جوستيسيا» (موقع جوستيسيا)

وقال مرقص إن «ما يعزّز هذا التعاون خطورة الجرائم الملاحق بها على المستوى الدولي؛ كتجارة البشر والأطفال واستغلالهم، وسائر جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والقرصنة الإلكترونية، كما يلعب دوراً في الموضوع حسن العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، وسجل الدولة طالبة التسليم في احترام حقوق الإنسان لناحية تأمين حق الدفاع ومناهضة التعذيب».

وأوضح مرقص أن «الإنتربول، وهو الشرطة الدولية، يلعب دوراً مهماً على المستوى الدولي في تعميم الأسماء ومذكرات التوقيف الصادرة بحق المتهمين». وأضاف: «على المستوى الثنائي، يمكن لوحدات الإخبار المالي (هيئة التحقيق الخاصة لمكافحة تبييض الأموال في لبنان) أن تلعب دوراً مهماً في تبادل المعلومات المالية والمصرفية لتتبع الحاصل المالي لهذه الجرائم المنظّمة».

الملاحقة مستمرة

ورغم الموقف السويدي الذي استبق إرسال طلب استرداد المعوشي، يمضي لبنان في إجراءات الملاحقة، خصوصاً أن هذه القضية تحوّلت إلى قضيّة رأي عام عربي ودولي.

وقال المصدر القضائي اللبناني: «عندما ينتهي قاضي التحقيق نقولا منصور من استجواباته ويصدر مذكرات توقيف بحق الفارين من العدالة، ستعمم هذه المذكرات على الإنتربول الدولي، وتتحوّل إلى مذكرات توقيف دولية»، مبدياً تفاؤله بـ«تعاون سويسرا التي يلجأ إليها المدعى عليه حسن سنجر، ودولة الإمارات العربية المتحدة التي يقيم فيها المدعى عليه بيتر نفّاع الملقب بـ(ستيفن)، خصوصاً أنه حصل تعاون في السنوات الأخيرة مع هاتين الدولتين، رغم غياب اتفاقيات تعاون تتعلق باسترداد المطلوبين، وكان تعاوناً إيجابياً يبنى عليه في كلّ القضايا ذات الاهتمام المشترك».


مقالات ذات صلة

مقتل مؤثرة مكسيكية خلال بث مباشر عبر «تيك توك»

يوميات الشرق المؤثرة المكسيكية فاليريا ماركيز (رويترز)

مقتل مؤثرة مكسيكية خلال بث مباشر عبر «تيك توك»

قُتلت مؤثرة مكسيكية شابة بالرصاص خلال بث مباشر عبر شبكة «تيك توك»، حيث يتابعها 100 ألف شخص، حسب النيابة العامة.

«الشرق الأوسط» (مكسيكو سيتي)
أوروبا صورة من أحد السجون (أ.ف.ب)

بسبب اكتظاظ السجون... بريطانيا تريد الإفراج عن السجناء بعد قضاء ثلث مدة العقوبة

سيُمنح السجناء حريتهم بعد قضاء ثلث مدة عقوبتهم بموجب خطط جديدة للحد الأدنى والحد الأقصى للعقوبة، أصدرتها الحكومة البريطانية لمعالجة الاكتظاظ في السجون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شحنات بضائع في مطار فرنكفورت في ألمانيا (رويترز)

القبض على 3 أوكرانيين في ألمانيا وسويسرا وسط خطط للتخريب لصالح روسيا

أعلن الادعاء الألماني، اليوم (الأربعاء)، أنه تم اعتقال ثلاثة أوكرانيين في ألمانيا وسويسرا للاشتباه في تخطيطهم للقيام بأعمال حرق متعمد وهجمات تفجيرية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق البصمة التي دلت على القاتل وجدت ضمن علبة تحوي أدلة (أ.ب)

بصمة على علبة سجائر تكشف لغز جريمة قتل عمرها نحو نصف قرن

بعد ما يقرب من نصف قرن على مقتل شابة في ولاية كاليفورنيا الأميركية خنقا، أعلنت السلطات أن بصمة إبهام على علبة سجائر قادت إلى اعتقال المشتبه به.

«الشرق الأوسط» (سان خوسيه)
أوروبا نجمة تلفزيون الواقع الأميركية كيم كارداشيان (وسط) تلوّح بيدها لدى وصولها إلى محكمة الجنايات لحضور المحاكمة بشأن عملية السطو التي تعرّضت لها عام 2016... الصورة في باريس 13 مايو 2025 (أ.ف.ب)

كيم كارداشيان تبكي في أثناء إدلاء أقوالها لمحكمة في باريس بحادث تعرّضها للسرقة

بكت نجمة تلفزيون الواقع الأميركية كيم كارداشيان وهي تدلي بأقوالها أمام محكمة في باريس، الثلاثاء، بشأن واقعة سرقة تعرضت لها عام 2016 تحت تهديد السلاح.

«الشرق الأوسط» (باريس)

السوريون يأملون بمرحلة من «الرغد» بعد إزالة العقوبات الأميركية

سورية تحمل علم السعودية خلال احتفال بقرار رفع العقوبات عن سوريا في حمص (أ.ب)
سورية تحمل علم السعودية خلال احتفال بقرار رفع العقوبات عن سوريا في حمص (أ.ب)
TT

السوريون يأملون بمرحلة من «الرغد» بعد إزالة العقوبات الأميركية

سورية تحمل علم السعودية خلال احتفال بقرار رفع العقوبات عن سوريا في حمص (أ.ب)
سورية تحمل علم السعودية خلال احتفال بقرار رفع العقوبات عن سوريا في حمص (أ.ب)

لا يزال القرار الأميركي برفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، يسيطر على حديث سكان دمشق، الذين يأملون في أن يكون ذلك بدايةً لمرحلة جديدة يسود فيها «الأمن والأمان والرغد والرخاء»، بعد أن أنهكهم الفقر والحرمان؛ بسبب سنوات الحرب الطويلة والعقوبات.

ويقرن سكان دمشق حديثهم عن القرار بإشادتهم بـ«الدور الكبير» الذي لعبته المملكة العربية السعودية، خصوصاً ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في رفع هذه العقوبات، لأن الأمر لم يكن سهلاً.

سوريون يحتفلون بعد قرار رفع العقوبات الأميركية عن بلدهم في دمشق... الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)

آسيا عبد الرزاق، وهي مدرسة تنحدر من مدينة حمص، وسط البلاد، وتعيش في دمشق، شاركت الآلاف فرحتهم بالقرار في ساحة الأمويين وسط العاصمة السورية، بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القرار من الرياض، الثلاثاء الماضي. وقالت: «فرحتنا الكبرى كانت بسقوط (بشار) الأسد الذي فرض علينا عيشة الفقر والذل والقهر... وهذه الأيام نعيش الفرحة الكبرى الثانية برفع العقوبات».

وبعدما تحدَّثت المُدرِّسة لـ«الشرق الأوسط» عن الظروف المعيشية القاسية التي عاشها الشعب السوري خلال سنوات الحرب؛ بسبب عنف وظلم نظام الأسد والعقوبات التي جلبها للبلاد، أضافت: «على الأقل بعد رفعها ما عشناه، من قتل واعتقال وإخفاء قسري ونزوح ورعب وخوف وفقر وحرمان، لن تعيشه الأجيال القادمة، وأقل ما يمكن، ستكون هناك كهرباء وماء وحرية».

من وجهة نظرها، فإن سوريا بعد رفع العقوبات ستكون «إن شاء الله بلداً جديداً ينعم بالأمن والأمان والرغد والرخاء، ويصبح مقصداً لكل شعوب العالم».

رغبة في العمل

الصيدلاني أحمد قزيز، وهو من السوريين الذين بقوا في البلاد طيلة سنوات الحرب الـ14، أوضح أن «العقوبات كانت قاسية جداً علينا، وكنا صابرين ومحتسبين، والآن بعد إزالتها نأمل ونشعر بأن ذلك سيكون بدايةً لمرحلة جديدة في سوريا».

الأمير محمد بن سلمان يتابع مصافحة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع في الرياض... الأربعاء الماضي (رويترز)

وخلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» لفت قزيز إلى أن «كل الشعب السوري يريد أن يعمل من أجل تعافي البلاد والنهوض بها من الدمار والخراب الذي خلفته الحرب... لنا أقارب مغتربون في الخارج يريدون منذ زمن بعيد العمل من أجل سوريا» ولكنهم بحسب قزيز «لم يستطيعوا بسبب العقوبات، فحتى عمليات تحويل الأموال عبر البنوك كانت غير متاحة، عدا عن خوفهم من العقوبات».

وأوضح الصيدلاني أن «أقاربي المغتربون كلهم لديهم رؤوس أموال كبيرة في الخارج، ويؤكدون أنهم سيعودون بعد إزالة العقوبات، وبالتالي البلاد بإذن الله ستشهد نهضةً وانفتاحاً، وتصبح فيها استثمارات ومشروعات، وكلنا متفائلون بالمستقبل».

شكر من القلب

ومثل كثيرين من السوريين، أشاد قزيز بـ«الدور الكبير الذي لعبته المملكة العربية السعودية، خصوصاً ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من أجل إصدار هذا القرار».

أما مهند هارون، وهو مدير شركة خاصة، فرأى أن إزالة العقوبات «لحظة تاريخية ستُغيِّر مسار الاقتصاد في سوريا كلياً، وستُغيِّر أيضاً حياة السوريين».

وقال هارون لـ«الشرق الأوسط»: «هذه اللحظة انتظرناها 14 عاماً، وقد دفعت أجيال من الشعب ثمناً كبيراً؛ بسبب هذه العقوبات».

وبرأيه، فإن قرار رفع العقوبات «يُحتَسب بالدرجة الأولى للمملكة العربية السعودية... شكراً من القلب لولي العهد، وللشعب السعودي، وللدبلوماسية السعودية».

سوريون يحتفلون بعد قرار رفع العقوبات الأميركية عن بلدهم في دمشق... الأربعاء الماضي (إ.ب.أ)

لم الشمل

بثَّ القرار الأميركي الأمل لدى كثير من العائلات بعودة أبنائها من دول اللجوء، والتئام شمل العائلات من جديد، بعد أن قصدوا البلدان الأوروبية؛ بحثاً عن فرص عمل في ظل البطالة التي انتشرت في سوريا في زمن الحرب.

وقال أبو رامي، ولديه ولدان لجأ أحدهما منذ سنوات الحرب الأولى إلى ألمانيا ولجأ الآخر إلى الدنمارك: «منذ أكثر من 12 سنة لم أرهما إلا عبر الجوال. تزوجا ولم أحضر فرحيهما. أنجبا أطفالاً ولم أحضنهم». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «إن شاء الله بعد هذا القرار تدخل استثمارات، وتُقام مشروعات، وتصبح فرص العمل والأجور جيدةً، ويعود رامي ومجد ونلتئم من جديد».

ونجح تدخل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في إذابة الجليد بين واشنطن ودمشق، وإقناع الرئيس الأميركي برفع العقوبات عن سوريا، إذ أعلن ترمب الثلاثاء الماضي، خلال زيارته التاريخية المملكة العربية السعودية، أنه سيأمر برفع جميع العقوبات عن سوريا؛ لمنحها فرصة للتألق، وهو ما يمثل فرصةً كبيرةً لبدء صفحة جديد في البلاد.

وفي بيان نشره حساب وزارته في «إكس»، أعرب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، عن جزيل الشكر والتقدير للسعودية قيادةً وحكومةً وشعباً، على «الجهود الصادقة التي بذلتها في دعم مساعي رفع العقوبات الجائرة عن سوريا»، عادّاً هذه الخطوة «انتصاراً للحق، وتأكيداً على وحدة الصف العربي».

وشهدت الرياض، الأربعاء الماضي، لقاءً بين ولي العهد، والرئيس الأميركي، والرئيس السوري أحمد الشرع، وذلك بدعوة من الأمير محمد بن سلمان.

وبذلك، أصبح الشرع أول رئيس سوري يلتقي رئيساً أميركياً منذ لقاء الرئيس الأسبق حافظ الأسد بيل كلينتون في جنيف عام 2000.

العقوبات

يذكر أن غالبية العقوبات الأميركية فُرضت على سوريا بعد بداية النزاع فيها عام 2011، وطالت الرئيس المخلوع، وعدداً من أفراد عائلته، وشخصيات وزارية واقتصادية في البلاد.

وفي عام 2020، دخلت عقوبات جديدة حيز التنفيذ بموجب قانون «قيصر»، استهدفت كثيراً من أفراد عائلة الأسد والمقربين منه.

وفُرضت بموجب القانون عقوبات مشدَّدة على أي كيان أو شركة تتعامل مع النظام السوري. ويستهدف القانون كذلك قطاعات البناء والنفط والغاز، كما يحظر على الولايات المتحدة تقديم مساعدات لإعادة بناء سوريا، إلا أنه يعفي المنظمات الإنسانية من العقوبات جرّاء عملها في سوريا.