تعهدت وزارة الداخلية اللبنانية بـ«تطبيق القانون» بحق المقيمين بطريقة غير قانونية في لبنان، بمعزل عن الرسالة التي وجَّهها ممثل مكتب المفوضية السامية للاجئين في لبنان إيفو فرايسن إلى الوزير بسام مولوي، وطلب فيها من الوزارة «التدخل لوقف عمليات الإخلاء الجماعية المستمرة» لنازحين سوريين، متهماً السلطات اللبنانية بتنفيذ عمليات إخلاء قسرية.
وهذا ما دفع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى انتقاد المفوضية، ومطالبة السلطات بـ«اتخاذ الإجراءات القانونية» بحق ممثلها لدى لبنان.
وكان مولوي قد تلقى، الجمعة الماضي، رسالة من فرايسن، أعرب فيها الأخير عن قلقه جراء «الزيادة الكبيرة في عدد التدابير الإدارية التي تؤثر في إقامة النازحين السوريين في جميع أنحاء لبنان». وتوقف في الرسالة عند اعتماد بعض البلديات «إجراءات صارمة أسفرت عن زيادة المعاناة الإنسانية للعائلات السورية النازحة إلى لبنان» التي يقيم كثير منها منذ سنوات.
وتنفذ السلطات المحلية مطالب الحكومة اللبنانية الداعية إلى «التشدّد بتطبيق القوانين لجهة ترحيل السوريين الذين يقيمون في لبنان بطريقة غير شرعية». وأصدرت وزارة الداخلية في وقت سابق سلسلة تعاميم للقيام بمسح شامل بالنسبة للوجود السوري، والتشدّد بتطبيق القانون، وإغلاق المحال المخالفة، وإحالة المخالفين إلى القضاء.
رسالة المفوضية
وتشير الرسالة التي اطلعت «الشرق الأوسط» على مضمونها، إلى أن المفوضية أُبلغت بنحو 100 إجراء بلدي يستهدف النازحين في شهر أبريل (نيسان) الماضي، كما تحدثت عن تلقي المفوضية 1022 اتصالاً في أول أسبوعين من الشهر الحالي بشأن التحديات التي يواجهها النازحون السوريون على الأرض. كما تشير الرسالة إلى تنفيذ 12 بلدية توجيهات محافظ الشمال التي تشمل فرض قيود على التجمعات، واستخدام المركبات والدراجات النارية من دون رخص، وتطبيق منع التجول.
وتتحدث الرسالة عن أن المفوضية أُبلغت بإشعارات إخلاء تلقاها نازحون سوريون صادرة عن بلديات، وتلفت إلى وجود «مخطط لإخلاء جميع اللاجئين من منطقة الكورة بشكل قسري؛ ما يؤثر في نحو 2000 شخص» يقيمون في المنطقة، وتشير إلى أن الأطر المحلية التي تنظم عمليات الإخلاء القانوني «تنص على أن تجري عمليات الإخلاء بتكليف من المحكمة».
ودعت المفوضية إلى وجوب إعطاء «أولوية لحماية ورفاهية الأشخاص الأكثر ضعفاً» في أي تدابير متَّخذة، وأعربت عن قلقها «إزاء عمليات الإخلاء القسرية في ظل الظروف الحالية» التي «ستكون لها تداعيات إنسانية خطيرة»، وأرادت من وزارة الداخلية «التدخل من أجل وقف عمليات الإخلاء الجماعية المستمرة»، وأبدت استعدادها «للبحث معاً عن حلول بديلة تدعم حقوق وكرامة جميع الأشخاص المعنيين من خلال تحديد أماكن بديلة يمكن للاجئين الانتقال إليها».
وزارة الداخلية
وبمعزل عن الرسالة، تمضي وزارة الداخلية بتطبيق القانون، وقالت مصادر وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» إن الوزير «لن يرد أبداً» على رسالة ممثل المفوضية، وإنه «سيطبق القانون»، مشددة على أن «لبنان بلد ذو سيادة».
وكان مولوي قد أكد مراراً أنه سيستمر بتطبيق القانون، وينفذ إجراءات لتنظيم الوجود السوري «غير الشرعي»، وهي إجراءات دعت الحكومة اللبنانية لتطبيقها، وحازت دعم وتأييد البرلمان في الجلسة الأخيرة التي عُقدت يوم الأربعاء الماضي، وأوصى خلالها البرلمان بـ«إعادة الداخلين والمقيمين السوريين غير الشرعيين في لبنان إلى بلدهم، خلال مدة أقصاها سنة»، وذلك التزاماً بالدستور والقوانين والاتفاقية بين لبنان ومفوضية اللاجئين.
جعجع
وأثارت رسالة ممثل المفوضية انتقادات سياسية عبّر عنها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بالقول إنه «من المؤسف جداً الدرك الذي أوصلت الشرعية اللبنانية نفسها إليه، إلى حد مكّن رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين لدى لبنان، ومن دون أن يرف له جفن، من أن يوجِّه كتاباً إلى وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي يطلب فيه (وقف الممارسات اللاإنسانية)، كما سماها، وأن تتراجع الإدارات الرسمية اللبنانية عن التدابير التي اتخذتها بحق اللاجئين السوريين غير الشرعيين، كأنه أصبح صاحب البيت وأصبحنا ضيوفاً عنده».
وأضاف في بيان: «لن نقبل بما قام ويقوم به رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين، فالأرض أرضنا والبلاد بلادنا، والسيادة في هذه البلاد هي للشعب اللبناني والدولة اللبنانية، وليس في إمكانه التذرُّع بالاعتبارات الإنسانية، لأنه ليس من شعب في العالم تعاطف مع اللاجئين أكثر من الشعب اللبناني، ولا التذرُّع بالاعتبارات الدولية، لأن مذكرة التفاهم الموقعة بين الدولة اللبنانية والأمم المتحدة في عام 2003 واضحة، ولا تحتمل التأويل».
وتابع: «إذا كان قلب رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين يتألّم لأوضاع اللاجئين غير الشرعيين في لبنان، فما عليه إلا نقلهم إلى بلاده وممارسة مختلف أنواع التعاطف الإنساني معهم 13 سنة مقبلة مقابل السنوات الـ13 الماضية من تعاطف اللبنانيين معهم».
وطالب جعجع وزير الداخلية، «بصراحة ووضوح كلّيين، باتخاذ الإجراءات القانونية الممكنة كافة بحق رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين لدى لبنان بعدما تخطى حدوده قانونياً وفي المجالات كلها، إن بتوزيعه بطاقات لجوء على السوريين في لبنان خلافاً لمذكرة عام 2003، أو بتعامله مع المهاجرين غير الشرعيين كما لو كانوا لاجئين وتوزيع المساعدات عليهم، أم بتجاهله مرور السنة التي تنص عليها مذكرة التفاهم، وتالياً ضرورة رحيلهم لا بقائهم».
ودعا جعجع وزير الداخلية إلى «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة بحق رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين لدى لبنان بسبب انتهاكه السيادة اللبنانية، وتدخله في تطبيق القوانين اللبنانية على الأراضي اللبنانية محاولاً عرقلة التدابير والإجراءات التي اتخذتها الإدارات اللبنانية الرسمية بهدف الحفاظ على الأمن والاستقرار وتطبيق القوانين المتَّبَعة في لبنان».