إسرائيل توسّع دائرة قصفها في جنوب لبنان و«حزب الله» يطوّر «نوعية» عملياته

تل أبيب تتحدث عن تسلّمه وسائل دفاع جوي متقدمة من إيران

جنود لبنانيون ومتطوعو الصليب الأحمر ببلدة النجارية حيث شنّ الطيران الإسرائيلي غارة أدت إلى مقتل طفلين سوريين وعنصر في «حزب الله» (أ.ب)
جنود لبنانيون ومتطوعو الصليب الأحمر ببلدة النجارية حيث شنّ الطيران الإسرائيلي غارة أدت إلى مقتل طفلين سوريين وعنصر في «حزب الله» (أ.ب)
TT

إسرائيل توسّع دائرة قصفها في جنوب لبنان و«حزب الله» يطوّر «نوعية» عملياته

جنود لبنانيون ومتطوعو الصليب الأحمر ببلدة النجارية حيث شنّ الطيران الإسرائيلي غارة أدت إلى مقتل طفلين سوريين وعنصر في «حزب الله» (أ.ب)
جنود لبنانيون ومتطوعو الصليب الأحمر ببلدة النجارية حيث شنّ الطيران الإسرائيلي غارة أدت إلى مقتل طفلين سوريين وعنصر في «حزب الله» (أ.ب)

وسّعت إسرائيل دائرة استهدافها عمق الجنوب اللبناني عبر شنّها غارات على منطقة الزهراني في قضاء صيدا، ما أدى إلى مقتل عنصر في «حزب الله» وطفلين سوريين، في وقت نقلت هيئة البث الإسرائيلية فيه عن مسؤولين عسكريين قولهم إن إيران نقلت وسائل دفاع جوي متقدمة لـ«حزب الله»، مستندين في ذلك إلى صور من موقع عسكري هاجمه الجيش الإسرائيلي.

وشنّ الطيران الإسرائيلي، صباح الجمعة، غارات على بلدتين في جنوب لبنان، وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، صباحاً، بشنّ «الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على بلدة النجارية» الساحلية، وغارة أخرى على بلدة العدوسية المجاورة في منطقة الزهراني، قضاء صيدا، حيث هرعت سيارات الإسعاف إلى البلدتين اللتين تبعدان نحو ثلاثين كيلومتراً كمسافة مباشرة عن أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل.

وهي المرة الثانية التي يستهدف الطيران الإسرائيلي فيها منطقة الزهراني، بعدما كان قد شنّ غارة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 على شاحنة في المنطقة، في حين طالت الغارة الثانية، الجمعة، بستاناً في العدوسية، سبق أن استهدفته إسرائيل عند بدء التصعيد مع «حزب الله» أيضاً.

الدخان يتصاعد من بلدة النجارية بعد استهدافها بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

وأفادت «الوطنية» بأن الغارة التي استهدفت النجارية أدت إلى مقتل طفلين سوريين هما أسامة وهاني الخالد، ليعود بعدها «حزب الله» وينعى أحد عناصره؛ ويُدعى حسين خضر مهدي من بلدة النجّارية، دون الإشارة إلى صفة قيادية له، بعدما كانت بعض المعلومات قد ذكرت أنه قيادي في «حزب الله».

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، عبر منصة «إكس»، إن الجيش الإسرائيلي «استهدف بنية تحتية لـ(حزب الله) تضم عدة مجمعات عسكرية كانت تستخدمها وحدة الدفاع الجوي التابعة للحزب في منطقة النجارية».

وكان «الحزب» قد أعلن، صباح الجمعة، أنه شنّ «هجوماً جوياً بعددٍ من المُسيّرات الانقضاضية» على مقر كتيبة ‏المدفعية في جعتون بشمال إسرائيل، مستهدفاً «خيام إقامة ضباط وجنود الكتيبة، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من أفراد الكتيبة»، وذلك في رد على «الاغتيال الذي قام به العدو الإسرائيلي» في محيط بلدة قانا بجنوب لبنان.

وبعد الظهر، أعلن «الحزب» استهدافه «قاعدة تسنوبار اللوجستية في الجولان المحتلّ بـ50 صاروخ ‏كاتيوشا»، في رد منه «على ‏اعتداء العدو الإسرائيلي الذي طال قرية النجارية وأدى الى استشهاد مدنيين».

وفي إسرائيل، أعلن أدرعي رصد إطلاق نحو 75 قذيفة صاروخية من لبنان نحو إسرائيل، مشيراً إلى رصد منصة إطلاق تابعة لـ«حزب الله في منطقة» يارون بجنوب لبنان كانت جاهزة لإطلاق صواريخ، وقصفت طائرة حربية المنصة.

ويبدو التصعيد الذي تشهده الجبهة الجنوبية متوقعاً، وفق ما يرى خبراء، مع تأكيدهم أن ذلك سيبقى تحت «سقف الحرب الواسعة» لأسباب مرتبطة بالقرارين الأميركي والإيراني المعارضين لتوسعها.

تطور الاستطلاع

ويقول، في هذا الإطار، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «إسرائيل تضرب مناطق داخل لبنان متخطية قواعد الاشتباك، حيث وصلت إلى بعلبك والهرمل واليوم الزهراني، لكن (حزب الله) لا يمكنه أن يصل بقصفه مثلاً إلى حيفا وعكا، على سبيل المثال، اللتين تُعدّان خطاً أحمر وإعطاء مبرر لإسرائيل لإعلان الحرب، وهو ما لا يتحمله (حزب الله)، ولا سيما في الداخل اللبناني، فيبقى محافظاً على ردوده ضمن حدود معينة».

من هنا يلفت جابر إلى أن ما يقوم به «حزب الله»، إضافة إلى الرد في الجولان حيث وصل إلى مسافة 35 كيلومتراً، وجبل الشيخ ومزارع شبعا وغيرها في المستوطنات، «تركيز استهدافه على الأهداف العسكرية بالصواريخ المباشرة». ويشير جابر إلى «تطوّر تكتيكي في الاستطلاع» ظهر لدى «حزب الله» في عملياته خلال هذه الحرب، وذلك عبر مناظير متطورة ليلية وبواسطة كاميرات، تساند معلوماتها طائرات الاستطلاع لتنفيذ عمليات دقيقة.

ومع تركيز «حزب الله على استخدام المُسيّرات الانقضاضية في عملياته، بعيداً عن أهداف منظومة الدفاع الإسرائيلية»، يوضح جابر أن «منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية تعمل ضد الصواريخ وليست مهيّأة ضد هذا النوع من المُسيّرات التي تعمل على علو منخفض، ومن ثم فإن (حزب الله) يستفيد من هذه الثغرة عبر الاعتماد عليها في عملياته وينجح في الوصول إلى هدفه».

بناء على الثغرات

كذلك، يتحدث رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما»، رياض قهوجي، عن اعتماد «حزب الله» على «تغيرات تكتيكية» في عمليات «حزب الله». ويقول، لـ«الشرق الأوسط»: «الحزب يستفيد مع الوقت من الخبرة في الحرب ويبني على الثغرات ونقاط الضعف لدى إسرائيل، بحيث إن مفعول منظومة الدفاع الجوي يكون محدوداً مع المُسيّرات الانقضاضية». ويلفت، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «حزب الله» يعتمد على عنصر المفاجأة في كشفه الأسلحة التي يستخدمها تباعاً، والمُسيّرة الهجومية إس 5 كانت جزءاً من هذا المخطط الهادف إلى التأثير على معنويات العسكريين. لكنه يرى، في الوقت عينه، أن تأثير ذلك على الجانب الإسرائيلي يبقى محدوداً، مقارنة بالخسائر التي تنتج عن القصف الإسرائيلي في جنوب لبنان».

وكانت المواجهات في جبهة الجنوب قد اتخذت طابعاً تصعيدياً غير مسبوق منذ يوم الأربعاء، مع اغتيال قيادي في «حزب الله»، ومن ثم إعلان «حزب الله»، الخميس، لأول مرة شنّ «غارة» بواسطة طائرة مُسيّرة أطلقت صاروخين على موقع المطلة، شمال إسرائيل قبل انفجارها، ما أسفر عن إصابة ثلاثة جنود إسرائيليين بجروح.

واستهدف «الحزب» المطلة «بمسيّرة هجوميّة مسلّحة» بصاروخين من طراز «إس 5»، وفق ما أعلن، مشيراً إلى أن المُسيّرة «أطلقت صواريخها» على إحدى الآليات في الموقع والعناصر المجتمعة حولها، ثم «أكملت انقضاضها على الهدف المحدد لها وأصابته بدقّة»، وهذا الاستهداف الذي قال عنه «الحزب» إنه في إطار الرد على «الاغتيالات»، كان قد أدى إلى ردّ آخر من تل أبيب، مساء الخميس، أدى إلى سقوط مقاتلَين من صفوفه باستهداف سيارة كانا يستقلانها قرب بلدة قانا الجنوبية.


مقالات ذات صلة

ترحيب عربي ودولي بتشكيل الحكومة اللبنانية... «فصل جديد ومشرق»

المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يوقع مرسوم تشكيل حكومة نواف سلام في قصر بعبدا (أ.ف.ب) play-circle

ترحيب عربي ودولي بتشكيل الحكومة اللبنانية... «فصل جديد ومشرق»

رحبت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس بلاسخارت، بتشكيل حكومة جديدة في لبنان، عادّة أنها تمثّل «فصلاً جديداً ومشرقاً» للبلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سوريون يحاولون عبور الحدود إلى لبنان عقب سقوط بشار الأسد (إ.ب.أ)

عون والشرع يتفقان على التنسيق لضبط الحدود ومنع استهداف المدنيين

أفادت الرئاسة اللبنانية، الجمعة، بأن الرئيس جوزيف عون أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس السوري أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يصل للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون بالقصر الرئاسي في بعبدا (رويترز)

عون يجتمع مع سلام سعياً إلى حل مشكلة الحكومة اللبنانية

أفادت الرئاسة اللبنانية، اليوم الجمعة، بأن الرئيس جوزيف عون عقد اجتماعاً مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام في قصر بعبدا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جرافة تابعة للجيش اللبناني تفتح طريقاً قطعت بالردم جراء القصف الإسرائيلي في الطيبة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تصعّد بالقصف الجوي في شرق لبنان وجنوبه

عاد الطيران الحربي الإسرائيلي ليكثّف نشاطه في الأجواء اللبنانية مستهدفاً مناطق حدودية في شرق لبنان وجنوبه.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صورة تداولها رواد مواقع التواصل لموقع الغارات الإسرائيلية التي استهدفت بعلبك (أرشيفية - إكس)

غارات إسرائيلية ليلية على جنوب لبنان وشرقه

شنّ الطيران الإسرائيلي ليل الخميس غارات على جنوب لبنان وشرقه، بحسب ما أفاد الإعلام الرسمي، على رغم وقف إطلاق النار بين الدولة العبرية وحزب الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

نتنياهو: مصر هي التي تمنع مغادرة الفلسطينيين من غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو: مصر هي التي تمنع مغادرة الفلسطينيين من غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وسياسته تجاه غزة والشرق الأوسط، مؤكداً أن «مصر هي التي تمنع مغادرة الفلسطينيين قطاع غزة المُدمَّر».

وفي حديث مع برنامج «Life, Liberty and Levin» على قناة «فوكس نيوز» الأميركية، جدد نتنياهو دعمه لمقترح نقل الفلسطينيين من غزة وسيطرة أميركا على القطاع. وأكد التزام إسرائيل بالعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة بشأن السياسة المستقبلية في الشرق الأوسط.

وقال نتنياهو إن مقترح ترمب حول القطاع «جيد وجديد، ولم يُطرَح منذ سنوات طويلة جداً».

وتابع قائلاً: «غزة تحوَّلت إلى سجن كبير، وما يفعله ترمب الآن هو محاولة فتح أبواب هذا السجن وإخراج الفلسطينيين منه»، مضيفاً أن مصر هي التي تمنع مغادرة الفلسطينيين قطاع غزة حتى من قبل الحرب.

وأكد نتنياهو ضرورة العثور على مكان بديل لسكان غزة.

وأكمل قائلاً: «أعتقد أن الرئيس ترمب هو أعظم صديق لإسرائيل في البيت الأبيض على الإطلاق. إنه لا يحدث تغييراً هائلاً في التحالف الإسرائيلي - الأميركي ويعززه إلى ما هو أبعد من أي شيء رأيناه حتى الآن فحسب، بل إنه أيضاً زعيم عظيم لأميركا والعالم كله».

ومنذ عودته إلى منصبه قبل أقل من شهر، اتخذ ترمب خطوات بارزة عدة تتعلق بالشرق الأوسط وإسرائيل.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، اقترح الرئيس الأميركي نقل الفلسطينيين من القطاع بشكل دائم، كما اقترح سيطرة الولايات المتحدة على غزة.

وفي أواخر يناير (كانون الثاني)، رفع ترمب حظرًا طبَّقته إدارة الرئيس السابق، جو بايدن، على تسليم قنابل تزن ألفَي رطل إلى إسرائيل.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وقَّع الرئيس الأميركي على أمر تنفيذي يفرض عقوبات اقتصادية وقيوداً على السفر، تستهدف الأفراد الذين يساعدون في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بمواطني الولايات المتحدة أو حلفاء لها مثل إسرائيل.

وسبق أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، اللذين حمَّلتهما «المسؤولية الجنائية عن توجيه هجوم متعمد ضد المدنيين» في الحرب التي شنَّتها إسرائيل على قطاع غزة، إثر هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال نتنياهو: «في الأسبوعين الأولين، فعل ترمب كل ما وعد به. لقد عارض معاداة السامية، وعارض المحكمة الجنائية الدولية. هذه المحكمة الدولية الفاسدة التي تستهدف أميركا، وتستهدف إسرائيل، وتستهدف الديمقراطيات».

وقال نتنياهو: «ليس لإسرائيل صديق أفضل من أميركا. والآن، تحت قيادة الرئيس ترمب، ليس لأميركا صديق أعظم من إسرائيل. إنها بداية رائعة وإعادة تقييم لتحالفنا العظيم».