القضاء اللبناني يلاحق مصرفاً بـ«الالتفاف» على العقوبات الأميركية

دعوى انطلقت من «خلافات شخصية» بين المصرف وأحد المودعين

أحد فروع بنك «مياب» في العاصمة اللبنانية بيروت (المركزية)
أحد فروع بنك «مياب» في العاصمة اللبنانية بيروت (المركزية)
TT

القضاء اللبناني يلاحق مصرفاً بـ«الالتفاف» على العقوبات الأميركية

أحد فروع بنك «مياب» في العاصمة اللبنانية بيروت (المركزية)
أحد فروع بنك «مياب» في العاصمة اللبنانية بيروت (المركزية)

ادعت النيابة العامة في بيروت على «بنك مياب» بشخص رئيس مجلس إدارته علي قاسم حجيج، بجرم «تبييض أموال والالتفاف على العقوبات الأميركية والدولية»، وأحالت الملف إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، طالبةً إجراء التحقيقات اللازمة بهذا الشأن.

وأفاد مصدر قضائي بأن الادعاء شمل حجيج، والمدير العام السابق عدنان يوسف، بالإضافة إلى أدهم طباجة وصالح عاصي، المدرجين على لائحة العقوبات الأميركية بتهمة تمويل «حزب الله».

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «الادعاء هو الأول من نوعه الذي يتهم مصرفاً بالالتفاف على العقوبات الأميركية والدولية من خلال استعمال حسابات بعض المودعين لتمرير عمليات تهريب مالية عبرها لصالح أشخاص مدرجين على لائحة العقوبات، وهذه العمليات تعرّض سلامة عمل المصرف للخطر»، لافتاً إلى أن الادعاء «استند إلى شبهات كوّنت قناعة بضرورة تحريك الملاحقة، وقد يكون لقاضي التحقيق الأول (بلال حلاوي) الذي وضع يده على الملفّ رأي آخر، ربما يفضي إلى منع المحاكمة عنه».

وأضاف: «هذه القضيّة تختلف عن الدعاوى التي أقامتها القاضية غادة عون ضد حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة ومصارف عدة بتبييض الأموال والاستيلاء على أموال المودعين»، عاداً أن دعاوى عون «لا تنفصل عن دوافع الخلافات السياسية والحملات التي طالت المصارف اللبنانية».

مخالفة النقد والتسليف

وانشغلت الأوساط الحقوقية بهذه القضية، وقالت مصادر قانونية مواكبة للقضية في قصر العدل في بيروت إن «وكلاء المدعى عليهم يتخوفون من أن تفتح هذه الملاحقة الباب أمام عقوبات دولية على البنك المذكور وأصحابه وأعضاء مجلس الإدارة»، مشيرة إلى أن «ما يثير القلق أن النيابة العامة الاستئنافية قررت إرسال نسخة من الملف إلى النيابة العامة المالية للتحرك بشأن الشبهات المثارة، لكون جزء كبير منها يقع ضمن اختصاص النيابة المالية، وأهمها مخالفة قانون النقد والتسليف». وقالت إن فريق المحامين «ينتظر أن يصل الملف إلى دائرة قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي لتقديم الدفاع ودحض الاتهامات المنسوبة إلى المدعى عليهم المذكورين، وجميعهم متمولون ولديهم أعمال تجارية واستثمارات كبيرة في لبنان والخارج يخشون أن تتأثر بهذه الملاحقة».

وأمام هذا التطور، أوضح مصدر بارز في مصرف لبنان لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الدعوى «انطلقت من خلافات شخصيّة بين المصرف وأحد المودعين الذي استعمل حسابه الشخصي لحوالات تأتي من الخارج، خصوصاً من أفريقيا»، مشيراً إلى أن المصرف المركزي «طلب من (بنك مياب) إيداعه تقريراً مفصلاً حول التفاصيل التي يدعي المودع ارتكابها ولم يصل هذا التقرير حتى الآن»، نافياً وجود أي شبهات حول المصرف حتى الآن.

علامات استفهام

من جهته، أكد مصدر في هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي لـ«الشرق الأوسط» أن الهيئة «لم تتلق من الخارج أي شيء يتعلق بشبهة تبييض الأموال»، مشيراً إلى أنه «كان يفترض بالنيابة العامة أن تأخذ إذناً من الهيئة ومن البنك المركزي قبل تحريك الدعوى العامة، وهو ما أثار علامات استفهام حول القضيّة»، ومشدداً على أن «الوضع القانوني للمصرف سليم، ويفترض أن تتوضّح كل هذه الأمور خلال التحقيق القضائي»، مشدداً على أن الهيئة والبنك المركزي «لا يغطّيان أي مخالفة للقانون، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بشبهة تبييض الأموال، لكن في الوقت نفسه لا يقبل الافتراء على مصرف ما زال يعمل بفاعليّة، وليست لديه أي مشكلات قانونيّة أو مالية».


مقالات ذات صلة

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية» وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

TT

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)

تحوّلت العاصمة بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، إلى مناطق وأحياء بيروتية للمرة الأولى، ما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذي خرجوا من منازلهم قبل تنفيذ التهديدات، لا سيما أن المناطق المُحددة مكتظة بالسكان، ومعظمها لا يُعدّ محسوباً على «حزب الله».

وفيما أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن تل أبيب جهّزت خطة عسكرية كاملة للساعات الأربع والعشرين الأخيرة من الحرب مع لبنان، بدأ استهداف بيروت ظهر الثلاثاء بغارة على منطقة النويري، القريبة من وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية بأن غارة «نفذها الطيران الحربي المعادي» استهدفت مبنى «في المنطقة الواقعة بين النويري والبسطة في بيروت». ودمّرت الغارة «مبنى مؤلفاً من 4 طوابق يؤوي نازحين»، وفق الوكالة.

ومن موقع الغارة في النويري، وقفت رولا إلى جانب زوجها وسام جعفر باكية تحتضن ابنها الذي فقد لوقت قصير: «كنا في البيت، وفجأة وقعت الضربة، طرنا، والجدران كلها تناثرت علينا (...) الصدمة كانت صعبة جداً».

وبعد النويري التي استُهدفت دون إنذار، توالت التحذيرات الإسرائيلية لمناطق في العاصمة بيروت، بحيث قال أدرعي إنها تستهدف فروعاً لـ«القرض الحسن». وقال في منشور له على منصة «إكس»: «يواصل الجيش الإسرائيلي العمل بقوة لتفكيك بنى (حزب الله). على المدى الزمني القريب سنقوم بمهاجمة فروع عدة لجميعة (القرض الحسن)؛ حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لـ(حزب الله) التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح الحزب»، مضيفاً: «هذه الغارات ستُشكل ضربة إضافية لسلسلة التمويل الإيرانية لـ(حزب الله) الذي يستخدم هذه الجمعية لأغراضه العسكرية».

وفي منشورات متلاحقة، حذّر أدرعي السكان الموجودين في مبانٍ محددة على الخرائط في مناطق رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط لإخلائها، إضافة إلى مبانٍ في مدينتي صيدا وصور، علماً بأنها المرة الأولى أيضاً التي يستهدف فيها وسط مدينة صيدا.

وخلال أقل من ساعة على التحذيرات التي جعلت العائلات تخرج من منازلها على وجه السرعة من دون أن تعرف الوجهة التي ستذهب إليها، بدأت الغارات الإسرائيلية باستهداف منطقة النويري مرة ثانية، ومن ثم مارالياس (كانت قد استُهدفت قبل نحو أسبوع)، وبربور والمزرعة وشارع الحمرا، ومناطق أخرى للمرة الأولى.

وفيما أدى هذا الخوف إلى زحمة سير خانقة في كل أحياء وشوارع العاصمة، اضطرت عائلات من بعض المناطق، ولا سيما الفقيرة منها، على غرار منطقة الجناح، للخروج سيراً على الأقدام.

عمليات بحث عن ضحايا تحت أنقاض أحد المباني الذي استهدف في غارة إسرائيلية (أ.ب)

وفي تعليق منه على التصعيد، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب أمين شري، بينما كان يتفقد موقع الغارة في بيروت، إن «العدو الإسرائيلي» قبل «التسوية يريد أن ينتقم من كل جمهور المقاومة ومن كل اللبنانيين» مشيراً إلى «عشرات الإنذارات» التي وجهها الجيش الإسرائيلي قبل استهداف ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب.