البرلمان العراقي يمدد 30 يوماً لانتخاب رئيسه

باحث: الفاعلون الشيعة يرغبون بإبقاء المنصب شاغراً

صورة البرلمان العراقي من مدخل مقره الرئيسي (أ.ف.ب)
صورة البرلمان العراقي من مدخل مقره الرئيسي (أ.ف.ب)
TT

البرلمان العراقي يمدد 30 يوماً لانتخاب رئيسه

صورة البرلمان العراقي من مدخل مقره الرئيسي (أ.ف.ب)
صورة البرلمان العراقي من مدخل مقره الرئيسي (أ.ف.ب)

«اختلفوا على التمديد ظهراً ثم اتفقوا مساءً»... بهذه العبارة رد أحد النواب العراقيين على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بشأن الملابسات التي جعلت البرلمان يدخل عطلته التشريعية بعد رفض كل محاولات التمديد، قبل أن يقرر تأجيل عطلته شهراً كاملاً.

ومع أن تبرير التمديد كان «عزم الحكومة إرسال جداول الموازنة المالية للعام الحالي 2024 والتي تأخرت كثيراً»، فإن - طبقاً للنائب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه - «الإرباك يسيطر على العمل التشريعي الآن، بين جداول الموازنة وبين انتخاب رئيس جديد للبرلمان بعد إعلان قوى (الإطار التنسيقي) منح الكتل السنية مدة أسبوع لحسم مرشحها لرئاسة البرلمان».

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

وقال النائب: «حتى في العطلة التشريعية هناك إمكانية لعقد جلسات استثنائية سواء لحسم جداول الموازنة أو انتخاب رئيس جديد، لكن على ما يبدو فإن الاتفاق حصل أخيراً بتمديد الفصل 30 يوماً».

وكان البرلمان دخل، ظهر الخميس، عطلته التشريعية في وقت لم تنفع محاولات التمديد التي طالب بها بعض أعضاء البرلمان ومنهم النائب السني مثنى السامرائي الذي جمع تواقيع لهذا الغرض غير أن طلبه قوبل بالرفض.

وقال عضو اللجنة القانونية النيابية رائد المالكي في تصريح صحافي، إن «مجلس النواب أنهى الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الثالثة، وابتداء من الجمعة سيتمتع المجلس بالعطلة التشريعية لغاية شهر حزيران (يونيو) المقبل».

وأوضح المالكي أن «الفصل التشريعي الثاني سيبدأ يوم 9 حزيران المقبل، بالتالي فإن مجلس النواب سيتمتع بالعطلة لمدة شهر واحد فقط».

ولفت إلى أنه «في حال الاتفاق على منصب رئيس مجلس النواب أو إرسال جداول الموازنة إلى المجلس، فإن البرلمان سيعقد جلسة استثنائية أو طارئة لمناقشة أي حدث مهم خلال العطلة التشريعية».

صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي برئاسة الحلبوسي (أرشيفية - رويترز)

مفاجأة التمديد

وفي وقت لاحق، وطبقاً لبيان مقتضب صادر عن رئاسة البرلمان، فقد تقرر تمديد الفصل التشريعي لمدة 30 يوماً، وبناء على البيان فإن «القرار جاء استناداً للمادة (58) من الدستور».

وينص الدستور على «تمديد الفصل التشريعي لدورة انعقاد مجلس النواب بما لا يزيد على ثلاثين يوماً، لإنجاز المهمات التي تستدعي ذلك، بناءً على طلبٍ من رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس النواب أو خمسين عضواً من أعضاء المجلس».

وأفادت نائبة في البرلمان العراقي لـ«الشرق الأوسط»، طالبة هي الأخرى عدم الكشف عن اسمها، بأنه «خلال الجلسة التي عُقدت ظهر الخميس طالب عدد كبير من النواب بتمديد الفصل التشريعي لتلبية استحقاقين مهمين، وهما جداول الموازنة وانتخاب رئيس جديد للبرلمان، لكن لم تحصل الموافقة من قبل رئاسة المجلس».

وقالت النائبة إن «ذلك بدا متناقضاً مع ما أقرته قوى (الإطار التنسيقي) بشأن منح السنة مهلة أسبوع لاختيار مرشح من بينهم لتولي منصب رئيس البرلمان، وهو ما يعني حكماً أن هناك اتفاقاً داخل القوى الشيعية التي تملك الأغلبية داخل البرلمان لتمديد الفصل التشريعي لحسم هذا الأمر، فضلاً عن جداول الموازنة».

رئيس البرلمان العراقي بالنيابة محسن المندلاوي (وكالة الأنباء العراقية)

قصة الرئيس

وبينما ينتظر البرلمان جداول الموازنة خلال الأيام المقبلة لكي يحسمها خلال فترة التمديد، فإن أصعب مهمة هي انتخاب رئيس جديد للبرلمان في ظل استمرار الخلافات السنية ـ السنية التي انعكست تالياً على الإطار الشيعي المنقسم هو الآخر، طبقاً لما يرى الباحث والأكاديمي الدكتور يحيى الكبيسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط».

من جهته، قال النائب المستقل في البرلمان العراقي حسين عرب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «كل المؤشرات تؤكد أن قصة انتخاب رئيس جديد للبرلمان باتت وشيكة حتى مع استمرار الخلافات داخل البيت السني».

وأضاف عرب: «بعيداً عن طبيعة تلك الخلافات وكيف ستنعكس على سير عملية الانتخاب، فمن المؤكد أن العملية لن تحسم بجولة واحدة، بل نحتاج إلى عدة جولات لصعوبة الموضوع وعدم إمكانية حصول اتفاق على مرشح متفق عليه بين السنة».

يشار إلى أن 3 مرشحين سنة يتنافسون حالياً على المنصب، وهم سالم العيساوي، وقد حصل على 97 صوتاً خلال الجلسة الأولى التي عُقدت خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، ومحمود المشهداني الذي حصل على 48 صوتاً، وطلال الزوبعي الذي حصل على صوت واحد.

في السياق، قال الباحث العراقي يحيى الكبيسي لـ«الشرق الأوسط»، إن «ثمة انقساماً شيعياً - شيعياً حاداً بشأن من يكون رئيساً لمجلس النواب، وهو ما يعطل انتخاب الحلبوسي (رئيس البرلمان المقال)».

وأضاف الكبيسي أن «هناك رأياً لبعض الفاعلين الشيعة بالإبقاء على المنصب شاغراً إلى نهاية الدورة البرلمانية، ما يفسر قرار المحكمة الاتحادية بالإطاحة بالدستور وبالنظام الداخلي لمجلس النواب اللذين قررا أن يكون انتخاب رئيس مجلس النواب في أول جلسة».

وبشأن ملابسات تمديد الفصل التشريعي، قال الكبيسي إن «عدم التمديد في الوقت المناسب والاضطرار إلى تمديده بعد نهاية الجلسة، هو نتيجة للانقسامات الشيعية - الشيعية»، مؤكداً أن «هذا الانقسام هو ما سيحول دون انتخاب رئيس لمجلس النواب في الجلسة القادمة».


مقالات ذات صلة

مرشح مسيحي قد يفك عقدة المحافظ في كركوك

المشرق العربي عناصر من البيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك (أرشيفية - إ.ب.أ)

مرشح مسيحي قد يفك عقدة المحافظ في كركوك

مضى أكثر من 7 أشهر على إجراء الانتخابات المحلية العراقية وما زال الصراع بين الكرد والعرب والتركمان يحول دون التوصل إلى صيغة محددة لحسم منصب المحافظ في كركوك.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرتها الحكومة العراقية من لقاء السوداني ورئيسة بعثة «يونامي» جينين بلاسخارت في مطلع 2024

ملف الكويت والانتخابات... آخر مهمات «يونامي» في العراق

كشف مسؤول في الحكومة العراقية عن المهمات التي ستقوم بها بعثة «يونامي» في العراق بعد الإعلان عن إنهاء ولايتها نهاية العام الحالي

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي أعضاء المحكمة الاتحادية في العراق (أرشيفية - إعلام القضاء)

«حرب صلاحيات» بين أعلى محكمتين في العراق

قالت محكمة التمييز العراقية إن المحكمة الاتحادية تجاوزت صلاحياتها، بعدما أصدرت طعناً في أحد قراراتها في مرافعة غير مسبوقة.

حمزة مصطفى ( بغداد)
المشرق العربي جلسة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك (أ.ب)

مجلس الأمن يقرر سحب البعثة الأممية من العراق في نهاية عام 2025

بناء على طلب بغداد قرر مجلس الأمن الدولي سحب البعثة الأممية من العراق الموجودة في البلاد منذ أكثر من 20 عاماً بحلول نهاية 2025.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي أعضاء المحكمة الاتحادية في العراق (أرشيفية - إعلام القضاء)

«التمييز» العراقية تتصدى للمحكمة الاتحادية بمرافعة عن الصلاحيات

أربك قرار غير مسبوق من محكمة التمييز العراقية المشهد السياسي والقانوني، بعدما أكدت «بطلان» أحكام سابقة أصدرتها المحكمة الاتحادية.

حمزة مصطفى (بغداد)

أميركا تنتظر «حماس»... و«تضمن» إسرائيل


لافتة كبيرة في مظاهرة أمام مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية في كريا مساء أمس تقول: «بايدن... أنقذ المحتجزين من نتنياهو» (إ.ب.أ)
لافتة كبيرة في مظاهرة أمام مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية في كريا مساء أمس تقول: «بايدن... أنقذ المحتجزين من نتنياهو» (إ.ب.أ)
TT

أميركا تنتظر «حماس»... و«تضمن» إسرائيل


لافتة كبيرة في مظاهرة أمام مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية في كريا مساء أمس تقول: «بايدن... أنقذ المحتجزين من نتنياهو» (إ.ب.أ)
لافتة كبيرة في مظاهرة أمام مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية في كريا مساء أمس تقول: «بايدن... أنقذ المحتجزين من نتنياهو» (إ.ب.أ)

أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أمس، أنَّ الولايات المتحدة تتوقَّع موافقة إسرائيل على الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الجمعة، لإنهاء الحرب في غزة، إذا وافقت عليها حركة «حماس».

وأضاف كيربي، في مقابلة على شبكة «إيه بي سي» التلفزيونية قائلاً: «كان هذا اقتراحاً إسرائيلياً، ونتوقّع أنَّه إذا وافقت (حماس) عليه - كما نُقل إليهم - فإنَّ إسرائيل ستقول نعم له»، وهو ما فسرته مصادر غربية وعربية بأنَّ «أميركا تضمن موافقة إسرائيل... وتنتظر قبول (حماس) للخطة المكونة من 3 مراحل». وأشاروا إلى أنَّ تصريح كيربي يهدف أيضاً إلى وضع ضغط على الطرفين باعتبار أنَّ هذه «هي الفرصة الأخيرة لوقف الحرب».

وقال مصدر مقرب من «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إنَّ «مشاورات انطلقت مع قيادة الحركة في الداخل، ولاحقاً مع فصائل فلسطينية... والاتجاه يسير نحو قبول الخطة». وأضاف أنَّ «(حماس) تنتظر عرضاً واضحاً على الورق، ويشمل موافقة إسرائيلية».

في الأثناء، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أنَّ تل أبيب لن تقبل استمرار «حماس» في حكم غزة في أي مرحلة خلال عملية إنهاء الحرب، وهي تبحث عن «حكومة بديلة» في القطاع.