عن عمر ناهز الـ97 عاماً، رحل الداعية السوري عصام العطار، ونشرت ابنته هادية، الجمعة، على حسابها في «فيسبوك»: «توفي والِدُنا عصام العطار، ليلة الجمعة، وهوَ يسألكم المسامحة والدعاءَ لَهُ بالمغفِرَةِ وحسنِ الخِتام».
ومع أن عصام العطار ترك جماعة «الإخوان المسلمين» في سوريا منذ عام 1973، لخلافات معها، فإن الجماعة نعته بوصفه «المراقب العام السابق»، وجاء في بيان نشره عامر البو سلامة المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» في سوريا، أن العطار «قاد الجماعة في ظروف صعبة، كانت تعيشها البلاد، فكان نعم القائد».
مثَّل عصام العطار «نموذجاً إشكالياً»؛ فقد كان من أعند المعارضين ضد سلطة «البعث» في سوريا، وتحمل النفي عن البلاد نحو 60 عاماً. ومنذ بدء انخراطه في العمل السياسي عارض الانقلابات العسكرية التي شهدتها سوريا بعد الاستقلال رافضاً الانخراط في حكوماتها، كما عارض سلطة «البعث»، التي منعت دخوله إلى سوريا لدى عودته من رحلة الحج عام 1964، فعاد إلى لبنان ومنه إلى بروكسل ثم مدينة آخن الألمانية ليستقر هناك بوصفه لاجئاً سياسياً، تعرض خلالها إلى محاولات اغتيال عدة، إحداها قضت فيها زوجته بنان الطنطاوي في ألمانيا عام 1981، ومع ذلك حافظ في خطابه بوصفه داعية إسلامياً على الترفع عن الطائفية والحقد والكراهية، كما ظل على اتصال مع شقيقته نجاح العطار، وزيرة الثقافة في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، ونائبة الرئيس لشؤون الثقافة في عهد الرئيس بشار الأسد، وذلك رغم اتهامه سلطة الأسد الأب بالضلوع في اغتيال بنان الطنطاوي. ويأخذ عليه منتقدون تمنيه الشفاء لزوجة الرئيس أسماء الأسد من مرض السرطان بعد إعلان إصابتها عام 2018.
يشار إلى أن علاقة عصام العطار بـ«الإخوان» بدأت عام 1945، من خلال جمعية «شباب محمد»، التي شكلت نواة الجماعة لاحقاً، وفي عام 1946 تعرف على الدكتور مصطفى السباعي، المراقب العام لـ«الإخوان» في سوريا، وشارك معه في تأسيسها.
بعد وفاة السباعي، اختير العطار خلفاً له، ومع أنه حاول الرفض إلا أنه وافق تحت الضغط وبقي مراقباً مدة 9 سنوات، تعمقت خلالها خلافاته مع الجماعة، وقرر العطار ترك الجماعة، عام 1973، مواصلاً دوره بوصفه داعيةً.
وعندما صدر في سوريا القانون رقم 49 عام 1980 على خلفية المواجهات الدامية بين السلطة وجماعة «الإخوان المسلمين» القاضي بالحكم بالإعدام على كل من ينتمي للجماعة، بغض النظر عن الأفعال التي ارتكبها، خرج عصام العطار ليعرّف بنفسه بأنه المراقب العام للجماعة، وفق ما ذكره في حوارات إعلامية.
نشط في منفاه سياسياً وثقافياً حتى قيدت السلطات الألمانية حرياته السياسية عام 1981، وفرضت عليه تجميد نشاطه السياسي، لكن لدى اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، وجَّه خطابات للناشطين السوريين، مؤيداً إياهم، مع رفض الانخراط في أي تشكيلات سياسية ثورية.