أسئلة مُعلقة حول وجهة «حماس» إذا غادرت قطر

مصادر بالحركة: التوجه لمحور «إيران – العراق – سوريا - لبنان» انتحار سياسي

إسماعيل هنية ويحيى السنوار خلال اجتماع لقادة فصائل فلسطينية في غزة عام 2017 (أ.ف.ب)
إسماعيل هنية ويحيى السنوار خلال اجتماع لقادة فصائل فلسطينية في غزة عام 2017 (أ.ف.ب)
TT

أسئلة مُعلقة حول وجهة «حماس» إذا غادرت قطر

إسماعيل هنية ويحيى السنوار خلال اجتماع لقادة فصائل فلسطينية في غزة عام 2017 (أ.ف.ب)
إسماعيل هنية ويحيى السنوار خلال اجتماع لقادة فصائل فلسطينية في غزة عام 2017 (أ.ف.ب)

أثار بقاء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في تركيا منذ أكثر من 12 يوماً، تساؤلات حول ما إذا كانت الحركة نقلت ولو مؤقتاً مقر قيادتها من الدوحة إلى أنقرة، وذلك ضمن سلسلة تساؤلات برزت على وقع تقارير بشأن نية الحركة نقل مكاتبها من قطر، وتسريبات وتصريحات لقادة الحركة بشأن وجهات محتملة إذا قررت الحركة المضي في الخطوة.

وكان هنية وصل إلى تركيا في 19 نيسان (أبريل) الماضي، على رأس وفد قيادي من «حماس»، والتقى هناك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في مدينة إسطنبول، ثم بقي هناك، وتزامن ذلك مع تقارير إعلامية، حول انتقال الحركة من قطر، لكن «حماس» عادت ونفت حدوث ذلك، وإن من دون حسم.

لكن لماذا أثير ذلك الآن؟

لا يوجد حسم أو إعلان صريح مباشر من الطرفين، «قطر» أو «حماس»، بشأن أسباب تفجر ذلك التشكيك حول انتقال الحركة من الدوحة، غير أن الهجوم الإسرائيلي المتكرر على قطر بوصفها راعية لحركة تراها تل أبيب «إرهابية»، وما أعقبه من هجوم لمسؤولين أميركيين ونواب في الكونغرس على الدوحة من بوابة أنها في رأيهم «لا تمارس الضغوط اللازمة على (حماس) من أجل الوصول إلى صفقة تبادل مع إسرائيل» زادا حمى المطالبات في بعض الأحيان إلى حد الدعوة إلى قطع العلاقات بالدوحة.

واستقبلت قطر الهجوم، بإعلانها أنها «محبطة من عدم جدية الأطراف، ولا تقبل استغلال دورها بوصفها وسيطاً من أجل التموضع السياسي، ومن ثم فإنها ستعيد تقييم دورها بوصفها وسيطاً»، ما سمح بتدفق تسريبات وتقارير وتحليلات حول نية قطر التخلص من «عبء حماس» قبل أن تنشر صحيفة «وول ستريت جورنال» الشهر الماضي أن «القيادة السياسية لـ(حماس) تسعى لنقل مقرها فعلاً إلى خارج قطر».

ونقلت الصحيفة عن مصادر عربية أن «قيادة الحركة اتصلت بدولتين اثنتين على الأقل في المنطقة، إحداهما سلطنة عمان، بشأن ما إذا كانتا منفتحتين على فكرة انتقال قادتها السياسيين إلى عاصمتيهما».

رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)

ويعيش قادة حماس في الدوحة، عاصمة قطر، منذ عام 2012 في ترتيب دعمته الولايات المتحدة. وذكرت الصحيفة الأميركية أن ذلك يأتي مع تزايد الضغوط على الدوحة بشأن الوساطة التي تقوم بها بشأن هدنة في قطاع غزة تشمل إعادة المحتجزين.

ماذا تريد حماس؟

ووفق مصادر متطابقة من «حماس» تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، فإنها «لا نية لديها بمغادرة قطر، ولم يطلب منها ذلك، وقيادة الحركة باقية في قطر رغم كل ما يُنشر»، لكن مع ذلك أفادت المصادر بأن «هنية قرر البقاء في تركيا فترة غير محددة بعد عرض من الرئيس التركي، وبسبب أنه (أي هنية) لديه مجموعة من الاجتماعات واللقاءات مع أطراف فلسطينية وأخرى عربية، لا تتمتع بعلاقات جيدة بقطر، ومن ثم فإنها لا تفضل زيارة الدوحة، أو أنه غير مرحب بها هناك». واكتفت المصادر بالقول إن «من بين هذه الأطراف فصائل فلسطينية».

وبحسب مصادر أخرى مقربة من «حماس» فإن «وجود هنية في تركيا يهدف إلى مناقشة الدور التركي الذي تعول عليه الحركة فيما يخص المستقبل (بعد الحرب) كما يهدف إلى مزاولة نشاط سياسي على نحو أوسع». وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الممكن أن يكون ذلك أيضاً في سياق تخفيف الضغوط عن قطر التي لا تريد (حماس) التسبب في مزيد من الإحراج لها». وهو ما قالت بشأنه مصادر في الحركة، إذا شعرت «حماس» أن وجودها هناك قد يسبب حرجاً للقطريين فإنها ستفضل المغادرة.

ما الخيارات؟

وإذا كانت «حماس» فعلاً لا تنوي مغادرة قطر الآن، فما خططها حال اضطرت إلى ذلك؟

غير أن أغرب تصريح بشأن الوجهة الجديدة، جاء من القيادي في «حماس» موسى أبو مرزوق، الذي قال إن الأردن سيكون وجهة لقادة الحركة للاستقرار بها في حال تركوا قطر. وجاء ذاك التصريح قبل أيام، خلال مقابلة أجراها مع قناة «العالم» الإيرانية تطرق فيها إلى ما يتردد عن إمكانية انتقال «حماس» إلى سوريا أو العراق أو تركيا، وهو ما نفاه، مضيفاً «كل هذا فقط لممارسة ضغوطات على القطريين».

وزاد: «لو تركت حماس قطر فستذهب إلى عمّان، لأن في الأردن يوجد شعب مضياف وكريم، يدعم المقاومة الفلسطينية، ولدينا علاقة جيدة بالنظام الأردني»، لكن مصدراً أردنياً مطلعاً قال لـ«الشرق الأوسط» قبل يومين، إن بلاده تعد تلك التصريحات «استفزازاً»، وشدد على أن الأردن «طوى صفحة استضافة مكاتب الكتائب الفلسطينية»، وأنه «يتعامل مع السلطة الوطنية بعدّها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني».

موسى أبو مرزوق أحد قادة «حماس» خلال مشاركته في تشييع جثمان القيادي في الحركة صالح العاروري عقب اغتياله قرب بيروت في 2 يناير الحالي (أ.ب)

وسألت «الشرق الأوسط» مصدراً في «حماس» بشأن تصريحات أبو مرزوق، فأقر بأنهم «لم يفهموا» في «حماس» لماذا قال أبو مرزوق ذلك.

وبحسب المصدر «ربما كان يريد القول إن خيار الانتقال إلى المحور الذي تمثله (إيران، وسوريا، والعراق، ولبنان) ليس مطروحاً أو ممكناً». لكن لماذا لا يمكن الانتقال إلى إيران أو سوريا أو العراق؟ أجاب المصدر: «سيكون بمثابة انتحار سياسي... بصراحة المسألة معقدة».

بالتأكيد هناك دول كان يمكن أن تكون وجهة لـ«حماس» قبل هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لكنها لم تعد تصلح، إذ تحتاج الحركة إلى دولة كبيرة يمكن أن تحميها من إسرائيل، أو على الأقل لن تغامر إسرائيل بإغضابها، كما أن الحركة الآن مُحاربة بشدة من قبل الولايات المتحدة والعالم، وتنطوي استضافتها على كثير من المغامرة.

تحالفات ومحاذير

وتُفسّر نظرة إلى تحالفات الحركة أو علاقاتها الجيدة تعقد خياراتها؛ فمن جهة يمكنها التوجه إلى إيران أو جنوب لبنان بسهولة، لكن هذا سيجعلها رهينة محور محدد، ويعرض قادتها للاغتيال بالطبع.

وفي حال اختارت «حماس» التوجه إلى تركيا فستصطدم بتجربتها السابقة، عندما طلبت الأخيرة من بعض قادة الحركة المغادرة، أو البقاء دون أي نشاط سياسي وتنظيمي.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في 20 أبريل (د.ب.أ)

أحد الخيارات هو العودة إلى سوريا، لكن سوريا لم تغفر للحركة منذ انقلبت عليها وخرجت من هناك عام 2011 إلى قطر، على الرغم من أنها فتحت بابها لإعادة العلاقات بتدخل إيراني، ومن «حزب الله» اللبناني.

وبخلاف ذلك تتمتع «حماس» بعلاقات جيدة بدول عربية، لكنها على الأغلب لن تغامر باستضافة الحركة دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة، أو أنها ليست دولاً كبيرة ومؤثرة، وسيجعل وجود «حماس» هناك الحركة بعيدة جداً عن مراكز صنع القرار.

ورغم صعوبته؛ فإن الخيار الأخير والبعيد في الوقت نفسه، هو عودة قيادة الحركة إلى غزة، لكن هذا سيكون رهناً بـ«كيف ستنتهي الحرب»؟ و«أين سيكون موقع (حماس) في (اليوم التالي) للمعارك؟


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (الموقع الرسمي للمحكمة) play-circle 02:06

ما حيثيات اتهامات «الجنائية الدولية» لنتنياهو وغالانت والضيف؟

مع إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت والقيادي في «حماس» محمد الضيف، إليكم أبرز ما جاء في نص المذكرات.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
شؤون إقليمية عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

حذر عسكريون إسرائيليون، في تسريبات لوسائل إعلام عبرية، من أن عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل أسرى، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي «كتائب القسام» تعلن أن مقاتليها تمكنوا من قتل 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك ببلدة بيت لاهيا (رويترز)

«كتائب القسام» تقول إنها قتلت 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك بشمال قطاع غزة

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، الخميس، أن مقاتليها تمكّنوا من قتل 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك ببلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رحّبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
TT

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

وأضافت الخارجية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أنها تنظر بخطورة بالغة لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي إلغاء الاعتقال الإداري بحق المستوطنين «الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين، علماً بأن عدد الذين تم اعتقالهم قليل جداً، وعلى مبدأ اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار».

ورأت الوزارة أن هذا القرار يشجع المستوطنين المتطرفين «على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، ويعطيهم شعوراً إضافياً بالحصانة والحماية».

وطالبت الخارجية الفلسطينية «بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب ميليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

وقال كاتس في بيان إنه قرر «وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، في واقع تتعرض فيه المستوطنات اليهودية هناك لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، ويتم اتخاذ عقوبات دولية غير مبررة ضد المستوطنين».

وأضاف: «ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ خطوة خطيرة من هذا النوع ضد سكان المستوطنات»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».