«هدنة غزة»: تحركات متسارعة لإقرار الاتفاق وتبادل المحتجزين

مصادر: وفد «حماس» يزور القاهرة للرد على المقترحات وتغيير في إدارة الملف

وزير الخارجية يلتقي الممثل الأعلى للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية يلتقي الممثل الأعلى للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي (الخارجية المصرية)
TT

«هدنة غزة»: تحركات متسارعة لإقرار الاتفاق وتبادل المحتجزين

وزير الخارجية يلتقي الممثل الأعلى للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية يلتقي الممثل الأعلى للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي (الخارجية المصرية)

كثّفت مصر تحركاتها بهدف التوصل إلى «هدنة مؤقتة»، وإتمام صفقة لتبادل المحتجزين بين إسرائيل وحركة «حماس»، تضع حداً لمعاناة سكان القطاع الإنسانية المستمرة منذ أكثر من 200 يوم. في وقت قالت فيه مصادر إن حركة «حماس» تعتزم تقديم ردّها على مقترحات وقف إطلاق النار، خلال زيارة وفد الحركة للقاهرة، الاثنين.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الأحد، إن «بلاده تعول على جهود الممثل الأعلى للاتحاد لبلورة موقف أوروبي قوي وموحد يدعو إلى وقف إطلاق النار»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية، السفير أحمد أبو زيد.

وأكد شكري، خلال اللقاء الذي تم على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي تستضيفه العاصمة السعودية الرياض، على أهمية الموقف الأوروبي في «الضغط على إسرائيل لإزالة العوائق التي تضعها أمام نفاذ المساعدات إلى داخل القطاع، والعدول عن أي إجراءات أحادية الجانب، ليس في غزة فقط، وإنما في الضفة الغربية والقدس أيضاً».

كما شدّد على دور أوروبا في «إطلاق عملية سياسية جدية وفاعلة للتسوية الشاملة للقضية الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين»، منوهاً بـ«أهمية عدم الفصل بين جهود تحقيق وقف إطلاق النار والعمل على تنفيذ حلّ الدولتين».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى «أهمية تحرك الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية الفاعلة للضغط على إسرائيل للحيلولة دون القيام بعملية عسكرية في رفح، ووقف أي محاولات لتنفيذ سيناريو التهجير القسري لأهالي قطاع غزة أو تصفية القضية الفلسطينية».

وسبق أن حذرت مصر أكثر من مرة من خطورة تنفيذ عملية عسكرية واسعة في مدينة رفح الفلسطينية، لما لذلك من تداعيات إنسانية، ولا سيما أن المدينة تعد الملاذ الأخير لأكثر من 1.5 نازح فلسطيني. كما أكدت مصر رفضها تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم، وعدّت ذلك «تصفية للقضية».

واستحوذت الأزمة في غزة على الشق الأكبر من لقاء شكري وبوريل، حيث «تناول الجانبان بشكل مستفيض مستجدات الأوضاع الأمنية والإنسانية في القطاع، وتبادلا التقييمات ونتائج اتصالاتهما مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب في غزة ووضع نهاية للمأساة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع»، بحسب المتحدث باسم الخارجية المصرية.

وقال أبو زيد إن «الجانبين جدّدا التأكيد على موقفهما الرافض لشنّ إسرائيل عملية عسكرية برية في مدينة رفح جنوب قطاع». كما «اتفقا على استمرار التشاور الوثيق خلال الأيام المقبلة للدفع نحو إنهاء الحرب في قطاع غزة، وإطلاق عملية سياسية جدية وفاعلة للتسوية الشاملة للقضية الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين، بما يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967».

من جانبه، حرص الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي على «تأكيد دعم الاتحاد الأوروبي للدور المحوري الذي تلعبه مصر لوقف الحرب في قطاع غزة واحتواء تداعياتها على مختلف الأصعدة»، معرباً عن «استعداده للانخراط بفاعلية في أي جهود تهدف لوقف هذه الحرب الشرسة».

وخلال اللقاء، أطلع شكري المسؤول الأوروبي على «تطورات المفاوضات الجارية بين (حماس) واسرائيل لتحقيق الوقف الفوري لإطلاق النار وتبادل المحتجزين، فضلاً عن تعزيز نفاذ المساعدات الإنسانية إلى داخل القطاع».

وأجرى وفد أمني مصري، الجمعة الماضي، مباحثات مع مسؤولين في تل أبيب، بشأن إطار اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. قال عنها مصدر رفيع المستوى، في حينه، إنها «شهدت تقدماً ملحوظاً»، بحسب قناة «القاهرة الإخبارية». وقال مصدر مصري مطلع على سير المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تتحرك على كافة المستويات وتتواصل مع كافة الأطراف سعياً للوصول إلى اتفاق بشأن تبادل المحتجزين، يتم خلاله إيقاف إطلاق النار وإدخال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة».

فلسطينيون نازحون من غزة إلى مدينة رفح بالقرب من الحدود المصرية (رويترز)

وأضاف المصدر أن «القاهرة تجري اتصالات بهدف تأجيل عملية اجتياح رفح، لما لها من تداعيات إنسانية كارثية على سكان غزة». وتابع: «نسعى لضمان ألا يتسبب الاجتياح في كارثة إنسانية أو في نزوح الفلسطينيين نحو سيناء».

في سياق المفاوضات، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن مسؤول كبير في حركة «حماس»، قوله، الأحد، إن «الحركة ستقدم ردّها على المقترح الإسرائيلي المتعلق بإعلان وقف إطلاق النار الاثنين في القاهرة».

نائب رئيس «حماس» في غزة خليل الحية وممثلها في لبنان أسامة حمدان يتحدثان إلى الصحافيين في بيروت يوم 22 نوفمبر (رويترز)

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن «وفداً قيادياً من (حماس)، برئاسة خليل الحية، سيصل مصر، الاثنين، لعقد لقاء مع مسؤولين مصريين، ومناقشة مقترح القاهرة الجديد لوقف النار وتبادل الأسرى».

وينصّ المقترح المصري على «إطلاق سراح ما بين 20 إلى 40 محتجزاً إسرائيلياً، مقابل وقف إطلاق النار لمدة يوم أو أكثر قليلاً عن كل محتجز يطلق سراحه»، بحسب ما تداولته وسائل إعلام إسرائيلية.

من جانبه، أكد خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، دكتور سعيد عكاشة، أن «هناك حراكاً مصرياً مكثفاً لوقف إطلاق النار في غزة»، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التصريحات المتداولة في هذا الشأن لا تتحدث عن وقف دائم، ما يعني أنها تتجاوز شروط حركة (حماس)».

رئيس «الموساد» ديفيد برنياع يقود في الدوحة مفاوضات جديدة لتبادل المحتجزين مع «حماس» (رويترز)

وقال إن «إسرائيل تحاول إظهار قدر من المرونة بالترويج للاستعداد لتنفيذ تنازلات تظهر (حماس) باعتبارها الطرف المتصلب في المفاوضات». ولفت عكاشة إلى أنه «رغم أهمية الهدنة المؤقتة، فإنها لن تلغي عملية اجتياح رفح الحتمية، لكن ربما تؤجلها لحين إخلاء إسرائيل للمدينة بهدف تخفيف التداعيات الإنسانية لمثل هذه العملية العسكرية».

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، أفادت، الأحد، بأن «تل أبيب تنتظر ردّ (حماس) بشأن المقترح المصري خلال الساعات الـ48 المقبلة». وأشارت إلى أن «إسرائيل أبدت استعدادها لتقديم تنازلات بشأن عودة النازحين لشمال غزة».

بينما نقلت «وكالة أنباء العالم العربي»، عن مصدر مطلع، إشارتها إلى «تغيير كبير في طريقة إدارة حركة (حماس) لملف تبادل المحتجزين مع إسرائيل، في ظل ضغوط كبيرة من الوسطاء». وقال المصدر: «بهدف تخفيف الضغوط التي يتعرض لها قادة (حماس)، فإن هناك تغييراً كبيراً في طريقة إدارة ملف المفاوضات».

وأشار المصدر إلى أن من يتصدر المفاوضات حالياً هو القيادي في «حماس» خليل الحية، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار. وقال إن «قيادة المكتب السياسي لـ(حماس) في قطر لا تمانع في أي صفقة توافق عليها قيادة الحركة في غزة، وهو ما يرجح أن يكون القرار هذه المرة من غزة بشكل مباشر».

وأضاف المصدر أن «المفاوضات قد تشهد خروج بعض قادة حركة (حماس) في غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، إلى القاهرة لإدارة المفاوضات، وذلك بضمانات ثلاثية من مصر وقطر وأميركا، لعدم مساس إسرائيل بهم».

ورغم الجهود والتحركات المصرية، يبدي عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن إمكانية الوصول إلى «هدنة» في ظل سعي الطرفين لتحقيق أهدافهما ومصالحهما الخاصة.


مقالات ذات صلة

«بنك إسرائيل» يبقي على الفائدة دون تغيير مع استقرار التضخم

الاقتصاد مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)

«بنك إسرائيل» يبقي على الفائدة دون تغيير مع استقرار التضخم

قرر «بنك إسرائيل»، يوم الاثنين، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه السابع على التوالي، حيث استقر التضخم الناجم عن الحرب.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون في أحد شوارع غرب مدينة غزة اليوم (أ.ف.ب)

حكومة غزة: مئات آلاف النازحين يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن مئات آلاف النازحين في القطاع يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر حوارات المتوسط ​​في روما بإيطاليا 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تشدد على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية لاستعادة وضعها في قطاع غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة وضعها في قطاع غزة، قائلاً إن مصر ترفض تماماً تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي جثمانا القتيلين وحولهما أقاربهما في بلدة يعبد غرب جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

مقتل فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل فلسطينيين في شمال الضفة الغربية المحتلة أحدهما طفل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
العالم العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

لبنان يندّد بالهجوم على جنود إيطاليين بقوة «اليونيفيل»

وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)
وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)
TT

لبنان يندّد بالهجوم على جنود إيطاليين بقوة «اليونيفيل»

وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)
وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)

ندّد لبنان، اليوم (الاثنين)، بالهجمات على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في جنوب البلاد، ومن بينها هجوم صاروخي وقع الأسبوع الماضي، وأسفر عن إصابة 4 جنود إيطاليين بجروح طفيفة، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وتراقب قوة حفظ السلام متعددة الجنسيات، والبالغ قوامها 10 آلاف جندي، الأعمال القتالية على امتداد خط ترسيم الحدود مع إسرائيل، وهي منطقة تشهد اشتباكات عنيفة بين «حزب الله» المدعوم من إيران والقوات الإسرائيلية.

وتعرّض جنود «اليونيفيل» لعدة هجمات من الجانبين منذ شنّ إسرائيل حملة برية عبر الحدود ضد «حزب الله» في نهاية سبتمبر (أيلول).

وقال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عبد الله بو حبيب، خلال مؤتمر في روما: «يدين لبنان بشدة أي هجوم على (اليونيفيل)، ويدعو جميع الأطراف إلى احترام سلامة وأمن القوات ومواقعها».

وتحدّث بو حبيب، قبل حضوره اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في أناني جنوب شرقي روما مع وزراء آخرين من الشرق الأوسط الذي من المقرر أن يناقش الحروب في المنطقة.

وأضاف: «يدين لبنان الهجمات الأخيرة على القوة الإيطالية، ويستنكر مثل هذه الأعمال العدائية غير المبررة».

وقالت إيطاليا إن «حزب الله» مسؤول على الأرجح عن الهجوم الذي نُفّذ يوم الجمعة ضد عناصرها ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.

ودعا وزير الخارجية اللبناني إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم «1701» الذي أفضى إلى إنهاء حرب سابقة بين «حزب الله» وإسرائيل عام 2006، من خلال فرض وقف لإطلاق النار، وواجه تحديات وتعرّض لانتهاكات خلال السنوات الماضية.

وأكد بو حبيب أن «لبنان مستعد للوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في القرار المذكور أعلاه». وأضاف: «هذا يعني حرفياً، وأنا أنقل اقتباساً: لن يكون هناك سلاح من دون موافقة الحكومة اللبنانية ولا سلطة خلافاً لها».