العراق يداهم «جمهورية الخوف» في «البتاويين»

وكالات الشرطة والاستخبارات تلاحق عصابات المخدرات والاتجار بالبشر

وزير الداخلية العراقي مع مجموعة ضباط أمام مقر العملية الأمنية في البتاويين (إعلام حكومي)
وزير الداخلية العراقي مع مجموعة ضباط أمام مقر العملية الأمنية في البتاويين (إعلام حكومي)
TT

العراق يداهم «جمهورية الخوف» في «البتاويين»

وزير الداخلية العراقي مع مجموعة ضباط أمام مقر العملية الأمنية في البتاويين (إعلام حكومي)
وزير الداخلية العراقي مع مجموعة ضباط أمام مقر العملية الأمنية في البتاويين (إعلام حكومي)

شنّت القوات العراقية حملةً أمنيةً في «البتاويين»، أحد الأحياء القديمة وسط العاصمة بغداد، المعروف أنه يضم منذ عقود أوكاراً لتجارة المخدرات والجريمة المنظمة.

وقالت الداخلية العراقية، الخميس، إن العملية تستمر أياماً، وتجري بإشراف الوزير عبد الأمير الشمري، بمشاركة وكالات أمنية مختلفة، أبرزها مكافحة المخدرات والاتجار بالبشر.

وفي يومها الأول، أسفرت العملية عن اعتقال 200 شخص، بينهم أستراليون وسودانيون وسوريون مخالفون لقانون الإقامة العراقي.

لكن المصادر الأمنية أبلغت «الشرق الأوسط»، أن الضباط الميدانيين يستهدفون عصابات خطيرة متورطة بعمليات خطف ضمن الاتجار بالبشر، وزعماء شبكات المتاجرة بالمخدرات.

ما «البتاويين»؟

مع نهاية الثلاثينات من القرن الماضي كانت منطقة «البتاويين» أرضاً زراعية يقطنها فلاحون، قبل أن يبدأ اليهود العراقيون ببنائها مطلع الأربعينات، الذين نزحوا إثر عمليات النهب التي حدثت عام 1941، وفقاً لمؤرخين عراقيين.

ويتداول كثيرون أن «التباويين» أول حي بغدادي بُني بالطابوق، بعد قصر «شعشوع»، وهو دار فخمة تقع في بغداد وكانت قصراً للوالي في العهد العثماني.

وفي عام 1950، قرر رئيس الوزراء العراقي حينها، نوري السعيد، ترحيل اليهود إلى قبرص ومنها إلى إسرائيل.

وتعرضت المنطقة خلال السنوات اللاحقة إلى تغييرات عاصفة، اجتماعياً واقتصادياً، ومع نهاية الثمانينات استقرت فيها العمالة الوافدة من دول عربية.

لكن، وخلال فترة الحصار الاقتصادي الذي فُرض على العراق خلال التسعينيات، تحوّلت المنطقة التي تقع في قلب بغداد إلى بؤرة لأنشطة مشبوهة.

وكان من المعروف أن السلطات الأمنية في زمن نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين كانت تواجه مصاعب في تطهير المدينة من شبكات الجريمة.

وبعد عام 2003، تفاقم النشاط الإجرامي في الحي، رغم وقوعه قرب جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، حيث مقار الحكومة والأجهزة الأمنية والبعثات الدبلوماسية.

وذاع صيت المدينة أكثر، حين استخدمها الروائي العراقي أحمد سعداوي في روايته «فرانكشتين في بغداد» مكاناً لأحداث قصته.

الشرطة العراقية تجري مسحاً في أحد أزقة منطقة البتاويين وسط بغداد (إعلام حكومي)

«جمهورية الخوف»

حتى يومنا هذا، يتجنب الكثير من العراقيين المرور بهذا الحي، بسبب الحكايات المرعبة التي تُساق حوله، من بينها حوادث القتل والخطف التي تحدث في الظلام، بعيداً عن أعين الشرطة.

ويقول أصحاب محال تجارية في شارع السعدون، الذي يفصل «البتاويين» عن شارع «أبي نواس» ونهر دجلة، إنهم غير قادرين على العمل مساء، حينها «يبدأ نشاط مريب في المنطقة».

ويقر ضباط في الشرطة العراقية بأن «البتاويين» تحولت على مدار سنوات إلى «وكر لعصابات القتل، ومافيات الخطف والاتجار بالمخدرات والجنس».

وشنت قوات إنفاذ القانون عمليات متكررة لمحاولة السيطرة على المنطقة، لكن المجموعات الخارجة عن القانون غالباً ما تتمكن من معاودة نشاطها في «البتاويين».

وفي العملية الأخيرة، تنفذ القوات الأمنية تنفيذ عمليات دهم وتفتيش للأهداف المطلوبة والأماكن المشبوهة بشكل دقيق، وفقاً لكلام وزير الداخلية.

وقالت الوزارة في بيان صحافي إن الوزير «استمع إلى شرح موجز من القادة والضباط الموجودين في العملية وأهم الإنجازات المتحققة خلال الساعات الأولى من تنفيذها».

أعلن المتحدث باسم الوزارة العميد مقداد ميري، في مؤتمر صحافي مشترك مع قائد شرطة الرصافة اللواء شعلان علي، الخميس، أن الحملة الأمنية في «البتاويين» ستستمر عدة أيام، وقال إن «أي مكان يمكن أن يقع تحت الشبهة ستصل إليه قوات وزارة الداخلية».

وتابع ميري: «القوات الأمنية اعتقلت أشخاصاً من جنسيات أسترالية وسورية وسودانية وبنغلاديشية ونيجيرية لمخالفتهم قانون الإقامة»، وشدد على أن «الداخلية لن تسمح بوقوع الجرائم وستطبق استراتيجية أمنية جديدة في بغداد».

وزير الداخلية العراقي في مقر العملية الأمنية في منطقة البتاويين وسط بغداد (إعلام حكومي)

وأكد ميري أن «هذه العملية هي الأولى منذ سنوات، وأن المئات من ضباط الوزارة ومنتسبيها شاركوا فيها لإلقاء القبض على المطلوبين المخالفين».

وأعلنت الوزارة عن «ضبط شركات وهمية وشبكات دعارة، ومخدرات، وتجارة بشر وشركات حوالة وهمية»، وقالت إن «العملية ستتم بمشاركة شرطة الأحداث وقيادة شرطة الرصافة واستخبارات الرصافة وشرطة الكرادة (أحد أحياء بغداد)».

وفي السياق، قال الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» إن «الحملة التي قامت بها وزارة الداخلية هي ذات شقين؛ الأول وفق معلومات استخبارية وقاعدة معلومات حول كل الأماكن التي يمكن أن تشكل علامات أو بؤراً تثير الارتياب، بمن في ذلك الدعارة والمروجون للمخدرات والمتعاطون لها وسواها من القضايا الخطيرة في هذه المنطقة».

وأوضح أن «الشق الثاني هو عمليات دهم للمطلوبين، وفق بيانات ومذكرات قبض، فضلاً عن بعض المناطق والمنشآت فيها، بما فيها بعض الفنادق غير المجازة، التي تعمل هناك بصورة غير مشروعة».

وأوضح أن «هذه العملية شملت أطواقاً أمنية ثلاثة وتحقيقات وتدقيقاً شاملاً باستخدام مستخدم الصيغ التي من شأنها الكشف والتدقيق بمن فيها أجهزة جديدة لم تستخدم سابقاً».


مقالات ذات صلة

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

المشرق العربي جمال مصطفى السلطان

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

نقل جمال مصطفى السلطان، صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني، عن الرئيس العراقي الراحل قوله في جلسة لمجلس الوزراء إن الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم «كان نزيهاً.

غسان شربل (لندن)
المشرق العربي أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال احتفال بعد إعلان نتائج الانتخابات (رويترز)

«الاتحاد الوطني» يتحدث عن «توقعات متشائمة» بشأن حكومة كردستان

من المتوقع أن يدعو رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، خلال الأيام القليلة المقبلة، الكتل السياسية الفائزة، إلى عقد أول جلسة للبرلمان.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

بينما أعلن البرلمان العراقي عقد جلسة مغلقة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية، استأنفت بعض الفصائل الموالية لإيران تهديداتها ضد إسرائيل.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص شغل الدكتور جمال مصطفى السلطان منصب السكرتير الثاني للرئيس صدام حسين وهو متزوج من ابنته حلا play-circle 02:19

خاص جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

يؤكد جمال مصطفى السلطان أن الرئيس صدام رفض اغتيال ضيفه الخميني، ويعتبر تسمية «الكيماوي» ظلماً لعلي حسن المجيد.

غسان شربل

العراق يدخل مرحلة «الهبّة الديموغرافية»

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

العراق يدخل مرحلة «الهبّة الديموغرافية»

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق اليوم على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم دون الـ15 عاماً، حسبما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، أمس، بعد أول تعداد سكاني شامل منذ 1987، حين كان العدد يناهز 18 مليون نسمة.

وقال السوداني: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية». ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة»، إذ بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة»، وفق النتائج الأولية.

وأعلن إقليم كردستان، من جهته، أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة، من بينهم الأجانب، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.