يمضي التوجه لتأجيل الانتخابات المحلية في لبنان، للمرة الثالثة على التوالي، بخطى حثيثة، وتدرج هيئة مكتب المجلس في اجتماعها، الأربعاء، هذا البند، إلى جانب بند آخر، على جدول أعمال جلسة الهيئة العامة للبرلمان التي يفترض أن تُعقد في الأسبوع المقبل، وذلك وسط انتقاد سياسي لتأجيل الانتخابات المقررة الشهر المقبل، ومطالبة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لـ«التيار الوطني الحر» بمقاطعة الجلسة.
وانتهت ولاية المجالس البلدية والاختيارية في لبنان في المرة الأولى، عام 2022، وتم تأجيل الانتخابات لمدة عام لتزامنها مع الانتخابات النيابية، وفي عام 2023، جرى تأجيلها لسنة واحدة أيضاً في مجلس النواب، أما هذا العام فإن ولايتها تنتهي في أواخر شهر مايو (أيار) المقبل، وجرى نقاش حول إجرائها مع استثناء ثلاث محافظات من أصل 7 هي الجنوب والنبطية وبعلبك الهرمل، وذلك «لأسباب أمنية مرتبطة بالحرب الإسرائيلية في الجنوب».
اقتراح قانون للتأجيل
وقال رئيس لجنة الدفاع والداخلية والشؤون البلدية في البرلمان النائب جهاد الصمد إنه تقدم منفرداً باقتراح قانون معجل مكرر إلى البرلمان يقضي بتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية لمدة عام، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاقتراح «ستدرجه هيئة مكتب المجلس في اجتماعها، الأربعاء، على جدول أعمال الجلسة التي يفترض أن يدعو لعقدها رئيس المجلس وتُعقد في الأسبوع المقبل».
وقال الصمد: «خلال شهر رمضان، عقدنا جلسة للجنة الدفاع والداخلية بحضور وزير الداخلية بسام مولوي، وكان هناك رأيان؛ الأول يدعو لعقد الانتخابات واستثناء المحافظات الثلاث، والثاني يدعو لتأجيلها في ظل الظروف القائمة». وقال الصمد: «مع أن الحكومة تقول إنها جاهزة للالتزام بالمواعيد، إلا أن أول إشارة لعدم جديتها وهروبها إلى الأمام كان في عدم لحظها اعتمادات مالية لإجراء الانتخابات في موازنة عام 2024، لكننا في مناقشة الموازنة في البرلمان خصصنا ألف مليار لإجرائها».
وأكد الصمد أن الجميع بالمطلق يؤيد الالتزام بالمواعيد الدستورية، لكن «بعد العدوان الإسرائيلي لم تعد هناك ظروف طبيعية يجب أن تُجرَ الانتخابات على أساسها»، لافتاً إلى أنه في الحالتين اللتين عبّر عنهما الرأيان في الجلسة يستلزمان قوانين من البرلمان، سواء لإجراء الانتخابات مع استثناء المحافظات الثلاث، أو تمديد ولاية المجالس. وأضاف: «كوني رئيس لجنة دفاع وداخلية، أميل إلى التمديد لمدة سنة، لعدم توافر الظروف الطبيعية سياسياً وأمنياً، بعد العدوان الإسرائيلي والاستباحة للبنان، لإجراء الانتخابات».
وقال الصمد: «تقدمت باقتراح قانون معجل مكرر. لا يزال مقترحاً حتى الآن، ولا يصبح نافذاً إلا بإقراره في جلسة الهيئة العامة. في تلك الجلسة، من يخالفني الرأي، فليصوت ضده، ونحتكم جميعاً للتصويت عملاً بالأسس الديمقراطية».
شعبوية وواقعية
ويدافع الصمد عن المقترح الذي قدمه، قائلاً: «أمارس مسؤولياتي بمسؤولية، وهو حق لأي نائب بأن يعبر عن رأيه»، مشدداً على «أنني واقعي»، في مقابل «مزايدات وشعبوية». وقال: «أتحدى أن يثبت أحد أننا نمر بظروف طبيعية». وعن استثناء محافظات الجنوب والنبطية وبعلبك الهرمل، قال: «نحن لا نعيش بنظام كونفدرالي ولسنا ولايات منفصلة كي يتم استثناء محافظات من الانتخابات»، مضيفاً: «فلتكشف الداخلية اليوم، قبل 20 يوماً من موعد إجراء الانتخابات المفترض بجبل لبنان، عدد المرشحين مقارنة بفترة 20 يوماً سبقت آخر انتخابات أجريت».
وكانت وزارة الداخلية أعلنت، الأسبوع الماضي، أن مولوي وقّع قرار دعوة الهيئات الانتخابية البلدية في دوائر محافظة جبل لبنان، لانتخاب أعضاء المجالس البلدية وتحديد عدد الأعضاء لكل منها، ولانتخاب مختارين ومجالس اختيارية وتحديد عدد المختارين والأعضاء وذلك بتاريخ 12 مايو 2024.
انقسام سياسي حول التأجيل
وتعارض قوى سياسية تأجيل الانتخابات، ووصف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تأجيلها بأنه «جريمة إضافية بحق لبنان واللبنانيين يرتكبها كل من يساهم في التمديد مرة ثالثة للبلديات».
وتوجه جعجع إلى «محور الممانعة وحلفائه» بالقول: «بعدما حرمتم اللبنانيين من دولة فعلية، وبعدما أوصلتموهم إلى قعر جهنّم، وبعدما عطلتم الانتخابات الرئاسية، تجهدون اليوم لحرمانهم أيضاً، وأيضاً من السلطات المحلية».
ودعا جعجع «التيار الوطني الحر» الذي يترأسه النائب جبران باسيل إلى «عدم المشاركة في هذه الجريمة، وعدم حضور جلسة التمديد المنتظرة، وذلك من أجل إجبار الحكومة على تنظيم الانتخابات البلدية في المناطق اللبنانية كلها ما عدا المناطق التي تشهد عمليات عسكرية متواصلة»، في إشارة إلى إفقاد جلسة التمديد النصاب القانوني للجلسة (65 نائباً من أصل 128).
وتؤيد «حركة أمل» و«حزب الله» و«التقدمي الاشتراكي» بشكل خاص، تأجيل الانتخابات، فيما يعارضها بشكل أساسي «القوات اللبنانية» و«الكتائب». أكد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة أن «الأحداث التي تدور في المنطقة وأجواء الحرب ستجعل إنجاز الاستحقاق البلدي والاختياري أصعب بكثير، خاصة أن أحداً لم يتقدم بالترشح بعد الدعوة التي أرسلها وزير الداخلية بسام مولوي؛ لأنّ الجو يوحي بالتأجيل الحتمي».
وستنعقد جلسة البرلمان بجدول أعمال ضيق يضم، إلى جانب تمديد ولاية المجالس المحلية، مقترحاً آخر متصلاً بتثبيت عناصر الدفاع المدني بوصفهم موظفين مدنيين يستفيدون من تقديمات تعاونية موظفي الدولة، علماً أن هؤلاء لم يتمكنوا منذ أغسطس (آب) 2023 من قبض مستحقّاتهم، وهو اقتراح تقدم به عدد من النواب بينهم الصمد ورئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان.