لبنان يرفض اتهامات قبرصية بتصدير أزمة النازحين إليها

ميقاتي يدعو أوروبا إلى «تفهم» الواقع اللبناني

من لقاء سابق في بيروت بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومدير جهاز المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيس (موقع رئاسة الحكومة)
من لقاء سابق في بيروت بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومدير جهاز المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيس (موقع رئاسة الحكومة)
TT

لبنان يرفض اتهامات قبرصية بتصدير أزمة النازحين إليها

من لقاء سابق في بيروت بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومدير جهاز المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيس (موقع رئاسة الحكومة)
من لقاء سابق في بيروت بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومدير جهاز المخابرات القبرصية تاسوس تزيونيس (موقع رئاسة الحكومة)

لا يجد لبنان نفسه معنياً كثيراً بالاتهامات التي توجهها إليه دولة قبرص لجهة أنه يُصدّر إليها أزمة النزوح السوري التي يرزح تحتها منذ سنوات.

فمع تلكؤ المجتمع الدولي عن مساعدته في حل هذه الأزمة، وتراجع التمويل المرصود للنازحين، كما للبنانيين الذين بات الآلاف منهم يرزحون تحت خط الفقر نتيجة هذه الأزمة وغيرها من الأزمات، تقول السلطات اللبنانية إنها تقوم بواجباتها فيما يتعلق بالتصدي للهجرة غير الشرعية عبر البحر، ولكن ضمن إمكاناتها المحدودة، خصوصاً أنها غير قادرة على ضبط الحدود الطويلة مع سوريا بعديد الجيش الحالي.

ودعت قبرص، الأربعاء، الاتحاد الأوروبي لاتخاذ «إجراء قوي» لوقف التدفق الكبير للاجئين الذين يصلون عن طريق البحر عبر لبنان، وهم لاجئون معظمهم من السوريين، قائلة إن قدرة الجزيرة على استقبال اللاجئين وصلت إلى «نقطة الانهيار».

الرئيس القبرصي: لا تصدِّروا اللاجئين إلينا

وتم تسجيل وصول أكثر من 600 سوري إلى قبرص خلال 4 أيام فقط، عبر قوارب صغيرة، مستفيدين من الطقس المعتدل، علماً بأن الرحلة البحرية من لبنان أو سوريا إلى قبرص تستغرق نحو 10 ساعات فقط.

وناقش الرئيس القبرصي القضية مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، وقال إن لبنان يجب ألا «يُصدّر» مشكلته المتعلقة بالهجرة، كما بحث الموضوع في محادثة هاتفية مع رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي.

وأعلن ميقاتي خلال جلسة مجلس الوزراء، الخميس، أنه أكد للسلطات القبرصية الحرص على أفضل العلاقات، مشدداً على رفض تصدير أزمة النازحين إليها. وقال ميقاتي: «نحن أمام واقع يجب على العالم تفهمه. النازحون يدخلون إلى لبنان خلسة، ولا أحد من الدول يساعدنا في ضبط الحدود. فإذا قررنا ترحيل السوري إلى بلاده نواجَه بمسألة حقوق الإنسان، وبالنسبة للحدود البحرية فنحن نعمل على ضبطها قدر استطاعتنا». وأضاف: «تواصلت مع الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، وتمنيت عليه أن يطرح في اجتماع الدول الأوروبية المتوسطية المقبل موضوع الضغط على الاتحاد الأوروبي لمساعدتنا في عملية ترحيل النازحين غير الشرعيين من لبنان».

نقص في الإمكانات والتمويل

وتشير مصادر أمنية إلى أنه لا شيء تغيَّر فيما يتعلق بعملية التصدي للهجرة غير الشرعية، «إذ كنا وما زلنا نقوم بواجباتنا، ولكن حسب إمكاناتنا المحدودة»، قائلةً لـ«الشرق الأوسط»: «نحن متروكون في مواجهة هذه المشكلة وحيدين. فالجيش على الحدود البرية مع سوريا لديه 4 أفواج، أي نحو 4 آلاف عنصر، يقومون بتوقيف الداخلين خلسة وعلى المعابر غير الشرعية لإعادتهم، كما يقوم بمداهمات وملاحقات، ويقيم حواجز لهذا الغرض. ومن يتم توقيفهم في داخل لبنان يتم تسليمهم للأمن العام ليرحلهم، ومن يتم توقيفهم على الحدود نعيدهم فوراً إلى الأراضي السورية».

وتوضح المصادر أنه بالنسبة للبحر «فنحن نحاول بقدر إمكاناتنا أن نضبط الوضع، لكن لا شك أن هناك بعض المراكب تتسلل بعيداً عن الأنظار، كما أننا لا نستبعد أن تزداد عمليات التهريب مع بداية الصيف».

وتقوم عصابات بتهريب النازحين إلى أوروبا مقابل مبالغ مالية كبيرة، وهي تتولى إخراجهم من سوريا عبر المعابر غير الشرعية مع لبنان، ليتم نقلهم بعدها عبر الشاطئ اللبناني في شمال البلاد إلى قبرص أو إيطاليا أو غيرهما.

وتقول مصادر رسمية لبنانية إن «التمويل الدولي المرصود للنازحين السوريين كما لبرامج دعم اللبنانيين الأكثر فقراً، تراجَع، وبالتحديد من الولايات المتحدة وألمانيا، فيما تمويل الاتحاد الأوروبي لا يزال على حاله. ورغم ذلك، يبقى لبنان ملتزماً القوانين الدولية ومنع تهريب الأشخاص بطريقة غير شرعية عبر شواطئه»، لافتةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأرقام تشير إلى أنه «عام 2023 انتقل 16 ألف شخص من لبنان بطريقة غير شرعية إلى أوروبا. وتوضح المصادر أن «هذه العمليات تنشط عادةً في أكتوبر (تشرين الأول) كما مع بداية فصل الصيف».

علامة: لا قدرة للبنان على ضبط حدوده

ويشدد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية النائب فادي علامة، على أنه «ليس لدى لبنان القدرة على ضبط حدوده شبه المفتوحة نتيجة أعداد عناصر الجيش الحالية المحدودة المنتشرة على طول الحدود»، لافتاً إلى أن «مفوضية شؤون اللاجئين تعلم ذلك تماماً كما المجتمع الدولي». ويوضح علامة لـ«الشرق الأوسط» أن «التهريب عبر البحر مرتبط بالتهريب عبر البر، والجيش اللبناني يقوم بدوره، وكذلك البحرية اللبنانية، لكننا لا نملك الإمكانات لضبط الحدود البرية ولذلك من الصعب ضبط الحدود البحرية».

ويضيف علامة: «صحيح أن المجتمع الدولي بات براغماتياً أكثر باستيعابه الصعوبات والتحديات التي يواجهها لبنان بملف النزوح، لكن لا خطط عملية للمساعدة في عملية العودة، إنما كالعادة، ما يقوم به هو التشديد على وجوب أن تكون أي عودة آمنة وطوعية».

ويشدد علامة على أن «ما يساعد لبنان على إعادة النازحين هو خلق أرضية مناسبة للنازح ليعود، أي أنْ تؤمّن له أبسط مقومات العيش، وهذا ما سنشدد عليه في زيارتنا للبرلمان الأوروبي نهاية الصيف».

الصادق: النظام السوري لا يريد عودة النازحين

من جهته، يتحدث النائب في كتلة «تحالف التغيير»، وضاح الصادق، عن عائق أساسي يَحول دون عودة النازحين إلى بلدهم، ألا وهو أن «نظام الحكم في سوريا لا تناسبه عودة 12 مليون سوري غادروها، فهم يريحون الاقتصاد السوري ويرسلون الدولارات، كما أصبح هناك تغيير ديمغرافي، وبتنا أمام نوع من التوازن المذهبي لم يكن موجوداً من قبل»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التحالف الثلاثي الذي يحكم لبنان، وهو الحليف الأقرب لسوريا، رفض منذ بدء موجات النزوح عام 2011 تنظيم هذه العملية، ليُقدم خدمة للنظام في سوريا».

ويضيف الصادق: «أما المجتمع الدولي، فبعضه بسيط، وبعضه خبيث، وهو يدرك أن لبنان غير قادر على مواصلة تحمل تداعيات النزوح، وأن 80 في المائة من السوريين ليسوا لاجئين، إنما في معظمهم عمال غير شرعيين، ويمكثون هنا لتقاضي أموال من مؤسسات الأمم المتحدة، وبالتالي، إذا لم يكن هناك قرار من الدولة اللبنانية بتنظيم هذا الملف، وإذا لم تكن تمتلك الشجاعة اللازمة وبقيت تلتزم سياسة النعامة، فالأمور ستبقى تراوح مكانها. واجبنا أن نتوحد كلبنانيين حول خطة محددة للعودة، نقدمها إلى المجتمع الدولي ونفرض عليه مساعدتنا بتطبيقها».


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
TT

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف مجرى نهر الليطاني، في محاولة لفصل النبطية عن قضاء مرجعيون.

وفيما انتقل هوكستين إلى واشنطن من دون الإدلاء بتصريحات حول زيارته إسرائيل، أكدت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أنَّ الموفد الأميركي «بقيَ على تواصل مع المفاوضين اللبنانيين»، مشيرة إلى أنَّ المحادثات لوقف النار «تتقدم ببطء، لكن بثبات في اتجاه إيجابي».

ميدانياً، وصلت القوات الإسرائيلية إلى بلدة ديرميماس، انطلاقاً من بلدة كفركلا، ما يعني أنَّها سارت على طريق لنحو 5 كيلومترات في العمق اللبناني، لتصل إلى مشارف الليطاني، بعد تمهيد ناري بالمدفعية وغارات جوية نفذتها طائرات حربية ومسيّرات. وقال «حزب الله»، في المقابل، إنَّه استهدف تلك القوات في النقاط التي وصلت إليها.

بالموازاة، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على ضاحية بيروت الجنوبية، واستهدفت الأحياء المسيحية المقابلة للضاحية في عين الرمانة والحدت، وهي خطوط التماس السابقة في الحرب اللبنانية، وذلك عقب إنذارات وجهها الجيش للسكان بإخلاء الأبنية.