تحرك سفراء «الخماسية» في لبنان يصطدم بعدم نضوج الظروف لانتخاب الرئيس

نظراً لتعذر خلط الأوراق في البرلمان اللبناني

من أحد اجتماعات سفراء «الخماسية» (السفارة الفرنسية)
من أحد اجتماعات سفراء «الخماسية» (السفارة الفرنسية)
TT

تحرك سفراء «الخماسية» في لبنان يصطدم بعدم نضوج الظروف لانتخاب الرئيس

من أحد اجتماعات سفراء «الخماسية» (السفارة الفرنسية)
من أحد اجتماعات سفراء «الخماسية» (السفارة الفرنسية)

يستعد سفراء «اللجنة الخماسية» المعتمدون لدى لبنان لاستكمال جولتهم على رؤساء الكتل النيابية فور انتهاء عطلة الأعياد، لحثهم على إخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم بانتخاب رئيس للجمهورية. ويأتي هذا التحرك من دون حصول أي تبدُّل في الأجواء السياسية يدعو للتفاؤل في إمكانية إحداث خرق يمكن التأسيس عليه لوقف تعطيل انتخاب الرئيس، في ظل الانقسام الحاد في البرلمان الذي يقطع الطريق على محور الممانعة وقوى المعارضة للتفرُّد بإنهاء الشغور الرئاسي، ما لم يتبادلا تقديم التسهيلات المطلوبة لتعبيد الطريق أمام وقف التمديد للأزمة الرئاسية.

وهذا ما يشكل، كما يقول مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط»، إحراجاً لـ«حزب الله»، لأنه يتطلب منه تبيان مدى استعداده للدخول في تسوية تحت عنوان التوافق على الرئيس.

فلجنة السفراء، المؤلفة من السعودي وليد البخاري، والأميركية ليزا جونسون، والفرنسي هرفيه ماغرو، والمصري علاء موسى، والقطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، أعدت برنامجاً للقاءاتها يشمل رؤساء الكتل النيابية: جبران باسيل، رئيس «التيار الوطني الحر»، ومحمد رعد، رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله)، وسامي الجميل، رئيس حزب «الكتائب»، وطوني فرنجية من تيار «المردة»، إضافة إلى كتلة «الاعتدال الوطني»، على أن تقاطع السفيرة جونسون اللقاء المقرر مع باسيل بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه، والموقف نفسه ينسحب على رعد، نظراً لانتمائه إلى «حزب الله» الذي أدرجته واشنطن على لائحة الإرهاب.

لا جديد في المعطيات السياسية

وتأتي لقاءات سفراء «الخماسية» في ظل عدم تبدُّل المعطيات السياسية التي كانت حاضرة في لقاءاتهم التي شملت سابقاً البطريرك الماروني بشارة الراعي، ورئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وأضيف إليها لاحقاً توتر العلاقة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وبكركي على خلفية اتهامه وأعضاء البرلمان بحرمان الدولة اللبنانية من انتخاب رئيسها.

كما أضيف إليها ما يمكن أن يترتب على لبنان من مخاوف في حال قرر «حزب الله»، بالتضامن مع إيران، الرد على إسرائيل من لبنان للثأر منها على الغارة التي شنها الطيران الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، وأدت إلى مقتل مسؤولين في «فيلق القدس»، مع أن المواجهة المفتوحة بين إسرائيل والحزب تجاوزت الخطوط الحمر، وتكاد تطيح بقواعد الاشتباك، من دون أن تشمل حتى الساعة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية اللبنانية – الإسرائيلية التي لا تزال في منأى عن تبادل القصف.

وتعاملت مصادر دبلوماسية غربية مع قرار تعليق سفراء «الخماسية» لقاءاتهم إلى ما بعد انتهاء عطلة الأعياد، من زاوية رغبتهم بتمديد الفرصة أمام الوساطة الأميركية - المصرية - القطرية بين إسرائيل وحركة «حماس»، لعلها تتوصل إلى تحقيق وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية يُفترض أن ينسحب على جنوب لبنان، ما يُسقط تذرّع «حزب الله» بربطه بين الجبهتين، ويفتح الباب أمام عودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين للتحرك بين بيروت وتل أبيب سعياً لتطبيق القرار 1701.

في انتظار نضوج الظرف الداخلية

لكن تعذُّر الوصول إلى وقفٍ للنار على الجبهة الغزاوية، على الأقل في المدى المنظور، لم يمنع سفراء «الخماسية» من تكثيف لقاءاتهم التي يُفترض أن تشمل لاحقاً ما تبقى من الكتل النيابية، والنواب من مستقلين وتغييريين، في محاولة قد لا تكون مضمونة النتائج ما لم تنضج الظروف الداخلية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم، بصرف النظر عن ترحيب الكتل النيابية بمبادرة كتلة «الاعتدال»، كونها مضطرة للتجاوب معها، إعلامياً، لإبعاد التهمة عنها بأنها مسؤولة عن تعطيل انتخاب الرئيس.

وفي هذا السياق، لم يتردد سفراء «الخماسية» في دعمهم لمبادرة كتلة «الاعتدال»، انطلاقاً من أنهم يشكلون مجموعة دعم ومساندة لتسهيل انتخاب الرئيس، وإن كانوا ليسوا في وارد الإنابة عن النواب في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ويعود لهم، كما يقول مصدر سياسي نقلاً عن السفراء لـ«الشرق الأوسط»، التوافق على الآلية، سواء من خلال اللقاءات، أو المشاورات، أو الحوار، أو غيرها من وسائل التواصل، لوضع انتخابه على سكة التطبيق بالأفعال لا بالأقوال.

وبكلام آخر، وبحسب المصدر نفسه، يبدو أن الظروف المحلية ليست ناضجة لانتخاب الرئيس، وهذا ما يصطدم به سفراء «الخماسية» من جهة، ويؤخر عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، بعد أن كان تعهّد بالمجيء في يناير (كانون الثاني) الماضي لتسويق ترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث، كمخرج لفتح ثغرة في انسداد الأفق أمام انتخاب الرئيس من جهة ثانية.

ويتردد أيضاً أن الظروف الخارجية، كما يقول المصدر، ليست ناضجة حتى الساعة لانتخابه، وإن كان يلقي بالمسؤولية على الكتل النيابية، بذريعة أن «الخماسية» مستعدة لمساعدة النواب لانتخاب الرئيس، شرط أن يبادروا إلى مساعدة أنفسهم، لأنهم بذلك يحصلون على الدعم الخارجي.

خلط الأوراق السياسية في البرلمان

وعليه، فإن الشروط لإنضاج الظروف السياسية لتسهيل انتخاب الرئيس تكمن في خلط الأوراق السياسية في البرلمان، على قاعدة أن يتقدم الخيار الثالث على سواه من الخيارات، وهذا يشكل نقطة تلاقٍ بين سفراء «الخماسية»، على خلفية أن محور الممانعة يقف حالياً أمام استحالة تأمين النصاب بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب الرئيس في أول دورة انتخاب، ولاحقاً بأكثرية نصف عدد النواب+1، أي 65 نائباً، شرط ضمان حضور ثلثي الأعضاء، وهذا ما ينسحب أيضاً على قوى المعارضة.

ولم يعد أمام النواب سوى التوافق على الخيار الثالث، طالما أنه لا قدرة لمحور الممانعة في إيصال مرشحه، زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، والأمر نفسه ينطبق على قوى المعارضة التي تقاطعت مع باسيل على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وإلا فإن ما يقال بخلاف ذلك يصب في خانة تقطيع الوقت لملء الفراغ، إلى حين يتقرر إخراج الاستحقاق الرئاسي من الحلقة التي يدور فيها، خصوصاً أن مبادرة كتلة «الاعتدال» ستبقى بعيدة المنال، لئلا نقول، بحسب المصدر السياسي، بأنها ستصطدم مع الوقت، بحائط مسدود، لافتقادها أولاً إلى الآلية المطلوبة لتسويقها، وثانياً لعدم استعداد معظم الكتل للانخراط فيها، لأن من يريد أن «يبيع» موقفه لن يفرط فيه مجاناً بلا ثمن سياسي يفوق قدرة «الاعتدال» على تأمينه.


مقالات ذات صلة

جولة جديدة قريباً لبعثة صندوق النقد في بيروت

المشرق العربي رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إرنستو راميريز ريغو خلال لقائه الرئيس اللبناني جوزيف عون الشهر الماضي (الرئاسة اللبنانية)

جولة جديدة قريباً لبعثة صندوق النقد في بيروت

من المقرر أن تستأنف بعثة صندوق النقد الدولي مشاوراتها في بيروت عقب إتمام دورات الانتخابات أواخر الشهر الحالي.

علي زين الدين (بيروت)
الاقتصاد الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع حاكم المصرف المركزي كريم سعيد ونوابه الأربعة (الرئاسة اللبنانية)

رئيس الجمهورية «يحمي» استقلالية مصرف لبنان المركزي وصلاحياته

تعدّت الزيارة المفاجئة للرئيس اللبناني جوزف عون إلى المصرف المركزي الإطار الرمزي لتحمل في توقيتها وأبعادها رسائل سياسية وقانونية.

علي زين الدين (بيروت)
الاقتصاد مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

حاكم مصرف لبنان للرئيس عون: سنحافظ على استقلالية البنك ونزاهته وحمايته من أي تدخلات

أكّد حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون «العمل على الحفاظ على استقلالية مصرف لبنان ونزاهته وحمايته من أي تدخلات».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون ملتقياً رئيس «الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي» بدر محمد السعد (رئاسة الجمهورية)

«الصندوق العربي» يعود إلى تمويل المشاريع الإنمائية في لبنان

شدد رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون على «أن الظروف الصعبة التي مرّت على لبنان باتت وراءنا»، مؤكداً التصميم على إعادة بناء الدولة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام (رويترز)

لبنان: سلام يؤكد ضرورة إنشاء مجلس للشيوخ وانتخاب برلمان «خارج القيد الطائفي»

أكد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام اليوم الأربعاء أنه مصمم على العمل من أجل إنجاز الإصلاحات السياسية التي لم تطبق من اتفاق الطائف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حزب الله» أمام استحقاق ترميم علاقاته اللبنانية والتسليم بحصرية السلاح

لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)
لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)
TT

«حزب الله» أمام استحقاق ترميم علاقاته اللبنانية والتسليم بحصرية السلاح

لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)
لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)

ترصد الأوساط السياسية اللبنانية المراحل التي قطعتها العلاقة بين رئيس الجمهورية جوزيف عون و«حزب الله»، والتي بدأت تتسم بتبادل رسائل إيجابية يراد منها طمأنة الحزب وتبديد ما لديه من هواجس، إضافة إلى انتفاء «نقزة» الحزب حيال انتخاب عون رئيساً للجمهورية، علماً أن التواصل بينهما مستمر منذ كان عون قائداً للجيش، لكنه لم يبلغ المستوى الذي وصل إليه بعد انتخابه رئيساً.

وتقدّر الأوساط السياسية الدور الإيجابي الذي لعبه رئيس مجلس النواب نبيه برّي في تنقية هذه العلاقة من الشوائب، ومواكبته للتحول الذي فتح الباب أمام تطبيع العلاقة، واستعداد الحزب لحوار يتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة.

فالرئيس برّي، حسبما قالت الأوساط السياسية لـ«الشرق الأوسط»، لا يترك مناسبة إلا ويشيد فيها بمواقف الرئيس عون الذي ينأى بنفسه عن أن يكون طرفاً في المزايدات الشعبوية التي تطالب بنزع سلاح «حزب الله»، ويدير ظهره للإملاءات، ويصر على حصرية السلاح بيد الدولة، ولكن باتباع الحوار لتنفيذه ريثما تسمح الظروف.

ضبط الإيقاع

ولا تخفي الأوساط نفسها دور الرئيس عون في ضبط إيقاع عدد من الوزراء، وتحديداً ممن يتهمون الحزب بالتنصل من وقف النار، ويطالبون بوضع جدول زمني لنزع سلاحه، بذريعة أن الظروف المحلية والخارجية أصبحت مواتية لسحبه.

وتبدي الأوساط ارتياحها حيال إلحاح عون على الولايات المتحدة الأميركية؛ كونها الراعية إلى جانب فرنسا لاتفاق وقف النار، لإلزام إسرائيل به بعد أن طبّقه لبنان من جانب واحد، في حين عطلت، برفضها الانسحاب، توسيع انتشار الجيش اللبناني في مؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة (يونيفيل) حتى الحدود الدولية. وتؤكد ملاحقته لواشنطن لإطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، وعددهم، كما علمت «الشرق الأوسط»، استناداً إلى اللائحة التي أعدها الحزب، 15 أسيراً، كانت إسرائيل أسرت 8 منهم أثناء القتال، و7 بعد أن تقيّد لبنان بوقف النار، إضافة إلى الكشف عن مصير 66 شخصاً لا يزال مصيرهم مجهولاً ويعتبرون في عداد المفقودين.

ملاحقة واشنطن

وتلفت الأوساط نفسها إلى أن الرئيس عون لم يكفَّ عن مطالبة الولايات المتحدة، في شخص رئيس هيئة الرقابة الدولية المشرفة على وقف النار الجنرال الأميركي المقيم مايكل ليني، والمشرف على أعمالها سلفه غير المقيم الجنرال جاسبر جيفرز، بالتدخل لدى إسرائيل للإفراج عن الأسرى، وإلزامها بوقف النار، وانسحابها من الجنوب تطبيقاً لـ«1701».

وتؤكد الأوساط أن مجيء نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، إلى لبنان، وهو مُدرج على جدول أعمالها كما وعدت في زيارتها الأخيرة، يشكّل مناسبة لسؤالها عن تعهدها بالسعي لإطلاق الأسرى والتحضير لمفاوضات تثبيت الحدود الدولية بين البلدين، استناداً إلى ما نصت عليه اتفاقية الهدنة.

وفي المقابل، تتوقف الأوساط أمام تعاطي «حزب الله» حيال مطالبة الحكومة بحصرية السلاح، وسلوكه الإيجابي بوقوفه خلف الحكومة في التزامها بوقف النار. وتقول إن إصرار عدد من نواب ومسؤولي الحزب على تمسكهم بالسلاح ليس في محله، ويندرج في إطار حاجته إلى رفع معنويات محازبيه وجمهوره، ولن يكون له من مفاعيل ميدانية، خصوصاً أنه يمتنع عن الرد على خروق إسرائيل واعتداءاتها المتواصلة.

نصيحة الأخ الأكبر

وتكشف الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس برّي؛ كونه الأخ الأكبر للحزب، على حد تعبير أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، كان نصحه بحصر موقفه بتموضعه خلف الدولة، خصوصاً أنه أطلق إشارات إيجابية بعدم الرد على الخروق الإسرائيلية، وبتطبيق القرار «1701»، وانسحابه من جنوب الليطاني، وتسهيله مهمة انتشار الجيش، وتعاونه مع قيادته في تخلّيه عن بناه التحتية العسكرية، وما يختزنه من سلاح دقيق.

ومع أن الأوساط تبدي ارتياحها لموقف برّي ونصائحه لـ«حزب الله» بضرورة الاستعداد لحوار مع عون حول حصرية السلاح واستيعابه ضمن استراتيجية الأمن الوطني للبنان؛ فهي تدعوه للوقوف خلفه - أي عون - للخروج من حالة الإرباك، والتوجه إلى جمهوره بخطاب يأخذ بالتحولات في المنطقة بعيداً عن الإنكار والمكابرة، ليكون في وسعه التكيّف تدريجياً مع الوضع المستجد في لبنان بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية.

ارتداد سلبي

وتضيف الأوساط أن الحزب كان حقق إنجازات بتحرير الجنوب في 25 مايو (أيار) 2000، وتصدّيه للغزو الإسرائيلي في يوليو (تموز) 2006، على نحو يُدرجه بخانة الشركاء الأساسيين في إعادة بناء مشروع الدولة، لكنه لم يُحسن توظيفها في الداخل، وأخطأ في حسابه بقراره التمدد إلى الإقليم والانخراط في «محور الممانعة» بقيادة إيران، والذي لم يعد قائماً بعد أن خسر أذرعته في المنطقة. وهذا ارتدّ عليه سلباً بإقحامه لبنان في لعبة المحاور التي أدت إلى تصدّع علاقاته بالدول العربية، والتي بدأ يستعيدها مع انتخاب عون رئيساً.

وتأمل الأوساط أن يتوصل الحزب، اليوم قبل الغد، إلى مراجعة حساباته ومواقفه، ويستخلص العبر من تفرّده بإسناده لغزة، والذي تسبب في كُلَف عالية، أكانت مالية أم بشرية، كان في غنى عنها لو أحسن تدقيق خياراته، وزاد من تعميق الهوة بينه وبين القوى السياسية، باستثناء حركة «أمل» التي لم تكن قَطّ مع قراره الغزاوي. وتقول الأوساط إنه آن الأوان للحزب أن يسترد جمهوره، ويتقدّم إليه بخطاب لا غنى عنه لانخراطه في مشروع الدولة، وبذلك يكون خطا خطوة للخروج من عزلته بترميم علاقاته اللبنانية.

الخروج من التريّث

لذلك بات على الحزب أن يقرر الخروج من حالة التريّث والانتظار بحسم موقفه من حصرية السلاح؛ لأن من دونه لا مجال لإعادة إعمار ما دمّرته إسرائيل، ولئلا تبقى وعوده حبراً على ورق ما لم ينضم، بلا تردد، إلى دفتر الشروط العربية والدولية لتأمين المساعدات لإعادة إعمار ما دمّرته إسرائيل، وإلا فسيجد نفسه محرجاً؛ لأن قيادة الحزب تدرك أن الرهان على توصل الولايات المتحدة وإيران في مفاوضاتهما إلى اتفاق حول الملف النووي، لن يشكّل له رافعة للاستقواء بها والعودة إلى ما كان عليه قبل إسناده لغزة؛ لأن ما تتوخاه طهران من الاتفاق هو الانكفاء إلى الداخل لتوفير الحماية لنظامها من دون أن يكون له أي تبعات في الإقليم.