الزنداني... خبير دهاليز السياسة والشاهد على تحولات اليمن الكبرى

جاء على رأس هرم الدبلوماسية اليمنية في ظروف إقليمية ودولية معقدة

د.شايع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني الجديد (الشرق الأوسط)
د.شايع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني الجديد (الشرق الأوسط)
TT

الزنداني... خبير دهاليز السياسة والشاهد على تحولات اليمن الكبرى

د.شايع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني الجديد (الشرق الأوسط)
د.شايع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني الجديد (الشرق الأوسط)

يتمتع د.شايع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني الجديد، بخبرة طويلة وتجربة مهنية غنية في المجال الدبلوماسي ودهاليز السياسة، كما يُعد شاهداً على تحولات كبرى في التاريخ اليمني.

كان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني د.رشاد العليمي، قد أصدر مساء أمس (الثلاثاء)، المرسوم الرئاسي رقم (100) لعام 2024، بتعيين د.شايع محسن الزنداني وزيراً للخارجية وشؤون المغتربين، بدلاً من د.أحمد عوض بن مبارك، الذي تم تعيينه رئيساً للحكومة اليمنية مطلع فبراير (شباط) الماضي.

شغل الزنداني سفير اليمن لدى السعودية، ومندوبها الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي منذ عام 2017، وشهدت السفارة اليمنية والقنصلية بجدة في عهده نقلة كبيرة في مجال إدخال الخدمات الإلكترونية وأتمتة العمل الدبلوماسي، وفقاً لمراقبين.

يحمل د.شائع الزنداني الذي وُلد بمديرية جحاف بمحافظة الضالع، شهادة الدكتوراه في الفلسفة والقانون، وبكالوريس الحقوق، كما حاز الدكتوراه الفخرية في العلوم الدبلوماسية.

د.شايع الزنداني يتوسط مدير مكتب الرئيس اليمني د.يحيى الشعيبي وسفير جيبوتي لدى السعودية ضياء الدين بامخرمة (الشرق الأوسط)

يتصف د.شايع بموضوعية التقييم وتوازن المنطق المطلوب لرجل الدولة، كما يرى الكاتب والسياسي اليمني لطفي نعمان.

وأضاف النعمان في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يتمتع د.شايع بخبرة طويلة وتجربة مهنية كبيرة في المجال الدبلوماسي، وهو ممن أسهموا في توحيد العمل الدبلوماسي، كما أنه شاهد على تحولات خطيرة وكبيرة في تاريخ اليمن وتأثيرها في العمل الدبلوماسي الوطني». ويأتي الزنداني على رأس هرم الدبلوماسية اليمنية في وقت صعب وظروف إقليمية ودولية معقدة، حيث تشهد الأزمة اليمنية منعطفات مهمة، في ظل تعثر خريطة السلام الأممية حتى الآن والتي اتفق عليها الأطراف أواخر ديسمبر (كانون أول) الماضي.

كما وضعت الهجمات الحوثية على الملاحة البحرية وطرق التجارة في البحرين العربي والأحمر، اليمن تحت مجهر الانتقاد العالمي، وأنشأت الولايات المتحدة وبريطانيا وعدة دول تحالفاً بحرياً (حارس الازدهار) لمواجهة التهديدات الحوثية.

وسيواجه الوزير الجديد كذلك مهام صعبة في استكمال مشروع إعادة هيكلة السلك الدبلوماسي والبعثات اليمنية حول العالم، الذي بدأه سلفه د.أحمد عوض بن مبارك، رئيس الحكومة الحالي.

وحسب لطفي نعمان، فإن ما ينتظر الوزير الجديد «قد لا يُريحه لعلمه بجسامة ما ينتظر مواجهته، لا سيما في استمرار محاولة ترميم عمل (الخارجية) وإنفاذ التوجيهات الصريحة بإعطاء كل ذي حق حقه المعقول، أكثر من المطالب غير المعقولة».

ويشير نعمان إلى أن «ثمة ارتياحاً ملحوظاً لتعيينه، حيث يمتاز، بشهادة كثير من الناس ممن تعاملوا معه وعرفوه عن قرب، بأنه يضع أثراً في نفس من يلتقيه لتميزه بخلق رفيع وتواضع جمّ، علاوة على موضوعية التقييم وتوازن المنطق المطلوب لرجل الدولة».

شغل د.الزنداني خلال مسيرته الحافلة كثيراً من المهام في السلك الدبلوماسي، من أبرزها: سفير فوق العادة ومفوض لدى المملكة الأردنية الهاشمية (2010 - 2015)، وسفير فوق العادة ومفوض لدى الجمهورية الإيطالية، وسفير غير مقيم لدى اليونان، وصربيا، وألبانيا، وسان مارنيو (2005 – 2010)، ومندوب دائم للجمهورية اليمنية لدى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) 2008 - 2010.

كما عمل سفيراً ومستشار الوفد الدائم للجمهورية اليمنية لدى الأمم المتحدة بجنيف (1994 – 1997)، وسفير فوق العادة ومفوض لدى المملكة المتحدة وشمال آيرلندا (1991 – 1994)، ونائب وزير الخارجية للجمهورية اليمنية (1990 – 1991) بمرتبة وزير، ونائب وزير الخارجية بعدن (1986 – 1990)، ووزير مفوض قائم بأعمال السفارة في بغداد (1981 – 1982).


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».