نتنياهو يصعّد ضد بايدن ويلغي زيارة وفده إلى واشنطن

الإعلام الإسرائيلي يصف ما حدث بـ«دراما» و«قطيعة»... لكن الأميركيين مطمئنون لوجود غالانت

دمار في ضواحي النصيرات بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
دمار في ضواحي النصيرات بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يصعّد ضد بايدن ويلغي زيارة وفده إلى واشنطن

دمار في ضواحي النصيرات بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
دمار في ضواحي النصيرات بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

ألغى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة وفد إسرائيلي رفيع إلى الولايات المتحدة، بعد اتفاق سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن على إرساله لإجراء محادثات حول الخطط الإسرائيلية بشأن هجوم محتمل على رفح، وذلك رداً على امتناع الولايات المتحدة عن إسقاط قرار في مجلس الأمن تبنى وقف إطلاق نار إنسانياً فورياً في قطاع غزة في شهر رمضان، وإطلاق سراح فورياً وغير مشروط لجميع المحتجزين.

وصوتت 14 دولة لصالح القرار، ولم تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، لكنها امتنعت عن التصويت على القرار الذي لم يُدِنْ «حماس»، بعدما أسقطت قراراً روسياً أراد تحويل وقف النار إلى وقف نار دائم وليس مؤقتاً.

وبعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، أعلن مكتب رئيس الوزراء إلغاء زيارة الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن، وهو ما عدته صحيفة «يديعوت أحرونوت» بمثابة «قطيعة عميقة في العلاقات بين البلدين».

وقال مكتب نتنياهو إن «الولايات المتحدة تراجعت عن موقفها الثابت في مجلس الأمن الذي ربط قبل عدة أيام بين وقف لإطلاق النار والإفراج عن المخطوفين».

مجلس الأمن مرر قراراً يدعو إلى وقف النار في غزة (أ.ف.ب)

وأضاف البيان: «الصين وروسيا استخدمتا حق النقض على القرار السابق؛ لأنهما أيدتا وقفاً لإطلاق النار من دون الإفراج عن المخطوفين (والآن) روسيا والصين والجزائر ودول أخرى دعمت القرار الحالي (بينما) الولايات المتحدة لم تستخدم حق النقض على الصيغة الجديدة التي تدعو إلى وقف لإطلاق النار من دون اشتراطه بالإفراج عن المخطوفين».

ورأى مكتب نتنياهو ما حدث بأنه تراجع واضح عن موقف الولايات المتحدة الثابت في مجلس الأمن منذ بدء الحرب، وقال: «هذا التراجع يمس أيضاً الجهود الحربية والجهود للإفراج عن المخطوفين؛ لأنه يعطي «حماس» الأمل بأن الضغوط الدولية ستسمح لها بالحصول على وقف لإطلاق النار دون الإفراج عن مخطوفينا».

وتابع البيان أن «رئيس الوزراء نتنياهو أوضح أنه في حال تراجعت الولايات المتحدة عن موقفها المبدئي، فإنه لن يرسل البعثة الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة. وعلى ضوء التغير الذي طرأ على الموقف الأميركي قرر رئيس الوزراء أن البعثة لن تغادر إلى واشنطن».

وكان نتنياهو قد هدد فعلاً قبل التصويت بأنه إذا لم تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار لوقف إطلاق النار فسوف يلغي مغادرة الوفد إلى واشنطن.

إلقاء مساعدات غذائية جواً فوق ساحل شمال غزة الاثنين (أ.ب)

وجاءت تهديدات نتنياهو بعدما أبلغ الأميركيون الوزير رون ديرمر، المقرب من نتنياهو والذي كان يفترض أن يقود الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن، هذا الأسبوع، أنهم يعتزمون السماح بتمرير قرارين منفصلين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أحدهما يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، وآخر يطالب بالإفراج عن المختطفين.

وتسلط «دراما» مجلس الأمن، كما وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية، وما تبعها من قرار نتنياهو، الضوء على العلاقة بالغة التوتر بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

والأسبوع الماضي، تحدث بايدن ونتنياهو بعد نحو شهر من عدم التحدث، وفي المكالمة رفض بايدن أي هجوم إسرائيل على رفح، لكن نتنياهو أصر على ذلك، ثم اتفق الطرفان على أن ترسل إسرائيل فريقاً إلى واشنطن لمناقشة الأمر، وتبادل وجهات النظر، ومناقشة طرق بديلة للهجوم على رفح.

ويوجد خلاف بين بايدن ونتنياهو حول طريقة إدارة إسرائيل للحرب بما في ذلك استهداف المدنيين، وإدخال المساعدات، واليوم التالي للحرب، وهي خلافات تعمقت مع إصرار إسرائيل على اجتياح رفح.

بنيامين نتنياهو وأنتوني بلينكن خلال لقاء سابق بينهما في 7 فبراير الماضي (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي - د.ب.أ)

وأعلن بايدن بوضوح بعد المكالمة مع نتنياهو أنه لا يؤيد هجوماً على رفح، ولم تستبعد نائبته كمالا هاريس حدوث عواقب على إسرائيل إذا مضت قدماً في هجوم بري كبير في مدينة رفح، حيث يحتمي أكثر من مليون ونصف فلسطيني.

وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا لمجلة «بوليتيكو» في وقت سابق من الشهر إن الرئيس جو بايدن سيدرس وضع شروط على المساعدات العسكرية المستقبلية لإسرائيل إذا مضت قدماً في هجوم رفح.

وبعد وقت قصير من بث المقابلة مع هاريس، أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي سيدخل بالفعل رفح، في طريقه إلى «النصر المطلق» على «حماس».

وتعهد نتنياهو بضمان إخلاء المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية قبل شن الهجوم، لكنه لم يعلن بعد عن تفاصيل هذه الخطط.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الأميركيين لم يقتنعوا أصلاً بخطط إسرائيل.

أبنية مدمرة قرب النصيرات الاثنين (أ.ف.ب)

وهاجم الرئيس الأميركي حكومة نتنياهو أكثر من مرة بشكل علني بسبب المتشددين فيها، ثم دعم دعوة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل لاستبدال نتنياهو، وهو أمر أثار غضب نتنياهو واليمين المتطرف.

ورد منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي على قرار نتنياهو بقوله: «نشعر بخيبة أمل كبيرة». وأضاف: «إن الامتناع الأميركي عن التصويت على قرار مجلس الأمن لا يمثل تحولاً في سياسة البيت الأبيض، موضحاً: «لم نصوّت لصالح القرار، واكتفينا بالامتناع عن التصويت؛ لأن الصيغة النهائية لا تتضمن التنديد بـ(حماس)».

وأضاف كيربي: «ليس من المثالي ألا يأتي الوفد، لكن هذا لا يعني أنه ليست لدينا طرق للحديث عن رفح. وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت موجود هنا، ليس لدي شك في أنه ستكون هناك فرصة كافية في لقاءاته للحديث عن الخطط المتعلقة برفح وعن المفاوضات للإفراج عن المختطفين».

وكان غالانت قد وصل واشنطن، الأحد، في زيارة هي الأولى له منذ توليه منصبه الحالي، في محاولة لتهدئة التوترات مع واشنطن.

وقال غالانت من واشنطن تعقيباً على قرار مجلس الأمن: «ليس لدينا أي حق أخلاقي في وقف الحرب في غزة حتى نعيد جميع المختطفين إلى منازلهم». والتقى غالانت، الاثنين، مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، على أن يلتقي بعد الظهر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.


مقالات ذات صلة

اغتيال نصر الله يعزز وضع نتنياهو المأزوم محلياً وخارجياً

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

اغتيال نصر الله يعزز وضع نتنياهو المأزوم محلياً وخارجياً

يرى محللون أن مقتل الأمين العام لـ«حزب الله» يعطي دفعة قوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي واجه احتجاجات محلية واسعة وانتقادات خارجية كبيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج السعودية: غياب «المساءلة والعقاب» يشجع إسرائيل على التصعيد

السعودية: غياب «المساءلة والعقاب» يشجع إسرائيل على التصعيد

جددت السعودية رفضها وإدانتها لجميع الجرائم الإسرائيلية الشنيعة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية 11 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

إسرائيل تعزّز قواتها في الضفة لأغراض «تشغيلية ودفاعية»

دفع الجيش الإسرائيلي 3 كتائب احتياط إلى الضفة الغربية استعداداً لتصعيد إقليمي محتمل، بغرض تعزيز الوجود الأمني في الضفة عشية الأعياد اليهودية الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

مصر تشدد على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي «الحرب المفتوحة»

ندد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي بـ«إمعان إسرائيل في توسيع رقعة الصراع»، مجدداً مطالبة تل أبيب بالانسحاب من معبر رفح و«محور فيلادلفيا».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
تحليل إخباري صور لنصر الله وقاسم سليماني بالعاصمة اليمنية صنعاء في 28 سبتمبر (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مشروع إيران مهدد بعد «نكسة» نصر الله وتفكيك «وحدة الساحات»

وجّهت إسرائيل بقتل أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله ضربة قوية إلى جوهرة التاج في المشروع الإيراني الإقليميّ. فكيف سيكون رد طهران؟

المحلل العسكري

بقي سراً لسنوات... كيف كشف جاسوس إيراني مكان نصر الله لإسرائيل؟

أشخاص يسيرون وسط أنقاض المباني التي دمرتها الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون وسط أنقاض المباني التي دمرتها الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

بقي سراً لسنوات... كيف كشف جاسوس إيراني مكان نصر الله لإسرائيل؟

أشخاص يسيرون وسط أنقاض المباني التي دمرتها الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون وسط أنقاض المباني التي دمرتها الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

في أعقاب مقتل حسن نصر الله، تواجه جماعة «حزب الله» اللبنانية تحدياً هائلاً؛ وهو سد الثغرات في صفوفها، والتي سمحت لعدوها اللدود إسرائيل بتدمير مواقع الأسلحة وتفخيخ أجهزة اتصالاتها اللاسلكية، واغتيال أمينها العام المخضرم الذي ظل مكان وجوده سراً محفوظاً بعناية لسنوات.

فكيف وصلت إسرائيل إلى المعلومات حول مكان وجود نصر الله؟

ذكرت صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية، أمس (السبت)، نقلاً عن مصادر أمنية لبنانية أن إسرائيل حصلت على معلومات حساسة من خلال عميل إيراني، أشارت إلى وجود الأمين العام لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت قبيل اغتياله، يوم الجمعة الماضي. ووفقاً لهذه المعلومات، شنت إسرائيل ضربات جوية على المنطقة، ما أدى إلى مقتل نصر الله.

وبحسب «لو باريزيان»، فإن هذا الجاسوس الإيراني تمكن من اختراق الدائرة الداخلية لـ«حزب الله»، وإيصال معلومات دقيقة حول تحركات نصر الله الذي كان في بيروت، يوم الجمعة، للمشاركة في جنازة محمد سرور المسؤول في «حزب الله».

وأضافت الصحيفة أن نصر الله كان يصطحب معه في السيارة يوم اغتياله نائب قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني عباس نيلفروشان، الذي قُتل في الهجوم ذاته.

وكان نصر الله موجوداً في عمق 30 متراً تحت الأرض لحظة الاغتيال، حيث كان يحضر ونيلفروشان اجتماعاً ضم 12 مسؤولاً رفيع المستوى في «حزب الله». وانتظرت إسرائيل بدء اجتماع «نصر الله» مع قيادات الحزب لتنفيذ الغارة التي استهدفت مقرهم في الضاحية الجنوبية لبيروت.

ويُعتقد أن الاختراق الذي قام به العميل الإيراني هو ما ساعد الإسرائيليين في تحديد توقيت الهجوم بدقة شديدة، لضمان وجود نصر الله بالمجمع السكني في حارة حريك لحظة القصف، وفقاً لـ«لو باريزيان».

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أشارت إلى أن «أشخاصاً على الأرض» كانوا من بين أبرز مصادر المعلومات التي اعتمدت عليها إسرائيل في اغتيال نصر الله. كما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إلى أن القرار بشن الضربة اتخذ في يوم الهجوم ذاته، لأن القادة الإسرائيليين كانوا يعتقدون أن أمامهم وقتاً قصيراً قبل أن ينتقل نصر الله إلى موقع آخر.