تجهيز عائلات يهودية للاستيطان في غزة وشمال الضفة

«مؤتمر القدس» حلقة في سلسلة إجراءات تم إعدادها بدعم متطرفين أميركيين

مستوطنون يحاولون العبور إلى داخل غزة لإقامة بؤرة استيطانية فبراير 2024 (د.ب.أ)
مستوطنون يحاولون العبور إلى داخل غزة لإقامة بؤرة استيطانية فبراير 2024 (د.ب.أ)
TT

تجهيز عائلات يهودية للاستيطان في غزة وشمال الضفة

مستوطنون يحاولون العبور إلى داخل غزة لإقامة بؤرة استيطانية فبراير 2024 (د.ب.أ)
مستوطنون يحاولون العبور إلى داخل غزة لإقامة بؤرة استيطانية فبراير 2024 (د.ب.أ)

كشفت أوساط سياسية في تل أبيب أن «مؤتمر القدس» لإعادة الاستيطان في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، هو إجراء ضمن سلسلة إجراءات، أعدّها قادة المستوطنين في الضفة الغربية بدعم جهات متطرفة في الولايات المتحدة. وبموجب هذه الإجراءات تم إعداد مجموعة عائلات جاهزة «لاستغلال أول مناسبة يقع فيها حدث مأساوي» لإقامة بؤر استيطان على الأرض.

وقالت مصادر عليمة لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن مؤتمر «العودة إلى غزة»، الذي عُقد في القدس، يوم الأحد، كان «طلقة البداية» لخطوات يخطط المستوطنون لتنفيذها في الأشهر القريبة المقبلة، فيما يشبه مخططات إقامة البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية.

وبادرت إلى هذا المخطط حركة «نِحالا» في عام 2005، رداً على الانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، وهدفها توسيع وتعزيز الاستيطان اليهودي في «أرض إسرائيل الكاملة» (فلسطين) وإفشال أي مخطط لإقامة دولة فلسطينية.

وتبين أن شخصيتين مؤسستين للحركة، هما دانييلا فايس والحاخام موشيه ليفنجر، قد عقدا خلال الحرب على غزة ثلاثة مؤتمرات محلية تمهيداً لمؤتمر القدس، والتقيا عشرات أعضاء الكنيست والوزراء من مختلف الأحزاب لتجنيدهم لصالح تنفيذ مخطط الاستيطان في قطاع غزة، وتمكنا من إقامة لوبي في الكنيست (البرلمان) ضم 12 وزيراً و16 عضو كنيست شاركوا في مؤتمر القدس.

جنود إسرائيليون خلال تمشيط محيط مستوطنة «بييري» في غلاف غزة بعد بداية الحرب (أ.ب)

عائلات غلاف غزة

كما عملا، في ذات الوقت، على تجهيز عائلات يهودية مستعدة للاستيطان في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، أغلبها عائلات من البلدات اليهودية في غلاف غزة وحتى أسدود شمالاً. وتم تزويد هذه العائلات بحقائب ومعدات تؤهلها للانتقال في وقت سريع للسكنى في بؤر استيطانية في اللحظة المناسبة التي، في نظرهم، هي استغلال حدث مأساوي يقع في مكان ما مثل عملية مسلحة أو عملية تفجير، أو حتى حدث حزبي مثل إقالة الحكومة، أو سياسي مثل عملية مفاوضات سلمية.

كما يقضي المخطط بعدم نقل مستوطنين من الضفة أو الجولان إلى القطاع، وإنما جلبهم من مختلف أنحاء إسرائيل، خاصة من جنوبها، للاستيطان في القطاع، مع التركيز على عائلات كانت تعيش في مستوطنات غزة وتم إخلاؤها بقرار حكومة أرئيل شارون في 2005.

وعُقدت لهذه الغاية اجتماعات في أسدود وسديروت، تخللها إبحار بقوارب مقابل شواطئ قطاع غزة. وبحسب فايس، فإن «التجربة التاريخية تدل على أن هذه الأمور تحدث بسرعة، وأحياناً بسرعة فائقة، مثلما حدث في حالة البؤرة الاستيطانية العشوائية إفياتار، حين وقعت عملية إرهابية وكان ردنا عليها إقامة بؤرة الاستيطان في إفياتار».

وتابعت الصحيفة أن العائلات التي عبرت عن موافقتها على الاستيطان في القطاع تجري نقاشات فيما بينها، وتوزع خيام ومعدات للإقامة في بؤر استيطانية داخل القطاع. وتخطط «نحالا» لمكوث هذه العائلات في منطقة غلاف غزة كي تكون «مستعدة للانطلاق إلى نقاط الاستيطان» داخل القطاع. وبالفعل، باشرت بعض هذه العائلات القيام بجولات في غزة من الآن، تحت حماية الجيش بذريعة «الصلاة في نقطة معينة».

مسيرة انتخابية لأنصار الليكود في سوق بالقدس (أرشيفية - أ.ف.ب)

«شخصية قوية» في الليكود

ووصفت الصحيفة داغان بأنه «شخصية قوية» في حزب الليكود، الذي يتزعمه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وقد تمكن من إقناع أعضاء كنيست، ليس من الليكود فقط، في تحويل البؤرة الاستيطانية العشوائية «حوميش» إلى مستوطنة «شرعية». ويعتزم داغان وفايس «غرس فكرة الاستيطان في قطاع غزة في صفوف المشرعين والرأي العام الإسرائيلي، كي يتمكنا لاحقاً من دفع قوانين تدعم إقامة المستوطنات، وبينها إلغاء قانون فك الارتباط»، الذي تم سنه لدى تنفيذ خطة الانفصال، في عام 2005.

ويوجه قادة المستوطنين رسائل بالروح نفسها باللغة الإنجليزية إلى الولايات المتحدة، وحرصوا على أن يحضر مؤتمر «العودة إلى غزة» ممثلون عن وسائل إعلام أجنبية كثيرة، فيما أجرى داغان مقابلات عديدة مع وسائل إعلام أميركية.

وأشارت الصحيفة إلى أن «المستوطنين يعرفون كيف يربطون مؤيديهم الأميركيين مع مبادراتهم، وهذا ما حدث خلال ولاية الرئيس السابق، دونالد ترمب عندما وصل مستوطنو الخليل إلى واشنطن بوساطة السفير الأميركي الأسبق لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان».

السياج الحاجز الفاصل بين جنوب إسرائيل وقطاع غزة لم يمنع حركة «حماس» من اختراقه في 7 أكتوبر (رويترز)

ردود فعل سلبية

يذكر أن مؤتمر استيطان غزة أثار ردود فعل سلبية واسعة في إسرائيل، خصوصاً بعد الانتقادات الأميركية والأوروبية الحادة. وجوبه كذلك بانتقادات حتى في أوساط اليمين الإسرائيلي، خاصة حزب الليكود الذي شارك نصف وزرائه وربع نوابه في المؤتمر.

وقال بعض قادته لوسائل الإعلام الإسرائيلية إن «الليكود لم يعد ما كان عليه، حزب اليمين الليبرالي المحترم، وأصبح الصهيونية الدينية ب». وتنبأ بعضهم أن يؤول الليكود إلى نفس مصير حزب «العمل»، الذي أسس الحركة الصهيونية وقادها ثم أسس إسرائيل بوصفها دولة وقادها حتى سنة 1977، ومنذ ذلك الوقت وهو يضمحل. واليوم له 4 مقاعد فقط في البرلمان، وتشير الاستطلاعات إلى أنه إذا خاض الانتخابات لوحده فلن يعبر نسبة الحسم.

لكن الأهم هو ما يقولونه عن تبعات هذا المؤتمر في الساحة الدولية. أحد قادة الليكود قال للصحف العبرية: «أشد ما أخشاه هو أن ينتبه الفلسطينيون إلى وقائع هذا المؤتمر فيأخذوها ويوثقوها ويرسلوها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. فالوزراء والنواب والحاخامات وقادة المستوطنات الذين تكلموا هناك، رددوا مواقف تجعل من السهل البرهنة على أن المؤتمر عزز الخطاب الإسرائيلي (العنتري) الذي بسببه اتهمت إسرائيل في المحكمة بالعمل على إبادة شعب. وبما أن العديد من المتكلمين في المؤتمر هم وزراء ونواب في الائتلاف وبما أن الجمهور كان يهتف (ترحيل ترحيل)، فمن السهل البرهنة على أن المؤتمر هو نشاط حكومي يدعو إلى الإبادة».


مقالات ذات صلة

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا البابا فرنسيس يدين «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يدين مجدداً «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة

دان البابا فرنسيس مرة أخرى، اليوم (الأحد)، «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
TT

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)

في زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق، بعد سقوط نظام بشار الأسد، التقى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق، وليد جنبلاط، القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في «قصر الشعب».

وزار جنبلاط، الذي كان أول زعيم ومسؤول لبناني يبادر إلى التواصل مع الشرع، دمشق، على رأس وفد من الحزب وكتلة «اللقاء الديمقراطي»، يضم نجله تيمور، برفقة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، ووفد من المشايخ والإعلاميين.

لعودة العلاقات ومحاكمة عادلة

وتحمل هذه الزيارة، التي هنّأ خلالها جنبلاط، الشرع، بـ«انتصاره»، بعداً وطنياً يرتكز على مستقبل العلاقة بين لبنان وسوريا، فهي تحمل كذلك بعداً درزياً يرتبط بما ستكون عليه علاقة السلطة الجديدة في سوريا مع الأقليات، تحديداً الطائفة الدرزية، في ظل الضغوط الإسرائيلية التي تمارس عليها، وهو ما كان الشرع واضحاً بشأنه في لقائه مع الزعيم الدرزي بالقول: «سوريا لن تشهد بعد الآن استبعاداً لأي طائفة»، مضيفاً أن «عهداً جديداً بعيداً عن الحالة الطائفية بدأ».

وفي كلمة له أثناء لقائه الشرع، هنأ جنبلاط القيادة السورية الجديدة بـ«التحرّر من نظام حكم (بشار) الأسد، والتطلع نحو سوريا الموحدة... عاشت سوريا حرّة أبية كريمة».

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)

وقال جنبلاط: «من جبل لبنان، من جبل كمال جنبلاط، نحيي هذا الشعب الذي تخلص من الاستبداد والقهر، التحية لكم ولكل من ساهم في هذا النصر، ونتمنى أن تعود العلاقات اللبنانية - السورية من خلال السفارات، وأن يحاسب كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين، وأن تقام محاكم عادلة لكل من أجرم بحق الشعب السوري، وأن تبقى بعض المعتقلات متاحف للتاريخ».

وأضاف: «الجرائم التي ارتبكت بحق الشعب تشابه جرائم غزة والبوسنة والهرسك، وهي جرائم ضد الإنسانية، ومن المفيد أن نتوجه إلى المحكمة الدولية لتتولى هذا الأمر والطريق طويل»، مشيراً إلى أنه سيتقدم بـ«مذكرة حول العلاقات اللبنانية السورية».

الشرع: النظام السابق قتل الحريري وجنبلاط والجميل

في المقابل، تعهد الشرع، الذي التقى جنبلاط للمرة الأولى مرتدياً بدلة وربطة عنق، بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور. وفيما لفت إلى أن «المعركة أنقذت المنطقة من حربٍ إقليميّة كبيرة، وربما من حرب عالمية»، أكد أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع».

ولفت الشرع إلى أن «النظام السابق كان مصدر قلق وإزعاج في لبنان، وهو عمل مع الميليشيات الإيرانية على تشتيت شمل السوريين»، مؤكداً أن «نظام الأسد قتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وكمال جنبلاط وبشير الجميل». وتعهد بأن «يكون هناك تاريخ جديد في لبنان نبنيه سوية بدون حالات استخدام العنف والاغتيالات»، وقال: «أرجو أن تمحى الذاكرة السورية السابقة في لبنان».

أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

وشدد الشرع على حماية الأقليات، قائلاً: «مع اعتزازنا بثقافتنا وبديننا وإسلامنا... لا يعني وجود الإسلام إلغاء الطوائف الأخرى، بل على العكس هذا واجب علينا حمايتهم». وأضاف: «اليوم يا إخواننا نحن نقوم بواجب الدولة في حماية كل مكونات المجتمع السوري».

دروز سوريا

وتحدث عن دروز سوريا تحديداً، مذكراً بأن «الإدارة الجديدة أرسلت وفوداً حكومية إلى مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية في جنوب غرب البلاد»، وقال: «أهلنا في السويداء كانوا سباقين في مشاركة أهلهم في الثورة، وساعدونا في تحرير منطقتهم في الآونة الأخيرة».

وأضاف: «سنقدم خدمات كثيرة، نراعي خصوصيتها، ونراعي مكانتها في سوريا»، وتعهد بتسليط الضوء على ما وصفه بأنه تنوع غني للطوائف في سوريا.

أبي المنى وشعار الدروز

من جهته، قال الشيخ أبي المنى إن «شعب سوريا يستحق هذا السلم، ويستحق الازدهار، لأن سوريا قلب العروبة النابض». وأشار إلى أن «الموحدين الدروز لهم تاريخ وحاضر يُستفاد منه، فهم مخلصون للوطن وشعارهم شعار سلطان باشا الأطرش وشعار الكرامة، وكرامتهم من كرامة الوطن، لذلك نحن واثقون أنكم تحترمون تضحياتهم وهم مرتبطون بوطنهم».

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط في «قصر الشعب» بدمشق قبيل لقائه الشرع (أ.ف.ب)

ارتياح في السويداء

ولاقت زيارة الزعيم الدرزي إلى دمشق ارتياحاً في أوساط السوريين الدروز. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أهلية متقاطعة في السويداء، جنوب سوريا، أن هناك توافقاً بين الزعامات الروحية حول الموقف من «إدارة العمليات» ممثلة بقائدها أحمد الشرع، والتأكيد على العمقين الإسلامي والعربي لطائفة الدروز الموحدين وخصوصية جبل العرب، ودورهم التاريخي في استقلال سوريا كمكون سوري أصيل، وتطلعهم إلى دستور جديد يجمع عليه السوريون.

وحسب المصادر، فإن «هذا الموقف كان مضمون الرسالة التي حملها الوفد الدرزي إلى قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، الأحد، وقد كانت نتائج الاجتماع إيجابية»، واعتبر دروز السويداء أن زيارة جنبلاط «خطوة عقلانية وحكيمة باتجاه الحفاظ على وحدة سوريا، وقطع الطريق على كل من يحاول تخريب العيش المشترك بين جميع السوريين، ووأد الفتن ما ظهر منها وما بطن».

ووفق المصادر، كان وفد درزي من لبنان زار السويداء قبل يوم من زيارة جنبلاط إلى دمشق، والتقى مشيخة العقل في السويداء، حيث قال شيخ العقل حمود الحناوي إنهم يتطلعون إلى «مواقف جنبلاط وأهلنا في لبنان باعتبارها سنداً ومتنفساً للتعاون من أجل مصالحنا كمواطنين سوريين لنا دورنا التاريخي والمستقبلي».

بعد 13 عاماً

ودخل الجيش السوري، لبنان، عام 1976 كجزء آنذاك من قوات عربية للمساعدة على وقف الحرب الأهلية، لكنه تحوّل إلى طرف فاعل في المعارك، قبل أن تصبح دمشق «قوة الوصاية» على الحياة السياسية اللبنانية تتحكّم بكل مفاصلها، حتى عام 2005، تاريخ خروج قواتها من لبنان تحت ضغط شعبي بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في انفجار وجهت أصابع الاتهام فيه إليها ولاحقاً إلى حليفها «حزب الله»، قبل أن تحكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على اثنين من قادة الحزب بالسجن مدى الحياة، على خلفية قتل 22 شخصاً بينهم الحريري.

ويتهم جنبلاط، دمشق، باغتيال والده كمال في عام 1977 خلال الحرب الأهلية، في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد.

ونُسبت اغتيالات العديد من المسؤولين اللبنانيين الآخرين المناهضين لسوريا إلى السلطة السورية السابقة.

وعلى خلفية هذه الاغتيالات، تأرجحت علاقة الزعيم الدرزي مع النظام السوري السابق، الذي كان قد قاطعه وشنّ هجوماً غير مسبوق على رئيسه المخلوع، واصفاً إياه بـ«القرد» في المظاهرات التي نظمها فريق «14 آذار» إثر اغتيال الحريري عام 2005، قبل أن تعاد هذه العلاقة وترمّم بشكل محدود في عام 2009، لتعود إلى مرحلة العداوة مجدداً مع مناصرة جنبلاط للثورة السورية التي انطلقت عام 2011.

أما اليوم، وبعد 13 عاماً، عاد الزعيم الدرزي إلى دمشق «شامخاً مظفراً بالنصر»، وفق ما وصفه أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، عبر حسابه على منصة «إكس»، مضيفاً: «ها قد عدنا إلى سوريا الحرة مع الأمل الكبير الواعد بأن تنعم سوريا وشعبها بالحرية والديمقراطية والتنوّع والاستقرار والازدهار»، داعياً إلى «بناء أفضل العلاقات التي تحفظ سيادة وحرية واستقلال وطننا الحبيب لبنان وتحفظ سوريا الواحدة الموحدة الأبية».

وتوجه إلى السوريين بالقول: «هنيئاً لكم ولنا الانتصار الكبير، ويبقى الانتصار الأكبر هو الحفاظ على الوحدة الوطنية والحرية والهوية».