حذر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان من أن «التسويف والتأخير في انتخاب رئيس هو مشروع انتحار»، مطالباً البرلمان بأن «يقوم بواجبه الدستوري الأساسي» بانتخاب رئيس جديد.
ويعاني لبنان من أزمة شغور رئاسي منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وفشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس.
وقال دريان في حفل إفطار في بيروت: «طال زمن الشغور الرئاسي، وما زلنا نتوسم خيراً بالجهود والمساعي الخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية، فالتفاؤل ثمرة الإيمان والعزيمة والإرادة التي توصل في النهاية مع العمل الحثيث إلى نهاية إنجاز الاستحقاق الرئاسي».
وقال دريان: «من غير الجائز أن تبقى دولتنا من دون رئيس لها، ولا يمكن أن يحصل لبنان على ثقة الأشقاء العرب والأصدقاء ودول العالم، إذا لم نعد الاعتبار إلى الدولة ومؤسساتها، فالتسويف والتأخير في انتخاب رئيس لجمهوريتنا هو مشروع انتحار، بل هو الانتحار بعينه، وهذا مرفوض. مرفوض شرعاً وقانوناً وسياسة... وبكل معايير الوطن والوطنية»، مضيفاً: «يتحمل مسؤوليته كل من لا يقوم بواجبه الوطني والسياسي، ويتقاعس عن القيام بدوره، ويعرقل سعي غيره في اجتراح الحلول للخروج من نفق الأزمات المظلم الذي طال المكث فيه».
وأضاف دريان: «نحن في دار الفتوى لا ولن نرضى السير في مشاريع لا يحكمها العقل والحكمة والمنطق السليم، لحساب مصالح شخصية ضيقة يضيع لبنان بسببها ويندثر دوره في أداء رسالته الوطنية والعربية النبيلة التي لا يكون إلا بها».
وطالب المجلس النيابي بأن «يقوم بواجبه الدستوري الأساسي، ويبادر إلى انتخاب رئيس للجمهورية، يكون رأس الدولة حقاً، ورمز وحدة الوطن، يمثل لبنان بسيادته واحترام دستوره، وحكماً ناظماً لعمل الدولة وأدائها، والذي لا ينتظم ولا يتوازن إلا أن تكون نظرته واحدة لجميع اللبنانيين، لا يميزهم إلا إخلاصهم لوطنهم وجهدهم للنهوض به».
متروبوليت بيروت
وتتصاعد الدعوات منذ بدء الشغور الرئاسي لإنهائه، فيما يتهم معارضو وصول رئيس «المردة» سليمان فرنجية الداعين إلى حوار مسبق قبل انتخاب الرئيس بأنهم يفرضون أعرافاً جديدة.
وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران إلياس عودة، في قداس الأحد: «إعادة تكوين السلطات الدستورية، وبناء المؤسسات، هما المدخل الضروري لأية عملية إنقاذية»، وسأل: «كيف تدار دولة بلا رئيس؟». وفيما لفت إلى أن جميع المسؤولين يدعون تسهيل العملية الانتخابية وينادون بضرورة إتمامها، سأل أيضاً: «من يعرقل إذن؟ وإذا كان جميع النواب مقتنعين بذلك فلم لا يذهبون إلى المجلس النيابي وينتخبون رئيساً بحسب مقتضى الدستور، دون شروط وشروط مقابلة، ودون تفسير لمواد الدستور أو تأويل بحسب المصالح».
وقال عودة: «نحن لسنا بحاجة إلى أعراف جديدة. طبقوا الدستور ولا تدعوا أحداً يعبث بمصير البلد ويلغي دوره ويقوض أساسات ديمقراطيته. المطلوب ليس شعارات؛ بل إرادة عمل وصفاء نية. ومن (يدعي) عقماً في الدستور (يشكو) من عقم في التفكير؛ لأن لبنان شهد في ظل هذا الدستور فترات ازدهار وتألق قادها رجالات دولة كبار، احترموا دستور بلدهم وطبقوا أحكامه».
وأكد عودة أن «انتخاب رئيس للبلاد ليس حاجة مسيحية؛ بل وطنية»، مضيفاً: «الرئيس ليس رئيس المسيحيين؛ بل رئيس البلاد، ومن واجب كافة الكتل النيابية المشاركة في انتخابه».
أعراف جديدة
وينفي ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل»، الداعم لوصول فرنجية، فرض أعراف جديدة. وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أيوب حميد: «يقولون إن هناك أعرافاً جديدة تريد حركة (أمل) والثنائي الوطني ومن معهم تكريسها، لكن نسأل: أين هي مقومات انقلابنا على الدستور اللبناني؟ وهل إذا كان هناك من دعوة للحوار والتلاقي هي انقلاب على الدستور؟ وهل هو تغيير للأسس والمبادئ التي نص عليها الدستور اللبناني لجهة اختيار رئيس للبلاد؟»
وقال حميد إن «هذه المقولات يُراد منها التضليل والتعمية عن الحقائق والابتعاد عن الموضوعية في مقاربة واقع لا أحد يستطيع أن يتنكر له وهو أن انتخابات المجلس النيابي قد أفرزت واقعاً ولا يمكن لِطيف أو فئة أو كتلة نيابية أن تحدد مسار الرئاسة أو شخص الرئيس العتيد».
ورأى أن «الحاجة، وبكل أمانة وموضوعية، هي التلاقي والحوار، ومن لا يستطيع أن يكون على طاولة الحوار، فهو يهرب من واقع مأزوم فيه ولا يريد مقاربة الوقائع التي تحتم على الجميع التلاقي من أجل لبنان ووحدته وقيامته والحفاظ على صيغته ومكوناته».