لم تستبعد مصادر متابعة في دمشق صحة ما تناقلته وسائل إعلامية محلية، حول عزم دمشق تشكيل جهاز أمني جديد باسم «الأمن العام السوري».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن ذلك يأتي ضمن «عملية إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في سوريا، التي بدأتها الرئاسة السورية مطلع العام الجاري»، لافتة إلى أن إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتنسيق عملها واحد من التحديات التي تفرض نفسها على دمشق بعد التطورات التي شهدها العام الأخير، مع بدء عودة علاقاتها مع المحيط العربي، واستحقاقات معالجة ملفات مكافحة الإرهاب، وتهريب المخدرات، وأمن الحدود مع دول الجوار، لا سيما الأردن والعراق.
وكان موقع «صوت العاصمة» المعارض قد نقل عن مصادر وصفها بـ«الموالية»، أن دمشق بصدد «حلِّ شعبة الأمن السياسي وإدارة الأمن الجنائي والشرطة خلال الأيام المقبلة، ودمجها في جهاز جديد يتبع لوزارة الداخلية تحت مسمى (الأمن العام السوري)». وقال الموقع إن تلك الأنباء جاءت بعد يوم واحد من «صدور قرار مماثل نصّ على حل شعبة الاستخبارات العسكرية وإدارة المخابرات الجوية ودمجهما في جهاز جديد حمل اسم (مخابرات الجيش والقوات المسلحة)».
يشار إلى أن الرئيس بشار الأسد ترأس اجتماعاً «لقادة الأجهزة الأمنية في الجيش والقوات المسلحة»، مطلع العام الجاري، بعد تغييرات أمنية مفاجئة طالت مراكز أمنية حساسة في سوريا، حيث تم تعيين اللواء علي مملوك مستشاراً لرئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، وتعيين اللواء كفاح الملحم خلفاً له في رئاسة مكتب الأمن الوطني، فيما نُقل اللواء كمال حسن من رئاسة فرع فلسطين، ليصبح رئيساً لشعبة المخابرات العسكرية خلفاً للواء كفاح الملحم.
وتوصل الاجتماع الذي عقده الأسد مع قادة الأجهزة الأمنية إلى وضع «خريطة طريق أمنية وفق رؤى استراتيجية تحاكي التحديات والمخاطر الدولية والإقليمية والداخلية»، حسب ما جاء في بيان للرئاسة بعد الاجتماع الذي ناقش الأثر المرتقب لإعادة الهيكلة الجارية في المجال الأمني، وتطوير التنسيق بين الأجهزة، بما يعزز أداء القوات الأمنية في المرحلة المقبلة، وكذلك «تطوير أدوات مكافحة الإرهاب بعد النتائج المهمة التي تحققت خلال السنوات الماضية». كما شدد الأسد، وفقاً للبيان على «الدور الاستباقي والوقائي للأجهزة الأمنية في محاربة التنظيمات الإرهابية والتعقب الدائم للخلايا التي تحاول الإضرار بأمن الوطن وسلامته».
وشهدت الأيام القليلة الماضية صدور قرارات تتعلق بتبسيط الإجراءات الأمنية، لا سيما منح الموافقات الأمنية؛ منها تعميم بالإبقاء على الموافقة الأمنية الخاصة بالبيوع العقارية والوكالات العامة الداخلية، مع تسريع فترة البت بها، لتصبح يومين بدل أن تكون مدة غير معلومة، وإلزام الجهة المختصة بمنح الموافقة تقديم أسباب عدم الموافقة بهدف إفساح المجال أمام صاحب الطلب مراجعة الجهات المعنية ومعالجة وضعه أصولاً. كما أن الموافقة الأمنية باتت شخصية لا عائلية.
وفي سياق التنسيق الأمني مع دول الجوار، تستعد وزارتا الداخلية السورية والعراقية لتوقيع مذكرة تفاهم سورية - عراقية الشهر المقبل.
وأعلنت السفارة العراقية بدمشق عن تسليمها وزير الداخلية السوري اللواء محمد خالد الرحمون دعوة من نظيره العراقي الفريق الأول عبد الأمير الشمري لزيارة بغداد الشهر المقبل، لتوقيع مذكرة التفاهم. «تتضمن اثنى عشر بنداً، تتعلق بمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه والقضاء على الممولين، وتبادل المعلومات الأمنية، وتهريب المخدرات، والتعاون للقبض على المهربين، والتعاون في مجال المعلوماتية الأمنية. والتعاون في مجال المعاهد والكليات المختصة، ووضع محددات قانونية لزيارة المواطنين في كلا البلدين». حسب ما نقلت صحيفة «الوطن» السورية المحلية عن القائم بالأعمال العراقي في دمشق ياسين شريف الحجيمي، الذي أفاد بأن مذكرة التفاهم عرضت على رئاسة الحكومة في سوريا والعراق، ولاقت الموافقة على التوقيع. ولفت الحجيمي إلى وجود تعاون بين العراق وسوريا في مجال ملاحقة المهربين، وقد حقق نتائج جيدة، وأن «المذكرة سوف تضع ضوابط ومحددات للتعاون وتطويره بما يخدم مصلحة أمن البلدين».
ويشار إلى أن سوريا والعراق احتلا المرتبة الأولى والثانية في قائمة «الدول الأقل أماناً» على المستوى العربي، والمرتبة العاشرة والحادية عشرة على مستوى العالم من أصل 89 دولة، بحسب التقرير الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام لعام 2024.