هل قُتل مروان عيسى «كابوس» إسرائيل؟

مصير الرجل الثالث في «حماس» لا يزال غامضاً

مروان عيسى وسط معتقلين أُفرج عنهم في صفقة جلعاد شاليط (أرشيفية - بي بي سي)
مروان عيسى وسط معتقلين أُفرج عنهم في صفقة جلعاد شاليط (أرشيفية - بي بي سي)
TT

هل قُتل مروان عيسى «كابوس» إسرائيل؟

مروان عيسى وسط معتقلين أُفرج عنهم في صفقة جلعاد شاليط (أرشيفية - بي بي سي)
مروان عيسى وسط معتقلين أُفرج عنهم في صفقة جلعاد شاليط (أرشيفية - بي بي سي)

مروان عيسى القيادي المراوغ بحركة «حماس»، الذي قالت الولايات المتحدة إن إسرائيل قتلته، كان قد نجا من محاولات اغتيال سابقة ليُمضي سنوات في التخطيط لعمليات توغل في إسرائيل، منها هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي أطلق شرارة الحرب الدائرة في غزة.

وقال مصدر في «حماس» لوكالة «رويترز»: «الأخ عيسى عبارة عن كابوس بيمشي على الأرض بالنسبة للعدو»، مشيداً بمهاراته شبه العسكرية.

ويقول مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إن عيسى قُتل في عملية إسرائيلية الأسبوع الماضي. ولم تؤكد إسرائيل ولا «حماس» ذلك.

وعيسى، الذي يُطلق عليه الفلسطينيون لقب «رجل الظل» لقدرته على التخفي عن أعين العدو، ارتقى إلى المرتبة الثالثة داخل الحركة. وشكّل مع قياديَّين آخرَين في «حماس» مجلساً عسكرياً سرياً من 3 أعضاء على رأس الحركة. وخططوا لهجوم السابع من أكتوبر، ويُعتقد أنهم يديرون العمليات العسكرية من الأنفاق والشوارع الخلفية في غزة منذ ذلك الحين.

ووفقاً للإحصاءات الإسرائيلية، تسبب الهجوم في مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة تقريباً. وهو الهجوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل منذ قيامها قبل 75 عاماً.

بعد ذلك، توعّدت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقتل الثلاثة، وهم يحيى السنوار زعيم «حماس» في غزة، ومحمد الضيف قائد الجناح العسكري، وعيسى نائبه.

وسيكون مقتل عيسى بمثابة ضربة قوية لـ«حماس» التي تواجه حملة جوية وبرية إسرائيلية لا هوادة فيها؛ للقضاء عليها وسحق معقلها في قطاع غزة، حيث تقول السلطات الصحية إن الحملة الإسرائيلية قتلت نحو 32 ألفاً حتى الآن.

وقد يؤدي مقتله أيضاً إلى تعقيد الجهود الرامية إلى التوصّل لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، لكن إسرائيل تقول إن المحادثات مستمرة من خلال وسطاء مصريين وقطريين.

ورداً على سؤال حول ما تردد عن مقتله، قال المصدر إن تلك الأخبار قد تكون حرباً نفسية إسرائيلية. وأضاف أن عيسى «ساعد على بناء القدرات العسكرية لـ(حماس)، بما في ذلك الصواريخ».

وبحسب مصادر في الحركة، تعلّم عيسى مهارات النجاة من محمد الضيف، الذي نجا من 7 محاولات اغتيال دبّرتها إسرائيل وتسببت في إصابته بتشوهات واضطراره لاستخدام كرسي متحرك.

تدمير المنزل... ومقتل الابن

كان عيسى، الذي وُلد عام 1965، على قائمة أبرز المطلوبين لدى إسرائيل، وأُصيب في محاولة اغتيال عام 2006 خلال لقاء مع الضيف.

ودمرّت الطائرات الحربية الإسرائيلية منزله مرتين خلال اجتياحَي غزة عامي 2014 و2021، مما أدى إلى مقتل شقيقه.

وقُتل نجل عيسى، وهو من مؤيدي «حماس» المعروفين، في غارة جوية إسرائيلية على وسط قطاع غزة في ديسمبر (كانون الأول).

وصَنّفت الولايات المتحدة عيسى على أنه «إرهابي عالمي مصنف تصنيفاً خاصاً» في سبتمبر (أيلول) عام 2019.

ومثل محمد الضيف، لم تكن ملامحه معروفة للعامة حتى عام 2011 عندما ظهر في صورة جماعية التُقطت خلال عملية تبادل للأسرى والمعتقلين مع إسرائيل، كان قد ساعد على تنظيمها.

وتكهنت مصادر فلسطينية بأن كبار قادة «حماس» الثلاثة يختبئون في أنفاق طويلة ومتشابكة تحت القطاع، لكنهم قد يكونون في أي مكان في غزة، وهي واحدة من أكبر المناطق كثافة سكانية في العالم.

وشارك عيسى، وربما هو الأقل شهرة بين الثلاثة، في عديد من القرارات الكبرى التي اتخذتها «حماس» في السنوات القليلة الماضية. ووُلد الثلاثة في عائلات للاجئين فروا أو طُردوا عام 1948 من المناطق التي أصبحت بعد ذلك تابعة لإسرائيل.

وقضى جميعهم سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إذ قضى عيسى 5 سنوات بداية من عام 1987.

وقضى السنوار 22 عاماً في السجن بداية من عام 1988 بجرم اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، بالإضافة إلى قتل 4 فلسطينيين متعاونين مع إسرائيل.

وكان الشخصية الأبرز من بين 1027 فلسطينياً أطلقت إسرائيل سراحهم في عام 2011 مقابل إطلاق سراح أحد جنودها، جلعاد شاليط، الذي أسرته «حماس» في غارة عبر الحدود قبل ذلك بـ5 سنوات.

وكان عيسى واحداً من قادة «حماس» الذين تفاوضوا على تلك الصفقة.

وكانت السلطة الفلسطينية، المنافس الداخلي لـ«حماس»، قد اعتقلت عيسى وعدداً من المسلحين الآخرين فيما يتصل بهجمات الحركة الانتحارية داخل إسرائيل في عام 1997.

وقتلت إسرائيل أكثر من قيادي من «حماس» في الماضي، منهم مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين، وزعيمها السابق عبد العزيز الرنتيسي الذي اغتيل في غارة جوية عام 2004. وجرت ترقية قادة جدد لملء أماكنهم.


مقالات ذات صلة

تقرير: نتنياهو يريد تغيير رئيس أركان الجيش خلال 60 يوماً

شؤون إقليمية (من اليمين) رونين بار مدير «الشاباك» ويسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلية وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وهرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش (حساب كاتس عبر منصة «إكس»)

تقرير: نتنياهو يريد تغيير رئيس أركان الجيش خلال 60 يوماً

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يريدان تقديم رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي استقالته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي طائرة تقلع من مطار بيروت يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

شركات طيران تعلق رحلاتها للشرق الأوسط مع تفاقم التوتر

دفعت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنب المجالات الجوية التي تنطوي على مخاطر.

المشرق العربي فتى فلسطيني يقفز قرب صاروخ غير منفجر بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من مخيم النصيرات الجمعة (إ.ب.أ)

دبابات إسرائيلية تنسحب من مخيم النصيرات مخلِّفة عشرات القتلى

قال الجيش الإسرائيلي إن قواته التي تنفذ عمليات منذ الخامس من أكتوبر تستهدف منع مسلحي «حماس» من معاودة تنظيم أنفسهم وشن عمليات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

تقرير: إسرائيل تخطط للبقاء في غزة… وجنود يكشفون عن بناء معسكرات

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن آفي ديختر، وزير الأمن الغذائي وعضو مجلس الوزراء الأمني ​​الإسرائيلي صرح بأن جيش بلاده سيبقى في غزة لسنوات عديدة

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في كازاخستان (رويترز)

فرنسا ترفض توضيح موقفها من توقيف بوتين بموجب مذكرة «الجنائية الدولية»

أحجمت فرنسا عن الإفصاح عن استعدادها لاعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بموجب مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية من عدمه.

«الشرق الأوسط» (باريس)

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
TT

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)

دفعت التطورات العسكرية شمال غربي سوريا وتحديداً في مدينة حلب وريفها الغربي، الآلاف إلى حركة نزوح جماعية كبيرة، تعددت وجهاتها بين أحياء وسط مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية بدمشق وشمال غربي إدلب على الحدود مع تركيا، ومناطق أخرى آمنة.

وبدأت معارك عنيفة حول حلب بعدما تحركت فصائل مسلحة أبرزها «هيئة تحرير الشام» ومجموعات أخرى متحالفة معها تحت شعار علمية سموها «رد العدوان» بهدف السيطرة على المدينة وردت عليها قوات حكومية. والتطورات العسكرية اللافتة تأتي بعد نحو 4 سنوات من التهدئة شمال غربي سوريا بموجب تفاهمات سورية – تركية.

ودفعت التعزيزات والغارات والمعارك، مدنيين إلى النزوح، وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن الاشتباكات أجبرت أكثر من 14 ألف شخص على مغادرة من منازلهم. فيما قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القسم الغربي من مدينة حلب يشهد حركة نزوح كبيرة باتجاه المناطق الشرقية أو خارج المدينة.

وأفاد المرصد، مساء الجمعة، بأن «هيئة تحرير الشام» على مشارف حلب بعدما سيطرت على 55 قرية وبلدة وتلة استراتيجية تقع إما في أطراف حلب الغربية أو في ريف حلب الجنوبي على طريق دمشق – حلب الدولي، الذي انــقـطـع بشكل كامل منذ يوم الخميس.

وبالنسبة للنازحين، فقد بات الخروج مرتكزاً على طريق خناصر الواقع جنوب غربي حلب باتجاه البادية السورية.

ومع ازدياد تهديدات الفصائل المسلحة للقوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و«حزب الله»، أكدت مصادر «نزوح عشرات العائلات خلال اليومين الماضيين من ريف حلب نحو شمال غربي إدلب عند الحدود مع تركيا، حيث أقاموا في خيام مؤقتة في نزوح يعد الثالث لسكان تلك المناطق منذ اندلاع الحرب في سوريا».

وقالت مصادر أهلية في حلب لـ«الشرق الأوسط» إنه تم إخلاء السكن الجامعي في مدينة حلب بعد تعرضه للقصف ومقتل أربعة طلاب وإصابة طالبين آخرين، حيث توجه الطلاب كُل إلى محافظته.

وبثت وسائل إعلام رسمية سورية، صوراً للدمار الذي لحق بالسكن الجامعي، وقال التلفزيون الرسمي إن «أربعة مدنيين قتلوا من جراء قصف الفصائل المسلحة على المدينة الجامعية»، لكن الفصائل المسلحة نفت استهداف المدينة الجامعية، متهمة القوات الحكومية بذلك بهدف إخلائه وتحويله إلى ثكنه عسكرية».

وشهدت أحياء الحمدانية والفرقان وجمعية الزهراء وحلب الجديدة حركة نزوح كبيرة يوم الجمعة، باتجاه أحياء وسط المدينة مع تصاعد حدة الاشتباكات ووصول الجماعات المسلحة إلى مشارف المدينة.

وشرح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتحالفة معها تريد السيطرة على مدينة سراقب الحيوية، وكذلك طريق «حلب – دمشق»، وطريق «حلب – اللاذقية» الدوليين.

ويقدر عبد الرحمن أن «كل المكتسبات التي حققتها القوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و(حزب الله) خلال السنوات الخمس الماضية في مناطق سيطرتها في محافظة حلب (ستنتهي) وسيعود الوضع إلى ما كان عليه أواخر عام 2019». أي قبل التهدئة التركية – الروسية عام 2020.

وأعلنت الفصائل المسلحة المعارضة في الشمال دخولها أول أحياء مدينة حلب والسيطرة على مركز البحوث العلمية في حي حلب الجديدة، وقالت وسائل إعلام داعمة للفصائل المسلحة إنها «سيطرت على أحياء حلب الجديدة والحمدانية، و3000 شقة غرب مدينة حلب، وباتت على بعد 2 كم عن وسط مدينة حلب».

لكن صحيفة «الوطن» السورية المقربة من الحكومة بدمشق نقلت في وقت سابق عن مصادر أهلية في حلب نفيها سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة على بلدة المنصورة ومركز البحوث العلمية غرب حلب الجديدة بريف حلب الغربي

وسجل «المرصد السوري» مقتل نحو 254 شخصاً خلال الأيام الثلاثة منذ بدء هجوم «رد العدوان» الذي أطلقته الفصائل المسلحة غرب حلب، بينهم 24 مدنياً و 144 من «هيئة تحرير الشام» والفصائل الحليفة لها، ونحو 86 من القوات الحكومية والميليشيات الرديفة. مشيراً إلى أن القوات الحكومية تتركز في مدينة حلب فيما يتوزع على الجبهات في الريف الميليشيات الرديفة التابعة لإيران وإلى حد ما «حزب الله» الذي تقلص دوره بشكل كبير في شمال سوريا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.