شبح «المجاعة الوشيكة» يطوِّق غزة... وأميركا تضغط لوقف النار «فوراً»

واشنطن للتصويت «بأسرع ما يمكن» على قرار يتجنب «الفيتو»

غزيون يحملون أكياس طحين كانت جزءاً من مساعدات دخلت مدينة غزة 6 مارس (أ.ف.ب)
غزيون يحملون أكياس طحين كانت جزءاً من مساعدات دخلت مدينة غزة 6 مارس (أ.ف.ب)
TT

شبح «المجاعة الوشيكة» يطوِّق غزة... وأميركا تضغط لوقف النار «فوراً»

غزيون يحملون أكياس طحين كانت جزءاً من مساعدات دخلت مدينة غزة 6 مارس (أ.ف.ب)
غزيون يحملون أكياس طحين كانت جزءاً من مساعدات دخلت مدينة غزة 6 مارس (أ.ف.ب)

تحت وطأة التحذيرات الأممية من «مجاعة وشيكة» في غزة، عملت إدارة الرئيس جو بايدن بشكل محموم خلال الساعات القليلة الماضية من أجل التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار «يدعم بشكل لا لبس فيه» الجهود المبذولة لتحقيق «وقف فوري ومستدام» لإطلاق النار في القطاع، مستخدمة لغة جديدة يمكن أن تبدد المخاوف من استخدام حق النقض «الفيتو» من روسيا التي تصر على استخدام لغة «واضحة ومباشرة» لوقف القتال.

وتزامنت هذه الجهود الدبلوماسية مع تحذيرات هي الأقوى من الأمم المتحدة ووكالاتها، بشأن «مجاعة وشيكة مروعة» ستتفشى بين السكان المدنيين في غزة، طبقاً للتحذير الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الاثنين) وطالب فيه مجدداً بـ«وقف فوري للنار لأسباب إنسانية»، داعياً إسرائيل إلى «ضمان الوصول الكامل وغير المقيد للسلع الإنسانية إلى جميع أنحاء غزة». كما حض المجتمع الدولي على «التحرك الآن لمنع ما لا يمكن تصوره وما هو غير مقبول وغير مبرر».

وكان غوتيريش يعلق على أحدث تقرير لبرنامج الأغذية العالمي الذي حذر (الاثنين)، من أن «المجاعة وشيكة» في شمال غزة بحلول مايو (أيار) المقبل. ونقل البرنامج عن تقرير «التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي» أن 1.1 مليون شخص في القطاع استنفدوا إمداداتهم الغذائية بالكامل، ويعانون «جوعاً كارثياً».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (د.ب.أ)

وقال غوتيريش إن التقرير يشكل «إدانة مروعة للظروف التي يعيشها المدنيون»، موضحاً أن «هذا أكبر عدد من الأشخاص الذين يواجهون جوعاً كارثياً يسجله نظام تصنيف الأمن الغذائي المتكامل، في أي مكان وفي أي وقت». وأضاف: «إنها كارثة من صنع الإنسان بالكامل».

وكذلك دقت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين ناقوس الخطر، قائلة إن «الناس في غزة يتضورون جوعاً حتى الموت الآن. إن السرعة التي انتشرت بها أزمة الجوع وسوء التغذية التي هي من صنع البشر، في غزة، أمر مرعب». وإذ حذرت من إهدار الوقت، طالبت بالوصول الفوري والكامل إلى شمال غزة، مضيفة أنه «إذا انتظرنا حتى يتم إعلان المجاعة، فسيكون قد فات الأوان، بعد موت آلاف آخرين».

المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين (رويترز)

مجلس الأمن

وعلى وقع هذه التحذيرات، وزَّعت الولايات المتحدة أحدث نسخة من مشروع قرار أعدته لوقف الحرب في غزة على مجلس الأمن. وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسيين في المجلس، أن النسخة الجديدة المعدلة للمرة الخامسة من مشروع القرار الذي تعمل عليه منذ أسابيع، تستجيب لمطالب عدد من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس، بما في ذلك إزالة الإشارة إلى «الوقف الموقت» لإطلاق النار «لستة أسابيع على الأقل»، والمطالبة عوضَ ذلك بـ«الوقف الفوري والمستدام» للقتال بين إسرائيل و«حماس»، بموازاة «إطلاق الرهائن فوراً ومن دون أي شروط»، بالإضافة إلى السماح بـ«تدفق المساعدات الإنسانية إلى كل أنحاء غزة» للحيلولة دون التفشي الوشيك للمجاعة في القطاع.

فلسطينيون يفرون من القصف الإسرائيلي وسط مدينة غزة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)

وتنص الصيغة الجديدة من مشروع القرار الأميركي الذي وُضع بالحبر الأزرق (مما يعني أن التصويت عليه ممكن من الناحية الإجرائية في أي وقت)، على أن مجلس الأمن «يدعم؛ دون لبس، الجهود الدبلوماسية الدولية لتحقيق وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، بوصفه جزءاً من اتفاق لإطلاق جميع الرهائن، وتتيح الأساس لسلام أكثر استدامة، ولتخفيف المعاناة الإنسانية».

ويشير النص الجديد إلى تراجع الولايات المتحدة المطرد عن الصيغ السابقة لمنطوق القرار، من الدعوة إلى وقف النار موقتاً «في أقرب وقت من الناحية العملانية»، ثم إلى القول إن مجلس الأمن «يدعم بشكل لا لبس فيه» الجهود الدبلوماسية للتوصل «بشكل سريع وعاجل إلى اتفاق لوقف النار موقتاً»، وصولاً إلى «دعم دون لبس للجهود الدبلوماسية الدولية للبدء في التنفيذ السريع والعاجل لاتفاق لوقف إطلاق النار فوراً، لما لا يقل عن 6 أسابيع» في غزة.

وتعكس الصيغة الحالية الاستياء المتواصل في إدارة بايدن من سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يرفض التجاوب مع الجهود الأميركية والدولية للحيلولة دون وقوع مجاعة في غزة.

ويتجنب الدبلوماسيون الأميركيون تحديد توقيت عرض مشروع القرار على التصويت، في إشارة إلى محاولاتهم تجنب أي «فيتو» محتمل؛ لكنهم يريدون التصويت على القرار «في أسرع وقت ممكن».

المخاوف من «الفيتو»

وعارضت واشنطن في السابق استخدام تعبير «وقف النار». واستخدمت حق النقض «الفيتو» ضد 3 مشاريع قرارات، اثنان منها يطالبان بوقف فوري لإطلاق النار، خلال الحرب المستعرة منذ 5 أشهر. وفي الآونة الأخيرة، بررت الولايات المتحدة استخدام «الفيتو» بأن المشاريع السابقة كانت ستعرِّض للخطر الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة ومصر وقطر للتوسط في وقف الحرب وإطلاق الرهائن.

وعلى الرغم من التعديلات الأميركية، فلا تزال المخاوف قائمة من استخدام روسيا أو الصين أو كليهما حق النقض، بسبب عدم الاستجابة الكاملة من الولايات المتحدة لوضع صيغة واضحة ومباشرة تطالب بوقف النار، علماً بأن النص لا يعبر بوضوح عن رفض العملية العسكرية الإسرائيلية التي يُخشى منها في رفح؛ بل التعبير عن «القلق من أي توسيع للعملية العسكرية في رفح، ومخاطر العمل العسكري على السكان المدنيين في ظل الظروف الحالية»، علماً بأنه يرفض «التهجير القسري للسكان المدنيين في غزة، ما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان».

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (رويترز)

نص بديل

وفي موازاة هذا النص، عملت الدول العشر المنتخبة في مجلس الأمن على مسودة أخرى، يمكن أن تكون بديلة عن المشروع الأميركي، إذا عُرض على التصويت فعلاً، وأُسقط بموجب استخدام حق النقض من روسيا أو الصين، أو كليهما.

وتوافقت على مشروع القرار البديل الدول العشر غير الدائمة العضوية: الجزائر، والإكوادور، وغويانا، واليابان، ومالطا، وموزمبيق، وكوريا الجنوبية، وسيراليون، وسلوفينيا، وسويسرا.

فلسطينيون أمام مركز أممي لتوزيع الطحين في غزة (أ.ف.ب)

ويدعو المشروع إلى «وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية خلال شهر رمضان، وأن تحترمه جميع الأطراف، مما يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم ومستدام»، مطالباً في الوقت ذاته بـ«الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، فضلاً عن ضمان وصول المساعدات الإنسانية لتلبية حاجاتهم الطبية وغيرها من الحاجات الإنسانية»، مع «امتثال الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بجميع الأشخاص المحتجزين واحترام حقوقهم الإنسانية، وضمان سلامتهم ورفاهتهم ومعاملتهم الإنسانية».

وكذلك يطالب «كل الأطراف بالامتثال الدقيق لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك ما يتعلق بحماية المدنيين والأعيان المدنية»، مشدداً على «الحاجة الملحة إلى توسيع نطاق تدفق المساعدة الإنسانية إلى المدنيين في قطاع غزة بأكمله»، بما في ذلك عبر «رفع كل الحواجز التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية على نطاق واسع، بما يتماشى مع القرارين 2712 و2720».


مقالات ذات صلة

«الأمم المتحدة»: 3 ملايين طفل سوداني يواجهون خطر سوء تغذية حاد

شمال افريقيا صورة ملتقطة في يناير 2024، تظهر نساءً وأطفالاً في مخيم زمزم للنازحين، بالقرب من الفاشر في شمال دارفور، السودان (رويترز) play-circle 01:42

«الأمم المتحدة»: 3 ملايين طفل سوداني يواجهون خطر سوء تغذية حاد

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليوم (الجمعة)، إن نحو 3.2 ملايين طفل دون الخامسة يواجهون خطر الإصابة بسوء التغذية الحاد في السودان الذي يشهد حرباً عنيفة.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

تفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في أسواق سودانية، فيما تبرَّأت المفوضية الإنسانية التابعة للحكومة من المسؤولية عن تسريبها.

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

أطلقت الأمم المتحدة خطة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في السودان، خلال العام الجديد، تتطلب توفير 4.2 مليار دولار، لتلبية طلبات 21 مليون سوداني.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا لاجئون فرّوا حديثاً من منطقة في دارفور تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في مخيم بتشاد (نيويورك تايمز)

البرد والجوع يقتلان الأطفال وكبار السن والحوامل في دارفور

«ليس لدينا أكل، فإذا توفّرت لنا وجبة واحدة نكون سعداء جداً، فقدنا كل شيء بسبب الحرب».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا امرأة نازحة سودانية تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم شمال دارفور 1 أغسطس 2024 (رويترز) play-circle 01:57

مرصد عالمي يؤكد تفشي المجاعة في مناطق جديدة بالسودان

قال مرصد عالمي للجوع، الثلاثاء، إن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى خمس مناطق جديدة، ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى، بحلول مايو (أيار) المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن) محمد أمين ياسين (نيروبي)

مقتل 22 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)
رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)
TT

مقتل 22 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)
رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)

أفادت قناة (الأقصى) الفلسطينية اليوم الأربعاء بأن 22 شخصا لقوا حتفهم جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ فجر اليوم.

وذكرت القناة أن 15 من هؤلاء القتلى سقطوا في وسط قطاع غزة، دون ذكر مزيد من التفاصيل. يأتي ذلك وسط ترقب للإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، في ظل مفاوضات جارية حول التفاصيل النهائية. وقالت شبكة (سي.بي.إس) الإخبارية الأميركية أمس إن إسرائيل وحماس وافقتا مبدئيا في المحادثات الجارية بالدوحة على مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين.

وأمس الثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد القتلى جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 إلى 46645، بينما زاد عدد المصابين إلى 110012.